responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 24  صفحه : 432
يَدُلُّ عَلَى أَنَّ مَنْ خَلَقَ يَسْتَحِقُّ أَنْ يُعْبَدَ، فَلَوْ كَانَ الْعَبْدُ خَالِقًا لَكَانَ مَعْبُودًا إِلَهًا، أَجَابَ الْكَعْبِيُّ عَنْهُ بِأَنَّا لَا نُطْلِقُ اسْمَ الْخَالِقِ إِلَّا عَلَى اللَّه تَعَالَى. وَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا فِي الْخَلْقِ إِنَّهُ الْإِحْدَاثُ لَا بِعِلَاجٍ وَفِكْرٍ وَتَعَبٍ، وَلَا يَكُونُ ذَلِكَ إِلَّا للَّه تَعَالَى، ثم قال: وَقَدْ قَالَ تَعَالَى: أَلَهُمْ أَرْجُلٌ يَمْشُونَ بِها [الْأَعْرَافِ: 195] فِي وَصْفِ الْأَصْنَامِ أَفَيَدُلُّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ كُلَّ مَنْ لَهُ رِجْلٌ يَسْتَحِقُّ أَنْ يُعْبَدَ؟ فَإِذَا قَالُوا لَا قِيلَ فَكَذَلِكَ مَا ذَكَرْتُمْ، وَقَدْ قَالَ تَعَالَى:
فَتَبارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخالِقِينَ [الْمُؤْمِنُونَ: 14] هَذَا كُلُّهُ كَلَامُ الْكَعْبِيِّ وَالْجَوَابُ: قَوْلُهُ لَا يُطْلَقُ اسْمُ الْخَالِقِ عَلَى الْعَبْدِ، قُلْنَا بَلْ يَجِبُ ذَلِكَ لِأَنَّ الْخَلْقَ فِي اللُّغَةِ هُوَ التَّقْدِيرُ، وَالتَّقْدِيرُ يَرْجِعُ إِلَى الظَّنِّ وَالْحُسْبَانِ، فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ اسْمُ الْخَالِقِ حَقِيقَةً فِي/ الْعَبْدِ مَجَازًا فِي اللَّه تَعَالَى، فَكَيْفَ يُمْكِنُكُمْ مَنْعُ إِطْلَاقِ لَفْظِ الْخَالِقِ عَلَى الْعَبْدِ؟ أَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَى: أَلَهُمْ أَرْجُلٌ يَمْشُونَ بِها فَالْعَيْبُ إِنَّمَا وَقَعَ عَلَيْهِمْ بِالْعَجْزِ فَلَا جَرَمَ أَنَّ كُلَّ مَنْ تَحَقَّقَ الْعَجْزُ فِي حَقِّهِ مِنْ بَعْضِ الْوُجُوهِ لَمْ يَحْسُنْ عِبَادَتُهُ. وَأَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَى: فَتَبارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخالِقِينَ فَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَيْهِ.
وَاعْلَمْ أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ لَا يَقْوَى اسْتِدْلَالُ أَصْحَابِنَا بِهَا لِاحْتِمَالِ أَنَّ الْعَيْبَ لَا يَحْصُلُ إِلَّا بِمَجْمُوعِ أَمْرَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أَنَّهُمْ لَيْسُوا بِخَالِقِينَ، وَالثَّانِي: أَنَّهُمْ مَخْلُوقُونَ، وَالْعَبْدُ وَإِنْ كَانَ خَالِقًا إِلَّا أَنَّهُ مَخْلُوقٌ فَلَزِمَ أَنْ لَا يَكُونَ إِلَهًا مَعْبُودًا.
السُّؤَالُ الثَّالِثُ: هَلْ تَدُلُّ هَذِهِ الْآيَةُ عَلَى الْبَعْثِ؟ الْجَوَابُ: نَعَمْ لِأَنَّهُ تَعَالَى ذَكَرَ النُّشُورَ وَمَعْنَاهُ أَنَّ الْمَعْبُودَ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ قَادِرًا عَلَى إِيصَالِ الثَّوَابِ إِلَى الْمُطِيعِينَ وَالْعِقَابِ إِلَى الْعُصَاةِ، فَمَنْ لَا يَكُونُ كَذَلِكَ وجب أن لا يصلح للإلهية.

[سورة الفرقان (25) : الآيات 4 الى 9]
وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذا إِلاَّ إِفْكٌ افْتَراهُ وَأَعانَهُ عَلَيْهِ قَوْمٌ آخَرُونَ فَقَدْ جاؤُ ظُلْماً وَزُوراً (4) وَقالُوا أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ اكْتَتَبَها فَهِيَ تُمْلى عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلاً (5) قُلْ أَنْزَلَهُ الَّذِي يَعْلَمُ السِّرَّ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ كانَ غَفُوراً رَحِيماً (6) وَقالُوا مالِ هذَا الرَّسُولِ يَأْكُلُ الطَّعامَ وَيَمْشِي فِي الْأَسْواقِ لَوْلا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مَلَكٌ فَيَكُونَ مَعَهُ نَذِيراً (7) أَوْ يُلْقى إِلَيْهِ كَنْزٌ أَوْ تَكُونُ لَهُ جَنَّةٌ يَأْكُلُ مِنْها وَقالَ الظَّالِمُونَ إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلاَّ رَجُلاً مَسْحُوراً (8)
انْظُرْ كَيْفَ ضَرَبُوا لَكَ الْأَمْثالَ فَضَلُّوا فَلا يَسْتَطِيعُونَ سَبِيلاً (9)
اعْلَمْ أَنَّهُ سُبْحَانَهُ تَكَلَّمَ أَوَّلًا فِي التَّوْحِيدِ، وَثَانِيًا فِي الرَّدِّ عَلَى عَبَدَةِ الْأَوْثَانِ، وَثَالِثًا فِي هَذِهِ الْآيَةِ تَكَلَّمَ فِي مَسْأَلَةِ النُّبُوَّةِ، وَحَكَى سُبْحَانَهُ شُبَهَهُمْ فِي إِنْكَارِ نُبُوَّةِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الشُّبْهَةُ الْأُولَى: قَوْلُهُمْ: إِنْ هَذا إِلَّا إِفْكٌ افْتَراهُ وَأَعَانَهُ عَلَيْهِ قَوْمٌ آخَرُونَ، وَنَظِيرُهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: إِنَّما يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ [النَّحْلِ: 103] وَاعْلَمْ أَنَّهُ يَحْتَمِلُ أَنْ يُرِيدُوا بِهِ أَنَّهُ كَذَبَ فِي نَفْسِهِ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُرِيدُوا بِهِ أَنَّهُ كَذَبَ فِي إضافته إلى اللَّه تعالى، ثم هاهنا بَحْثَانِ:
الْأَوَّلُ: قَالَ أَبُو مُسْلِمٍ: الِافْتِرَاءُ افْتِعَالٌ مِنْ فَرَيْتُ، وَقَدْ يُقَالُ فِي تَقْدِيرِ الْأَدِيمِ فَرَيْتُ الْأَدِيمَ، فَإِذَا أُرِيدَ قَطْعُ الْإِفْسَادِ قِيلَ أَفْرَيْتُ وَافْتَرَيْتُ وَخَلَقْتُ وَاخْتَلَقْتُ، وَيُقَالُ فِيمَنْ شَتَمَ امرءا بِمَا لَيْسَ فِيهِ افْتَرَى عَلَيْهِ.

نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 24  صفحه : 432
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست