responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 24  صفحه : 463
هَوَاهُ إِلَهَهُ وَهَذَا ضَعِيفٌ، لِأَنَّ قَوْلَهُ: اتَّخَذَ إِلهَهُ هَواهُ يُفِيدُ الْحَصْرَ، أَيْ لَمْ يَتَّخِذْ لِنَفْسِهِ إِلَهًا إِلَّا هَوَاهُ، وَهَذَا الْمَعْنَى لَا يَحْصُلُ عِنْدَ الْقَلْبِ. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: الْهَوَى إِلَهٌ يُعْبَدُ، وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ: كَانَ الرَّجُلُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ يَعْبُدُ الصَّنَمَ فَإِذَا رَأَى أَحْسَنَ مِنْهُ رَمَاهُ وَاتَّخَذَ الْآخَرَ وَعَبَدَهُ.
الثَّالِثُ: قَوْلُهُ: أَفَأَنْتَ تَكُونُ عَلَيْهِ وَكِيلًا أَيْ حَافِظًا تَحْفَظُهُ مِنَ اتِّبَاعِ هَوَاهُ أَيْ لَسْتَ كَذَلِكَ.
الرَّابِعُ: نَظِيرُ هَذِهِ الْآيَةِ قَوْلُهُ تَعَالَى: لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُصَيْطِرٍ [الْغَاشِيَةِ: 22] وَقَوْلُهُ: وَما أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِجَبَّارٍ [ق: 45] وَقَوْلُهُ: لَا إِكْراهَ فِي الدِّينِ [الْبَقَرَةِ: 256] قَالَ الْكَلْبِيُّ: نَسَخَتْهَا آيَةُ الْقِتَالِ وَثَالِثُهَا: قَوْلُهُ:
أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ أَمْ هاهنا مُنْقَطِعَةٌ، مَعْنَاهُ بَلْ تَحْسَبُ، وَذَلِكَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ هَذِهِ الْمَذَمَّةَ أَشَدُّ مِنَ الَّتِي تَقَدَّمَتْهَا حَتَّى حَقَّتْ بِالْإِضْرَابِ عَنْهَا إِلَيْهَا، وَهِيَ كَوْنُهُمْ مَسْلُوبِي الْأَسْمَاعِ وَالْعُقُولِ، لِأَنَّهُمْ لِشِدَّةِ عِنَادِهِمْ لَا يُصْغُونَ إِلَى الْكَلَامِ، وَإِذَا سَمِعُوهُ لَا يَتَفَكَّرُونَ فِيهِ، فَكَأَنَّهُ لَيْسَ لَهُمْ عَقْلٌ وَلَا سَمْعٌ الْبَتَّةَ، فَعِنْدَ ذَلِكَ شَبَّهَهُمْ بِالْأَنْعَامِ فِي عَدَمِ انْتِفَاعِهِمْ بِالْكَلَامِ وَعَدَمِ إِقْدَامِهِمْ عَلَى التَّدَبُّرِ وَالتَّفَكُّرِ وَإِقْبَالِهِمْ عَلَى اللَّذَّاتِ الْحَاضِرَةِ الْحِسِّيَّةِ وَإِعْرَاضِهِمْ عَنْ طلب السعادات الباقية العقلية وهاهنا سُؤَالَاتٌ:
السُّؤَالُ الْأَوَّلُ: لِمَ قَالَ: أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ فَحَكَمَ بِذَلِكَ عَلَى الْأَكْثَرِ دُونَ الْكُلِّ؟ وَالْجَوَابُ: لِأَنَّهُ كَانَ فِيهِمْ مَنْ يَعْرِفُ اللَّه تَعَالَى وَيَعْقِلُ الْحَقَّ، إِلَّا أَنَّهُ تَرَكَ الْإِسْلَامَ لِمُجَرَّدِ حُبِّ الرِّيَاسَةِ لَا لِلْجَهْلِ.
السُّؤَالُ الثَّانِي: لِمَ جُعِلُوا أَضَلَّ مِنَ الْأَنْعَامِ؟ الْجَوَابُ: مِنْ وُجُوهٍ: أَحَدُهَا: أَنَّ الْأَنْعَامَ تَنْقَادُ لِأَرْبَابِهَا وَلِلَّذِي يَعْلِفُهَا وَيَتَعَهَّدُهَا وَتُمَيِّزُ بَيْنَ مَنْ يُحْسِنُ إِلَيْهَا وَبَيْنَ مَنْ يُسِيءُ إِلَيْهَا، وَتَطْلُبُ مَا ينفعها وتجتنب ما يضره، وَهَؤُلَاءِ لَا يَنْقَادُونَ لِرَبِّهِمْ وَلَا يُمَيِّزُونَ بَيْنَ إِحْسَانِهِ إِلَيْهِمْ وَبَيْنَ إِسَاءَةِ الشَّيْطَانِ إِلَيْهِمُ الَّذِي هُوَ عَدُوٌّ لَهُمْ، وَلَا يَطْلُبُونَ الثَّوَابَ الَّذِي هُوَ أَعْظَمُ الْمَنَافِعِ، وَلَا يَحْتَرِزُونَ مِنَ الْعِقَابِ الَّذِي هُوَ أَعْظَمُ الْمَضَارِّ وَثَانِيهَا: أَنَّ قُلُوبَ الْأَنْعَامِ كَمَا أَنَّهَا تَكُونُ خَالِيَةً عَنِ الْعِلْمِ فَهِيَ/ خَالِيَةٌ عَنِ الْجَهْلِ الَّذِي هُوَ اعْتِقَادُ الْمُعْتَقِدِ عَلَى خِلَافِ مَا هُوَ عَلَيْهِ مَعَ التَّصْمِيمِ.
وَأَمَّا هَؤُلَاءِ فَقُلُوبُهُمْ كَمَا خَلَتْ عَنِ الْعِلْمِ فَقَدِ اتَّصَفَتْ بِالْجَهْلِ فَإِنَّهُمْ لَا يَعْلَمُونَ وَلَا يَعْلَمُونَ أَنَّهُمْ لَا يَعْلَمُونَ، بَلْ هُمْ مُصِرُّونَ عَلَى أَنَّهُمْ يَعْلَمُونَ وَثَالِثُهَا: أَنَّ عَدَمَ عِلْمِ الْأَنْعَامِ لَا يَضُرُّ بِأَحَدٍ أَمَّا جَهْلُ هَؤُلَاءِ فَإِنَّهُ مَنْشَأٌ لِلضَّرَرِ الْعَظِيمِ، لِأَنَّهُمْ يَصُدُّونَ النَّاسَ عَنْ سَبِيلِ اللَّه وَيَبْغُونَهَا عِوَجًا وَرَابِعُهَا: أَنَّ الْأَنْعَامَ لَا تَعْرِفُ شَيْئًا وَلَكِنَّهُمْ عَاجِزُونَ عَنِ الطَّلَبِ وَأَمَّا هَؤُلَاءِ الْجُهَّالُ فَإِنَّهُمْ لَيْسُوا عَاجِزِينَ عَنِ الطَّلَبِ، وَالْمَحْرُومُ عَنْ طَلَبِ الْمَرَاتِبِ الْعَالِيَةِ إِذَا عَجَزَ عَنْهُ لَا يَكُونُ فِي اسْتِحْقَاقِ الذَّمِّ كَالْقَادِرِ عَلَيْهِ التَّارِكِ لَهُ لِسُوءِ اخْتِيَارِهِ وَخَامِسُهَا: أَنَّ الْبَهَائِمَ لَا تَسْتَحِقُّ عِقَابًا عَلَى عَدَمِ الْعِلْمِ، أَمَّا هَؤُلَاءِ فَإِنَّهُمْ يَسْتَحِقُّونَ عَلَيْهِ أَعْظَمَ الْعِقَابِ وَسَادِسُهَا: أَنَّ الْبَهَائِمَ تُسَبِّحُ اللَّه تَعَالَى عَلَى مَذْهَبِ بَعْضِ النَّاسِ عَلَى مَا قَالَ: وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ [الْإِسْرَاءِ: 44] وَقَالَ: أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّماواتِ إِلَى قَوْلِهِ: وَالدَّوَابُّ [الْحَجِّ: 18] وَقَالَ: وَالطَّيْرُ صَافَّاتٍ كُلٌّ قَدْ عَلِمَ صَلاتَهُ وَتَسْبِيحَهُ [النُّورِ: 41] وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَضَلَالُ الْكُفَّارِ أَشَدُّ وَأَعْظَمُ مِنْ ضَلَالِ هَذِهِ الْأَنْعَامِ.
السُّؤَالُ الثَّالِثُ: أَنَّهُ سُبْحَانَهُ لَمَّا نَفَى عَنْهُمُ السَّمْعَ وَالْعَقْلَ، فَكَيْفَ ذَمَّهُمْ عَلَى الْإِعْرَاضِ عَنِ الدِّينِ وَكَيْفَ بَعَثَ الرَّسُولَ إِلَيْهِمْ فَإِنَّ مِنْ شَرْطِ التَّكْلِيفِ الْعَقْلَ؟ الْجَوَابُ: لَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّهُمْ لَا يَعْقِلُونَ بَلْ إِنَّهُمْ لَا يَنْتَفِعُونَ بِذَلِكَ الْعَقْلِ، فَهُوَ كَقَوْلِ الرَّجُلِ لِغَيْرِهِ إِذَا لم يفهم إنما أنت أعمى وأصم.

نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 24  صفحه : 463
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست