responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 21  صفحه : 406
إِلَّا أَنْ يَرْحَمَكَ رَبُّكَ فَيَرُدَّهُ عَلَيْكَ أَوْ يَكُونَ عَلَى الِاسْتِثْنَاءِ الْمُنْقَطِعِ بِمَعْنَى وَلَكِنَّ رَحْمَةَ من رَبِّكَ تَرَكَتْهُ غَيْرَ مَذْهُوبٍ بِهِ وَهَذَا امْتِنَانٌ مِنَ اللَّهِ/ بِبَقَاءِ الْقُرْآنِ عَلَى أَنَّهُ تَعَالَى مَنَّ عَلَى جَمِيعِ الْعُلَمَاءِ بِنَوْعَيْنِ مِنَ الْمِنَّةِ. أَحَدُهُمَا: تَسْهِيلُ ذَلِكَ الْعِلْمِ عَلَيْهِ. الثَّانِي: إِبْقَاءُ حِفْظِهِ عَلَيْهِ وَقَوْلُهُ: إِنَّ فَضْلَهُ كانَ عَلَيْكَ كَبِيراً فِيهِ قَوْلَانِ: الْأَوَّلُ: الْمُرَادُ أَنَّ فَضْلَهُ كَانَ عَلَيْكَ كَبِيرًا بِسَبَبِ إِبْقَاءِ الْعِلْمِ وَالْقُرْآنِ عَلَيْكَ. الثَّانِي: الْمُرَادُ أَنَّ فَضْلَهُ كَانَ عَلَيْكَ كَبِيرًا بِسَبَبِ أَنَّهُ جَعَلَكَ سَيِّدَ وَلَدِ آدَمَ وَخَتَمَ بِكَ النَّبِيِّينَ وَأَعْطَاكَ الْمَقَامَ الْمَحْمُودَ فَلَمَّا كَانَ كَذَلِكَ لَا جَرَمَ أَنْعَمَ عَلَيْكَ أَيْضًا بإبقاء العلم والقرآن عليك.

[سورة الإسراء (17) : آية 88]
قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هذَا الْقُرْآنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيراً (88)
فِي الْآيَةِ مَسَائِلُ:
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: اعْلَمْ أَنَّا فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ فِي تَفْسِيرِ قَوْلِهِ تَعَالَى: وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنا عَلى عَبْدِنا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ [الْبَقَرَةِ: 23] بَالَغْنَا فِي بَيَانِ إِعْجَازِ الْقُرْآنِ، وَلِلنَّاسِ فِيهِ قَوْلَانِ مِنْهُمْ مَنْ قَالَ: الْقُرْآنُ مُعْجِزٌ فِي نَفْسِهِ، وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ إِنَّهُ لَيْسَ فِي نَفْسِهِ مُعْجِزًا إِلَّا أَنَّهُ تَعَالَى لَمَّا صَرَفَ دَوَاعِيَهُمْ عَنِ الْإِثْبَاتِ بِمُعَارَضَتِهِ مَعَ أَنَّ تِلْكَ الدَّوَاعِيَ كَانَتْ قَوِيَّةً كَانَتْ هَذِهِ الصِّرْفَةُ مُعْجِزَةً وَالْمُخْتَارُ عِنْدَنَا فِي هَذَا الْبَابِ أَنْ نَقُولَ الْقُرْآنُ فِي نَفْسِهِ إِمَّا أَنْ يَكُونَ مُعْجِزًا أَوْ لَا يَكُونَ فَإِنْ كَانَ مُعْجِزًا فَقَدْ حَصَلَ الْمَطْلُوبُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُعْجِزًا بَلْ كَانُوا قَادِرِينَ عَلَى الْإِتْيَانِ بِمُعَارَضَتِهِ وَكَانَتِ الدَّوَاعِي مُتَوَفِّرَةً عَلَى الْإِتْيَانِ بِهَذِهِ الْمُعَارَضَةِ وَمَا كَانَ لَهُمْ عَنْهَا صَارِفٌ وَمَانِعٌ. وَعَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ كَانَ الْإِتْيَانُ بِمُعَارَضَتِهِ وَاجِبًا لَازِمًا فَعَدَمُ الْإِتْيَانِ بِهَذِهِ الْمُعَارَضَةِ مَعَ التَّقْدِيرَاتِ الْمَذْكُورَةِ يَكُونُ نَقْضًا لِلْعَادَةِ فَيَكُونُ مُعْجِزًا فَهَذَا هُوَ الطَّرِيقُ الَّذِي نَخْتَارُهُ فِي هَذَا الْبَابِ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: لِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ هَبْ أَنَّهُ قَدْ ظَهَرَ عَجْزُ الْإِنْسَانِ عَنْ مُعَارَضَتِهِ فَكَيْفَ عَرَفْتُمْ عَجْزَ الْجِنِّ عَنْ مُعَارَضَتِهِ؟ وَأَيْضًا فَلِمَ لَا يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ إِنَّ هَذَا الْكَلَامَ نَظْمُ الْجِنِّ أَلْقَوْهُ عَلَى مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَخَصُّوهُ بِهِ عَلَى سَبِيلِ السَّعْيِ فِي إِضْلَالِ الْخَلْقِ فَعَلَى هَذَا إِنَّمَا تَعْرِفُونَ صِدْقَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا عَرَفْتُمْ أَنَّ مُحَمَّدًا صَادِقٌ فِي قَوْلِهِ أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ كَلَامِ الْجِنِّ بَلْ هُوَ مِنْ كَلَامِ اللَّهِ تَعَالَى فَحِينَئِذٍ يَلْزَمُ الدَّوْرُ وَلَيْسَ لِأَحَدٍ أَنَّ يَقُولَ كَيْفَ يُعْقَلُ أَنْ يَكُونَ هَذَا مِنْ قَوْلِ الْجِنِّ لِأَنَّا نَقُولُ إِنَّ هَذِهِ الْآيَةَ دَلَّتْ عَلَى وُقُوعِ التَّحَدِّي مَعَ الْجِنِّ، وَإِنَّمَا يَحْسُنُ هَذَا التَّحَدِّي لَوْ كَانُوا فُصَحَاءَ بُلَغَاءَ، وَمَتَى كَانَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ كَانَ الِاحْتِمَالُ الْمَذْكُورُ قَائِمًا. أَجَابَ الْعُلَمَاءُ عَنِ الْأَوَّلِ بِأَنَّ عَجْزَ الْبَشَرِ عَنْ مُعَارَضَتِهِ يَكْفِي فِي إِثْبَاتِ كَوْنِهِ مُعْجِزًا وَعَنِ الثَّانِي أَنَّ ذَلِكَ لَوْ وَقَعَ لَوَجَبَ فِي حِكْمَةِ اللَّهِ أَنْ يُظْهِرَ ذَلِكَ التَّلْبِيسَ وَحَيْثُ لَمْ يَظْهَرْ ذَلِكَ دَلَّ عَلَى عَدَمِهِ وَعَلَى أَنَّهُ تَعَالَى قَدْ أَجَابَ عَنْ هَذَا/ السُّؤَالِ بِالْأَجْوِبَةِ الشَّافِيَةِ الْكَافِيَةِ فِي آخِرِ سُورَةِ الشُّعَرَاءِ فِي قَوْلِهِ: هَلْ أُنَبِّئُكُمْ عَلى مَنْ تَنَزَّلُ الشَّياطِينُ تَنَزَّلُ عَلى كُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ [الشُّعَرَاءِ: 221، 222] وَقَدْ شَرَحْنَا هَذِهِ الْأَجْوِبَةَ هُنَاكَ فَلَا فَائِدَةَ فِي الْإِعَادَةِ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: قَالَتِ المعتزلة الآية دالة على أَنَّ الْقُرْآنَ مَخْلُوقٌ لِأَنَّ التَّحَدِّيَ بِالْقَدِيمِ وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ قَدْ ذَكَرْنَاهَا أَيْضًا بِالِاسْتِقْصَاءِ فِي سُورَةِ البقرة فَلَا فَائِدَةَ فِي الْإِعَادَةِ ثُمَّ قَالَ تَعَالَى:

[سورة الإسراء (17) : آية 89]
وَلَقَدْ صَرَّفْنا لِلنَّاسِ فِي هذَا الْقُرْآنِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ فَأَبى أَكْثَرُ النَّاسِ إِلاَّ كُفُوراً (89)

نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 21  صفحه : 406
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست