responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 20  صفحه : 304
الْأَجْرُ الْكَبِيرُ لِأَنَّ الطَّرِيقَ الْأَقْوَمَ لَا بُدَّ وَأَنْ يُفِيدَ الرِّبْحَ الْأَكْبَرَ وَالنَّفْعَ الْأَعْظَمَ.
وَالصِّفَةُ الثَّالِثَةُ: قَوْلُهُ: وَأَنَّ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ أَعْتَدْنا لَهُمْ عَذاباً أَلِيماً وَذَلِكَ لِأَنَّ الِاعْتِقَادَ الْأَصْوَبَ وَالْعَمَلَ الْأَصْلَحَ، كَمَا يُوجِبُ لِفَاعِلِهِ النَّفْعَ الْأَكْمَلَ الْأَعْظَمَ، فَكَذَلِكَ تَرْكُهُ يُوجِبُ لِتَارِكِهِ الضَّرَرَ الْأَعْظَمَ الْأَكْمَلَ.
وَاعْلَمْ أَنَّ قَوْلَهُ: وَأَنَّ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ عُطِفَ عَلَى قَوْلِهِ: أَنَّ لَهُمْ أَجْراً كَبِيراً وَالْمَعْنَى أَنَّهُ تَعَالَى بَشَّرَ الْمُؤْمِنِينَ بِنَوْعَيْنِ مِنَ الْبِشَارَةِ بِثَوَابِهِمْ وَبِعِقَابِ أَعْدَائِهِمْ، وَنَظِيرُهُ قَوْلُهُ: بَشَّرْتُ زَيْدًا أَنَّهُ سَيُعْطَى وَبِأَنَّ عَدُوَّهُ سَيُمْنَعُ.
فَإِنْ قِيلَ: كَيْفَ يَلِيقُ لَفْظُ الْبِشَارَةِ بِالْعَذَابِ؟
قُلْنَا: مَذْكُورٌ عَلَى سَبِيلِ التَّهَكُّمِ، أَوْ يُقَالُ: إِنَّهُ مِنْ بَابِ إِطْلَاقِ اسْمِ الضِّدَّيْنِ عَلَى الْآخَرِ، كَقَوْلِهِ: وَجَزاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُها [الشُّورَى: 40] .
فَإِنْ قِيلَ: هَذِهِ الْآيَةُ وَارِدَةٌ فِي شَرْحِ أَحْوَالِ الْيَهُودِ وَهُمْ مَا كَانُوا يُنْكِرُونَ الْإِيمَانَ بِالْآخِرَةِ، فَكَيْفَ يَلِيقُ بِهَذَا الْمَوْضِعِ قَوْلُهُ: وَأَنَّ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ أَعْتَدْنا لَهُمْ عَذاباً أَلِيماً.
قُلْنَا عَنْهُ جَوَابَانِ: أَحَدُهُمَا: أَنَّ أَكْثَرَ الْيَهُودِ يُنْكِرُونَ الثَّوَابَ وَالْعِقَابَ الْجُسْمَانِيَّيْنِ، وَالثَّانِي: أَنَّ بَعْضَهُمْ قَالَ: لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلَّا أَيَّاماً مَعْدُوداتٍ [آلِ عِمْرَانَ: 24] فَهُمْ فِي هَذَا الْقَوْلِ صَارُوا كَالْمُنْكِرِينَ لِلْآخِرَةِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

[سورة الإسراء (17) : آية 11]
وَيَدْعُ الْإِنْسانُ بِالشَّرِّ دُعاءَهُ بِالْخَيْرِ وَكانَ الْإِنْسانُ عَجُولاً (11)
[في قَوْلُهُ تَعَالَى وَيَدْعُ الْإِنْسانُ بِالشَّرِّ دُعاءَهُ بِالْخَيْرِ] وَفِي الْآيَةِ مَبَاحِثُ:
الْبَحْثُ الْأَوَّلُ: اعْلَمْ أَنَّ وَجْهَ النَّظْمِ هُوَ أَنَّ الْإِنْسَانَ بَعْدَ أَنْ أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْقُرْآنَ وَخَصَّهُ بِهَذِهِ النِّعْمَةِ الْعَظِيمَةِ وَالْكَرَامَةِ الْكَامِلَةِ، قَدْ يَعْدِلُ عَنِ التَّمَسُّكِ بِشَرَائِعِهِ وَالرُّجُوعِ إِلَى بَيَانَاتِهِ، وَيُقْدِمُ عَلَى مَا لَا فَائِدَةَ فِيهِ فَقَالَ: وَيَدْعُ الْإِنْسانُ بِالشَّرِّ دُعاءَهُ بِالْخَيْرِ.
الْبَحْثُ الثَّانِي: اخْتَلَفُوا فِي الْمُرَادِ مِنْ دُعَاءِ الْإِنْسَانِ بِالشَّرِّ عَلَى أَقْوَالٍ:
الْقَوْلُ الأول: المراد منه: النضر بن الحرث حيث قَالَ: اللَّهُمَّ إِنْ كانَ هَذَا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ [الْأَنْفَالِ: 32] فَأَجَابَ اللَّهُ دُعَاءَهُ وَضُرِبَتْ رَقَبَتُهُ، فكان بعضهم يقول: ائْتِنا بِعَذابِ اللَّهِ [العنكبوت: 29] .
وَآخَرُونَ يَقُولُونَ: مَتى هذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ [يُونُسَ: 48] . وَإِنَّمَا فَعَلُوا ذَلِكَ لِلْجَهْلِ وَاعْتِقَادِ أَنَّ مُحَمَّدًا كَاذِبٌ فِيمَا يَقُولُ.
وَالْقَوْلُ الثَّانِي: الْمُرَادُ أَنَّهُ فِي وَقْتِ الضَّجَرِ يَلْعَنُ نَفْسَهُ وَأَهْلَهُ وَوَلَدَهُ وَمَالَهُ، وَلَوِ اسْتُجِيبَ لَهُ فِي الشَّرِّ كَمَا يُسْتَجَابُ لَهُ فِي الْخَيْرِ لَهَلَكَ.
وَرُوِيَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَفَعَ إِلَى سَوْدَةَ بِنْتِ زَمْعَةَ أَسِيرًا فَأَقْبَلَ يَئِنُّ بِاللَّيْلِ فَقَالَتْ لَهُ: مَا لَكَ تَئِنُّ؟ فَشَكَى أَلَمَ القدّ فَأَرْخَتْ لَهُ مِنْ كِتَافِهِ، فَلَمَّا نَامَتْ أَخْرَجَ يَدَهُ وَهَرَبَ، فَلَمَّا أَصْبَحَ النَّبِيُّ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ دَعَا بِهِ فَأُعْلِمَ بِشَأْنِهِ، فَقَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: «اللَّهُمَّ اقْطَعْ يَدَهَا» فَرَفَعَتْ سَوْدَةُ يَدَهَا تَتَوَقَّعُ أَنْ يَقْطَعَ اللَّهُ يَدَهَا، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنِّي سَأَلْتُ اللَّهَ أَنْ يَجْعَلَ دُعَائِي عَلَى مَنْ لَا يَسْتَحِقُّ عَذَابًا مِنْ أَهْلِي رَحْمَةً لِأَنِّي بَشَرٌ أَغْضَبُ كَمَا تَغْضَبُونَ، فَلْتَرُدَّ سَوْدَةُ يَدَهَا» .

نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 20  صفحه : 304
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست