responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 22  صفحه : 88
يَأْسَفُ أَسَفًا إِذَا حَزِنَ فَهُوَ آسِفٌ. وَثَالِثُهَا: قَالَ قَوْمُ: الْآسِفُ الْمُغْتَاظُ وَفَرَّقُوا بَيْنَ الِاغْتِيَاظِ وَالْغَضَبِ بِأَنَّ اللَّه تَعَالَى لَا يُوصَفُ بِالْغَيْظِ وَيُوصَفُ بِالْغَضَبِ مِنْ حَيْثُ كَانَ الْغَضَبُ إِرَادَةَ الْإِضْرَارِ بِالْمَغْضُوبِ عَلَيْهِ وَالْغَيْظُ تَغَيُّرٌ يَلْحَقُ الْمُغْتَاظَ وَذَلِكَ لَا يَصِحُّ إِلَّا عَلَى الْأَجْسَامِ كَالضَّحِكِ والبكاء [في قوله تعالى فَرَجَعَ مُوسى إِلى قَوْمِهِ غَضْبانَ أَسِفاً إلى قوله وَلا يَمْلِكُ لَهُمْ ضَرًّا وَلا نَفْعاً] ثُمَّ إِنَّ اللَّه تَعَالَى حَكَى عَنْ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ أَنَّهُ عَاتَبَهُمْ بَعْدَ رُجُوعِهِ إِلَيْهِمْ قَالَتِ الْمُعْتَزِلَةُ: وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ الْمُرَادُ مِنْ قَوْلِهِ: فَإِنَّا قَدْ فَتَنَّا قَوْمَكَ مِنْ بَعْدِكَ أَنَّهُ تَعَالَى خَلَقَ الْكُفْرَ فِيهِمْ وَإِلَّا لَمَا عَاتَبَهُمْ بَلْ يَجِبُ أَنْ يُعَاتَبَ اللَّه تَعَالَى قَالَ الْأَصْحَابُ: وَقَدْ فَعَلَ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ: إِنْ هِيَ إِلَّا فِتْنَتُكَ [الْأَعْرَافِ: 155] وَمَجْمُوعُ تِلْكَ الْمُعَاتَبَاتِ أُمُورٌ. أَحَدُهَا: قَوْلُهُ: يَا قَوْمِ أَلَمْ يَعِدْكُمْ رَبُّكُمْ وَعْداً حَسَناً وَفِيهِ سُؤَالَانِ:
السُّؤَالُ الْأَوَّلُ: قَوْلُهُ: أَلَمْ يَعِدْكُمْ رَبُّكُمْ هَذَا الْكَلَامُ إِنَّمَا يَتَوَجَّهُ عَلَيْهِمْ لَوْ كَانُوا مُعْتَرِفِينَ بِإِلَهٍ آخَرَ سِوَى الْعِجْلِ أَمَّا لَمَّا اعْتَقَدُوا أَنَّهُ لَا إِلَهَ سِوَاهُ عَلَى مَا أَخْبَرَ اللَّه تَعَالَى عَنْهُمْ أَنَّهُمْ قالوا هذا/ إلهكم وَإِلَهُ مُوسَى كَيْفَ يَتَوَجَّهُ عَلَيْهِمْ هَذَا الْكَلَامُ. الْجَوَابُ: أَنَّهُمْ كَانُوا مُعْتَرِفِينَ بِالْإِلَهِ لَكِنَّهُمْ عَبَدُوا الْعِجْلَ عَلَى التَّأْوِيلِ الَّذِي يَذْكُرُهُ عَبَدَةُ الْأَصْنَامِ.
السُّؤَالُ الثَّانِي: مَا الْمُرَادُ بِذَلِكَ الْوَعْدِ الْحَسَنِ. الْجَوَابُ: ذَكَرُوا وُجُوهًا. أَحَدُهَا: أَنَّ الْمُرَادَ مَا وَعَدَهُمْ مِنْ إِنْزَالِ التَّوْرَاةِ عَلَيْهِمْ لِيَقِفُوا عَلَى الشَّرَائِعِ وَالْأَحْكَامِ وَيَحْصُلَ لَهُمْ بِسَبَبِ ذَلِكَ مَزِيَّةٌ فِيمَا بَيْنَ النَّاسِ وَهُوَ الَّذِي ذَكَرَهُ اللَّه تَعَالَى فِيمَا تَقَدَّمَ مِنْ قَوْلِهِ: وَواعَدْناكُمْ جانِبَ الطُّورِ الْأَيْمَنَ [طه: 80] . وَثَانِيهَا: أَنَّ الْوَعْدَ الْحَسَنَ هُوَ الْوَعْدُ الصِّدْقُ بِالثَّوَابِ عَلَى الطَّاعَاتِ. وَثَالِثُهَا: الْوَعْدُ هُوَ الْعَهْدُ وَهُوَ قَوْلُ مُجَاهِدٍ وَذَلِكَ الْعَهْدُ هُوَ قَوْلُهُ تَعَالَى: وَلا تَطْغَوْا فِيهِ فَيَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبِي إلى قوله: ثُمَّ اهْتَدى [طه: 81، 82] وَالدَّلِيلُ عَلَيْهِ قَوْلُهُ بَعْدَ ذَلِكَ: أَفَطالَ عَلَيْكُمُ الْعَهْدُ أَمْ أَرَدْتُمْ أَنْ يَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبٌ مِنْ رَبِّكُمْ فَكَأَنَّهُ قَالَ: أَفَنَسِيتُمْ ذَلِكَ الَّذِي قَالَ اللَّه لَكُمْ وَلَا تَطْغَوْا فِيهِ. وَرَابِعُهَا: الوعد الحسن هاهنا يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ وَعْدًا حَسَنًا فِي مَنَافِعِ الدِّينِ وَأَنْ يَكُونَ فِي مَنَافِعِ الدُّنْيَا، أَمَّا مَنَافِعُ الدِّينِ فَهُوَ الْوَعْدُ بِإِنْزَالِ الْكِتَابِ الشَّرِيفِ الْهَادِي إِلَى الشَّرَائِعِ وَالْأَحْكَامِ وَالْوَعْدُ بِحُصُولِ الثَّوَابِ الْعَظِيمِ فِي الْآخِرَةِ. وَأَمَّا مَنَافِعُ الدُّنْيَا فَهُوَ أَنَّهُ تَعَالَى قَبْلَ إِهْلَاكِ فِرْعَوْنَ كَانَ قَدْ وَعَدَهُمْ أَرْضَهُمْ وَدِيَارَهُمْ، وَقَدْ فَعَلَ ذَلِكَ ثُمَّ قَالَ: أَفَطالَ عَلَيْكُمُ الْعَهْدُ أَمْ أَرَدْتُمْ أَنْ يَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبٌ مِنْ رَبِّكُمْ فَالْمُرَادُ أَفَنَسِيتُمْ ذَلِكَ الْعَهْدَ أَمْ تَعَمَّدْتُمُ الْمَعْصِيَةَ، وَاعْلَمْ أَنَّ طُولَ الْعَهْدِ يَحْتَمِلُ أُمُورًا: أَحَدُهَا: أَفَطَالَ عَلَيْكُمُ الْعَهْدُ بِنِعَمِ اللَّه تَعَالَى مِنْ إِنْجَائِهِ إِيَّاكُمْ مِنْ فِرْعَوْنَ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنَ النِّعَمِ الْمَعْدُودَةِ الْمَذْكُورَةِ فِي أَوَائِلِ سُورَةِ الْبَقَرَةِ وَهَذَا كَقَوْلِهِ: فَطالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ [الْحَدِيدِ: 16] . وَثَانِيهَا:
يُرْوَى أَنَّهُمْ عَرَفُوا أَنَّ الْأَجَلَ أَرْبَعُونَ لَيْلَةً فَجَعَلُوا كُلَّ يَوْمٍ بِإِزَاءِ لَيْلَةٍ وَرَدُّوهُ إِلَى عِشْرِينَ.
قَالَ الْقَاضِي: هَذَا رَكِيكٌ لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يَكَادُ يَشْتَبِهُ عَلَى أَحَدٍ. وَثَالِثُهَا: أَنَّ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ وَعَدَهُمْ ثَلَاثِينَ لَيْلَةً فَلَمَّا زَادَ اللَّه تَعَالَى فِيهَا عَشَرَةً أُخْرَى كَانَ ذَلِكَ طُولَ الْعَهْدِ، وَأَمَّا قَوْلُهُ: أَمْ أَرَدْتُمْ أَنْ يَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبٌ مِنْ رَبِّكُمْ فَهَذَا لَا يُمْكِنُ إِجْرَاؤُهُ عَلَى الظَّاهِرِ لِأَنَّ أَحَدًا لَا يُرِيدُ ذَلِكَ وَلَكِنَّ الْمَعْصِيَةَ لَمَّا كَانَتْ تُوجِبُ ذَلِكَ، وَمُرِيدُ السَّبَبِ مُرِيدٌ لِلْمُسَبَّبِ بِالْعَرَضِ صَحَّ هَذَا الْكَلَامُ وَاحْتَجَّ الْعُلَمَاءُ بِذَلِكَ عَلَى أَنَّ الْغَضَبَ مِنْ صِفَاتِ الْأَفْعَالِ لَا مِنْ صِفَاتِ الذَّاتِ لِأَنَّ صِفَةَ ذَاتِ اللَّه تَعَالَى لَا تَنْزِلُ فِي شَيْءٍ مِنَ الْأَجْسَامِ. أَمَّا قَوْلُهُ:
فَأَخْلَفْتُمْ مَوْعِدِي فَهَذَا يَدُلُّ عَلَى مَوْعِدٍ كَانَ مِنْهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ مَعَ الْقَوْمِ وَفِيهِ وَجْهَانِ: أَحَدُهُمَا: أَنَّ الْمُرَادَ مَا وَعَدُوهُ مِنَ اللَّحَاقِ بِهِ وَالْمَجِيءِ عَلَى أَثَرِهِ. وَالثَّانِي: مَا وَعَدُوهُ مِنَ الْإِقَامَةِ عَلَى دِينِهِ إِلَى أَنْ يَرْجِعَ إِلَيْهِمْ مِنَ

نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 22  صفحه : 88
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست