responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 22  صفحه : 79
فلا يجوز المصير إليها هاهنا. فَإِنِ اعْتَرَضَ إِنْسَانٌ آخَرُ، وَقَالَ: أَجْمَعْنَا عَلَى أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ مَشْرُوطَةٌ بِنَفْيِ التَّوْبَةِ وَبِأَنْ لَا يَكُونَ عِقَابُهُ مُحْبَطًا بِثَوَابِ طَاعَتِهِ وَالْقَدْرُ الْمُشْتَرَكُ بَيْنَ الصُّورَتَيْنِ هُوَ أَنْ لَا يُوجَدَ مَا يُحْبِطُ ذَلِكَ الْعِقَابَ وَلَكِنْ عِنْدَنَا الْعَفْوُ مُحْبِطٌ لِلْعِقَابِ، وَعِنْدَنَا أَنَّ الْمُجْرِمَ الَّذِي لَا يُوجَدُ فِي حَقِّهِ الْعَفْوُ لَا بُدَّ وَأَنْ يَدْخُلَ جَهَنَّمَ، وَاعْلَمْ أَنَّ هَذَا الِاعْتِرَاضَ أَيْضًا ضَعِيفٌ أَمَّا شَرْطُ نَفْيِ التَّوْبَةِ فَلَا حَاجَةَ إِلَيْهِ لِأَنَّهُ قَالَ: مَنْ يَأْتِ رَبَّهُ مُجْرِماً أَيْ حَالَ كَوْنِهِ مُجْرِمًا وَالتَّائِبُ لَا يَصْدُقُ عَلَيْهِ أَنَّهُ أَتَى رَبَّهُ حَالَ كَوْنِهِ مُجْرِمًا. وَأَمَّا صَاحِبُ الصَّغِيرَةِ فَلِأَنَّهُ لَا يُسَمَّى مُجْرِمًا لِأَنَّ الْمُجْرِمَ اسْمٌ لِلذَّمِّ فَلَا يَجُوزُ إِطْلَاقُهُ عَلَى صَاحِبِ الصَّغِيرَةِ، بَلِ الِاعْتِرَاضُ الصَّحِيحُ أَنْ نَقُولَ: عُمُومُ هَذَا الْوَعِيدِ مُعَارَضٌ بِمَا جَاءَ بَعْدَهُ مِنْ عُمُومِ الْوَعْدِ وَهُوَ قَوْلُهُ تَعَالَى: وَمَنْ يَأْتِهِ مُؤْمِناً قَدْ عَمِلَ الصَّالِحاتِ فَأُولئِكَ لَهُمُ الدَّرَجاتُ الْعُلى وَكَلَامُنَا فِيمَنْ أَتَى بِالْإِيمَانِ وَالْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ ثُمَّ أَتَى بَعْدَ ذَلِكَ بِبَعْضِ الْكَبَائِرِ.
فَإِنْ قِيلَ: عِقَابُ الْمَعْصِيَةِ يُحْبِطُ ثَوَابَ الطَّاعَةِ، قُلْنَا: لِمَ لَا يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ: ثَوَابُ الْإِيمَانِ يَدْفَعُ عِقَابَ الْمَعْصِيَةِ فَإِنْ قَالُوا: لَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَوَجَبَ أَنْ لَا يَجُوزَ لَعْنُهُ وَإِقَامَةُ الْحَدِّ عليه. قلنا: أما اللعن الغير جَائِزٌ عِنْدَنَا، وَأَمَّا إِقَامَةُ الْحَدِّ عَلَيْهِ فَقَدْ تَكُونُ عَلَى سَبِيلِ الْمِحْنَةِ كَمَا فِي حَقِّ التَّائِبِ وَقَدْ تَكُونُ/ عَلَى سَبِيلِ التَّنْكِيلِ. قَالَتِ الْمُعْتَزِلَةُ قَوْلُهُ تَعَالَى: وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُما جَزاءً بِما كَسَبا نَكالًا مِنَ اللَّهِ
[الْمَائِدَةِ: 38] فاللَّه تَعَالَى نَصَّ عَلَى أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ إقامة الحد عليه عَلَى سَبِيلِ التَّنْكِيلِ، وَكُلُّ مَنْ كَانَ كَذَلِكَ اسْتَحَالَ أَنْ يَكُونَ مُسْتَحِقًّا لِلْمَدْحِ وَالتَّعْظِيمِ، وَإِذَا لَمْ يَبْقَ ذَلِكَ لَمْ يَبْقَ الثَّوَابُ كَمَا قُلْنَا. فَدَلَّنَا ذَلِكَ عَلَى أَنَّ عِقَابَ الْكَبِيرَةِ أَوْلَى بِإِزَالَةِ ثَوَابِ الطَّاعَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ مِنَ الطَّاعَاتِ بِدَفْعِ عِقَابِ الْكَبِيرَةِ الطَّارِئَةِ. هَذَا مُنْتَهَى كَلَامِهِمْ فِي مَسْأَلَةِ الْوَعِيدِ قُلْنَا حَاصِلُ الْكَلَامِ يَرْجِعُ إِلَى أَنَّ النَّصَّ الدَّالَّ عَلَى إِقَامَةِ الْحَدِّ عَلَيْهِ عَلَى سَبِيلِ التَّنْكِيلِ صَارَ مُعَارِضًا لِلنُّصُوصِ الدَّالَّةِ عَلَى كَوْنِهِ مُسْتَحِقًّا لِلثَّوَابِ، فَلِمَ كَانَ تَرْجِيحُ أَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ أَوْلَى مِنَ الْعَكْسِ وَذَلِكَ لِأَنَّ الْمُؤْمِنَ كَانَ يَنْقَسِمُ إِلَى السَّارِقِ وَغَيْرِ السَّارِقِ، فَالسَّارِقُ يَنْقَسِمُ إِلَى الْمُؤْمِنِ وَإِلَى غَيْرِ الْمُؤْمِنِ فَلَمْ يَكُنْ لِأَحَدِهِمَا مَزِيَّةٌ عَلَى الْآخَرِ فِي الْعُمُومِ وَالْخُصُوصِ فَإِذَا تَعَارَضَا تَسَاقَطَا. ثُمَّ نَقُولُ: لَا نُسَلِّمُ أَنَّ كَلِمَةَ مَنْ فِي إِفَادَةِ الْعُمُومِ قَطْعِيَّةٌ بَلْ ظَنِّيَّةٌ وَمَسْأَلَتُنَا قَطْعِيَّةٌ فَلَا يَجُوزُ التَّعْوِيلُ عَلَى مَا ذَكَرْتُهُ، وَتَمَامُ الْكَلَامِ فِيهِ مَذْكُورٌ فِي كِتَابِ الْمَحْصُولِ فِي الْأُصُولِ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: تَمَسَّكَتِ الْمُجَسِّمَةُ بِقَوْلِهِ: إِنَّهُ مَنْ يَأْتِ رَبَّهُ مُجْرِماً فَقَالُوا: الْجِسْمُ إِنَّمَا يَأْتِي رَبَّهُ لَوْ كَانَ الرَّبُّ فِي الْمَكَانِ. وَجَوَابُهُ: أَنَّ اللَّه تَعَالَى جَعَلَ إِتْيَانَهُمْ مَوْضِعَ الْوَعْدِ إِتْيَانًا إِلَى اللَّه مَجَازًا كَقَوْلِ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ: إِنِّي ذاهِبٌ إِلى رَبِّي سَيَهْدِينِ [الصَّافَّاتِ: 99] .
الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ: الْجِسْمُ الْحَيُّ لَا بُدَّ وَأَنْ يَبْقَى إِمَّا حَيًّا أَوْ يَصِيرُ مَيِّتًا فَخُلُوُّهُ عَنِ الْوَصْفَيْنِ مُحَالٌ، فَمَعْنَاهُ فِي الْآيَةِ أَنَّهُ يَكُونُ فِي جَهَنَّمَ بِأَسْوَأِ حَالٍ لَا يَمُوتُ مَوْتَةً مُرِيحَةً وَلَا يَحْيَا حَيَاةً مُمْتِعَةً. ثُمَّ ذَكَرَ حَالَ الْمُؤْمِنِينَ فَقَالَ:
وَمَنْ يَأْتِهِ مُؤْمِناً قَدْ عَمِلَ الصَّالِحاتِ فَأُولئِكَ لَهُمُ الدَّرَجاتُ الْعُلى وَاعْلَمْ أَنَّ قَوْلَهُ: قَدْ عَمِلَ الصَّالِحاتِ يَقْتَضِي أَنْ يَكُونَ آتِيًا بِكُلِّ الصَّالِحَاتِ. وَذَلِكَ بِالِاتِّفَاقِ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ وَلَا مُمْكِنٍ فَيَنْبَغِي أَنْ يُحْمَلَ ذَلِكَ عَلَى أَدَاءِ الْوَاجِبَاتِ، ثُمَّ ذَكَرَ أَنَّ مَنْ أَتَى بِالْإِيمَانِ وَالْأَعْمَالِ الصَّالِحَاتِ كَانَتْ لَهُ الدَّرَجَاتُ الْعُلَى، ثُمَّ فَسَّرَهَا فَقَالَ: جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ وَفِي الْآيَةِ تَنْبِيهٌ عَلَى حُصُولِ الْعَفْوِ لِأَصْحَابِ الْكَبَائِرِ لِأَنَّهُ تَعَالَى جَعَلَ الدَّرَجَاتِ الْعُلَى مِنَ الْجَنَّةِ لِمَنْ أَتَى رَبَّهُ بِالْإِيمَانِ وَالْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ فَسَائِرُ الدَّرَجَاتِ الَّتِي هِيَ غَيْرُ عَالِيَةٍ لَا بُدَّ وَأَنْ تَكُونَ لِغَيْرِهِمْ. مَا هُمْ إِلَّا الْعُصَاةُ مِنْ أَهْلِ الْإِيمَانِ، أَمَّا قَوْلُهُ: وَذلِكَ جَزاءُ مَنْ تَزَكَّى فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: يُرِيدُ مَنْ قَالَ

نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 22  صفحه : 79
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست