responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 24  صفحه : 430
السَّماواتِ وَالْأَرْضِ
وَهَذَا كَالرَّدِّ عَلَى النَّصَارَى وَثَالِثُهَا: قَوْلُهُ: وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَالْمُرَادُ أَنَّهُ هُوَ الْمُنْفَرِدُ بِالْإِلَهِيَّةِ، وَإِذَا عَرَفَ الْعَبْدُ ذَلِكَ انْقَطَعَ خَوْفُهُ وَرَجَاؤُهُ عَنِ الْكُلِّ، وَلَا يَبْقَى مَشْغُولَ الْقَلْبِ إِلَّا بِرَحْمَتِهِ وَإِحْسَانِهِ. وَفِيهِ الرَّدُّ عَلَى الثَّنَوِيَّةِ وَالْقَائِلِينَ بِعِبَادَةِ النُّجُومِ وَالْقَائِلِينَ بِعِبَادَةِ الْأَوْثَانِ وَرَابِعُهَا: قَوْلُهُ: وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيراً وَفِيهِ سُؤَالَاتٌ:
الْأَوَّلُ: هَلْ فِي قَوْلِهِ: وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّهُ سُبْحَانَهُ خَالِقٌ لِأَعْمَالِ الْعِبَادِ؟ وَالْجَوَابُ: نَعَمْ مِنْ وَجْهَيْنِ: الْأَوَّلُ: أَنَّ قَوْلَهُ: وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ يَتَنَاوَلُ جَمِيعَ الْأَشْيَاءِ فَيَتَنَاوَلُ أَفْعَالَ الْعِبَادِ، وَالثَّانِي: وَهُوَ أَنَّهُ تَعَالَى بَعْدَ أَنْ نَفَى الشَّرِيكَ ذَكَرَ ذَلِكَ، وَالتَّقْدِيرُ أَنَّهُ سُبْحَانَهُ لَمَّا نفى الشريك كأن قائلا قال: هاهنا أَقْوَامٌ يَعْتَرِفُونَ بِنَفْيِ الشُّرَكَاءِ وَالْأَنْدَادِ، وَمَعَ ذَلِكَ يَقُولُونَ إِنَّهُمْ يَخْلُقُونَ أَفْعَالَ أَنْفُسِهِمْ فَذَكَرَ اللَّه تَعَالَى هَذِهِ الْآيَةَ لِتَكُونَ مُعِينَةً فِي الرَّدِّ عَلَيْهِمْ، قَالَ الْقَاضِي الْآيَةُ لَا تَدُلُّ عَلَيْهِ لِوُجُوهٍ: أَحَدُهَا: أَنَّهُ سُبْحَانَهُ صَرَّحَ بِكَوْنِ الْعَبْدِ خَالِقًا فِي قَوْلِهِ: وَإِذْ تَخْلُقُ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ [الْمَائِدَةِ: 110] وَقَالَ: فَتَبارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخالِقِينَ [الْمُؤْمِنُونَ: 14] وَثَانِيهَا:
أَنَّهُ سُبْحَانَهُ تَمَدَّحَ بِذَلِكَ فَلَا يَجُوزُ أَنْ يُرِيدَ بِهِ خَلْقَ الْفَسَادِ وَثَالِثُهَا: أَنَّهُ سُبْحَانَهُ تَمَدَّحَ بِأَنَّهُ قَدَّرَهُ تَقْدِيرًا وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُرِيدَ بِهِ إِلَّا الْحُسْنَ وَالْحِكْمَةَ دُونَ غَيْرِهِ، فَثَبَتَ بِهَذِهِ الْوُجُوهِ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنَ التَّأْوِيلِ لَوْ دَلَّتِ الْآيَةُ بِظَاهِرِهَا عَلَيْهِ، فَكَيْفَ وَلَا دَلَالَةَ فِيهَا الْبَتَّةَ، لِأَنَّ الْخَلْقَ عِبَارَةٌ عَنِ التَّقْدِيرِ فَهُوَ لَا يَتَنَاوَلُ إِلَّا مَا يَظْهَرُ فِيهِ التَّقْدِيرُ، وَذَلِكَ إِنَّمَا يَظْهَرُ فِي الْأَجْسَامِ لَا فِي الْأَعْرَاضِ وَالْجَوَابُ:
أَمَّا قَوْلُهُ: وَإِذْ تَخْلُقُ وَقَوْلُهُ: أَحْسَنُ الْخالِقِينَ فَهُمَا مُعَارَضَانِ بِقَوْلِهِ: اللَّهُ خالِقُ كُلِّ شَيْءٍ [الزُّمَرِ:
62] / وَبِقَوْلِهِ: هَلْ مِنْ خالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ [فَاطِرٍ: [3]] وَأَمَّا قَوْلُهُ لَا يَجُوزُ التَّمَدُّحُ بِخَلْقِ الْفَسَادِ، قُلْنَا لِمَ لَا يَجُوزُ أَنْ يَقَعَ التَّمَدُّحُ بِهِ نَظَرًا إِلَى تَقَادِيرِ الْقُدْرَةِ وَإِلَى أَنَّ صِفَةَ الْإِيجَادِ مِنَ الْعَدَمِ وَالْإِعْدَامِ مِنَ الْوُجُودِ لَيْسَتْ إِلَّا لَهُ؟ وَأَمَّا قَوْلُهُ: الْخَلْقُ لَا يَتَنَاوَلُ إِلَّا الْأَجْسَامَ، فَنَقُولُ لَوْ كان كذلك لكان قوله خَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ خَطَأٌ لِأَنَّهُ يَقْتَضِي إِضَافَةَ الْخَلْقِ إِلَى جَمِيعِ الْأَشْيَاءِ مَعَ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ فِي الْعَقْلِ إِضَافَتُهُ إِلَيْهَا.
السُّؤَالُ الثَّانِي: فِي الْخَلْقِ مَعْنَى التَّقْدِيرِ (فَقَوْلُهُ) [1] : وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيراً (مَعْنَاهُ) [2] وَقَدَّرَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تقديرا؟ والجواب: المعنى [أنه] [3] أَحْدَثَ كُلَّ شَيْءٍ إِحْدَاثًا يُرَاعِي فِيهِ التَّقْدِيرَ وَالتَّسْوِيَةَ، فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا وَهَيَّأَهُ لِمَا يَصْلُحُ لَهُ، مِثَالُهُ أَنَّهُ خَلَقَ الْإِنْسَانَ عَلَى هَذَا الشَّكْلِ الْمُقَدَّرِ (الْمُسْتَوِي) [4] الَّذِي تَرَاهُ، فَقَدَّرَهُ لِلتَّكَالِيفِ وَالْمَصَالِحِ الْمَنُوطَةِ (بِهِ فِي بَابِ) [5] الدِّينِ وَالدُّنْيَا، وَكَذَلِكَ كُلُّ حَيَوَانٍ وَجَمَادٍ جَاءَ بِهِ عَلَى الْجِبِلَّةِ الْمُسْتَوِيَةِ الْمُقَدَّرَةِ بِأَمْثِلَةِ الْحِكْمَةِ وَالتَّدْبِيرِ فَقَدَّرَهُ لِأَمْرٍ ما ومصلحة ما مطابقا لما قدر [له] [6] غَيْرَ (مُتَخَلِّفٍ) [7] عَنْهُ.
السُّؤَالُ الثَّالِثُ: هَلْ فِي قَوْلِهِ: فَقَدَّرَهُ تَقْدِيراً دَلَالَةٌ عَلَى مَذْهَبِكُمْ؟ الْجَوَابُ: نَعَمْ وَذَلِكَ مِنْ وُجُوهٍ:
أَحَدُهَا: أَنَّ التَّقْدِيرَ فِي حَقِّنَا يَرْجِعُ إِلَى الظَّنِّ وَالْحُسْبَانِ، أَمَّا فِي حَقِّهِ سُبْحَانَهُ فَلَا مَعْنَى لَهُ إِلَّا العلم به والإخبار

[1] في الكشاف (فما معنى قوله) 3/ 81 ط. دار الفكر.
[2] في الكشاف (كأنه قال وقدر ... ) .
[3] زيادة من الكشاف. [.....]
[4] في الكشاف (المسوى) .
[5] في الكشاف (في بابي) .
[6] زيادة من الكشاف.
[7] في الكشاف (متجاف) .
نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 24  صفحه : 430
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست