responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 24  صفحه : 421
[في قَوْلُهُ تَعَالَى لَيْسَ عَلَى الْأَعْمى حَرَجٌ وَلا عَلَى الْأَعْرَجِ حَرَجٌ إلى قوله أَوْ صَدِيقِكُمْ] اعْلَمْ أَنَّ فِي الْآيَةِ مَسَائِلَ:
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: اخْتَلَفُوا فِي الْمُرَادِ مِنْ رَفْعِ الْحَرَجِ عَنِ الْأَعْمَى وَالْأَعْرَجِ وَالْمَرِيضِ فَقَالَ/ ابْنُ زَيْدٍ:
الْمُرَادُ أَنَّهُ لَا حَرَجَ عَلَيْهِمْ وَلَا إِثْمَ فِي تَرْكِ الْجِهَادِ، وَقَالَ الْحَسَنُ نَزَلَتِ الْآيَةُ فِي ابْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ وَضَعَ اللَّه الْجِهَادَ عَنْهُ وَكَانَ أَعْمَى وَهَذَا الْقَوْلُ ضَعِيفٌ لِأَنَّهُ تَعَالَى عَطَفَ عَلَيْهِ قَوْلَهُ: أَنْ تَأْكُلُوا فَنَبَّهَ بِذَلِكَ عَلَى أَنَّهُ إِنَّمَا رُفِعَ الْحَرَجُ فِي ذَلِكَ، وَقَالَ الْأَكْثَرُونَ الْمُرَادُ مِنْهُ أَنَّ الْقَوْمَ كَانُوا يَحْظَرُونَ الْأَكْلَ مَعَ هَؤُلَاءِ الثَّلَاثَةِ وَفِي هَذِهِ الْمَنَازِلِ، فاللَّه تَعَالَى رَفَعَ ذَلِكَ الْحَظْرَ وَأَزَالَهُ، وَاخْتَلَفُوا فِي أَنَّهُمْ لِأَيِّ سَبَبٍ اعْتَقَدُوا ذَلِكَ الْحَظْرَ، أَمَّا فِي حَقِّ الْأَعْمَى وَالْأَعْرَجِ وَالْمَرِيضِ فَذَكَرُوا فِيهِ وُجُوهًا: أَحَدُهَا: أَنَّهُمْ كَانُوا لَا يَأْكُلُونَ مَعَ الْأَعْمَى لِأَنَّهُ لَا يُبْصِرُ الطَّعَامَ الْجَيِّدَ فَلَا يَأْخُذُهُ، وَلَا مَعَ الْأَعْرَجِ لِأَنَّهُ لَا يَتَمَكَّنُ مِنَ الْجُلُوسِ فَإِلَى أَنْ يَأْكُلَ لُقْمَةً يَأْكُلُ غَيْرُهُ لُقْمَتَيْنِ، وَكَذَا الْمَرِيضُ لِأَنَّهُ لَا يَتَأَتَّى لَهُ أَنْ يَأْكُلَ كَمَا يَأْكُلُ الصَّحِيحُ، قَالَ الْفَرَّاءُ: فَعَلَى هَذَا التَّأْوِيلِ تَكُونُ (عَلَى) بِمَعْنَى فِي يَعْنِي لَيْسَ عَلَيْكُمْ فِي مُوَاكَلَةٍ هَؤُلَاءِ حَرَجٌ وَثَانِيهَا: أَنَّ الْعُمْيَانَ وَالْعُرْجَانَ وَالْمَرْضَى تَرَكُوا مُوَاكَلَةَ الْأَصِحَّاءِ، أَمَّا الْأَعْمَى فَقَالَ إِنِّي لَا أَرَى شَيْئًا فَرُبَّمَا آخُذُ الْأَجْوَدَ وَأَتْرُكُ الْأَرْدَأَ، وَأَمَّا الْأَعْرَجُ وَالْمَرِيضُ فَخَافَا أَنْ يُفْسِدَا الطَّعَامَ عَلَى الْأَصِحَّاءِ لِأُمُورٍ تَعْتَرِي الْمَرْضَى، وَلِأَجْلِ أَنَّ الْأَصِحَّاءَ يَتَكَرَّهُونَ مِنْهُمْ وَلِأَجْلِ أَنَّ الْمَرِيضَ رُبَّمَا حَمَلَهُ الشَّرَهُ عَلَى أَنْ يَتَعَلَّقَ نَظَرُهُ وَقَلْبُهُ بِلُقْمَةِ الْغَيْرِ، وَذَلِكَ مِمَّا يَكْرَهُهُ ذَلِكَ الْغَيْرُ فَلِهَذِهِ الْأَسْبَابِ احْتَرَزُوا عَنْ مُوَاكَلَةِ الْأَصِحَّاءِ، فاللَّه تَعَالَى أَطْلَقَ لَهُمْ فِي ذَلِكَ وَثَالِثُهَا: رَوَى الزُّهْرِيُّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ وَعُبَيْدِ اللَّه بْنِ عَبْدِ اللَّه فِي هَذِهِ الْآيَةِ أَنَّ الْمُسْلِمِينَ كَانُوا إِذَا غَزَوْا خَلَّفُوا زَمْنَاهُمْ وَكَانُوا يُسَلِّمُونَ إِلَيْهِمْ مَفَاتِيحَ أَبْوَابِهِمْ وَيَقُولُونَ لَهُمْ قَدْ أَحْلَلْنَا لَكُمْ أَنْ تَأْكُلُوا مِمَّا فِي بُيُوتِنَا فَكَانُوا يَتَحَرَّجُونَ مِنْ ذَلِكَ قَالُوا لَا نَدْخُلُهَا وَهُمْ غَائِبُونَ، فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ رُخْصَةً لَهُمْ وَهَذَا قَوْلُ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّه عَنْهَا فَعَلَى هَذَا مَعْنَى الْآيَةِ نَفْيُ الْحَرَجِ عَنِ الزَّمْنَى فِي أَكْلِهِمْ مِنْ بَيْتِ مَنْ يَدْفَعُ إِلَيْهِمُ الْمِفْتَاحَ إِذَا خَرَجَ إِلَى الْغَزْوِ وَرَابِعُهَا: نُقِلَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَمُقَاتِلِ بْنِ حَيَّانَ نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ فِي الْحَارِثِ بْنِ عَمْرٍو وَذَلِكَ أَنَّهُ خَرَجَ مَعَ رَسُولِ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غازيا وخلف بن مَالِكِ بْنِ زَيْدٍ عَلَى أَهْلِهِ فَلَمَّا رَجَعَ وَجَدَهُ مَجْهُودًا فَسَأَلَهُ عَنْ حَالِهِ فَقَالَ تَحَرَّجْتُ أَنْ آكُلَ مِنْ طَعَامِكَ بِغَيْرِ إِذْنِكَ، وَأَمَّا فِي حَقِّ سَائِرِ النَّاسِ فَذَكَرُوا وَجْهَيْنِ: الْأَوَّلُ: كَانَ الْمُؤْمِنُونَ يَذْهَبُونَ بِالضُّعَفَاءِ وَذَوِي الْعَاهَاتِ إِلَى بُيُوتِ أَزْوَاجِهِمْ وَأَوْلَادِهِمْ وَقَرَابَاتِهِمْ وَأَصْدِقَائِهِمْ فَيُطْعِمُونَهُمْ مِنْهَا، فَلَمَّا نَزَلَ قَوْلُهُ تَعَالَى: لَا تَأْكُلُوا أَمْوالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْباطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجارَةً [النِّسَاءِ: 29] أَيْ بَيْعًا فَعِنْدَ ذَلِكَ امْتَنَعَ النَّاسُ أَنْ يَأْكُلَ بَعْضُهُمْ مِنْ طَعَامِ بَعْضٍ فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ الثَّانِي: قَالَ قَتَادَةُ: كَانَتِ الْأَنْصَارُ فِي أَنْفُسِهَا قَزَازَةٌ وَكَانَتْ لَا تَأْكُلُ مِنْ هَذِهِ الْبُيُوتِ إِذَا اسْتَغْنَوْا، قَالَ السُّدِّيُّ كَانَ الرَّجُلُ يَدْخُلُ بَيْتَ أَبِيهِ أَوْ بَيْتَ أَخِيهِ أَوْ أُخْتِهِ فَتُتْحِفُهُ الْمَرْأَةُ بِشَيْءٍ مِنَ الطَّعَامِ فَيَتَحَرَّجُ، لِأَنَّهُ لَيْسَ ثَمَّ رَبُّ الْبَيْتِ. فَأَنْزَلَ اللَّه تَعَالَى هَذِهِ الرُّخْصَةَ.
المسألة الثَّانِيَةُ: قَالَ الزَّجَّاجُ الْحَرَجُ فِي اللُّغَةِ الضِّيقُ وَمَعْنَاهُ فِي الدِّينِ الْإِثْمُ.
المسألة الثَّالِثَةُ: أَنَّهُ سُبْحَانَهُ أَبَاحَ الْأَكْلَ لِلنَّاسِ مِنْ هَذِهِ الْمَوَاضِعِ وَظَاهِرُ الْآيَةِ يَدُلُّ عَلَى/ أَنَّ إِبَاحَةَ الْأَكْلِ لَا تَتَوَقَّفُ عَلَى الِاسْتِئْذَانِ، وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِيهِ فَنُقِلَ عَنْ قَتَادَةَ أَنَّ الْأَكْلَ مُبَاحٌ وَلَكِنْ لَا يَجْمُلُ، وَجُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ أَنْكَرُوا ذَلِكَ ثُمَّ اخْتَلَفُوا عَلَى وُجُوهٍ: الْأَوَّلُ: كَانَ ذَلِكَ فِي صَدْرِ الْإِسْلَامِ ثُمَّ نُسِخَ ذَلِكَ
بِقَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: «لَا يَحِلُّ مَالُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ إِلَّا عَنْ طِيبِ نَفْسٍ مِنْهُ»
وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى هَذَا النَّسْخِ قَوْلُهُ: لَا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلَّا أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلى طَعامٍ غَيْرَ ناظِرِينَ إِناهُ [الْأَحْزَابِ: 53] وَكَانَ فِي أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ لَهُنَّ الْآبَاءُ وَالْإِخْوَةُ

نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 24  صفحه : 421
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست