responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 21  صفحه : 531
اعْلَمْ أَنَّهُ وَصَفَ نَفْسَهُ بِصِفَاتٍ تِسْعٍ: الصِّفَةُ الْأُولَى: قَوْلُهُ: إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ وَفِيهِ فَوَائِدُ: الْفَائِدَةُ الْأُولَى: أَنَّ الْكَلَامَ مِنْهُ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ كَانَ سَبَبًا لِلْوَهْمِ الَّذِي ذَهَبَتْ إِلَيْهِ النَّصَارَى، فَلَا جَرَمَ أَوَّلُ مَا تَكَلَّمَ إِنَّمَا تَكَلَّمَ بِمَا يَرْفَعُ ذَلِكَ الْوَهْمَ فَقَالَ: إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ وَكَانَ ذَلِكَ الْكَلَامُ وَإِنْ كَانَ مُوهِمًا مِنْ حَيْثُ إِنَّهُ صَدَرَ عَنْهُ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ، وَلَكِنَّ ذَلِكَ الْوَهْمَ يَزُولُ وَلَا يَبْقَى مِنْ حَيْثُ إِنَّهُ تَنْصِيصٌ عَلَى الْعُبُودِيَّةِ. الْفَائِدَةُ الثَّانِيَةُ: أَنَّهُ لَمَّا أَقَرَّ بِالْعُبُودِيَّةِ فَإِنْ كَانَ صَادِقًا فِي مَقَالِهِ فَقَدْ حَصَلَ الْغَرَضُ وَإِنْ كَانَ كَاذِبًا لَمْ تَكُنِ الْقُوَّةُ قُوَّةً إِلَهِيَّةً بَلْ قُوَّةً شَيْطَانِيَّةً فَعَلَى التَّقْدِيرَيْنِ يَبْطُلُ كَوْنُهُ إِلَهًا. الْفَائِدَةُ الثَّالِثَةُ: أَنَّ الَّذِي اشْتَدَّتِ الْحَاجَةُ إِلَيْهِ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ إِنَّمَا هُوَ نَفْيُ تُهْمَةِ الزِّنَا عَنْ مَرْيَمَ عَلَيْهَا السَّلَامُ ثُمَّ إِنَّ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ لَمْ يَنُصَّ عَلَى ذَلِكَ وَإِنَّمَا نَصَّ عَلَى إِثْبَاتِ عُبُودِيَّةِ نَفْسِهِ كَأَنَّهُ جَعَلَ إِزَالَةَ التُّهْمَةِ عَنِ اللَّهِ تَعَالَى أَوْلَى مِنْ إِزَالَةِ التُّهْمَةِ عَنِ الْأُمِّ، فَلِهَذَا أَوَّلَ مَا تَكَلَّمَ إِنَّمَا تَكَلَّمَ بِهَا. الْفَائِدَةُ الرَّابِعَةُ: وَهِيَ أَنَّ التَّكَلُّمَ بِإِزَالَةِ هَذِهِ التُّهْمَةِ عَنِ اللَّهِ تَعَالَى يُفِيدُ إِزَالَةَ التُّهْمَةِ عَنِ الْأُمِّ لِأَنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ لَا يَخُصُّ الْفَاجِرَةَ بِوَلَدٍ فِي هَذِهِ الدَّرَجَةِ الْعَالِيَةِ وَالْمَرْتَبَةِ الْعَظِيمَةِ. وَأَمَّا التَّكَلُّمُ بِإِزَالَةِ التُّهْمَةِ عَنِ الْأُمِّ لَا يُفِيدُ إِزَالَةَ التُّهْمَةِ عَنِ اللَّهِ تَعَالَى فَكَانَ الِاشْتِغَالُ بِذَلِكَ أَوْلَى فَهَذَا مَجْمُوعُ مَا فِي هَذَا اللَّفْظِ مِنَ الْفَوَائِدِ، وَاعْلَمْ أَنَّ مَذْهَبَ النَّصَارَى مُتَخَبِّطٌ جِدًّا، وَقَدِ اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّهُ سُبْحَانَهُ لَيْسَ بِجِسْمٍ وَلَا مُتَحَيِّزٍ، وَمَعَ ذَلِكَ فَإِنَّا نَذْكُرُ تَقْسِيمًا حَاصِرًا يُبْطِلُ مَذْهَبَهُمْ عَلَى جَمِيعِ الْوُجُوهِ فَنَقُولُ: إِمَّا أَنْ يَعْتَقِدُوا كَوْنَهُ مُتَحَيِّزًا أَوْ لَا، فَإِنِ اعْتَقَدُوا كَوْنَهُ مُتَحَيِّزًا أَبْطَلْنَا قَوْلَهُمْ بِإِقَامَةِ الدَّلَالَةِ عَلَى حُدُوثِ الْأَجْسَامِ، وَحِينَئِذٍ يَبْطُلُ كُلُّ مَا فَرَّعُوا عَلَيْهِ. وَإِنِ اعْتَقَدُوا أَنَّهُ لَيْسَ بِمُتَحَيِّزٍ يَبْطُلُ مَا يَقُولُهُ بَعْضُهُمْ مِنْ أَنَّ الْكَلِمَةَ اخْتَلَطَتْ بِالنَّاسُوتِ اخْتِلَاطَ الْمَاءِ بِالْخَمْرِ وَامْتِزَاجَ النَّارِ بِالْفَحْمِ لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يُعْقَلُ إِلَّا فِي الْأَجْسَامِ فَإِذَا لَمْ يَكُنْ جِسْمًا اسْتَحَالَ ذَلِكَ ثُمَّ نَقُولُ لِلنَّاسِ قَوْلَانِ فِي الْإِنْسَانِ: مِنْهُمْ مَنْ قَالَ إِنَّهُ هُوَ هَذِهِ الْبِنْيَةُ أَوْ جِسْمٌ مَوْجُودٌ فِي دَاخِلِهَا وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ إِنَّهُ جَوْهَرٌ مُجَرَّدٌ عَنِ الْجِسْمِيَّةِ وَالْحُلُولِ فِي الْأَجْسَامِ فَنَقُولُ: هَؤُلَاءِ النَّصَارَى، إِمَّا أَنْ يَعْتَقِدُوا أَنَّ اللَّهَ أَوْ صِفَةً مِنْ صِفَاتِهِ اتَّحَدَ بِبَدَنِ/ الْمَسِيحِ أَوْ بِنَفْسِهِ أَوْ يَعْتَقِدُوا أَنَّ اللَّهَ أَوْ صِفَةً مِنْ صِفَاتِهِ حَلَّ فِي بَدَنِ الْمَسِيحِ أَوْ فِي نَفْسِهِ، أَوْ يَقُولُوا لَا نَقُولُ بِالِاتِّحَادِ وَلَا بِالْحُلُولِ وَلَكِنْ نَقُولُ إِنَّهُ تَعَالَى أَعْطَاهُ الْقُدْرَةَ عَلَى خَلْقِ الْأَجْسَامِ وَالْحَيَاةِ وَالْقُدْرَةِ وَكَانَ لِهَذَا السَّبَبِ إِلَهًا، أَوْ لَا يَقُولُوا بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ وَلَكِنْ قَالُوا: إِنَّهُ عَلَى سَبِيلِ التَّشْرِيفِ اتَّخَذَهُ ابْنًا كَمَا اتَّخَذَ إِبْرَاهِيمَ عَلَى سَبِيلِ التَّشْرِيفِ خَلِيلًا فَهَذِهِ هِيَ الْوُجُوهُ الْمَعْقُولَةُ فِي هَذَا الْبَابِ، وَالْكُلُّ بَاطِلٌ، أَمَّا الْقَوْلُ الْأَوَّلُ بِالِاتِّحَادِ فَهُوَ بَاطِلٌ قَطْعًا، لِأَنَّ الشَّيْئَيْنِ إِذَا اتَّحَدَا فَهُمَا حَالَ الِاتِّحَادِ، إِمَّا أَنْ يَكُونَا مَوْجُودَيْنَ أَوْ مَعْدُومَيْنَ أَوْ يَكُونَ أَحَدُهُمَا مَوْجُودًا وَالْآخَرُ مَعْدُومًا، فَإِنْ كَانَا مَوْجُودَيْنِ فَهُمَا اثْنَانِ لَا وَاحِدٌ فَالِاتِّحَادُ بَاطِلٌ، وَإِنْ عُدِمَا وَحَصَلَ ثَالِثٌ فَهُوَ أَيْضًا لَا يَكُونُ اتِّحَادًا بَلْ يَكُونُ قَوْلًا بِعَدَمِ ذَيْنِكَ الشَّيْئَيْنِ، وَحُصُولِ شَيْءٍ ثَالِثٍ، وَإِنْ بَقِيَ أَحَدُهُمَا وَعُدِمَ الْآخَرُ فَالْمَعْدُومُ يَسْتَحِيلُ أَنْ يَتَّحِدَ بِالْوُجُودِ لِأَنَّهُ يَسْتَحِيلُ أَنْ يُقَالَ: الْمَعْدُومُ بِعَيْنِهِ هُوَ الْمَوْجُودُ فَظَهَرَ مِنْ هَذَا الْبُرْهَانِ الْبَاهِرِ أَنَّ الِاتِّحَادَ مُحَالٌ. وَأَمَّا الْحُلُولُ فَلَنَا فِيهِ مَقَامَانِ: الْأَوَّلُ: أَنَّ التَّصْدِيقَ مَسْبُوقٌ بِالتَّصَوُّرِ فَلَا بُدَّ مِنَ الْبَحْثِ عَنْ مَاهِيَّةِ الْحُلُولِ حَتَّى يُمْكِنَنَا أَنْ نَعْلَمَ أَنَّهُ هَلْ يَصِحُّ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى أَوْ لَا يَصِحُّ وَذَكَرُوا لِلْحُلُولِ تَفْسِيرَاتٍ ثَلَاثَةً: أَحَدُهَا: كَوْنُ الشَّيْءِ فِي غَيْرِهِ كَكَوْنِ مَاءِ الْوَرْدِ فِي الْوَرْدِ وَالدُّهْنِ فِي السِّمْسِمِ وَالنَّارِ فِي الْفَحْمِ، وَاعْلَمْ أَنَّ هَذَا بَاطِلٌ لِأَنَّ هَذَا إِنَّمَا يَصِحُّ لَوْ كَانَ اللَّهُ تَعَالَى جِسْمًا وَهُمْ وَافَقُونَا عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ بِجِسْمٍ. وَثَانِيهَا: حُصُولُهُ فِي الشَّيْءِ عَلَى مِثَالِ حُصُولِ اللَّوْنِ فِي الْجِسْمِ فَنَقُولُ: الْمَعْقُولُ مِنْ هَذِهِ التبعية

نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 21  صفحه : 531
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست