responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 21  صفحه : 559
الْوُجُوهِ فِي الْمَلَائِكَةِ الْمُوَكَّلِينَ بِالْعَذَابِ حَتَّى يَكُونُوا فِي النَّارِ مَعَ الْمُعَاقَبِينَ، فَإِنْ قِيلَ: إِذَا لَمْ يَكُنْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ عَذَابٌ فِي دُخُولِهِمُ النَّارَ فَمَا الْفَائِدَةُ فِي ذَلِكَ الدُّخُولِ؟ قُلْنَا فِيهِ وُجُوهٌ: أَحَدُهَا: أَنَّ ذَلِكَ مِمَّا يَزِيدُهُمْ سُرُورًا إِذَا عَلِمُوا الْخَلَاصَ مِنْهُ. وَثَانِيهَا: أَنَّ فِيهِ مَزِيدَ غَمٍّ عَلَى أَهْلِ النَّارِ مِنْ حَيْثُ يَرَوْنَ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ هُمْ أَعْدَاؤُهُمْ يَتَخَلَّصُونَ مِنْهَا وَهُمْ يَبْقَوْنَ فِيهَا. وَثَالِثُهَا: أَنَّ فِيهِ مَزِيدَ غَمٍّ عَلَى أَهْلِ النَّارِ مِنْ حَيْثُ تَظْهَرُ فَضِيحَتُهُمْ عِنْدَ الْمُؤْمِنِينَ بَلْ وَعِنْدَ الْأَوْلِيَاءِ وَعِنْدَ مَنْ كَانَ يُخَوِّفُهُمْ مِنَ النَّارِ فَمَا كَانُوا يَلْتَفِتُونَ إِلَيْهِ. وَرَابِعُهَا: أَنَّ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا كَانُوا مَعَهُمْ فِي النَّارِ يُبَكِّتُونَهُمْ فَزَادَ ذَلِكَ غَمًّا لِلْكُفَّارِ وَسُرُورًا لِلْمُؤْمِنِينَ. وَخَامِسُهَا: أَنَّ الْمُؤْمِنِينَ كَانُوا يُخَوِّفُونَهُمْ بِالْحَشْرِ وَالنَّشْرِ وَيُقِيمُونَ عَلَيْهِمْ صِحَّةَ الدَّلَائِلِ فَمَا كَانُوا يَقْبَلُونَ تِلْكَ الدَّلَائِلَ، فَإِذَا دَخَلُوا جَهَنَّمَ مَعَهُمْ أَظْهَرُوا لَهُمْ أَنَّهُمْ كَانُوا صَادِقِينَ فِيمَا قَالُوا، وَأَنَّ الْمُكَذِّبِينَ بِالْحَشْرِ وَالنَّشْرِ كَانُوا كَاذِبِينَ. وَسَادِسُهَا: أَنَّهُمْ إِذَا شَاهَدُوا ذَلِكَ الْعَذَابَ صَارَ ذَلِكَ سَبَبًا لِمَزِيدِ الْتِذَاذِهِمْ بِنَعِيمِ الْجَنَّةِ كَمَا قَالَ الشَّاعِرُ:
وَبِضِدِّهَا تَتَبَيَّنُ الْأَشْيَاءُ
فَأَمَّا الَّذِينَ تَمَسَّكُوا بِقَوْلِهِ تَعَالَى: أُولئِكَ عَنْها مُبْعَدُونَ [الْأَنْبِيَاءِ: 101] فَقَدْ بَيَّنَّا أَنَّهُ أَحَدُ مَا يَدُلُّ عَلَى الدُّخُولِ فِي جَهَنَّمَ وَأَيْضًا فَالْمُرَادُ عَنْ عَذَابِهَا وَكَذَا قَوْلُهُ: لَا يَسْمَعُونَ حَسِيسَها [الْأَنْبِيَاءِ: 102] فَإِنْ قِيلَ: هَلْ ثَبَتَ بِالْأَخْبَارِ كَيْفِيَّةُ دُخُولِ النَّارِ ثُمَّ خُرُوجِ الْمُتَّقِينَ مِنْهَا إِلَى الْجَنَّةِ؟ قُلْنَا: ثَبَتَ بِالْأَخْبَارِ أَنَّ الْمُحَاسَبَةَ تَكُونُ فِي الْأَرْضِ أَوْ حَيْثُ كَانَتِ الْأَرْضُ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ أَيْضًا قَوْلُهُ تَعَالَى: يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ [إِبْرَاهِيمَ: 48] وَجَهَنَّمُ قَرِيبَةٌ مِنَ الْأَرْضِ وَالْجَنَّةُ فِي السَّمَاءِ فَفِي مَوْضِعِ الْمُحَاسَبَةِ يَكُونُ الِاجْتِمَاعُ فَيَدْخُلُونَ مِنْ ذَلِكَ الْمَوْضِعِ إِلَى جَهَنَّمَ ثُمَّ يَرْفَعُ اللَّهُ أَهْلَ الْجَنَّةِ وَيُنَجِّيهِمْ وَيَدْفَعُ أَهْلَ النَّارِ فِيهَا. أَمَّا قَوْلُهُ: كانَ عَلى رَبِّكَ حَتْماً مَقْضِيًّا فَالْحَتْمُ مَصْدَرُ حَتَمَ الْأَمْرَ إِذَا أَوْجَبَهُ فَسُمِّي الْمَحْتُومُ بِالْحَتْمِ كَقَوْلِهِمْ: خَلْقُ اللَّهِ وَضَرْبُ الْأَسِيرِ، وَاحْتَجَّ مَنْ أَوْجَبَ الْعِقَابَ عَقْلًا فَقَالَ: إِنَّ قَوْلَهُ: كانَ عَلى رَبِّكَ حَتْماً مَقْضِيًّا يَدُلُّ عَلَى وُجُوبِ مَا جَاءَ مِنْ جِهَةِ الْوَعِيدِ وَالْأَخْبَارِ لِأَنَّ كَلِمَةَ عَلَى لِلْوُجُوبِ وَالَّذِي ثَبَتَ بِمُجَرَّدِ الْإِخْبَارِ لَا يُسَمَّى وَاجِبًا. وَالْجَوَابُ: أَنَّ وَعْدَ اللَّهِ تَعَالَى لَمَّا اسْتَحَالَ تَطَرُّقُ الْخُلْفِ إِلَيْهِ جَرَى مَجْرَى الْوَاجِبِ أَمَّا قَوْلُهُ: ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ قُرِئَ نُنَجِّي وَنُنْجِي وَيُنَجَّى عَلَى مَا لَمْ يُسَمَّ فَاعِلُهُ، قَالَ الْقَاضِي: الْآيَةُ دَالَّةٌ عَلَى قَوْلِنَا فِي الْوَعِيدِ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى بَيَّنَ أَنَّ الْكُلَّ يَرِدُونَهَا ثُمَّ بَيَّنَ صِفَةَ مَنْ يَنْجُو وَهُمُ الْمُتَّقُونَ وَالْفَاسِقُ/ لَا يَكُونُ مُتَّقِيًا، ثُمَّ بَيَّنَ تَعَالَى أَنَّ مَنْ عَدَا الْمُتَّقِينَ يَذَرُهُمْ فِيهَا جِثِيًّا فَثَبَتَ أَنَّ الْفَاسِقَ يَبْقَى فِي النَّارِ أَبَدًا. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: الْمُتَّقِي هُوَ الَّذِي اتَّقَى الشِّرْكَ بِقَوْلِ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَاعْلَمْ أَنَّ الَّذِي قَالَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ هُوَ الْحَقُّ الَّذِي يَشْهَدُ الدَّلِيلُ بِصِحَّتِهِ، وَذَلِكَ لِأَنَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَبِرُسُلِهِ صَحَّ أَنْ يُقَالَ: إِنَّهُ مُتَّقٍ عَنِ الشِّرْكِ وَمَنْ صَدَقَ عَلَيْهِ أَنَّهُ مُتَّقٍ عَنِ الشِّرْكِ صَدَقَ عَلَيْهِ أَنَّهُ مُتَّقٍ لِأَنَّ الْمُتَّقِيَ جُزْءٌ مِنَ الْمُتَّقِي عَنِ الشِّرْكِ وَمَنْ صَدَقَ عَلَيْهِ الْمُرَكَّبُ صَدَقَ عَلَيْهِ الْمُفْرَدُ، فَثَبَتَ أَنَّ صَاحِبَ الْكَبِيرَةِ مُتَّقٍ وَإِذَا ثَبَتَ ذَلِكَ وَجَبَ أَنْ يَخْرُجَ مِنَ النَّارِ لِعُمُومِ قَوْلِهِ: ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا فَصَارَتْ هَذِهِ الْآيَةُ الَّتِي تَوَهَّمُوهَا دَلِيلًا مِنْ أَقْوَى الدَّلَائِلِ عَلَى فَسَادِ قَوْلِهِمْ: قَالَ الْقَاضِي: وَتَدُلُّ الْآيَةُ أَيْضًا، عَلَى فَسَادِ قَوْلِ مَنْ يَقُولُ: إِنَّ مِنَ الْمُكَلَّفِينَ مَنْ لَا يَكُونُ فِي الْجَنَّةِ وَلَا فِي النَّارِ، قُلْنَا: هَذَا ضَعِيفٌ لِأَنَّ الْآيَةَ تَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ تَعَالَى يُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا وَلَيْسَ فِيهَا مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ يُنَجِّيهِمْ إِلَى الْجَنَّةِ، ثُمَّ هَبْ أَنَّهَا تَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ وَلَكِنَّ الْآيَةَ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمُتَّقِينَ يَكُونُونَ فِي الجنة والظالمين يبقون في النار فيبقى هاهنا قِسْمٌ ثَالِثٌ خَارِجٌ عَنِ الْقِسْمَيْنِ وَهُوَ الَّذِي اسْتَوَتْ طَاعَتُهُ وَمَعْصِيَتُهُ فَتَسْقُطُ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا بِالْأُخْرَى فَيَبْقَى لَا

نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 21  صفحه : 559
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست