responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 24  صفحه : 442
المسألة الثَّانِيَةُ: ظَاهِرُ قَوْلِهِ: وَما يَعْبُدُونَ أَنَّهَا الْأَصْنَامُ، وَظَاهِرُ قَوْلِهِ: فَيَقُولُ أَأَنْتُمْ أَضْلَلْتُمْ عِبادِي أَنَّهُ مَنْ عُبِدَ مِنَ الْأَحْيَاءِ كَالْمَلَائِكَةِ وَالْمَسِيحِ وَغَيْرِهِمَا، لِأَنَّ الْإِضْلَالَ وَخِلَافَهُ مِنْهُمْ يَصِحُّ فَلِأَجْلِ هَذَا اخْتَلَفُوا، فَمِنَ النَّاسِ مَنْ حَمَلَهُ عَلَى الْأَوْثَانِ، فَإِنْ قِيلَ لَهُمُ الْوَثَنُ جَمَادٌ فَكَيْفَ خَاطَبَهُ اللَّه تَعَالَى، وَكَيْفَ قَدَرَ عَلَى الْجَوَابِ؟
فَعِنْدَ ذَلِكَ ذَكَرُوا وَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا: أَنَّ اللَّه تَعَالَى يَخْلُقُ فِيهِمُ الْحَيَاةَ، فَعِنْدَ ذَلِكَ يُخَاطِبُهُمْ فَيَرُدُّونَ الْجَوَابَ وَثَانِيهَا: أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ الْكَلَامُ لَا بِالْقَوْلِ اللِّسَانِيِّ بَلْ عَلَى سَبِيلِ لِسَانِ الْحَالِ كَمَا ذَكَرَ بَعْضُهُمْ فِي تَسْبِيحِ الْمَوَاتِ وَكَلَامِ الْأَيْدِي وَالْأَرْجُلِ، وَكَمَا قِيلَ: سَلِ الْأَرْضَ مَنْ شَقَّ أَنْهَارَكِ، وَغَرَسَ أَشْجَارَكِ؟ فَإِنْ لَمْ تُجِبْكَ حِوَارًا، أَجَابَتْكَ اعْتِبَارًا! وَأَمَّا الْأَكْثَرُونَ فَزَعَمُوا أَنَّ الْمُرَادَ هُوَ الْمَلَائِكَةُ وَعِيسَى وَعُزَيْرٌ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ، قَالُوا وَيَتَأَكَّدُ هَذَا الْقَوْلُ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعاً ثُمَّ يَقُولُ لِلْمَلائِكَةِ أَهؤُلاءِ إِيَّاكُمْ كانُوا يَعْبُدُونَ [سَبَأٍ: 40] وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ: لَفْظَةُ (مَا) لَا تُسْتَعْمَلُ فِي الْعُقَلَاءِ أَجَابُوا عَنْهُ مِنْ وَجْهَيْنِ: الْأَوَّلُ: لَا نُسَلِّمُ أَنَّ كَلِمَةَ (مَا) لِمَا لَا يَعْقِلُ بِدَلِيلِ أَنَّهُمْ قَالُوا (مَنْ) لِمَا لَا يَعْقِلُ وَالثَّانِي: أُرِيدَ بِهِ الْوَصْفُ كَأَنَّهُ قِيلَ (وَمَعْبُودَهُمْ) [1] ، وَقَوْلُهُ تَعَالَى: وَالسَّماءِ وَما بَناها [الشَّمْسِ: 5] وَلا أَنْتُمْ عابِدُونَ مَا أَعْبُدُ [الْكَافِرُونَ: 3] لَا يَسْتَقِيمُ إِلَّا عَلَى أَحَدِ هَذَيْنِ الْوَجْهَيْنِ، وَكَيْفَ كَانَ فَالسُّؤَالُ سَاقِطٌ.
المسألة الثَّالِثَةُ: حَاصِلُ الْكَلَامِ أَنَّ اللَّه تَعَالَى يَحْشُرُ الْمَعْبُودِينَ، ثُمَّ يَقُولُ لَهُمْ أَأَنْتُمْ أَوْقَعْتُمْ عِبَادِي فِي الضَّلَالِ عَنْ طَرِيقِ الْحَقِّ، أَمْ هُمْ ضَلُّوا عَنْهُ بِأَنْفُسِهِمْ؟ قَالَتِ الْمُعْتَزِلَةُ: وَفِيهِ كَسْرٌ بَيِّنٌ لِقَوْلِ مَنْ يَقُولُ إِنَّ اللَّه يُضِلُّ عِبَادَهُ فِي الْحَقِيقَةِ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ لَكَانَ الْجَوَابُ الصَّحِيحُ أَنْ يَقُولُوا إلهنا هاهنا قِسْمٌ ثَالِثٌ غَيْرُهُمَا هُوَ الْحَقُّ وَهُوَ أَنَّكَ أَنْتَ أَضْلَلْتَهُمْ، فَلَمَّا لَمْ يَقُولُوا ذَلِكَ بَلْ نَسَبُوا إِضْلَالَهُمْ إِلَى أَنْفُسِهِمْ، عَلِمْنَا أَنَّ اللَّه تَعَالَى لَا يُضِلُّ أَحَدًا مِنْ عِبَادِهِ. فَإِنْ قِيلَ لَا نُسَلِّمُ أَنَّ الْمَعْبُودِينَ مَا تَعَرَّضُوا لِهَذَا الْقِسْمِ بَلْ ذَكَرُوهُ، فَإِنَّهُمْ قَالُوا: وَلكِنْ مَتَّعْتَهُمْ وَآباءَهُمْ حَتَّى نَسُوا الذِّكْرَ وَهَذَا تَصْرِيحٌ بِأَنَّ ضَلَالَهُمْ إِنَّمَا حَصَلَ لِأَجْلِ مَا فَعَلَ اللَّه بِهِمْ وَهُوَ أَنَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى مَتَّعَهُمْ وَآبَاءَهُمْ بِنَعِيمِ الدُّنْيَا. قُلْنَا: لَوْ كَانَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ لَكَانَ يَلْزَمُهُمْ أَنْ يَصِيرَ اللَّه مَحْجُوبًا فِي يَدِ أُولَئِكَ الْمَعْبُودِينَ، وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ لَيْسَ الْغَرَضُ ذَلِكَ بَلِ الْغَرَضُ أَنْ يَصِيرَ الْكَافِرُ مَحْجُوجًا مُفْحَمًا مُلْزَمًا هَذَا تَمَامُ تَقْرِيرِ الْمُعْتَزِلَةِ فِي الْآيَةِ، أَجَابَ أَصْحَابُنَا بِأَنَّ الْقُدْرَةَ عَلَى الضَّلَالِ إِنْ لَمْ تَصْلُحْ لِلِاهْتِدَاءِ فَالْإِضْلَالُ مِنَ اللَّه تعالى، وإن صحلت لَهُ لَمْ تَتَرَجَّحْ مَصْدَرِيَّتُهَا لِلْإِضْلَالِ عَلَى مَصْدَرِيَّتِهَا لِلِاهْتِدَاءِ إِلَّا لِمُرَجِّحٍ مِنَ اللَّه تَعَالَى، وَعِنْدَ/ لذلك يَعُودُ السُّؤَالُ، وَأَمَّا ظَاهِرُ هَذِهِ الْآيَةِ فَهُوَ وَإِنْ كَانَ لَهُمْ لَكِنَّهُ مُعَارَضٌ بِسَائِرِ الظَّوَاهِرِ الْمُطَابِقَةِ لِقَوْلِنَا.
المسألة الرَّابِعَةُ: ظَاهِرُ الْآيَةِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ هَذَا السُّؤَالَ مِنَ اللَّه تَعَالَى وَإِنِ احْتَمَلَ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ مِنَ الْمَلَائِكَةِ بِأَمْرِ اللَّه تَعَالَى. بَقِيَ عَلَى الْآيَةِ سُؤَالَاتٌ.
الْأَوَّلُ: مَا فَائِدَةُ أَنْتُمْ وَهُمْ؟ وَهَلَّا قِيلَ أَأَضْلَلْتُمْ عِبَادِي هَؤُلَاءِ أَمْ ضَلُّوا السَّبِيلَ؟ الْجَوَابُ: لَيْسَ السُّؤَالُ عَنِ الْفِعْلِ وَوُجُودِهِ، لِأَنَّهُ لَوْلَا وُجُودُهُ لَمَا تَوَجَّهَ هَذَا الْعِتَابُ، وَإِنَّمَا هُوَ عَنْ فَاعِلِهِ فَلَا بُدَّ مِنْ ذِكْرِهِ وَإِيلَائِهِ حرف الاستفهام حتى يعلم أنه المسؤول عَنْهُ.
السُّؤَالُ الثَّانِي: أَنَّهُ سُبْحَانَهُ كَانَ عَالِمًا في الأزل بحال المسؤول عَنْهُ فَمَا فَائِدَةُ هَذَا السُّؤَالِ؟ الْجَوَابُ: هَذَا

[1] في الكشاف (ومعبوديهم) 3/ 84 ط. دار الفكر.
نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 24  صفحه : 442
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست