responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 21  صفحه : 449
الْبَحْثُ الثَّانِي: خُصَّ الْقَوْلُ الْأَوَّلُ بِسِينِ الِاسْتِقْبَالِ، وَهُوَ قَوْلُهُ سَيَقُولُونَ، وَالسَّبَبُ فِيهِ أَنَّ حَرْفَ الْعَطْفِ يُوجِبُ دُخُولَ الْقَوْلَيْنِ الْآخَرَيْنِ فِيهِ.
الْبَحْثُ الثَّالِثُ: الرَّجْمُ هُوَ الرَّمْيُ، وَالْغَيْبُ مَا غَابَ عَنِ الْإِنْسَانِ فَقَوْلُهُ: رَجْماً بِالْغَيْبِ مَعْنَاهُ أَنْ يَرَى مَا غَابَ عَنْهُ وَلَا يَعْرِفُهُ بِالْحَقِيقَةِ، يُقَالُ فُلَانٌ يَرْمِي بِالْكَلَامِ رَمْيًا، أَيْ يَتَكَلَّمُ مِنْ غَيْرِ تَدَبُّرٍ.
الْبَحْثُ الرَّابِعُ: ذَكَرُوا فِي فَائِدَةِ الْوَاوِ فِي قَوْلِهِ: وَثامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ وُجُوهًا الْوَجْهُ الْأَوَّلُ: مَا ذَكَرْنَا أَنَّهُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ هَذَا الْقَوْلَ أَوْلَى مِنْ سَائِرِ الْأَقْوَالِ. وَثَانِيهَا: أَنَّ السَّبْعَةَ عِنْدَ الْعَرَبِ أَصْلٌ فِي الْمُبَالَغَةِ فِي الْعَدَدِ قَالَ تَعَالَى:
إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً [التَّوْبَةِ: 80] وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَإِذَا وَصَلُوا إِلَى الثَّمَانِيَةِ ذَكَرُوا لَفْظًا يَدُلُّ عَلَى الِاسْتِئْنَافِ، فَقَالُوا وَثَمَانِيَةٌ، فَجَاءَ هَذَا الْكَلَامُ عَلَى هَذَا الْقَانُونِ، قَالُوا: وَيَدُلُّ عَلَيْهِ نَظِيرُهُ فِي ثَلَاثِ آيَاتٍ، وَهِيَ قَوْلُهُ: وَالنَّاهُونَ عَنِ الْمُنْكَرِ [التَّوْبَةِ: 112] لِأَنَّ هَذَا هُوَ الْعَدَدُ الثَّامِنُ من الأعداد المتقدمة وقوله: حَتَّى إِذا جاؤُها وَفُتِحَتْ أَبْوابُها [الزُّمَرِ: 73] لِأَنَّ أَبْوَابَ الْجَنَّةِ ثَمَانِيَةٌ، وَأَبْوَابُ النَّارِ سَبْعَةٌ، وَقَوْلُهُ: ثَيِّباتٍ وَأَبْكاراً [التَّحْرِيمِ: 5] هُوَ الْعَدَدُ الثَّامِنُ مِمَّا تَقَدَّمَ، وَالنَّاسُ يُسَمُّونَ هَذِهِ الْوَاوَ وَاوَ الثَّمَانِيَةِ، وَمَعْنَاهُ مَا ذَكَرْنَاهُ، قَالَ الْقَفَّالُ:
وَهَذَا لَيْسَ بِشَيْءٍ، وَالدَّلِيلُ عَلَيْهِ قَوْلُهُ تَعَالَى: هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ [الْحَشْرِ: 23] وَلَمْ يَذْكُرِ الْوَاوَ فِي النَّعْتِ الثَّامِنِ، ثُمَّ قَالَ تَعَالَى: قُلْ رَبِّي أَعْلَمُ بِعِدَّتِهِمْ مَا يَعْلَمُهُمْ إِلَّا قَلِيلٌ وَهَذَا هُوَ الْحَقُّ، لِأَنَّ الْعِلْمَ بِتَفَاصِيلِ كَائِنَاتِ الْعَالَمِ وَالْحَوَادِثِ الَّتِي حَدَثَتْ فِي الْمَاضِي وَالْمُسْتَقْبَلِ لَا تَحْصُلُ إِلَّا عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى، وَإِلَّا عِنْدَ مَنْ أَخْبَرَهُ اللَّهُ عَنْهَا، وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ أَنَا مِنْ أُولَئِكَ الْقَلِيلِ، قَالَ الْقَاضِي: إن كان قد عرفه بيان الرَّسُولِ صَحَّ، وَإِنْ كَانَ قَدْ تَعَلَّقَ فِيهِ بِحَرْفِ الْوَاوِ فَضَعِيفٌ، وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ:
الْوُجُوهُ السَّبْعَةُ الْمَذْكُورَةُ وَإِنْ كَانَتْ لَا تُفِيدُ الْجَزْمَ إِلَّا أَنَّهَا تُفِيدُ الظَّنَّ، وَاعْلَمْ أَنَّهُ تَعَالَى لَمَّا ذَكَرَ هَذِهِ الْقِصَّةَ أَتْبَعَهُ بِأَنْ نَهَى رَسُولَهُ عَنْ شَيْئَيْنِ، عَنِ الْمِرَاءِ وَالِاسْتِفْتَاءِ، أَمَّا النَّهْيُ عَنِ الْمِرَاءِ، فَقَوْلُهُ: فَلا تُمارِ فِيهِمْ إِلَّا مِراءً ظاهِراً وَالْمُرَادُ مِنَ الْمِرَاءِ الظَّاهِرِ أَنْ لَا يُكَذِّبَهُمْ فِي تَعْيِينِ ذَلِكَ الْعَدَدِ، بَلْ يَقُولُ: هَذَا التَّعْيِينُ لَا دَلِيلَ عَلَيْهِ، فَوَجَبَ التَّوَقُّفُ وَتَرْكُ الْقَطْعِ. وَنَظِيرُهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: وَلا تُجادِلُوا أَهْلَ الْكِتابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ [الْعَنْكَبُوتِ: 46] وَأَمَّا النَّهْيُ عَنِ الِاسْتِفْتَاءِ فَقَوْلُهُ: وَلا تَسْتَفْتِ فِيهِمْ مِنْهُمْ أَحَداً، وَذَلِكَ لِأَنَّهُ لَمَّا ثَبَتَ أَنَّهُ لَيْسَ عِنْدَهُمْ عِلْمٌ فِي هَذَا الْبَابِ وَجَبَ الْمَنْعُ مِنَ اسْتِفْتَائِهِمْ، وَاعْلَمْ أَنَّ نُفَاةَ الْقِيَاسِ تَمَسَّكُوا بِهَذِهِ الْآيَةِ قَالُوا لِأَنَّ قَوْلَهُ:
رَجْماً بِالْغَيْبِ وُضِعَ الرَّجْمُ فِيهِ مَوْضِعَ الظَّنِّ فَكَأَنَّهُ قِيلَ: ظَنًّا بِالْغَيْبِ لِأَنَّهُمْ أَكْثَرُوا أَنْ يَقُولُوا: رَجْمٌ بِالظَّنِّ مَكَانَ قَوْلِهِمْ ظَنٌّ، حَتَّى لَمْ يَبْقَ عِنْدَهُمْ فَرْقٌ بَيْنَ الْعِبَارَتَيْنِ، أَلَا تَرَى إِلَى قَوْلِهِ:
وَمَا هُوَ عَنْهَا بِالْحَدِيثِ الْمُرَجَّمِ «1»
أَيِ الْمَظْنُونِ هَكَذَا قَالَهُ صَاحِبُ الْكَشَّافِ، وَذَلِكَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْقَوْلَ بِالظَّنِّ مَذْمُومٌ عِنْدَ اللَّهِ ثُمَّ إِنَّهُ تَعَالَى لَمَّا ذَمَّ هَذِهِ الطَّرِيقَةَ رَتَّبَ عَلَيْهِ مِنَ اسْتِفْتَاءِ هَؤُلَاءِ الظَّانِّينَ، فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ الْفَتْوَى بِالْمَظْنُونِ غَيْرُ جَائِزٍ عِنْدَ اللَّهِ، وَجَوَابُ مثبتي القياس عنه قد ذكرناه مرارا.

(1) البيت للنابغة الذبياني والرواية المشهورة:
وما الحرب إلا ما علمتم وذقتم ... وما القول عنها بالحديث المرجم
نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 21  صفحه : 449
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست