responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 21  صفحه : 524
جَاعِلٌ وَلَدَهَا آيَةً عَلَى وُقُوعِ ذَلِكَ الْأَمْرِ الْغَرِيبِ، فَأَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَى: وَرَحْمَةً مِنَّا فَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مَعْطُوفًا عَلَى وَلِنَجْعَلَهُ آيَةً لِلنَّاسِ أَيْ فَعَلْنَا ذَلِكَ. وَرَحْمَةً مِنَّا فَعَلْنَا ذَلِكَ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مَعْطُوفًا عَلَى الْآيَةِ أَيْ:
وَلِنَجْعَلَهُ آيَةً وَرَحْمَةً فَعَلْنَا ذَلِكَ.
الْمَسْأَلَةُ السَّادِسَةُ: قَوْلُهُ: وَكانَ أَمْراً مَقْضِيًّا الْمُرَادُ مِنْهُ أَنَّهُ مَعْلُومٌ لِعِلْمِ اللَّهِ تَعَالَى فَيَمْتَنِعُ وُقُوعُ خِلَافِهِ لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَقَعْ لَانْقَلَبَ عِلْمُ اللَّهِ جهلا وهو محال والمفضي إلى المحال محال فَخِلَافُهُ مُحَالٌ فَوُقُوعُهُ وَاجِبٌ وَأَيْضًا فَلِأَنَّ جَمِيعَ الْمُمْكِنَاتِ مُنْتَهِيَةٌ فِي سِلْسِلَةِ الْقَضَاءِ وَالْقَدَرِ إِلَى وَاجِبِ الْوُجُودِ وَالْمُنْتَهِي إِلَى الْوَاجِبِ انْتِهَاءً وَاجِبًا يَكُونُ وَاجِبَ الْوُجُودِ وَإِذَا كَانَ وَاجِبَ الْوُجُودِ فَلَا فَائِدَةَ فِي الْحُزْنِ وَالْأَسَفِ وَهَذَا هُوَ سِرُّ
قَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ: «مَنْ عَرَفَ سِرَّ اللَّهِ فِي الْقَدَرِ هَانَتْ عليه المصائب» .

[سورة مريم (19) : الآيات 22 الى 23]
فَحَمَلَتْهُ فَانْتَبَذَتْ بِهِ مَكاناً قَصِيًّا (22) فَأَجاءَهَا الْمَخاضُ إِلى جِذْعِ النَّخْلَةِ قالَتْ يَا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هَذَا وَكُنْتُ نَسْياً مَنْسِيًّا (23)
وَفِيهِ مَسَائِلُ:
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: ذَكَرَ اللَّهُ تَعَالَى أَمْرَ النَّفْخِ فِي آيَاتٍ فَقَالَ: فَنَفَخْنا فِيهِ مِنْ رُوحِنا [التَّحْرِيمِ: 12] أَيْ فِي عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ كَمَا قَالَ لِآدَمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ: وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي [الْحِجْرِ: 29] وَقَالَ فَنَفَخْنَا فِيهَا لِأَنَّ عِيسَى/ عَلَيْهِ السَّلَامُ كَانَ فِي بَطْنِهَا وَاخْتَلَفُوا فِي النَّافِخِ فَقَالَ بَعْضُهُمْ كَانَ النَّفْخُ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى لِقَوْلِهِ: فَنَفَخْنا فِيهِ مِنْ رُوحِنا وَظَاهِرُهُ يُفِيدُ أَنَّ النَّافِخَ هُوَ اللَّهُ تَعَالَى لِقَوْلِهِ تَعَالَى: إِنَّ مَثَلَ عِيسى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرابٍ [آلِ عِمْرَانَ: 59] وَمُقْتَضَى التَّشْبِيهِ حُصُولُ الْمُشَابَهَةِ إِلَّا فِيمَا أَخْرَجَهُ الدَّلِيلُ، وَفِي حَقِّ آدَمَ النَّافِخُ هُوَ اللَّهُ تَعَالَى لِقَوْلِهِ تَعَالَى: وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَكَذَا هاهنا وَقَالَ آخَرُونَ: النَّافِخُ هُوَ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ لِأَنَّ الظَّاهِرَ مِنْ قَوْلِ جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلَامُ: لِأَهَبَ لَكِ
[مَرْيَمَ: 19] أَنَّهُ أُمِرَ أَنْ يَكُونَ مِنْ قِبَلِهِ حَتَّى يَحْصُلَ الْحَمْلُ لِمَرْيَمَ عَلَيْهَا السَّلَامُ فَلَا بُدَّ مِنْ إِحَالَةِ النَّفْخِ إِلَيْهِ، ثُمَّ اخْتَلَفُوا فِي كَيْفِيَّةِ ذَلِكَ النَّفْخِ عَلَى قَوْلَيْنِ: الْأَوَّلُ: قَوْلُ وَهْبٍ أَنَّهُ نَفَخَ جِبْرِيلُ فِي جَيْبِهَا حَتَّى وَصَلَتْ إِلَى الرَّحِمِ. الثَّانِي: فِي ذَيْلِهَا فَوَصَلَتْ إِلَى الْفَرَجِ. الثَّالِثُ: قَوْلُ السُّدِّيِّ أَخَذَ بِكُمِّهَا فَنَفَخَ فِي جَنْبِ دِرْعِهَا فَدَخَلَتِ النَّفْخَةُ صَدْرَهَا فَحَمَلَتْ فَجَاءَتْهَا أُخْتُهَا امْرَأَةُ زَكَرِيَّا تَزُورُهَا فَالْتَزَمَتْهَا فَلَمَّا الْتَزَمَتْهَا عَلِمَتْ أَنَّهَا حُبْلَى وَذَكَرَتْ مَرْيَمُ حَالَهَا، فَقَالَتِ امْرَأَةُ زَكَرِيَّا إِنِّي وَجَدْتُ مَا فِي بَطْنِي يَسْجُدُ لِمَا فِي بَطْنِكِ فَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: مُصَدِّقاً بِكَلِمَةٍ مِنَ اللَّهِ [آلِ عِمْرَانَ: 39] . الرَّابِعُ: أَنَّ النَّفْخَةَ كَانَتْ فِي فِيهَا فَوَصَلَتْ إِلَى بَطْنِهَا فَحَمَلَتْ فِي الْحَالِ، إِذْ عَرَفْتَ هَذَا ظَهَرَ أَنَّ فِي الْكَلَامِ حَذْفًا وَهُوَ، وَكَانَ أَمْرًا مَقْضِيًّا، فَنَفَخَ فِيهَا فَحَمَلَتْهُ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: قِيلَ حَمَلَتْهُ وَهِيَ بِنْتُ ثَلَاثَ عَشْرَةَ سَنَةً، وَقِيلَ بَنْتُ عِشْرِينَ وَقَدْ كَانَتْ حَاضَتْ حَيْضَتَيْنِ قَبْلَ أَنْ تَحْمِلَ. وَلَيْسَ فِي الْقُرْآنِ مَا يَدُلُّ عَلَى شَيْءٍ مِنْ هَذِهِ الْأَحْوَالِ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: فَانْتَبَذَتْ بِهِ أَيِ اعْتَزَلَتْ وَهُوَ فِي بَطْنِهَا كَقَوْلِهِ: تَنْبُتُ بِالدُّهْنِ [الْمُؤْمِنُونَ: 20] أَيْ تَنْبُتُ وَالدُّهْنُ فِيهَا، وَاخْتَلَفُوا فِي عِلَّةِ الِانْتِبَاذِ عَلَى وُجُوهٍ. أَحَدُهَا: مَا
رَوَاهُ الثَّعْلَبِيُّ فِي الْعَرَائِسِ عَنْ وَهْبٍ قَالَ: إِنَّ مَرْيَمَ لَمَّا حَمَلَتْ بِعِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ كَانَ مَعَهَا ابْنُ عَمٍّ لَهَا يُقَالُ لَهُ يُوسُفُ النَّجَّارُ وَكَانَا مُنْطَلِقَيْنِ إِلَى الْمَسْجِدِ

نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 21  صفحه : 524
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست