responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 22  صفحه : 75
يَحْصُلُ التَّعَارُضُ. وَقُرِئَ كَيْدُ سَاحِرٍ بِالرَّفْعِ وَالنَّصْبِ فَمَنْ رَفَعَ فَعَلَى أَنَّ مَا مَوْصُولَةٌ وَمَنْ نَصَبَ فَعَلَى أَنَّهَا كَافَّةٌ وَقُرِئَ كَيْدُ سِحْرٍ بِمَعْنَى ذِي سِحْرٍ أَوْ ذَوِي سِحْرٍ أَوْ هُمْ لِتَوَغُّلِهِمْ فِي سِحْرِهِمْ كَأَنَّهُمُ السِّحْرُ بِعَيْنِهِ وَبِذَاتِهِ أَوْ بَيِّنُ الْكَيْدِ لِأَنَّهُ يَكُونُ سِحْرًا وَغَيْرَ سِحْرٍ، كَمَا يُبَيَّنُ الْمِائَةُ بِدِرْهَمٍ وَنَحْوُهُ عِلْمُ فِقْهٍ وَعِلْمُ نَحْوٍ، بَقِيَ سَؤَالَاتٌ:
السُّؤَالُ الْأَوَّلُ: لِمَ وَحَّدَ السَّاحِرَ، وَلَمْ يَجْمَعْ. الْجَوَابُ: لِأَنَّ الْقَصْدَ فِي هَذَا الْكَلَامِ إِلَى مَعْنَى الْجِنْسِيَّةِ لَا إِلَى مَعْنَى الْعَدَدِ فَلَوْ جَمَعَ تُخِيَّلَ أَنَّ الْمَقْصُودَ هُوَ الْعَدَدُ أَلَا تَرَى إِلَى قَوْلِهِ: وَلا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتى أَيْ هَذَا الْجِنْسَ.
السُّؤَالُ الثَّانِي: لِمَ نَكَّرَ أَوَّلًا ثُمَّ عَرَّفَ ثَانِيًا. الْجَوَابُ: كَأَنَّهُ قَالَ: هَذَا الَّذِي أَتَوْا بِهِ قِسْمٌ وَاحِدٌ مِنْ أَقْسَامِ السِّحْرِ وَجَمِيعُ أَقْسَامِ السِّحْرِ لَا فَائِدَةَ فِيهِ وَلَا شَكَّ أَنَّ هَذَا الْكَلَامَ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ أَبْلَغُ.
السُّؤَالُ الثَّالِثُ: قَوْلُهُ: وَلا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتى يَدُلُّ عَلَى أَنَّ السَّاحِرَ لَا يَحْصُلُ لَهُ مَقْصُودُهُ بِالسِّحْرِ خَيْرًا كَانَ أَوْ شَرًّا وَذَلِكَ يَقْتَضِي نَفْيَ السِّحْرِ بِالْكُلِّيَّةِ. الْجَوَابُ: الْكَلَامُ فِي السِّحْرِ وَحَقِيقَتُهُ قَدْ تَقَدَّمَ فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ فَلَا وَجْهَ لِلْإِعَادَةِ واللَّه أعلم.

[سورة طه (20) : الآيات 70 الى 71]
فَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سُجَّداً قالُوا آمَنَّا بِرَبِّ هارُونَ وَمُوسى (70) قالَ آمَنْتُمْ لَهُ قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ إِنَّهُ لَكَبِيرُكُمُ الَّذِي عَلَّمَكُمُ السِّحْرَ فَلَأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ مِنْ خِلافٍ وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ وَلَتَعْلَمُنَّ أَيُّنا أَشَدُّ عَذاباً وَأَبْقى (71)
اعْلَمْ أَنَّ فِي قَوْلِهِ: فَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سُجَّداً دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّهُ أَلْقَى مَا فِي يَمِينِهِ وَصَارَ حَيَّةً تَلْقَفُ مَا صَنَعُوا وَظَهَرَ الْأَمْرُ فَخَرُّوا عِنْدَ ذَلِكَ سُجَّدًا وَذَلِكَ لِأَنَّهُمْ كَانُوا فِي الطَّبَقَةِ الْعُلْيَا مِنْ عِلْمِ السِّحْرِ فَلَمَّا رَأَوْا مَا فَعَلَهُ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ خَارِجًا عَنْ صِنَاعَتِهِمْ عَرَفُوا أَنَّهُ لَيْسَ مِنَ السِّحْرِ الْبَتَّةَ وَيُقَالُ: قَالَ رَئِيسُهُمْ كُنَّا نُغَالِبُ النَّاسَ بِالسِّحْرِ وَكَانَتِ الْآلَاتُ تَبْقَى عَلَيْنَا لَوْ غَلَبَنَا فَلَوْ كَانَ هَذَا سِحْرًا فَأَيْنَ مَا أَلْقَيْنَاهُ فَاسْتَدَلُّوا بِتَغَيُّرِ أَحْوَالِ الْأَجْسَامِ عَلَى الصَّانِعِ الْعَالِمِ الْقَادِرِ وَبِظُهُورِهَا عَلَى يَدِ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ عَلَى كَوْنَهُ رَسُولًا صَادِقًا مِنْ عِنْدِ اللَّه تَعَالَى، فَلَا جَرَمَ تَابُوا وَآمَنُوا وَأَتَوْا بِمَا هُوَ النِّهَايَةُ فِي الْخُضُوعِ وَهُوَ السُّجُودُ، أَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَى: فَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سُجَّداً فَلَيْسَ الْمُرَادُ مِنْهُ أنهم أجبروا على السجود إلا لَمَا كَانُوا مَحْمُودِينَ بَلِ التَّأْوِيلُ فِيهِ مَا قَالَ الْأَخْفَشُ وَهُوَ أَنَّهُمْ مِنْ سُرْعَةِ مَا سَجَدُوا كَأَنَّهُمْ أُلْقُوا، وَقَالَ صَاحِبُ «الْكَشَّافِ» : مَا أَعْجَبَ أَمْرَهُمْ قَدْ أَلْقَوْا حِبَالَهُمْ وَعِصِيَّهُمْ لِلْكُفْرِ والجحود، ثم ألقوا رؤوسهم بَعْدَ سَاعَةٍ لِلشُّكْرِ وَالسُّجُودِ. فَمَا أَعْظَمَ الْفَرْقَ بين الإلقاءين،
وروى أنهم لم يرفعوا رؤوسهم حَتَّى رَأَوُا الْجَنَّةَ وَالنَّارَ وَرَأَوْا ثَوَابَ أَهْلِهَا.
وَعَنْ عِكْرِمَةَ: لَمَّا خَرُّوا سُجَّدًا أَرَاهُمُ اللَّه فِي سُجُودِهِمْ مَنَازِلَهُمُ الَّتِي يَصِيرُونَ إِلَيْهَا فِي الْجَنَّةِ. قَالَ الْقَاضِي: هَذَا بَعِيدٌ لِأَنَّهُ تَعَالَى لَوْ أَرَاهُمْ عِيَانًا لَصَارُوا مُلْجَئِينَ، وَذَلِكَ لَا يَلِيقُ بِهِ قَوْلُهُمْ: إِنَّا آمَنَّا بِرَبِّنا لِيَغْفِرَ لَنا خَطايانا [طه: 73] . وَجَوَابُهُ: لَمَّا جَازَ لِإِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ مَعَ قَطْعِهِ بِكَوْنِهِ مَغْفُورًا لَهُ أَنْ يَقُولَ: وَالَّذِي أَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي [الشُّعَرَاءِ: 82] فَلِمَ لَا يَجُوزُ مِثْلُهُ فِي حَقِّ السَّحَرَةِ، وَاعْلَمْ أَنَّ هَذِهِ الْقِصَّةَ تُنَبِّهُ عَلَى أَسْرَارٍ عَجِيبَةٍ مِنْ أُمُورِ الرُّبُوبِيَّةِ وَنَفَاذِ الْقَضَاءِ الْإِلَهِيِّ وَقَدَرِهِ فِي جُمْلَةِ الْمُحْدَثَاتِ، وَذَلِكَ لِأَنَّ ظُهُورَ تِلْكَ الْأَدِلَّةِ كَانَتْ بِمَرْأًى مِنَ الْكُلِّ وَمَسْمَعٍ فَكَانَ وَجْهُ الِاسْتِدْلَالِ فِيهَا جَلِيًّا ظَاهِرًا وَهُوَ أَنَّهُ حَدَثَتْ أُمُورٌ فَلَا بُدَّ لَهَا مِنْ مُؤَثِّرٍ وَالْعِلْمُ بِذَلِكَ ضَرُورِيٌّ، وَذَلِكَ الْمُؤَثِّرُ إِمَّا الْخَلْقُ، وَإِمَّا غَيْرُهُمْ. وَالْأَوَّلُ بَدِيهِيُّ الْبُطْلَانِ لِأَنَّ كُلَّ

نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 22  صفحه : 75
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست