responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 23  صفحه : 232
تَأَخُّرِ عَذَابِ الِاسْتِئْصَالِ عَنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ أَنَّ ذَلِكَ الْعَذَابَ مَشْرُوطٌ بِأَمْرَيْنِ: أَحَدُهُمَا: أَنَّ عِنْدَ اللَّه حَدًّ [ا] مِنَ الْكُفْرِ مَنْ بَلَغَهُ عَذَّبَهُ وَمَنْ لَمْ يَبْلُغْهُ لَمْ يُعَذِّبْهُ وَالثَّانِي: أَنَّ اللَّه لَا يُعَذِّبُ قَوْمًا حَتَّى يَعْلَمَ أَنَّ أَحَدًا مِنْهُمْ لَا يُؤْمِنُ، فَأَمَّا إِذَا حَصَلَ الشَّرْطَانِ وَهُوَ أَنْ يَبْلُغُوا ذَلِكَ الْحَدَّ مِنَ الْكُفْرِ وَعَلِمَ اللَّه أَنَّ أَحَدًا مِنْهُمْ لَا يُؤْمِنُ، فَحِينَئِذٍ يَأْمُرُ الْأَنْبِيَاءَ فَيَدْعُونَ عَلَى أُمَمِهِمْ فَيَسْتَجِيبُ اللَّه دُعَاءَهُمْ فَيُعَذِّبُهُمْ بِعَذَابِ الِاسْتِئْصَالِ وهو المراد من قوله: حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ [يُوسُفَ: 110] أَيْ مِنْ إِجَابَةِ الْقَوْمِ، وَقَوْلِهِ لِنُوحٍ: أَنَّهُ لَنْ يُؤْمِنَ مِنْ قَوْمِكَ إِلَّا مَنْ قَدْ آمَنَ [هُودٍ:
36] وَإِذَا عَذَّبَهُمُ اللَّه تَعَالَى فَإِنَّهُ يُنَجِّي الْمُؤْمِنِينَ لِقَوْلِهِ: فَلَمَّا جاءَ أَمْرُنا [هُودٍ: 66] أَيْ بِالْعَذَابِ نَجَّيْنَا هُودًا، وَاعْلَمْ أَنَّ الْكَلَامَ فِي هَذِهِ المسألة قَدْ تَقَدَّمَ فَلَا فَائِدَةَ فِي الْإِعَادَةِ، فَإِنْ قِيلَ كَيْفَ يُوصَفُ مَا يُنْزِلُهُ بِالْكَفَّارِ مِنَ الْهَلَاكِ بِالْعَذَابِ الْمُعَجَّلِ بِأَنَّهُ نَكِيرٌ؟ قُلْنَا إِذَا كَانَ رَادِعًا لِغَيْرِهِ وَصَادِعًا لَهُ عَنْ مِثْلِ مَا أَوْجَبَ ذَلِكَ صَارَ نَكِيرًا.
أَمَّا قَوْلُهُ: فَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْناها فَفِيهِ مَسَائِلُ:
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: قَالَ بَعْضُهُمْ: الْمُرَادُ مَنْ قَوْلِهِ: فَكَأَيِّنْ فَكَمْ عَلَى وَجْهِ التَّكْثِيرِ، وَقِيلَ أَيْضًا مَعْنَاهُ، وَرُبَّ قَرْيَةٍ وَالْأَوَّلُ أَوْلَى لِأَنَّهُ أَوْكَدُ فِي الزَّجْرِ، فَكَأَنَّهُ تَعَالَى لَمَّا بَيَّنَ حَالَ قَوْمٍ مِنَ الْمُكَذِّبِينَ وَأَنَّهُ عَجَّلَ إِهْلَاكَهُمْ أَتْبَعَهُ بِمَا دَلَّ عَلَى أَنَّ لِذَلِكَ أَمْثَالًا وَإِنْ لَمْ يُذْكَرْ مُفَصَّلًا.
المسألة الثَّانِيَةُ: قَرَأَ ابْنُ كَثِيرٍ وَأَهْلُ الْكُوفَةِ وَالْمَدِينَةِ أَهْلَكْناها بِالنُّونِ، وَقَرَأَ أَبُو عَمْرٍو وَيَعْقُوبُ أَهْلَكْتُهَا وَهُوَ اخْتِيَارُ أَبِي عُبَيْدٍ لِقَوْلِهِ فِي الْآيَةِ الْأُولَى فَأَمْلَيْتُ لِلْكافِرِينَ ثُمَّ أَخَذْتُهُمْ.
المسألة الثَّالِثَةُ: قَوْلُهُ: أَهْلَكْناها أَيْ أَهْلَهَا وَدَلَّ بِقَوْلِهِ وَهِيَ ظَالِمَةٌ عَلَى مَا ذَكَرْنَا، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ إِهْلَاكَ نَفْسِ الْقَرْيَةِ، فَيَدْخُلُ تَحْتَ إِهْلَاكِهَا إِهْلَاكُ مَنْ فِيهَا لِأَنَّ الْعَذَابَ النَّازِلَ إِذَا بَلَغَ أَنْ يُهْلِكَ الْقَرْيَةَ فَتَصِيرَ مُنْهَدِمَةً حَصَلَ بِهَلَاكِهَا هَلَاكُ مَنْ فِيهَا وَإِنْ كَانَ الْأَوَّلُ أَقْرَبَ.
أَمَّا قَوْلُهُ وَهِيَ: خاوِيَةٌ عَلى عُرُوشِها فَفِيهِ سُؤَالَانِ:
السُّؤَالُ الْأَوَّلُ: مَا مَعْنَى هَذِهِ اللَّفْظَةِ؟ فَقَالَ صَاحِبُ الْكَشَّافِ: كُلُّ مُرْتَفِعٍ أَظَلَّكَ مِنْ سَقْفِ بَيْتٍ أَوْ خَيْمَةٍ أَوْ ظُلَّةٍ فَهُوَ عَرْشٌ، وَالْخَاوِي السَّاقِطُ مِنْ خَوِيَ النَّجْمُ إِذَا سَقَطَ أَوِ الْخَالِي مِنْ/ خَوِيَ الْمَنْزِلُ إِذَا خَلَا مِنْ أَهْلِهِ، فَإِنْ فَسَّرْنَا الْخَاوِيَ بِالسَّاقِطِ، كَانَ الْمَعْنَى أَنَّهَا سَاقِطَةٌ عَلَى سُقُوفِهَا، أَيْ خَرَّتْ سُقُوفُهَا عَلَى الْأَرْضِ، ثُمَّ تَهَدَّمَتْ حِيطَانُهَا فَسَقَطَتْ فَوْقَ السُّقُوفِ، وَإِنْ فَسَّرْنَاهُ بِالْخَالِي كَانَ الْمَعْنَى أَنَّهَا خَالِيَةٌ عَنِ النَّاسِ مَعَ بَقَاءِ عُرُوشِهَا وَسَلَامَتِهَا، قَالَ وَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ خَبَرًا بَعْدَ خَبَرٍ، كَأَنَّهُ قِيلَ هِيَ خَاوِيَةٌ وَهِيَ عَلَى عُرُوشِهَا، بِمَعْنَى أَنَّ السُّقُوفَ سَقَطَتْ عَلَى الْأَرْضِ فَصَارَتْ فِي قَرَارِ الْحِيطَانِ وَبَقِيَتِ الْحِيطَانُ قَائِمَةً فَهِيَ مُشْرِفَةٌ عَلَى السُّقُوفِ السَّاقِطَةِ، وَبِالْجُمْلَةِ فَالْآيَةُ دَالَّةٌ عَلَى أَنَّهَا بَقِيَتْ مَحَلًّا لِلِاعْتِبَارِ.
السُّؤَالُ الثَّانِي: مَا مَحَلُّ هَاتَيْنِ الْجُمْلَتَيْنِ مِنَ الْإِعْرَابِ. أَعْنِي وَهِيَ ظالِمَةٌ، فَهِيَ خاوِيَةٌ عَلى عُرُوشِها الْجَوَابُ: الْأُولَى: فِي مَحَلِّ النَّصْبِ عَلَى الْحَالِ وَالثَّانِيَةُ: لَا مَحَلَّ لَهَا لأنها مقطوعة عَلَى (أَهْلَكْنَاهَا) وَهَذَا الْفِعْلُ لَيْسَ لَهُ مَحَلٌّ. قَالَ أَبُو مُسْلِمٍ: الْمَعْنَى فَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا وَهِيَ كَانَتْ ظَالِمَةً وَهِيَ الْآنَ خَاوِيَةٌ.
أَمَّا قَوْلُهُ: وَبِئْرٍ مُعَطَّلَةٍ وَقَصْرٍ مَشِيدٍ فَفِيهِ مَسَائِلُ:
المسألة الْأُولَى: قَرَأَ الْحَسَنُ مُعَطَّلَةٍ مِنْ أَعْطَلَهُ بِمَعْنَى مُعَطَّلَةٍ وَمَعْنَى الْمُعَطَّلَةِ أَنَّهَا عَامِرَةٌ فيها الماء

نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 23  صفحه : 232
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست