responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 21  صفحه : 417
الثَّالِثَةُ: قَوْلُهُ: وَبِالْحَقِّ أَنْزَلْناهُ وَبِالْحَقِّ نَزَلَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْإِنْزَالَ غَيْرُ النُّزُولِ، فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ الْخَلْقُ غَيْرَ الْمَخْلُوقِ وَأَنْ يَكُونَ التَّكْوِينُ غَيْرَ الْمُكَوَّنِ عَلَى مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ قَوْمٌ. الْفَائِدَةُ الرَّابِعَةُ: قَالَ أَبُو عَلِيٍّ الْفَارِسِيُّ الْبَاءُ فِي قَوْلِهِ: وَبِالْحَقِّ أَنْزَلْناهُ بِمَعْنَى مَعَ كَمَا تَقُولُ نَزَلَ بِعِدَّتِهِ وَخَرَجَ بِسِلَاحِهِ، وَالْمَعْنَى أَنْزَلْنَا الْقُرْآنَ مَعَ الْحَقِّ وَقَوْلُهُ:
وَبِالْحَقِّ نَزَلَ فِيهِ احْتِمَالَانِ، أَحَدُهُمَا: أَنَّ يَكُونَ التَّقْدِيرُ نَزَلَ بِالْحَقِّ كَمَا تَقُولُ نَزَلْتُ بِزَيْدٍ وَعَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ الْحَقُّ مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَنَّ الْقُرْآنَ نَزَلَ بِهِ أَيْ عَلَيْهِ. الثَّانِي: أَنْ تَكُونَ بِمَعْنَى مَعَ كَمَا قُلْنَا فِي قَوْلِهِ: وَبِالْحَقِّ أَنْزَلْناهُ ثُمَّ قَالَ تَعَالَى: وَما أَرْسَلْناكَ إِلَّا مُبَشِّراً وَنَذِيراً وَالْمَقْصُودُ أَنَّ هَؤُلَاءِ الْجُهَّالَ الَّذِينَ يَقْتَرِحُونَ عَلَيْكَ هَذِهِ الْمُعْجِزَاتِ وَيَتَمَرَّدُونَ عَنْ قَبُولِ دِينِكَ لَا شَيْءَ عَلَيْكَ مِنْ كُفْرِهِمْ فَإِنِّي مَا أَرْسَلْتُكَ إِلَّا مُبَشِّرًا لِلْمُطِيعِينَ وَنَذِيرًا لِلْجَاحِدِينَ فَإِنْ قَبِلُوا الدِّينَ الْحَقَّ انْتَفَعُوا بِهِ وَإِلَّا فَلَيْسَ عَلَيْكَ مِنْ كُفْرِهِمْ شَيْءٌ.
ثُمَّ قَالَ: وَقُرْآناً فَرَقْناهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلى مُكْثٍ وَفِيهِ مَبَاحِثُ:
الْبَحْثُ الْأَوَّلُ: أَنَّ الْقَوْمَ قَالُوا: هَبْ أَنَّ هَذَا الْقُرْآنَ مُعْجِزٌ إِلَّا أَنَّهُ بِتَقْدِيرِ أَنْ يَكُونَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ فَكَانَ مِنَ الْوَاجِبِ أَنْ يُنْزِلَهُ اللَّهُ عَلَيْكَ دُفْعَةً وَاحِدَةً لِيَظْهَرَ فِيهِ وَجْهُ الْإِعْجَازِ فَجَعَلُوا إِتْيَانَ الرَّسُولِ بِهَذَا الْقُرْآنِ مُتَفَرِّقًا شُبْهَةً فِي أَنَّهُ يَتَفَكَّرُ فِي فَصْلٍ فَصْلٍ وَيَقْرَأُهُ عَلَى النَّاسِ فَأَجَابَ اللَّهُ عَنْهُ بِأَنَّهُ إِنَّمَا فَرَّقَهُ لِيَكُونَ حِفْظُهُ أَسْهَلَ وَلِتَكُونَ الْإِحَاطَةُ وَالْوُقُوفُ عَلَى دَقَائِقِهِ وَحَقَائِقِهِ أَسْهَلَ.
الْبَحْثُ الثَّانِي: قَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ نَزَلَ الْقُرْآنُ كُلُّهُ لَيْلَةَ الْقَدْرِ مِنَ السَّمَاءِ الْعُلْيَا إِلَى السَّمَاءِ السُّفْلَى، ثُمَّ فُصِّلَ فِي السِّنِينَ الَّتِي نَزَلَ فِيهَا، قَالَ قَتَادَةُ: كَانَ بَيْنَ أَوَّلِهِ وَآخِرِهِ عِشْرُونَ سَنَةً وَالْمَعْنَى قَطَّعْنَاهُ آيَةً آيَةً وَسُورَةً سُورَةً وَلَمْ نُنْزِلْهُ جُمْلَةً لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ بِالْفَتْحِ وَالضَّمِّ عَلَى مَهَلٍ وَتَؤَدَةٍ أَيْ لَا عَلَى فَوْرَةٍ. قَالَ الْفَرَّاءُ: يُقَالُ مَكَثَ وَمَكُثَ يَمْكُثُ، وَالْفَتْحُ قِرَاءَةُ عَاصِمٍ فِي قَوْلِهِ: فَمَكَثَ غَيْرَ بَعِيدٍ [النمل: 22] .
البحث الثالثة: الِاخْتِيَارُ عِنْدَ الْأَئِمَّةِ فَرَقْناهُ بِالتَّخْفِيفِ وَفَسَّرَهُ أَبُو عَمْرٍو بَيَّنَّاهُ قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: التَّخْفِيفُ أَعْجَبُ إِلَيَّ لِأَنَّ تَفْسِيرَهُ بَيَّنَّاهُ وَمَنْ قَرَأَ بِالتَّشْدِيدِ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَعْنًى إِلَّا أَنَّهُ أُنْزِلَ مُتَفَرِّقًا فَالْفَرْقُ يَتَضَمَّنُ التَّبْيِينَ وَيُؤَكِّدُهُ مَا رَوَى ثَعْلَبٌ عَنِ ابْنِ الْأَعْرَابِيِّ أَنَّهُ قَالَ: فَرَّقْتُ أُفَرِّقُ بَيْنَ الْكَلَامِ وَفَرَّقْتُ بَيْنَ الْأَجْسَامِ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ أَيْضًا
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الْبَيِّعَانِ بِالْخِيَارِ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا»
وَلَمْ يَقُلْ يَفْتَرِقَا وَالتَّفَرُّقُ مُطَاوِعُ التَّفْرِيقِ وَالِافْتِرَاقُ مُطَاوِعُ الْفَرْقِ ثُمَّ قَالَ: وَنَزَّلْناهُ تَنْزِيلًا أَيْ عَلَى الْحَدِّ الْمَذْكُورِ وَالصِّفَةِ الْمَذْكُورَةِ ثُمَّ قَالَ: قُلْ آمِنُوا بِهِ أَوْ لَا تُؤْمِنُوا يُخَاطِبُ الَّذِينَ اقْتَرَحُوا تِلْكَ الْمُعْجِزَاتِ الْعَظِيمَةَ عَلَى وَجْهِ التَّهْدِيدِ وَالْإِنْكَارِ أَيْ أَنَّهُ تَعَالَى أَوْضَحَ الْبَيِّنَاتِ وَالدَّلَائِلَ وَأَزَاحَ الْأَعْذَارَ فَاخْتَارُوا مَا تُرِيدُونَ ثُمَّ قَالَ تَعَالَى: إِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهِ أَيْ مِنْ قَبْلِ نُزُولِ الْقُرْآنِ قَالَ مُجَاهِدٌ: هُمْ نَاسٌ مِنْ أَهْلِ/ الْكِتَابِ حِينَ سَمِعُوا مَا أُنْزِلَ عَلَى مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَرُّوا سُجَّدًا مِنْهُمْ زَيْدُ بْنِ عَمْرِو بْنِ نُفَيْلٍ وَوَرَقَةَ بْنِ نَوْفَلٍ وعبد الله ابن سَلَامٍ ثُمَّ قَالَ: يَخِرُّونَ لِلْأَذْقانِ سُجَّداً وَفِيهِ أَقْوَالٌ: الْقَوْلُ الْأَوَّلُ: قَالَ الزَّجَّاجُ: الذَّقَنُ مَجْمَعُ اللَّحْيَيْنِ وَكُلَّمَا يَبْتَدِئُ الْإِنْسَانُ بِالْخُرُورِ إِلَى السُّجُودِ فَأَقْرَبُ الْأَشْيَاءِ مِنَ الْجَبْهَةِ إِلَى الْأَرْضِ الذَّقَنُ. وَالْقَوْلُ الثَّانِي: أَنَّ الْأَذْقَانَ كِنَايَةٌ عَنِ اللِّحَى وَالْإِنْسَانُ إِذَا بَالَغَ عِنْدَ السُّجُودِ فِي الْخُضُوعِ وَالْخُشُوعِ رُبَّمَا مَسَحَ لِحْيَتَهُ عَلَى التُّرَابِ فَإِنَّ اللِّحْيَةَ يُبَالَغُ فِي تَنْظِيفِهَا فَإِذَا عَفَّرَهَا الْإِنْسَانُ بِالتُّرَابِ فَقَدْ أَتَى بِغَايَةِ التَّعْظِيمِ. وَالْقَوْلُ الثَّالِثُ: أَنَّ الْإِنْسَانَ إِذَا اسْتَوْلَى عَلَيْهِ خَوْفُ اللَّهِ تَعَالَى فَرُبَّمَا سَقَطَ عَلَى الْأَرْضِ فِي مَعْرِضِ السُّجُودِ كَالْمَغْشِيِّ عَلَيْهِ وَمَتَى كَانَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ كَانَ خُرُورُهُ عَلَى الذَّقَنِ فِي مَوْضِعِ السُّجُودِ فَقَوْلُهُ: يَخِرُّونَ لِلْأَذْقانِ كِنَايَةٌ عَنْ غَايَةِ وَلَهِهِ وَخَوْفِهِ وَخَشْيَتِهِ ثُمَّ بَقِيَ

نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 21  صفحه : 417
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست