responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 24  صفحه : 450
المسألة الْأُولَى: ذَكَرُوا فِي انْتِصَابِ يَوْمَ وَجْهَيْنِ: الْأَوَّلُ: أَنَّ الْعَامِلَ مَا دَلَّ عَلَيْهِ لَا بُشْرى أَيْ يَوْمَ يَرَوْنَ الْمَلَائِكَةَ (يَبْغُونَ الْبُشْرَى) [1] ويَوْمَئِذٍ لِلتَّكْرِيرِ الثَّانِي: أَنَّ التَّقْدِيرَ اذْكُرْ يَوْمَ يَرَوْنَ الْمَلَائِكَةَ.
المسألة الثَّانِيَةُ: اخْتَلَفُوا فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ، فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ يُرِيدُ عِنْدَ الْمَوْتِ، وَقَالَ الْبَاقُونَ يُرِيدُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ.
المسألة الثَّالِثَةُ: إِنَّمَا يُقَالُ لِلْكَافِرِ لَا بُشْرَى لِأَنَّ الْكَافِرَ وَإِنْ كَانَ ضَالًّا مُضِلًّا إِلَّا أَنَّهُ يَعْتَقِدُ فِي نَفْسِهِ أَنَّهُ كَانَ هَادِيًا مُهْتَدِيًا، فَكَانَ يَطْمَعُ فِي ذَلِكَ الثَّوَابِ الْعَظِيمِ، وَلِأَنَّهُمْ رُبَّمَا عَمِلُوا مَا رَجَوْا فِيهِ النَّفْعَ كَنُصْرَةِ الْمَظْلُومِ وَعَطِيَّةِ الْفَقِيرِ وَصِلَةِ الرَّحِمِ، وَلَكِنَّهُ أَبْطَلَهَا بِكُفْرِهِ فَبَيَّنَ سُبْحَانَهُ أَنَّهُمْ فِي أَوَّلِ الْأَمْرِ يُشَافَهُونَ بِمَا يَدُلُّ عَلَى نِهَايَةِ الْيَأْسِ وَالْخَيْبَةِ، وَذَلِكَ هُوَ النِّهَايَةُ فِي الْإِيلَامِ وَهُوَ الْمُرَادُ مِنْ قَوْلُهُ: وَبَدا لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مَا لَمْ يَكُونُوا يَحْتَسِبُونَ [الزُّمَرِ: 47] .
المسألة الرَّابِعَةُ: حَقُّ الْكَلَامِ أَنْ يُقَالَ يَوْمَ يَرَوْنَ الْمَلَائِكَةَ لَا بُشْرَى لَهُمْ، لَكِنَّهُ قَالَ لَا بُشْرَى لِلْمُجْرِمِينَ وَفِيهِ وَجْهَانِ: أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ ظَاهِرٌ فِي مَوْضِعِ ضَمِيرٍ وَالثَّانِي: أَنَّهُ عَامٌّ فَقَدْ تَنَاوَلَهُمْ بِعُمُومِهِ، قَالَتِ الْمُعْتَزِلَةُ تَدُلُّ الْآيَةُ عَلَى الْقَطْعِ بِوَعِيدِ الْفُسَّاقِ وَعَدَمِ الْعَفْوِ لِأَنَّ قَوْلَهُ: لَا بُشْرى يَوْمَئِذٍ لِلْمُجْرِمِينَ نَكِرَةٌ فِي سِيَاقِ النَّفْيِ فَيَعُمُّ جَمِيعَ أَنْوَاعِ الْبُشْرَى فِي جَمِيعِ الْأَوْقَاتِ بِدَلِيلِ أَنَّ مَنْ/ أَرَادَ تَكْذِيبَ هَذِهِ الْقَضِيَّةِ قَالَ بَلْ لَهُ بُشْرَى فِي الْوَقْتِ الْفُلَانِيِّ، فَلَمَّا كَانَ ثُبُوتُ الْبُشْرَى فِي وَقْتٍ مِنَ الْأَوْقَاتِ يُذْكَرُ لِتَكْذِيبِ هَذِهِ الْقَضِيَّةِ، عَلِمْنَا أَنَّ قَوْلَهُ تَعَالَى: لَا بُشْرى يَقْتَضِي نَفْيَ جَمِيعِ أَنْوَاعِ الْبُشْرَى فِي كُلِّ الْأَوْقَاتِ، ثُمَّ إِنَّهُ سُبْحَانَهُ أَكَّدَ هَذَا النَّفْيَ بِقَوْلِهِ: حِجْراً مَحْجُوراً وَالْعَفْوُ مِنَ اللَّه مِنْ أَعْظَمِ الْبُشْرَى، وَالْخَلَاصُ مِنَ النَّارِ بَعْدَ دُخُولِهَا مِنْ أَعْظَمِ الْبُشْرَى، وَشَفَاعَةُ الرَّسُولِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ أَعْظَمِ الْبُشْرَى فَوَجَبَ أَنْ لَا يَثْبُتَ ذَلِكَ لِأَحَدٍ مِنَ الْمُجْرِمِينَ، وَالْكَلَامُ عَلَى التَّمَسُّكِ بِصِيَغِ الْعُمُومِ قَدْ تَقَدَّمَ غير مرة، قال المفسرون المراد بالمجرمين هاهنا الْكُفَّارُ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ: إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ [الْمَائِدَةِ:
72] .
المسألة الْخَامِسَةُ: فِي تَفْسِيرِ قَوْلِهِ: حِجْراً مَحْجُوراً ذَكَرَ سِيبَوَيْهِ فِي بَابِ الْمَصَادِرِ غَيْرِ الْمُتَصَرِّفَةِ الْمَنْصُوبَةِ بِأَفْعَالٍ مَتْرُوكٍ إِظْهَارُهَا نَحْوُ مَعَاذَ اللَّه وَقِعْدَكَ [اللَّه] [2] وَعَمْرَكَ [اللَّه] ، وَهَذِهِ كَلِمَةٌ كَانُوا يَتَكَلَّمُونَ بِهَا عِنْدَ لِقَاءِ عَدُوٍّ [مَوْتُورٍ] أَوْ هُجُومِ نَازِلَةٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ يَضَعُونَهَا مَوْضِعَ الِاسْتِعَاذَةِ، قَالَ سِيبَوَيْهِ: يَقُولُ الرَّجُلُ لِلرَّجُلِ (يَفْعَلُ) [3] كَذَا وَكَذَا فَيَقُولُ حِجْرًا، وَهِيَ مِنْ حَجَرَهُ إِذَا مَنَعَهُ لِأَنَّ الْمُسْتَعِيذَ طَالِبٌ مِنَ اللَّه أَنْ يَمْنَعَ الْمَكْرُوهَ فَلَا يَلْحَقُهُ، فَكَانَ الْمَعْنَى أَسْأَلُ اللَّه أَنْ يَمْنَعَ ذَلِكَ مَنْعًا وَيَحْجُرَهُ حَجْرًا وَمَجِيئُهُ عَلَى فِعْلٍ أَوْ فَعْلٍ فِي قِرَاءَةِ الْحَسَنِ تَصَرُّفٌ فِيهِ لِاخْتِصَاصِهِ بِمَوْضِعٍ وَاحِدٍ، فَإِنْ قِيلَ: لَمَّا ثَبَتَ أَنَّهُ مِنْ بَابِ الْمَصَادِرِ فَمَا مَعْنَى وَصْفِهِ بِكَوْنِهِ مَحْجُورًا؟ قُلْنَا: جَاءَتْ هَذِهِ الصِّفَةُ لِتَأْكِيدِ مَعْنَى الْحَجْرِ كَمَا قَالُوا (ذَبْلٌ ذَابِلٌ فَالذَّبْلُ) [4] الْهَوَانُ وَمَوْتٌ مَائِتٌ وَحَرَامٌ مُحَرَّمٌ.
المسألة السَّادِسَةُ: اخْتَلَفُوا فِي أَنَّ الَّذِينَ يَقُولُونَ حِجْرًا مَحْجُورًا مَنْ هُمْ؟ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْوَالٍ: القول الأول:

[1] في الكشاف (يمنعون البشرى أو يعدمونها) 3/ 88 ط. دار الفكر.
[2] زيادة من الكشاف 3/ 88 ط. دار الفكر.
[3] في الكشاف (أتفعل) .
[4] في الكشاف (ذيل ذائل والذيل) .
نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 24  صفحه : 450
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست