responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 21  صفحه : 540
وَإِذَا قُلْنَا الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ: وَإِنَّ اللَّهَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ أَيْ قُلْ يَا مُحَمَّدُ إِنَّ اللَّهَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ، فَهَذَا الْقَوْلُ أَظْهَرُ لِأَنَّهُ لَا تَخْصِيصَ فِيهِ، وَكَذَا قَوْلُهُ: فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مُؤَكِّدٌ لِهَذَا الِاحْتِمَالِ، وَأَمَّا قَوْلُهُ: مِنْ مَشْهَدِ يَوْمٍ عَظِيمٍ فَالْمَشْهَدُ إِمَّا أَنْ يَكُونَ هُوَ الشُّهُودُ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ أَوِ الشَّهَادَةُ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا. أَمَّا الْأَوَّلُ: فَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ مِنَ الْمَشْهَدِ نَفْسَ شُهُودِهِمْ هَوْلَ الْحِسَابِ، وَالْجَزَاءِ فِي الْقِيَامَةِ أَوْ مَكَانَ الشُّهُودِ فِيهِ وَهُوَ الْمَوْقِفُ، أَوْ وَقْتُ الشُّهُودِ، وَأَمَّا الشَّهَادَةُ فَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ شَهَادَةَ الْمَلَائِكَةِ وَالْأَنْبِيَاءِ وَشَهَادَةَ أَلْسِنَتِهِمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلِهِمْ بِالْكُفْرِ وَسُوءِ الْأَعْمَالِ، وَأَنْ يَكُونَ مَكَانَ الشَّهَادَةِ أَوْ وَقْتَهَا، وَقِيلَ: هُوَ مَا قَالُوهُ وَشَهِدُوا بِهِ فِي عِيسَى وَأُمِّهِ، وَإِنَّمَا وُصِفَ ذَلِكَ الْمَشْهَدُ بِأَنَّهُ عَظِيمٌ لِأَنَّهُ لَا شَيْءَ أَعْظَمُ مِمَّا يُشَاهَدُ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ مِنْ مُحَاسَبَةٍ وَمُسَاءَلَةٍ، وَلَا شَيْءَ مِنَ الْمَنَافِعِ أَعْظَمُ مِمَّا هُنَالِكَ مِنَ الثواب ولا بد مِنَ الْمَضَارِّ أَعْظَمُ مِمَّا هُنَالِكَ مِنَ الْعِقَابِ، أَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَى: أَسْمِعْ بِهِمْ وَأَبْصِرْ يَوْمَ يَأْتُونَنا فَفِيهِ مَسَائِلُ:
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: قَالُوا: التَّعَجُّبُ هُوَ اسْتِعْظَامُ الشَّيْءِ مَعَ الْجَهْلِ بِسَبَبِ عِظَمِهِ، ثم يجوز استعمال لفظ التعجب عن مُجَرَّدِ الِاسْتِعْظَامِ مِنْ غَيْرِ خَفَاءِ السَّبَبِ أَوْ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَكُونَ لِلْعِظَمِ سَبَبُ حُصُولٍ، قَالَ الْفَرَّاءُ قَالَ سُفْيَانُ: قَرَأْتُ عِنْدَ شُرَيْحٍ: بَلْ عَجِبْتَ وَيَسْخَرُونَ [الصَّافَّاتِ: 12] فَقَالَ: إِنَّ اللَّهَ لَا يَعْجَبُ مِنْ شَيْءٍ إِنَّمَا يَعْجَبُ مَنْ لَا يَعْلَمُ فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِإِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ فَقَالَ: إِنَّ شُرَيْحًا شَاعِرٌ يُعْجِبُهُ عِلْمُهُ، وَعَبْدُ اللَّهِ أَعْلَمُ بِذَلِكَ مِنْهُ قَرَأَهَا: بَلْ عَجِبْتَ وَيَسْخَرُونَ وَمَعْنَاهُ أَنَّهُ صَدَرَ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى فِعْلٌ لَوْ صَدَرَ مِثْلُهُ عَنِ الْخَلْقِ لَدَلَّ عَلَى حُصُولِ التَّعَجُّبِ فِي قُلُوبِهِمْ، وَبِهَذَا التَّأْوِيلِ يُضَافُ الْمَكْرُ وَالِاسْتِهْزَاءُ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى، وَإِذَا عَرَفْتَ هَذَا فَنَقُولُ: لِلتَّعَجُّبِ صِفَتَانِ: إِحْدَاهُمَا: مَا أَفْعَلَهُ. / وَالثَّانِيَةُ: أَفْعِلْ بِهِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: أَسْمِعْ بِهِمْ وَأَبْصِرْ وَالنَّحْوِيُّونَ ذَكَرُوا لَهُ تَأْوِيلَاتٍ: الْأَوَّلُ: قَالُوا: أَكْرِمْ بِزَيْدٍ أَصْلُهُ أَكْرَمَ زَيْدٌ أَيْ صَارَ ذَا كَرَمٍ كَأَغَدَّ الْبَعِيرُ أَيْ صَارَ ذَا غُدَّةٍ إِلَّا أَنَّهُ خَرَجَ عَلَى لَفْظِ الْأَمْرِ وَمَعْنَاهُ الْخَبَرُ كَمَا خَرَجَ عَلَى لَفْظِ الْخَبَرِ مَا مَعْنَاهُ الْأَمْرُ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: وَالْمُطَلَّقاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ [الْبَقَرَةِ: 228] ، وَالْوالِداتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ [الْبَقَرَةِ: 233] ، قُلْ مَنْ كانَ فِي الضَّلالَةِ فَلْيَمْدُدْ لَهُ الرَّحْمنُ مَدًّا [مَرْيَمَ: 75] أَيْ يَمُدُّ لَهُ الرَّحْمَنُ مَدًّا، وَكَذَا قَوْلُهُمْ: رَحِمَهُ اللَّهُ خَبَرٌ وَإِنْ كَانَ مَعْنَاهُ الدُّعَاءَ وَالْبَاءُ زَائِدَةٌ.
الثَّانِي: أَنْ يُقَالَ إِنَّهُ أَمْرٌ لِكُلِّ أَحَدٍ بِأَنْ يَجْعَلَ زَيْدًا كَرِيمًا أَيْ بِأَنْ يَصِفَهُ بِالْكَرْمِ، وَالْبَاءُ زَائِدَةٌ مِثْلُ قَوْلِهِ: وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ [الْبَقَرَةِ: 195] وَلَقَدْ سَمِعْتُ لِبَعْضِ الْأُدَبَاءِ فِيهِ تَأْوِيلًا. ثَالِثًا: وَهُوَ أَنَّ قَوْلَكَ أَكْرِمْ بِزَيْدٍ يُفِيدُ أَنَّ زَيْدًا بَلَغَ فِي الْكَرَمِ إِلَى حَيْثُ كَأَنَّهُ فِي ذَاتِهِ صَارَ كَرَمًا حَتَّى لَوْ أَرَدْتَ جَعْلَ غَيْرِهِ كَرِيمًا فَهُوَ الَّذِي يُلْصِقُكَ بِمَقْصُودِكَ وَيُحَصِّلُ لَكَ غَرَضَكَ، كَمَا أَنَّ مَنْ قَالَ: أَكْتُبُ بِالْقَلَمِ فَمَعْنَاهُ أَنَّ الْقَلَمَ هُوَ الَّذِي يُلْصِقُكَ بِمَقْصُودِكَ وَيُحَصِّلُ لَكَ غَرَضَكَ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: قَوْلُهُ أَسْمِعْ بِهِمْ وَأَبْصِرْ يَوْمَ يَأْتُونَنا فِيهِ ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ. أَحَدُهَا: وَهُوَ الْمَشْهُورُ الْأَقْوَى أَنَّ مَعْنَاهُ مَا أَسْمَعَهُمْ وَمَا أَبْصَرَهُمْ وَالتَّعَجُّبُ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى مُحَالٌ كَمَا تَقَدَّمَ، وَإِنَّمَا الْمُرَادُ أَنَّ أَسْمَاعَهُمْ وَأَبْصَارَهُمْ يَوْمَئِذٍ جَدِيرٌ بِأَنْ يُتَعَجَّبَ منهما بعد ما كَانُوا صُمًّا وَعُمْيًا فِي الدُّنْيَا، وَقِيلَ: مَعْنَاهُ التَّهْدِيدُ مِمَّا سَيَسْمَعُونَ وَسَيُبْصِرُونَ مِمَّا يَسُوءُ بَصَرَهُمْ وَيُصَدِّعُ قُلُوبَهُمْ. وَثَانِيهَا: قَالَ الْقَاضِي وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ أَسْمِعْ هَؤُلَاءِ وَأَبْصِرْهُمْ أَيْ عَرِّفْهُمْ حَالَ الْقَوْمِ الَّذِينَ يَأْتُونَنَا لِيَعْتَبِرُوا وَيَنْزَجِرُوا. وَثَالِثُهَا: قَالَ الْجُبَّائِيُّ: وَيَجُوزُ أَسْمِعِ النَّاسَ بِهَؤُلَاءِ وَأَبْصِرْهُمْ بِهِمْ لِيَعْرِفُوا أَمْرَهُمْ وَسُوءَ عَاقِبَتِهِمْ فَيَنْزَجِرُوا عَنِ الْإِتْيَانِ بِمِثْلِ فِعْلِهِمْ أَمَّا قَوْلُهُ: لكِنِ الظَّالِمُونَ

نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 21  صفحه : 540
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست