responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 20  صفحه : 312
الْحُكْمُ الْأَوَّلُ:
قَالَ الْجُبَّائِيُّ فِي الْآيَةِ دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّهُ تَعَالَى لَا يُعَذِّبُ الْأَطْفَالَ بِكُفْرِ آبَائِهِمْ، وَإِلَّا لَكَانَ الطِّفْلُ مُؤَاخَذًا بِذَنْبِ أَبِيهِ، وَذَلِكَ عَلَى خِلَافِ ظَاهِرِ هَذِهِ الْآيَةِ.
الْحُكْمُ الثَّانِي:
رَوَى ابْنُ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «إِنَّ الْمَيِّتَ لَيُعَذَّبُ بِبُكَاءِ أَهْلِهِ»
فَعَائِشَةُ طَعَنَتْ فِي صِحَّةٍ هَذَا الْخَبَرِ، وَاحْتَجَّتْ عَلَى صِحَّةِ ذَلِكَ الطَّعْنِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: وَلا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى فَإِنَّ تَعْذِيبَ الْمَيِّتِ بِسَبَبِ بُكَاءِ أَهْلِهِ أَخْذٌ لِلْإِنْسَانِ بِجُرْمِ غَيْرِهِ، وَذَلِكَ خِلَافُ هَذِهِ الْآيَةِ.
الْحُكْمُ الثَّالِثُ:
قَالَ الْقَاضِي: دَلَّتْ هَذِهِ الْآيَةُ عَلَى أَنَّ الْوِزْرَ وَالْإِثْمَ لَيْسَ مِنْ فِعْلِ اللَّهِ تَعَالَى وَبَيَانُهُ مِنْ وُجُوهٍ: أَحَدُهَا: أَنَّهُ لَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَامْتَنَعَ أَنْ يُؤَاخَذَ الْعَبْدُ بِهِ كَمَا لَا يُؤَاخَذُ بِوِزْرِ غَيْرِهِ. وَثَانِيهَا: أَنَّهُ كَانَ يَجِبُ ارْتِفَاعُ الْوِزْرِ أَصْلًا، لِأَنَّ الْوَازِرَ إِنَّمَا يَصِحُّ أَنْ يُوصَفَ بِذَلِكَ إِذَا كَانَ مُخْتَارًا يُمْكِنُهُ التَّحَرُّزُ، وَلِهَذَا الْمَعْنَى لَا يُوصَفُ الصَّبِيُّ بِهَذَا.
الْحُكْمُ الرَّابِعُ:
أَنَّ جَمَاعَةً مِنْ قُدَمَاءَ الْفُقَهَاءِ امْتَنَعُوا مِنْ ضَرْبِ الدِّيَةِ عَلَى الْعَاقِلَةِ، وَقَالُوا: لِأَنَّ ذَلِكَ يَقْتَضِي مُؤَاخَذَةَ الْإِنْسَانِ بِسَبَبِ فِعْلِ الْغَيْرِ، وَذَلِكَ عَلَى مُضَادَّةِ هَذِهِ الْآيَةِ.
وَأُجِيبَ عَنْهُ بِأَنَّ الْمُخْطِئَ لَيْسَ بِمُؤَاخَذٍ عَلَى ذَلِكَ الْفِعْلِ، فَكَيْفَ يَصِيرُ غَيْرُهُ مُؤَاخَذًا بِسَبَبِ ذَلِكَ الْفِعْلِ، بَلْ ذَلِكَ تَكْلِيفٌ وَاقِعٌ عَلَى سَبِيلِ الِابْتِدَاءِ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى.
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: قَالَ أَصْحَابُنَا وُجُوبُ شُكْرِ الْمُنْعِمِ لَا يَثْبُتُ بِالْعَقْلِ بَلْ بِالسَّمْعِ، وَالدَّلِيلُ عَلَيْهِ قَوْلُهُ تَعَالَى:
وَما كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا وَجْهُ الِاسْتِدْلَالِ أَنَّ الْوُجُوبَ لَا تَتَقَرَّرُ مَاهِيَّتُهُ إِلَّا بِتَرْتِيبِ الْعِقَابِ عَلَى التَّرْكِ، وَلَا عِقَابَ قَبْلَ الشَّرْعِ بِحُكْمِ هَذِهِ الْآيَةِ، فَوَجَبَ أَنْ لَا يَتَحَقَّقَ الْوُجُوبُ قَبْلَ الشَّرْعِ ثُمَّ أَكَّدُوا هَذِهِ الْآيَةَ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: رُسُلًا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ [النِّسَاءِ: 165] وَبِقَوْلِهِ:
وَلَوْ أَنَّا أَهْلَكْناهُمْ بِعَذابٍ مِنْ قَبْلِهِ لَقالُوا رَبَّنا لَوْلا أَرْسَلْتَ إِلَيْنا رَسُولًا فَنَتَّبِعَ آياتِكَ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَذِلَّ وَنَخْزى [طه: 134] .
وَلِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ: هَذَا الِاسْتِدْلَالُ ضَعِيفٌ، وَبَيَانُهُ مِنْ وَجْهَيْنِ: الْأَوَّلُ: أَنْ نَقُولَ: لَوْ لَمْ يَثْبُتِ الْوُجُوبُ الْعَقْلِيُّ لَمْ يَثْبُتِ الْوُجُوبُ الشَّرْعِيُّ الْبَتَّةَ، وَهَذَا بَاطِلٌ فَذَاكَ بَاطِلٌ بَيَانُ الْمُلَازَمَةِ مِنْ وُجُوهٍ: أَحَدُهَا: أَنَّهُ إِذَا جَاءَ الْمُشَرِّعُ وَادَّعَى كَوْنَهُ نَبِيًّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ تَعَالَى وَأَظْهَرَ الْمُعْجِزَةَ، فَهَلْ يَجِبُ عَلَى الْمُسْتَمِعِ اسْتِمَاعُ قَوْلِهِ وَالتَّأَمُّلُ فِي مُعْجِزَاتِهِ أَوْ لَا يَجِبُ؟ فَإِنْ لَمْ يَجِبْ فَقَدْ بَطَلَ الْقَوْلُ بِالنُّبُوَّةِ وَإِنْ وَجَبَ، فَإِمَّا أَنْ يَجِبَ بِالْعَقْلِ أَوْ بِالشَّرْعِ فَإِنْ وَجَبَ بِالْعَقْلِ فَقَدْ ثَبَتَ الْوُجُوبُ الْعَقْلِيُّ، وَإِنْ وَجَبَ بِالشَّرْعِ فَهُوَ بَاطِلٌ، لِأَنَّ ذَلِكَ الشَّرْعَ إِمَّا أَنْ يَكُونَ هُوَ ذَلِكَ الْمُدَّعِي أَوْ غَيْرَهُ، وَالْأَوَّلُ بَاطِلٌ لِأَنَّهُ يَرْجِعُ حَاصِلُ الْكَلَامِ إِلَى أَنَّ ذَلِكَ الرَّجُلَ يَقُولُ: الدَّلِيلُ عَلَى أَنَّهُ يَجِبُ قَبُولُ قَوْلِي أَنِّي أَقُولُ إِنَّهُ يَجِبُ قَبُولُ قَوْلِي، وَهَذَا إِثْبَاتٌ لِلشَّيْءِ بِنَفْسِهِ، وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ الشَّارِعُ غَيْرَهُ كَانَ الْكَلَامُ فِيهِ كَمَا

نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 20  صفحه : 312
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست