responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 22  صفحه : 111
فِي الْقَبْرِ أَوْ فِي الْآخِرَةِ أَوْ فِي الدِّينِ أَوْ فِي كُلِّ ذَلِكَ أَوْ أَكْثَرِهِ. أَمَّا الْأَوَّلُ: فَقَالَ بِهِ جَمْعٌ مِنَ الْمُفَسِّرِينَ وَذَلِكَ لِأَنَّ الْمُسْلِمَ لِتَوَكُّلِهِ عَلَى اللَّه يَعِيشُ فِي الدُّنْيَا عَيْشًا طَيِّبًا كَمَا قَالَ: فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَياةً طَيِّبَةً [النَّحْلِ: 97] وَالْكَافِرُ باللَّه يَكُونُ حَرِيصًا عَلَى الدُّنْيَا طَالِبًا لِلزِّيَادَةِ أَبَدًا فَعِيشَتُهُ ضَنْكٌ وَحَالَتُهُ مُظْلِمَةٌ، وَأَيْضًا فَمِنَ الْكَفَرَةِ مَنْ ضَرَبَ اللَّه عَلَيْهِ الذِّلَّةَ وَالْمَسْكَنَةَ لِكُفْرِهِ قَالَ تَعَالَى: وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ وَالْمَسْكَنَةُ وَباؤُ بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ ذلِكَ بِأَنَّهُمْ كانُوا يَكْفُرُونَ بِآياتِ اللَّهِ [الْبَقَرَةِ: 61] وَقَالَ: وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقامُوا التَّوْراةَ وَالْإِنْجِيلَ وَما أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ مِنْ رَبِّهِمْ لَأَكَلُوا مِنْ فَوْقِهِمْ وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ [الْمَائِدَةِ: 66] وَقَالَ تَعَالَى: وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنا عَلَيْهِمْ بَرَكاتٍ مِنَ السَّماءِ وَالْأَرْضِ [الْأَعْرَافِ: 96] وَقَالَ: اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كانَ غَفَّاراً يُرْسِلِ السَّماءَ عَلَيْكُمْ مِدْراراً وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوالٍ وَبَنِينَ [نُوحٍ: 10- 12] وَقَالَ: وَأَنْ لَوِ اسْتَقامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْناهُمْ مَاءً غَدَقاً [الْجِنِّ: 16] . وَأَمَّا الثَّانِي: وَهُوَ عَذَابُ الْقَبْرِ، فَهَذَا قَوْلُ عَبْدِ اللَّه بْنِ مَسْعُودٍ وَأَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ وَعَبْدِ اللَّه بْنِ عَبَّاسٍ
وَرَفَعَهُ أَبُو هُرَيْرَةَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِنَّ عَذَابَ الْقَبْرِ لِلْكَافِرِ قَالَ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إِنَّهُ لَيُسَلَّطُ عَلَيْهِ فِي قَبْرِهِ تِسْعَةٌ وَتِسْعُونَ تِنِّينًا»
قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّه عَنْهُمَا: نَزَلَتْ الْآيَةُ فِي الْأَسْوَدِ بْنِ عَبْدِ الْعُزَّى الْمَخْزُومِيِّ وَالْمُرَادُ ضَغْطَةُ الْقَبْرِ تَخْتَلِفُ فِيهَا أَضْلَاعُهُ. وَأَمَّا الثَّالِثُ: وَهُوَ الضِّيقُ فِي الْآخِرَةِ فِي جَهَنَّمَ، فَإِنَّ طَعَامَهُمْ فِيهَا الضَّرِيعُ وَالزَّقُّومُ، وَشَرَابَهُمُ الْحَمِيمُ وَالْغِسْلِينُ فَلَا يَمُوتُونَ فِيهَا/ وَلَا يَحْيَوْنَ وَهَذَا قَوْلُ الْحَسَنِ وَقَتَادَةَ وَالْكَلْبِيِّ. وَأَمَّا الرَّابِعُ: وَهُوَ الضِّيقُ فِي أَحْوَالِ الدِّينِ فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّه عَنْهُمَا: الْمَعِيشَةُ الضَّنْكُ هِيَ أَنْ تُضَيَّقَ عَلَيْهِ أَبْوَابُ الْخَيْرِ فَلَا يَهْتَدِي لِشَيْءٍ مِنْهَا.
سُئِلَ الشِّبْلِيُّ عَنْ قَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ: «إِذَا رَأَيْتُمْ أَهْلَ الْبَلَاءِ فَاسْأَلُوا اللَّه الْعَافِيَةَ» فَقَالَ أَهْلُ الْبَلَاءِ هُمْ أَهْلُ الْغَفَلَاتِ عَنِ اللَّه تَعَالَى فَعُقُوبَتُهُمْ أَنْ يَرُدَّهُمُ اللَّه تَعَالَى إِلَى أَنْفُسِهِمْ وَأَيُّ مَعِيشَةٍ أَضْيَقُ وَأَشَدُّ مِنْ أَنْ يُرَدَّ الْإِنْسَانُ إِلَى نَفْسِهِ،
وَعَنْ عَطَاءٍ قَالَ: الْمَعِيشَةُ الضَّنْكُ هِيَ مَعِيشَةُ الْكَافِرِ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُوقِنٍ بِالثَّوَابِ وَالْعِقَابِ.
وَأَمَّا الْخَامِسُ: وَهُوَ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ الضِّيقُ فِي كُلِّ ذَلِكَ أَوْ أَكْثَرِهِ
فَرُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ عَلَيْهِ السَّلَامُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «عُقُوبَةُ الْمَعْصِيَةِ ثَلَاثَةٌ: ضِيقُ الْمَعِيشَةِ وَالْعُسْرُ فِي الشِّدَّةِ، وَأَنْ لَا يَتَوَصَّلَ إِلَى قُوَّتِهِ إِلَّا بِمَعْصِيَةِ اللَّه تَعَالَى»
أَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَى: وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ أَعْمى فَفِيهِ وُجُوهٌ: أَحَدُهَا: هَذَا مِثْلُ قَوْلِهِ: وَنَحْشُرُهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ عَلى وُجُوهِهِمْ عُمْياً وَبُكْماً وَصُمًّا [الْإِسْرَاءِ: 97] وَكَمَا فُسِّرَتِ الزُّرْقَةُ بِالْعَمَى، ثُمَّ قِيلَ: إِنَّهُ يُحْشَرُ بَصِيرًا فَإِذَا سِيقَ إِلَى الْمَحْشَرِ عَمِيَ وَالْكَلَامُ فِيهِ وَعَلَيْهِ قد تقدم في قوله: زُرْقاً [طه: 132] . وَثَانِيهَا: قَالَ مُجَاهِدٌ وَالضَّحَّاكُ وَمُقَاتِلٌ: يَعْنِي أَعْمَى عَنِ الْحُجَّةِ، وَهِيَ رِوَايَةُ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّه عَنْهُمَا قَالَ الْقَاضِي: هَذَا الْقَوْلُ ضَعِيفٌ لِأَنَّ فِي الْقِيَامَةِ لَا بُدَّ أَنْ يُعْلِمَهُمُ اللَّه تَعَالَى بُطْلَانَ مَا كَانُوا عَلَيْهِ حَتَّى يَتَمَيَّزَ لَهُمُ الْحَقُّ مِنَ الْبَاطِلِ، وَمَنْ هَذَا حَالُهُ لَا يُوصَفُ بِذَلِكَ إِلَّا مَجَازًا، وَالْمُرَادُ بِهِ أَنَّهُ كَانَ مِنْ قَبْلِ ذَلِكَ كَذَلِكَ وَلَا يَلِيقُ بِهَذَا قَوْلُهُ: وَقَدْ كُنْتُ بَصِيراً وَلَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ فِي حَالِ الدُّنْيَا أَقُولُ وَمِمَّا يُؤَكِّدُ هَذَا الِاعْتِرَاضَ أَنَّهُ تَعَالَى عَلَّلَ ذَلِكَ الْعَمَى بِمَا أَنَّ الْمُكَلَّفَ نَسِيَ الدَّلَائِلَ فِي الدُّنْيَا فَلَوْ كَانَ الْعَمَى الْحَاصِلُ فِي الْآخِرَةِ بَيْنَ ذَلِكَ النِّسْيَانِ لَمْ يَكُنْ لِلْمُكَلَّفِ بِسَبَبِ ذَلِكَ ضَرَرٌ، كَمَا أَنَّهُ مَا كَانَ لَهُ فِي الدُّنْيَا بِسَبَبِ ذَلِكَ ضَرَرٌ، وَاعْلَمْ أَنَّ تَحْقِيقَ الْجَوَابِ عَنْ هَذَا الِاعْتِرَاضِ مَأْخُوذٌ مِنْ أَمْرٍ آخَرَ وَهُوَ أَنَّ الْأَرْوَاحَ الْجَاهِلَةَ فِي الدُّنْيَا الْمُفَارَقِةَ عَنْ أَبْدَانِهَا عَلَى جَهَالَتِهَا تَبْقَى عَلَى تِلْكَ الْجَهَالَةِ فِي الْآخِرَةِ وَأَنَّ تِلْكَ الْجَهَالَةَ تَصِيرُ هُنَاكَ سَبَبًا لِأَعْظَمِ الْآلَامِ الرُّوحَانِيَّةِ. وَبَيْنَ هَذِهِ الطَّرِيقَةِ وَبَيْنَ طَرِيقَةِ الْقَاضِي الْمَبْنِيَّةِ عَلَى أُصُولِ الِاعْتِزَالِ بَوْنٌ شَدِيدٌ. وَثَالِثُهَا: قَالَ الْجُبَّائِيُّ: الْمُرَادُ مِنْ حَشْرِهِ أَعْمَى أَنَّهُ لَا يَهْتَدِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِلَى طَرِيقٍ يَنَالُ مِنْهُ خَيْرًا بَلْ يَبْقَى وَاقِفًا مُتَحَيِّرًا كَالْأَعْمَى الَّذِي لَا يَهْتَدِي إِلَى شَيْءٍ، أَمَّا قَوْلُهُ: قالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي

نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 22  صفحه : 111
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست