responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 20  صفحه : 351
مُتَحَيِّرِينَ لَا يَفْهَمُونَ مِنْهُ شَيْئًا، وَإِذَا سَمِعُوا آيَةً فِيهَا ذِكْرُ اللَّهِ تَعَالَى وَذَمُّ الشِّرْكِ بِاللَّهِ وَلَّوْا نُفُورًا وَتَرَكُوا ذَلِكَ الْمَجْلِسَ، وَذَكَرَ الزَّجَّاجُ فِي قَوْلِهِ: وَلَّوْا عَلى أَدْبارِهِمْ نُفُوراً وَجْهَيْنِ: الْأَوَّلُ: الْمَصْدَرُ وَالْمَعْنَى وَلَّوْا نَافِرِينَ نُفُورًا، وَالثَّانِي: أَنْ يَكُونَ نُفُورًا جَمْعَ نَافِرٍ مِثْلَ شُهُودٍ وَشَاهِدٍ وَرُكُوعٍ وَرَاكِعٍ وَسُجُودٍ وَسَاجِدٍ وَقُعُودٍ وَقَاعِدٍ.
ثُمَّ قَالَ تَعَالَى: نَحْنُ أَعْلَمُ بِما يَسْتَمِعُونَ بِهِ إِذْ يَسْتَمِعُونَ إِلَيْكَ أَيْ نَحْنُ أعلم بالوجه الذي يستمعون به وهو الهزء والتكذيب. وبِهِ فِي مَوْضِعِ الْحَالِ، كَمَا تَقُولُ: مُسْتَمِعِينَ بِالْهُزُؤِ وإِذْ يَسْتَمِعُونَ نصب بأعلم أَيْ أَعْلَمُ وَقْتَ اسْتِمَاعِهِمْ بِمَا بِهِ يَسْتَمِعُونَ وَإِذْ هُمْ نَجْوى أَيْ وَبِمَا يَتَنَاجَوْنَ بِهِ إذ هم ذوو نَجْوَى: إِذْ يَقُولُ الظَّالِمُونَ بَدَلٌ مِنْ قَوْلِهِ: وَإِذْ هُمْ نَجْوى ... إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا رَجُلًا مَسْحُوراً وَفِيهِ مَبَاحِثُ: الْأَوَّلُ:
قَالَ الْمُفَسِّرُونَ: أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلِيًّا أَنْ يَتَّخِذَ طَعَامًا وَيَدْعُوَ إِلَيْهِ أَشْرَافَ قُرَيْشٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ، فَفَعَلَ عَلِيٌّ عَلَيْهِ السَّلَامُ ذَلِكَ وَدَخَلَ عَلَيْهِمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَرَأَ عَلَيْهِمُ الْقُرْآنَ وَدَعَاهُمْ إِلَى التَّوْحِيدِ وَقَالَ: قُولُوا لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ حَتَّى تُطِيعَكُمُ الْعَرَبُ وَتَدِينَ لَكُمُ الْعَجَمُ فَأَبَوْا عَلَيْهِ ذَلِكَ، وَكَانُوا عِنْدَ اسْتِمَاعِهِمْ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْقُرْآنَ وَالدَّعْوَةَ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى يَقُولُونَ: بَيْنَهُمْ مُتَنَاجِينَ هُوَ سَاحِرٌ وَهُوَ مَسْحُورٌ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِنَ الْقَوْلِ، فَأَخْبَرَ اللَّهُ تَعَالَى نَبِيَّهُ بِأَنَّهُمْ يَقُولُونَ: إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا رَجُلًا مَسْحُوراً.
فَإِنْ قِيلَ: إِنَّهُمْ لَمْ يَتَّبِعُوا رَسُولَ اللَّهِ فَكَيْفَ يَصِحُّ أَنْ يَقُولُوا: إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا رَجُلًا مَسْحُوراً.
قُلْنَا: مَعْنَاهُ أَنَّكُمْ إِنِ اتَّبَعْتُمُوهُ فَقَدِ اتَّبَعْتُمْ رَجُلًا مَسْحُورًا، وَالْمَسْحُورُ الَّذِي قَدْ سُحِرَ فَاخْتَلَطَ عَلَيْهِ عَقْلُهُ وَزَالَ عَنْ حَدِّ الِاسْتِوَاءِ هَذَا هُوَ الْقَوْلُ الصَّحِيحُ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: الْمَسْحُورُ هُوَ الَّذِي أُفْسِدَ يُقَالُ: طَعَامٌ مَسْحُورٌ إِذَا أُفْسِدَ عَمَلُهُ وَأَرْضٌ مَسْحُورَةٌ أَصَابَهَا مِنَ الْمَطَرِ أَكْثَرُ مِمَّا يَنْبَغِي فَأَفْسَدَهَا. قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: يُرِيدُ بَشَرًا ذَا سَحْرِ أَيْ ذَا رِئَةٍ. قَالَ ابْنُ قُتَيْبَةَ: وَلَا أَدْرِي مَا الَّذِي حَمَلَهُ عَلَى هَذَا التَّفْسِيرِ الْمُسْتَكْرَهِ مَعَ أَنَّ السَّلَفَ فَسَّرُوهُ بِالْوُجُوهِ الْوَاضِحَةِ، وَقَالَ مُجَاهِدٌ: مَسْحُوراً أَيْ مَخْدُوعًا لِأَنَّ السِّحْرَ حِيلَةٌ وَخَدِيعَةٌ، وَذَلِكَ لِأَنَّ الْمُشْرِكِينَ كَانُوا يَقُولُونَ: إِنَّ مُحَمَّدًا يَتَعَلَّمُ مِنْ بَعْضِ النَّاسِ هَذِهِ الْكَلِمَاتِ/ وَأُولَئِكَ النَّاسُ يَخْدَعُونَهُ بِهَذِهِ الْكَلِمَاتِ وَهَذِهِ الْحِكَايَاتِ، فَلِذَلِكَ قَالُوا: إِنَّهُ مَسْحُورٌ أَيْ مَخْدُوعٌ، وَأَيْضًا كَانُوا يَقُولُونَ: إِنَّ الشَّيْطَانَ يَتَخَيَّلُ لَهُ فَيَظُنُّ أَنَّهُ مَلَكٌ فَقَالُوا: إِنَّهُ مَخْدُوعٌ مِنْ قِبَلِ الشَّيْطَانِ.
ثُمَّ قَالَ: انْظُرْ كَيْفَ ضَرَبُوا لَكَ الْأَمْثالَ أَيْ كُلُّ أَحَدٍ شَبَّهَكَ بِشَيْءٍ آخَرَ، فَقَالُوا: إِنَّهُ كَاهِنٌ وَسَاحِرٌ وَشَاعِرٌ وَمُعَلَّمٌ وَمَجْنُونٌ، فَضَلُّوا عَنِ الْحَقِّ وَالطَّرِيقِ الْمُسْتَقِيمِ فَلَا يَسْتَطِيعُونَ سَبِيلًا إلى الهدى والحق.

[سورة الإسراء (17) : الآيات 49 الى 52]
وَقالُوا أَإِذا كُنَّا عِظاماً وَرُفاتاً أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ خَلْقاً جَدِيداً (49) قُلْ كُونُوا حِجارَةً أَوْ حَدِيداً (50) أَوْ خَلْقاً مِمَّا يَكْبُرُ فِي صُدُورِكُمْ فَسَيَقُولُونَ مَنْ يُعِيدُنا قُلِ الَّذِي فَطَرَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ فَسَيُنْغِضُونَ إِلَيْكَ رُؤُسَهُمْ وَيَقُولُونَ مَتى هُوَ قُلْ عَسى أَنْ يَكُونَ قَرِيباً (51) يَوْمَ يَدْعُوكُمْ فَتَسْتَجِيبُونَ بِحَمْدِهِ وَتَظُنُّونَ إِنْ لَبِثْتُمْ إِلاَّ قَلِيلاً (52)

نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 20  صفحه : 351
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست