responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 24  صفحه : 478
وَاعْلَمْ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَى الْمُكَلَّفِ سَوَاءً كَانَ عَلَى قَوْلِنَا أَوْ عَلَى قَوْلِ الْمُعْتَزِلَةِ أَنْ يَقْطَعَ الطَّمَعَ عَنْ أَمْثَالِ هَذِهِ الْأَسْئِلَةِ، فَإِنَّهُ بَحْرٌ لَا سَاحِلَ لَهُ. مِنْ ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْمَلَائِكَةِ الَّذِينَ هُمْ أَصْحَابُ النَّارِ بِتِسْعَةَ عَشَرَ وَحَمَلَةِ الْعَرْشِ بِالثَّمَانِيَةِ وَشُهُورِ السَّنَةِ بِاثْنَيْ عَشَرَ والسموات بالسبع وَكَذَا الْأَرْضِ وَكَذَا الْقَوْلُ فِي عَدَدِ الصَّلَوَاتِ وَمَقَادِيرِ النُّصُبِ فِي الزَّكَوَاتِ وَكَذَا مَقَادِيرُ الْحُدُودِ وَالْكَفَّارَاتِ فَالْإِقْرَارُ بِأَنَّ كُلَّ مَا قَالَهُ اللَّه تَعَالَى حَقٌّ هُوَ الدِّينُ، وَتَرْكُ الْبَحْثِ عَنْ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ هُوَ الْوَاجِبُ وَقَدْ نَصَّ عَلَيْهِ تَعَالَى فِي قَوْلُهُ: وَما جَعَلْنا أَصْحابَ النَّارِ إِلَّا مَلائِكَةً وَما جَعَلْنا عِدَّتَهُمْ إِلَّا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا لِيَسْتَيْقِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ وَيَزْدادَ الَّذِينَ آمَنُوا إِيماناً وَلا يَرْتابَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ وَالْمُؤْمِنُونَ، وَلِيَقُولَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْكافِرُونَ مَاذَا أَرادَ اللَّهُ بِهذا مَثَلًا ثم قَالَ: وَما يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ [الْمُدَّثِّرِ: 31] وَهَذَا هُوَ الْجَوَابُ أَيْضًا فِي أنه لم لَمْ يَخْلُقْهَا فِي لَحْظَةٍ وَهُوَ قَادِرٌ عَلَى ذَلِكَ؟ وَعَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ أَنَّهُ إِنَّمَا خَلَقَهَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَهُوَ يَقْدِرُ عَلَى أَنْ يَخْلُقَهَا فِي لَحْظَةٍ تَعْلِيمًا لِخَلْقِهِ الرِّفْقَ والتثبت، قيل ثم خَلْقُهَا يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَجَعَلَهَا اللَّه تَعَالَى عِيدًا لِلْمُسْلِمِينَ.
السُّؤَالُ الثَّالِثُ: مَا مَعْنَى قَوْلِهِ: ثُمَّ اسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ؟ وَلَا يَجُوزُ حَمْلُهُ عَلَى الِاسْتِيلَاءِ وَالْقُدْرَةِ، لِأَنَّ الِاسْتِيلَاءَ وَالْقُدْرَةَ فِي أَوْصَافِ اللَّه لَمْ تَزَلْ وَلَا يَصِحُّ دُخُولُ (ثُمَّ) فِيهِ وَالْجَوَابُ: الِاسْتِقْرَارُ غَيْرُ جَائِزٍ، لِأَنَّهُ يَقْتَضِي التَّغَيُّرَ الَّذِي هُوَ دَلِيلُ الْحُدُوثِ، وَيَقْتَضِي التَّرْكِيبَ وَالْبَعْضِيَّةَ وَكُلُّ ذَلِكَ عَلَى اللَّه مُحَالٌ بَلِ الْمُرَادُ ثُمَّ خَلَقَ الْعَرْشَ وَرَفَعَهُ وَهُوَ مُسْتَوْلٍ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ [مُحَمَّدٍ: 31] فَإِنَّ الْمُرَادَ حَتَّى يُجَاهِدَ الْمُجَاهِدُونَ وَنَحْنُ بِهِمْ عَالِمُونَ، فَإِنْ قِيلَ فَعَلَى هَذَا التَّفْسِيرِ يَلْزَمُ أَنْ يكون خلق العرش بعد خلق السموات وَلَيْسَ كَذَلِكَ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: وَكانَ عَرْشُهُ عَلَى الْماءِ [هُودٍ: 7] قُلْنَا: كَلِمَةُ (ثُمَّ) / مَا دَخَلَتْ عَلَى خَلْقِ الْعَرْشِ، بَلْ عَلَى رَفْعِهِ عَلَى السموات.
السؤال الرابع: كيف إعراب قوله: الرَّحْمنُ فَسْئَلْ بِهِ خَبِيراً؟ الجواب: الَّذِي خَلَقَ مبتدأ والرَّحْمنُ خبره، أو هو صفة للحي، أو الرحمن خَبَرُ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ وَلِهَذَا أَجَازَ الزَّجَّاجُ وَغَيْرُهُ أَنْ يَكُونَ الْوَقْفُ عَلَى قَوْلِهِ عَلَى الْعَرْشِ ثُمَّ يَبْتَدِئُ بِالرَّحْمَنِ أَيْ هُوَ الرَّحْمَنُ الَّذِي لَا يَنْبَغِي السُّجُودُ وَالتَّعْظِيمُ إِلَّا لَهُ، وَيَجُوزُ أن يكون الرحمن مبتدأ وخبره قوله: فَسْئَلْ بِهِ خَبِيراً.
السُّؤَالُ الْخَامِسُ: مَا مَعْنَى قَوْلِهِ: فَسْئَلْ بِهِ خَبِيراً؟ الْجَوَابُ: ذَكَرُوا فِيهِ وُجُوهًا أَحَدُهَا: قَالَ الْكَلْبِيُّ مَعْنَاهُ فَاسْأَلْ خَبِيرًا بِهِ وَقَوْلُهُ: بِهِ يَعُودُ إِلَى مَا ذَكَرْنَا مِنْ خَلْقِ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَالِاسْتِوَاءِ عَلَى الْعَرْشِ وَالْبَاءُ مِنْ صِلَةِ الْخَبِيرِ وَذَلِكَ الْخَبِيرُ هُوَ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ لِأَنَّهُ لَا دَلِيلَ فِي الْعَقْلِ عَلَى كيفية خلق اللَّه السموات وَالْأَرْضَ فَلَا يَعْلَمُهَا أَحَدٌ إِلَّا اللَّه تَعَالَى وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ ذَلِكَ الْخَبِيرَ هُوَ جبريل عليه السلام وإنما قدم لرؤوس الْآيِ وَحُسْنِ النَّظْمِ وَثَانِيهَا: قَالَ الزَّجَّاجُ قَوْلُهُ: بِهِ مَعْنَاهُ عَنْهُ وَالْمَعْنَى فَاسْأَلْ عَنْهُ خَبِيرًا، وَهُوَ قَوْلُ الْأَخْفَشِ، وَنَظِيرُهُ قَوْلُهُ:
سَأَلَ سائِلٌ بِعَذابٍ واقِعٍ [الْمَعَارِجِ: 1] وَقَالَ عَلْقَمَةُ بْنُ عَبْدَةَ:
فَإِنْ تَسْأَلُونِي بِالنِّسَاءِ فَإِنَّنِي ... بَصِيرٌ بِأَدْوَاءِ النِّسَاءِ طَبِيبُ
وَثَالِثُهَا: قَالَ ابْنُ جَرِيرٍ الْبَاءُ فِي قَوْلِهِ: بِهِ صِلَةٌ وَالْمَعْنَى فَسَلْهُ خَبِيرًا، وَخَبِيرًا نُصِبَ عَلَى الْحَالِ وَرَابِعُهَا: أَنَّ قَوْلَهُ بِهِ يَجْرِي مَجْرَى الْقَسَمِ كَقَوْلِهِ: وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسائَلُونَ بِهِ [النساء: 1] .

نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 24  صفحه : 478
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست