responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 21  صفحه : 397
الْخِطَابِ وَالْمَأْمُورُ وَالْمَنْهِيُّ لَيْسَ هُوَ جَبْهَةَ زَيْدٍ وَلَا حَدَقَتَهُ وَلَا أَنْفَهُ وَلَا فَمَهُ وَلَا شَيْئًا مِنْ أَعْضَائِهِ بِعَيْنِهِ، فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ الْمَأْمُورُ وَالْمَنْهِيُّ وَالْمُخَاطَبُ شَيْئًا مُغَايِرًا لِهَذِهِ الْأَعْضَاءِ، وَذَلِكَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ الْمَأْمُورَ وَالْمَنْهِيَّ غَيْرُ هَذَا الْجَسَدِ فَإِنْ قَالُوا لِمَ لَا يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ الْمَأْمُورُ وَالْمَنْهِيُّ جُمْلَةُ هَذَا الْبَدَنِ لَا شَيْءٌ مِنْ أَعْضَائِهِ وَأَبْعَاضِهِ؟ قُلْنَا بِوَجْهِ التَّكْلِيفِ عَلَى الْجُمْلَةِ إِنَّمَا يَصِحُّ لَوْ كَانَتِ الْجُمْلَةُ فَاهِمَةً عَالِمَةً فَنَقُولُ لَوْ كَانَتِ الْجُمْلَةُ فَاهِمَةً عَالِمَةً فَإِمَّا أَنْ يَقُومَ بِمَجْمُوعِ الْبَدَنِ عِلْمٌ وَاحِدٌ أَوْ يَقُومَ بِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ أَجْزَاءِ الْبَدَنِ عِلْمٌ عَلَى حِدَةٍ، وَالْأَوَّلُ يَقْتَضِي قِيَامَ الْعَرَضِ بِالْمَحَالِّ الْكَثِيرَةِ وَهُوَ مُحَالٌ، وَالثَّانِي يَقْتَضِي أَنْ يَكُونَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ أَجْزَاءِ الْبَدَنِ عَالِمًا فَاهِمًا مُدْرِكًا عَلَى سَبِيلِ الِاسْتِقْلَالِ، وَقَدْ بَيَّنَّا أَنَّ الْعِلْمَ الضَّرُورِيَّ حَاصِلٌ بِأَنَّ الْجُزْءَ الْمُعَيَّنَ مِنَ الْبَدَنِ لَيْسَ عَالِمًا فَاهِمًا مُدْرِكًا بِالِاسْتِقْلَالِ فَسَقَطَ هَذَا السُّؤَالُ.
الْحُجَّةُ السَّابِعَةَ عَشْرَةَ: أَنَّ الْإِنْسَانَ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ عَالِمًا، وَالْعِلْمُ لَا يَحْصُلُ إِلَّا فِي الْقَلْبِ فَيَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ الْإِنْسَانُ عِبَارَةً عَنِ الشَّيْءِ الْمَوْجُودِ فِي الْقَلْبِ وَإِذَا ثَبَتَ هَذَا بَطَلَ الْقَوْلُ بِأَنَّ الْإِنْسَانَ عِبَارَةٌ عَنْ هَذَا الْهَيْكَلِ، وَهَذِهِ الْجُثَّةِ إِنَّمَا قُلْنَا إِنَّ الْإِنْسَانَ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ عَالِمًا لِأَنَّهُ فَاعِلٌ مُخْتَارٌ، وَالْفَاعِلُ الْمُخْتَارُ هُوَ الَّذِي يَفْعَلُ بِوَاسِطَةِ الْقَلْبِ وَالِاخْتِيَارِ وَهُمَا مَشْرُوطَانِ بِالْعِلْمِ لِأَنَّ مَا لَا يَكُونُ مَقْصُودًا امْتَنَعَ الْقَصْدُ إِلَى تَكْوِينِهِ فَثَبَتَ أَنَّ الْإِنْسَانَ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ عَالِمًا بِالْأَشْيَاءِ وَإِنَّمَا قُلْنَا إِنَّ الْعِلْمَ لَا يُوجَدُ إِلَّا فِي الْقَلْبِ لِلْبُرْهَانِ وَالْقُرْآنِ. أَمَّا الْبُرْهَانُ فَلِأَنَّا نَجِدُ الْعِلْمَ الضَّرُورِيَّ بِأَنَّا نَجِدُ عُلُومَنَا مِنْ نَاحِيَةِ الْقَلْبِ، وَأَمَّا الْقُرْآنُ فَآيَاتٌ نَحْوَ قَوْلُهُ تَعَالَى: لَهُمْ قُلُوبٌ لَا يَفْقَهُونَ بِها [الْأَعْرَافِ: 179] وَقَوْلِهِ: كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمانَ [الْمُجَادَلَةِ: 22] وَقَوْلُهُ: نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ عَلى قَلْبِكَ [الشُّعَرَاءِ: 193، 194] وَإِذَا ثَبَتَ أَنَّ الْإِنْسَانَ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ عَالِمًا، وَثَبَتَ أَنَّ الْعِلْمَ لَيْسَ إِلَّا فِي الْقَلْبِ ثبت أن الإنسان شيء فِي الْقَلْبِ أَوْ شَيْءٍ لَهُ تَعَلُّقٌ بِالْقَلْبِ وَعَلَى التَّقْدِيرَيْنِ فَإِنَّهُ يُبْطِلُ قَوْلَ مَنْ يَقُولُ الْإِنْسَانُ هُوَ هَذَا الْجَسَدُ وَهَذَا الْهَيْكَلُ.
وَأَمَّا الْبَحْثُ الثَّانِي: وَهُوَ بَيَانُ أَنَّ الْإِنْسَانَ غَيْرُ مَحْسُوسٍ وَهُوَ أَنَّ حَقِيقَةَ الْإِنْسَانِ شَيْءٌ مُغَايِرٌ لِلسَّطْحِ وَاللَّوْنِ وَكُلِّ مَا هُوَ مَرْئِيٌّ فَهُوَ إِمَّا السَّطْحُ وَإِمَّا اللَّوْنُ وَهُمَا مُقَدِّمَتَانِ قَطْعِيَّتَانِ وَيُنْتِجُ هَذَا الْقِيَاسُ أَنَّ حَقِيقَةَ الْإِنْسَانِ غَيْرُ مَرْئِيَّةٍ وَلَا مَحْسُوسَةٍ وَهَذَا بُرْهَانٌ يَقِينِيٌّ.
الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ: فِي شَرْحِ مَذَاهِبِ الْقَائِلِينَ بِأَنَّ الْإِنْسَانَ جِسْمٌ مَوْجُودٌ فِي دَاخِلِ الْبَدَنِ اعْلَمْ أَنَّ الْأَجْسَامَ الْمَوْجُودَةَ فِي هَذَا الْعَالَمِ السُّفْلِيِّ إِمَّا أَنْ تَكُونَ أَحَدَ الْعَنَاصِرِ الْأَرْبَعَةِ أَوْ مَا يَكُونُ مُتَوَلِّدًا مِنَ امْتِزَاجِهَا، وَيَمْتَنِعُ أَنْ يَحْصُلَ فِي الْبَدَنِ الْإِنْسَانِيِّ جِسْمٌ عُنْصُرِيٌّ خَالِصٌ بَلْ لَا بُدَّ وَأَنْ يَكُونَ الْحَاصِلُ جِسْمًا مُتَوَلِّدًا مِنَ امْتِزَاجَاتِ هَذِهِ الْأَرْبَعَةِ فَنَقُولُ: أَمَّا الْجِسْمُ الَّذِي تَغْلِبُ عَلَيْهِ الْأَرْضِيَّةُ فَهُوَ الْأَعْضَاءُ الصُّلْبَةُ الْكَثِيفَةُ كَالْعَظْمِ وَالْغُضْرُوفِ وَالْعَصَبِ وَالْوَتَرِ وَالرِّبَاطِ وَالشَّحْمِ وَاللَّحْمِ وَالْجِلْدِ وَلَمْ يَقُلْ أَحَدٌ مِنَ الْعُقَلَاءِ الَّذِينَ قَالُوا: الْإِنْسَانُ شَيْءٌ مُغَايِرٌ لِهَذَا الْجَسَدِ بِأَنَّهُ عِبَارَةٌ عَنْ عُضْوٍ مُعَيَّنٍ مِنْ هَذِهِ الْأَعْضَاءِ وَذَلِكَ لِأَنَّ هَذِهِ الْأَعْضَاءَ كَثِيفَةٌ ثَقِيلَةٌ ظُلْمَانِيَّةٌ فَلَا جَرَمَ لَمْ يَقُلْ أَحَدٌ مِنَ الْعُقَلَاءِ بِأَنَّ الْإِنْسَانَ عِبَارَةٌ عَنْ أَحَدِ هَذِهِ الْأَعْضَاءِ، وَأَمَّا الْجِسْمُ الَّذِي تَغْلِبُ عَلَيْهِ الْمَائِيَّةُ فَهُوَ/ الْأَخْلَاطُ الْأَرْبَعَةُ وَلَمْ يَقُلْ أَحَدٌ فِي شَيْءٍ مِنْهَا إِنَّهُ الْإِنْسَانُ إِلَّا فِي الدَّمِ فَإِنَّ مِنْهُمْ مَنْ قَالَ إِنَّهُ هُوَ الرُّوحُ بِدَلِيلِ أَنَّهُ إِذَا خَرَجَ لَزِمَ الْمَوْتُ، أَمَّا الْجِسْمُ الَّذِي تَغْلِبُ عَلَيْهِ الْهَوَائِيَّةُ وَالنَّارِيَّةُ فَهُوَ الْأَرْوَاحُ وَهِيَ نَوْعَانِ: أَحَدُهُمَا: أَجْسَامٌ هَوَائِيَّةٌ مَخْلُوطَةٌ بِالْحَرَارَةِ الْغَرِيزِيَّةِ مُتَوَلِّدَةٌ إِمَّا فِي الْقَلْبِ أَوْ فِي الدِّمَاغِ وَقَالُوا إِنَّهَا هِيَ الرُّوحُ وَإِنَّهَا هِيَ الْإِنْسَانُ ثُمَّ اخْتَلَفُوا فَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ الْإِنْسَانُ هُوَ الرُّوحُ الَّذِي فِي الْقَلْبِ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ إِنَّهُ جُزْءٌ لَا يَتَجَزَّأُ فِي الدِّمَاغِ، وَمِنْهُمْ مَنْ

نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 21  صفحه : 397
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست