responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 22  صفحه : 61
جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِراشاً وَالسَّماءَ بِناءً
[الْبَقَرَةِ: 22] . وَثَانِيهَا: قَوْلُهُ تَعَالَى: وَسَلَكَ لَكُمْ فِيها سُبُلًا قَالَ صَاحِبُ «الْكَشَّافِ» سَلَكَ مِنْ قَوْلِهِ: مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ [الْمُدَّثِّرِ: 42] كَذلِكَ سَلَكْناهُ فِي قُلُوبِ الْمُجْرِمِينَ [الشعراء: 200] أَيْ جَعَلَ لَكُمْ فِيهَا سُبُلًا وَوَسَّطَهَا بَيْنَ الْجِبَالِ وَالْأَوْدِيَةِ وَالْبَرَارِي. وَثَالِثُهَا: قَوْلُهُ: وَأَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ مَاءً وَالْكَلَامُ فِيهِ قَدْ مَرَّ فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ أَمَّا قَوْلُهُ: فَأَخْرَجْنا بِهِ أَزْواجاً مِنْ نَباتٍ شَتَّى فَفِيهِ مَسَائِلُ:
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: قَوْلُهُ: فَأَخْرَجْنا فِيهِ وُجُوهٌ. أَحَدُهَا: أَنْ يَكُونَ هَذَا مِنْ تَمَامِ كَلَامِ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ كَأَنَّهُ يَقُولُ رَبِّيَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ كَذَا وَكَذَا فَأَخْرَجْنَا نَحْنُ مَعَاشِرَ عِبَادِهِ بِذَلِكَ الْمَاءِ بِالْحِرَاثَةِ أَزْوَاجًا مِنْ نَبَاتٍ شَتَّى.
وَثَانِيهَا: أَنَّ عِنْدَ قَوْلِهِ: وَأَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ مَاءً تَمَّ كَلَامُ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ أَخْبَرَ اللَّه تَعَالَى عَنْ صِفَةِ نَفْسِهِ مُتَّصِلًا بِالْكَلَامِ الْأَوَّلِ بِقَوْلِهِ: فَأَخْرَجْنا بِهِ ثُمَّ يَدُلُّ عَلَى هَذَا الِاحْتِمَالِ قَوْلُهُ: كُلُوا وَارْعَوْا أَنْعامَكُمْ.
وَثَالِثُهَا: قَالَ صَاحِبُ «الْكَشَّافِ» انْتَقَلَ فِيهِ مِنْ لَفْظِ الْغَيْبَةِ إِلَى لَفْظِ الْمُتَكَلِّمِ الْمُطَاعِ لِلْإِيذَانِ بِأَنَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى مُطَاعٌ تَنْقَادُ الْأَشْيَاءُ الْمُخْتَلِفَةُ لِأَمْرِهِ وَمِثْلُهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: وَهُوَ الَّذِي أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ مَاءً فَأَخْرَجْنا بِهِ نَباتَ كُلِّ شَيْءٍ [الأنعام: 99] أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ مَاءً فَأَخْرَجْنا بِهِ ثَمَراتٍ مُخْتَلِفاً أَلْوانُها [فَاطِرٍ: 27] أَمَّنْ خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ السَّماءِ مَاءً فَأَنْبَتْنا بِهِ حَدائِقَ ذاتَ بَهْجَةٍ [النَّمْلِ: 60] وَاعْلَمْ أَنَّ قَوْلَهُ: فَأَخْرَجْنا إِمَّا أَنْ يَكُونَ مِنْ كَلَامِ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ أَوْ مِنْ كَلَامِ اللَّه تَعَالَى وَالْأَوَّلُ بَاطِلٌ لِأَنَّ قَوْلَهُ بَعْدَ ذَلِكَ: كُلُوا وَارْعَوْا أَنْعامَكُمْ إِنَّ فِي/ ذلِكَ لَآياتٍ لِأُولِي النُّهى مِنْها خَلَقْناكُمْ وَفِيها نُعِيدُكُمْ لَا يَلِيقُ بِمُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ وَأَيْضًا فَقَوْلُهُ: فَأَخْرَجْنا بِهِ أَزْواجاً مِنْ نَباتٍ شَتَّى لَا يَلِيقُ بِمُوسَى لِأَنَّ أَكْثَرَ مَا فِي قُدْرَةِ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ صَرْفُ الْمِيَاهِ إِلَى سَقْيِ الْأَرَاضِي وَأَمَّا إِخْرَاجُ النَّبَاتِ عَلَى اخْتِلَافِ أَلْوَانِهَا وَطَبَائِعِهَا فَلَيْسَ مِنْ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ فَثَبَتَ أَنَّ هَذَا كَلَامُ اللَّه وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ كَلَامُ اللَّه ابْتِدَاؤُهُ مِنْ قوله: فَأَخْرَجْنا بِهِ أَزْواجاً مِنْ نَباتٍ شَتَّى لِأَنَّ الْفَاءَ يَتَعَلَّقُ بِمَا قَبْلَهُ فَلَا يَجُوزُ جَعْلُ هَذَا كَلَامَ اللَّه تَعَالَى وَجَعْلُ مَا قَبْلَهُ كَلَامَ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ فَلَمْ يَبْقَ إِلَّا أَنْ يُقَالَ: إِنَّ كَلَامَ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ تَمَّ عِنْدَ قَوْلِهِ: لَا يَضِلُّ رَبِّي وَلا يَنْسى ثُمَّ ابْتُدِئَ كَلَامُ اللَّه تَعَالَى مِنْ قَوْلِهِ:
الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ مَهْداً وَيَكُونُ التَّقْدِيرُ هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ مَهْدًا فَيَكُونُ الَّذِي خَبَرَ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ وَيَكُونُ الِانْتِقَالُ مِنَ الْغَيْبَةِ إِلَى الْخِطَابِ الْتِفَاتًا.
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: ظَاهِرُ الْآيَةِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ سُبْحَانَهُ إِنَّمَا يُخْرِجُ النَّبَاتَ مِنَ الْأَرْضِ بِوَاسِطَةِ إِنْزَالِ الْمَاءِ فَيَكُونُ لِلْمَاءِ فِيهِ أَثَرٌ وَهَذَا بِتَقْدِيرِ ثُبُوتِهِ لَا يَقْدَحُ فِي شَيْءٍ مِنْ أُصُولِ الْإِسْلَامِ لِأَنَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى هُوَ الَّذِي أَعْطَاهَا هَذِهِ الْخَوَاصَّ وَالطَّبَائِعَ لَكِنَّ الْمُتَقَدِّمِينَ مِنَ الْمُتَكَلِّمِينَ يُنْكِرُونَهُ وَيَقُولُونَ لَا تَأْثِيرَ لَهُ فِيهِ أَلْبَتَّةَ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: قَوْلُهُ تَعَالَى: أَزْواجاً أَيْ أَصْنَافًا سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِأَنَّهَا مُزْدَوَجَةٌ مَقْرُونَةٌ بَعْضُهَا مَعَ بَعْضٍ شَتَّى صِفَةٌ لِلْأَزْوَاجِ جَمْعُ شَتِيتٍ كَمَرِيضٍ وَمَرْضَى وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ صِفَةً لِلنَّبَاتِ وَالنَّبَاتُ مَصْدَرٌ سُمِّيَ بِهِ النَّابِتُ كَمَا يُسَمَّى بِالنَّبْتِ فَاسْتَوَى فِيهِ الْوَاحِدُ وَالْجَمْعُ يَعْنِي أَنَّهَا شَتَّى مُخْتَلِفَةُ النَّفْعِ وَالطَّعْمِ وَالطَّبْعِ بَعْضُهَا يَصْلُحُ لِلنَّاسِ وَبَعْضُهَا يَصْلُحُ لِلْبَهَائِمِ أَمَّا قَوْلُهُ: كُلُوا وَارْعَوْا أَنْعامَكُمْ فَهُوَ حَالٌ مِنَ الضَّمِيرِ فِي أَخْرَجْنَا وَالْمَعْنَى أَخْرَجْنَا أَصْنَافَ النَّبَاتِ آذِنِينَ فِي الِانْتِفَاعِ بِهَا مُبِيحِينَ أَنْ تَأْكُلُوا بَعْضَهَا وَتَعْلِفُوا بَعْضَهَا. وَقَدْ تَضَمَّنَ قَوْلُهُ كُلُوا سَائِرَ وُجُوهِ الْمَنَافِعِ فَهُوَ كَقَوْلِهِ: وَلا تَأْكُلُوا أَمْوالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْباطِلِ [الْبَقَرَةِ: 188] وَقَوْلُهُ: إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوالَ الْيَتامى ظُلْماً [النِّسَاءِ: 10] وَقَوْلُهُ: كُلُوا أَمْرُ إِبَاحَةٍ إِنَّ فِي ذلِكَ أَيْ فِيمَا ذَكَرْتُ مِنْ هَذِهِ النعم لَآياتٍ

نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 22  صفحه : 61
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست