responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 22  صفحه : 165
قوله تعالى: قُلْ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أُبَدِّلَهُ مِنْ تِلْقاءِ نَفْسِي إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحى إِلَيَّ [يُونُسَ: 15] وَقَوْلُهُ تَعَالَى:
وَما يَنْطِقُ عَنِ الْهَوى [النَّجْمِ: 3] . وَثَانِيهَا: أَنَّ الِاجْتِهَادَ طَرِيقُهُ الظَّنُّ وَهُوَ قَادِرٌ عَلَى إِدْرَاكِهِ يَقِينًا فَلَا يَجُوزُ مَصِيرُهُ إِلَى الظَّنِّ كَالْمُعَايِنِ لِلْقِبْلَةِ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَجْتَهِدَ. ثَالِثُهَا: أَنَّ مُخَالَفَةَ الرَّسُولِ تُوجِبُ الْكُفْرَ لِقَوْلِهِ تَعَالَى:
فَلا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيما شَجَرَ بَيْنَهُمْ [النِّسَاءِ: 65] وَمُخَالَفَةُ الْمَظْنُونِ وَالْمُجْتَهَدَاتِ لَا تُوجِبُ الْكُفْرَ. وَرَابِعُهَا: لَوْ جَازَ أَنْ يَجْتَهِدَ فِي الْأَحْكَامِ لَكَانَ لَا يَقِفُ فِي شَيْءٍ مِنْهَا، وَلَمَّا وَقَفَ فِي مَسْأَلَةِ الظِّهَارِ وَاللِّعَانِ إِلَى وُرُودِ الْوَحْيِ دَلَّ عَلَى أَنَّ الِاجْتِهَادَ غَيْرُ جَائِزٍ عَلَيْهِ. وَخَامِسُهَا: أَنَّ الِاجْتِهَادَ إِنَّمَا يَجُوزُ الْمَصِيرُ إِلَيْهِ عِنْدَ فَقْدِ النَّصِّ، لَكِنَّ فِقْدَانَ النَّصِّ فِي حَقِّ الرَّسُولِ كَالْمُمْتَنِعِ فَوَجَبَ أَنْ لَا يَجُوزَ الِاجْتِهَادُ مِنْهُ. وَسَادِسُهَا: لَوْ جَازَ الِاجْتِهَادُ مِنَ الرَّسُولِ لَجَازَ أَيْضًا مِنْ جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَحِينَئِذٍ لَا يَحْصُلُ الْأَمَانُ بِأَنَّ هَذِهِ الشَّرَائِعَ الَّتِي جَاءَ بِهَا أَهِيَ مِنْ نُصُوصِ اللَّه تَعَالَى أَوْ مِنَ اجْتِهَادِ جِبْرِيلَ؟ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ: أَنَّ قَوْلَهُ تَعَالَى: قُلْ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أُبَدِّلَهُ مِنْ تِلْقاءِ نَفْسِي إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحى إِلَيَّ لَا يَدُلُّ عَلَى قَوْلِكُمْ لِأَنَّهُ وَارِدٌ فِي إِبْدَالِ آيَةٍ بِآيَةٍ لِأَنَّهُ عَقِيبَ قَوْلِهِ:
قالَ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقاءَنَا ائْتِ بِقُرْآنٍ غَيْرِ هَذَا أَوْ بَدِّلْهُ [يُونُسَ: 15] وَلَا مَدْخَلَ لِلِاجْتِهَادِ فِي ذَلِكَ. وَأَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَى: وَما يَنْطِقُ عَنِ الْهَوى فَبَعِيدٌ لِأَنَّ مَنْ يَجُوزُ لَهُ الِاجْتِهَادُ يَقُولُ إِنَّ الَّذِي أَجْتَهِدُ فِيهِ هُوَ عَنْ وَحْيٍ عَلَى الْجُمْلَةِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ عَلَى التَّفْصِيلِ، وَإِنَّ الْآيَةَ وَارِدَةٌ فِي الْأَدَاءِ عَنِ اللَّه تَعَالَى لَا فِي حُكْمِهِ الَّذِي يَكُونُ بِالْعَقْلِ. وَالْجَوَابُ عَنِ الثَّانِي: أَنَّ اللَّه تَعَالَى إِذَا قَالَ لَهُ إِذَا غَلَبَ عَلَى ظَنِّكَ كَوْنُ الْحُكْمِ مُعَلَّلًا فِي الْأَصْلِ بِكَذَا، ثُمَّ غَلَبَ عَلَى ظَنِّكَ قِيَامُ ذَلِكَ المعنى في صورة أخرى فاحكم بذلك فههنا الْحُكْمُ مَقْطُوعٌ بِهِ وَالظَّنُّ غَيْرُ وَاقِعٍ فِيهِ بَلْ فِي طَرِيقِهِ. وَالْجَوَابُ عَنِ الثَّالِثِ: أَنَّا لَا نُسَلِّمُ أَنَّ مُخَالَفَةَ الْمُجْتَهَدَاتِ جَائِزَةٌ مُطْلَقًا بَلْ جَوَازُ مُخَالَفَتِهَا مَشْرُوطٌ بِصُدُورِهَا عَنْ غَيْرِ الْمَعْصُومِ وَالدَّلِيلُ عَلَيْهِ أَنَّهُ يَجُوزُ عَلَى الْأُمَّةِ أَنْ يُجْمِعُوا اجْتِهَادًا ثُمَّ يَمْتَنِعُ مُخَالَفَتُهُمْ وَحَالُ الرسول أؤكد. وَالْجَوَابُ عَنِ الرَّابِعِ: لَعَلَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ كَانَ مَمْنُوعًا مِنَ الِاجْتِهَادِ فِي بَعْضِ الْأَنْوَاعِ أَوْ كَانَ مَأْذُونًا مُطْلَقًا لَكِنَّهُ لَمْ يَظْهَرْ لَهُ فِي تِلْكَ الصُّورَةِ وَجْهُ الِاجْتِهَادِ، فَلَا جَرَمَ/ أَنَّهُ تَوَقَّفَ. وَالْجَوَابُ عَنِ الْخَامِسِ: لِمَ لَا يَجُوزُ أَنْ يُحْبَسَ النَّصُّ عَنْهُ فِي بَعْضِ الصُّوَرِ فَحِينَئِذٍ يَحْصُلُ شَرْطُ جَوَازِ الِاجْتِهَادِ. وَالْجَوَابُ عَنِ السَّادِسِ: أَنَّ هَذَا الِاحْتِمَالَ مَدْفُوعٌ بِإِجْمَاعِ الْأُمَّةِ عَلَى خِلَافِهِ فَهَذَا هُوَ الْجَوَابُ عَنْ شُبَهِ الْمُنْكِرِينَ وَالَّذِي يَدُلُّ عَلَى جَوَازِ الِاجْتِهَادِ عَلَيْهِمْ وُجُوهٌ: أَحَدُهَا: أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ إِذَا غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّ الْحُكْمَ فِي الْأَصْلِ مُعَلَّلٌ بِمَعْنًى ثُمَّ عَلِمَ أَوْ ظَنَّ قِيَامَ ذَلِكَ الْمَعْنَى فِي صُورَةٍ أُخْرَى فَلَا بُدَّ وَأَنْ يَغْلِبَ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّ حُكْمَ اللَّه تَعَالَى فِي هَذِهِ الصُّورَةِ مِثْلُ مَا فِي الْأَصْلِ، وَعِنْدَهُ مُقَدِّمَةٌ يَقِينِيَّةٌ وَهِيَ أَنَّ مُخَالَفَةَ حُكْمِ اللَّه تَعَالَى سَبَبٌ لِاسْتِحْقَاقِ الْعِقَابِ فَيَتَوَلَّدُ مِنْ هَاتَيْنِ الْمُقَدِّمَتَيْنِ ظَنُّ اسْتِحْقَاقِ الْعِقَابِ لِمُخَالَفَةِ هَذَا الْحُكْمِ الْمَظْنُونِ. وَعِنْدَ هَذَا، إِمَّا أَنْ يُقْدِمَ عَلَى الْفِعْلِ وَالتَّرْكِ مَعًا وَهُوَ مُحَالٌ لِاسْتِحَالَةِ الْجَمْعِ بَيْنَ النَّقِيضَيْنِ. أَوْ يَتْرُكُهُمَا وَهُوَ مُحَالٌ لِاسْتِحَالَةِ الْخُلُوِّ عَنِ النَّقِيضَيْنِ، أَوْ يُرَجِّحُ الْمَرْجُوحَ عَلَى الرَّاجِحِ وَهُوَ بَاطِلٌ بِبَدِيهَةِ الْعَقْلِ، أَوْ يُرَجِّحُ الرَّاجِحَ عَلَى الْمَرْجُوحِ وَذَلِكَ هُوَ الْعَمَلُ بِالْقِيَاسِ. وَهَذِهِ النُّكْتَةُ هِيَ الَّتِي عَلَيْهَا التَّعْوِيلُ فِي الْعَمَلِ بِالْقِيَاسِ وَهِيَ قَائِمَةٌ أَيْضًا فِي حَقِّ الْأَنْبِيَاءِ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ. وَهَذَا يَتَوَجَّهُ عَلَى جَوَازِ الِاجْتِهَادِ مِنْ جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلَامُ. وثانيها: قوله تعالى: فَاعْتَبِرُوا أَمْرٌ لِلْكُلِّ بِالِاعْتِبَارِ فَوَجَبَ انْدِرَاجُ الرَّسُولِ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِيهِ لِأَنَّهُ إِمَامُ الْمُعْتَبِرِينَ وَأَفْضَلُهُمْ. وَثَالِثُهَا: أَنَّ الِاسْتِنْبَاطَ أَرْفَعُ دَرَجَاتِ الْعُلَمَاءِ فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ لِلرَّسُولِ فِيهِ مَدْخَلٌ وَإِلَّا لَكَانَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ آحَادِ الْمُجْتَهِدِينَ أَفْضَلَ مِنْهُ فِي هَذَا الْبَابِ. فَإِنْ قِيلَ هَذَا إِنَّمَا يَلْزَمُ لَوْ لَمْ تَكُنْ دَرَجَةٌ أَعْلَى مِنَ الِاعْتِبَارِ، وَلَيْسَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ، لِأَنَّهُ كَانَ يَسْتَدْرِكُ الْأَحْكَامَ وَحْيًا عَلَى سَبِيلِ الْيَقِينِ، فَكَانَ

نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 22  صفحه : 165
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست