responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 20  صفحه : 302
الْيَهُودِ بِسَبَبِ هَؤُلَاءِ مَلِكٌ مِنَ الرُّومِ يُقَالُ لَهُ: / قُسْطَنْطِينُ الْمَلِكُ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِأَحْوَالِهِمْ، وَلَا يَتَعَلَّقُ غَرَضٌ مِنْ أَغْرَاضِ تَفْسِيرِ الْقُرْآنِ بِمَعْرِفَةِ أَعْيَانِ هَؤُلَاءِ الْأَقْوَامِ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: جَوَابُ قَوْلِهِ: فَإِذا جاءَ مَحْذُوفٌ تَقْدِيرُهُ: فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الآخرة بعثناهم ليسوؤا وُجُوهَكُمْ وَإِنَّمَا حَسُنَ هَذَا الْحَذْفُ لِدَلَالَةِ مَا تَقَدَّمَ عَلَيْهِ مِنْ قَوْلِهِ: بَعَثْنا عَلَيْكُمْ عِباداً لَنا [الإسراء: 5] ثم قال:
لِيَسُوؤُا وُجُوهَكُمْ وَفِيهِ مَسْأَلَتَانِ:
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: يُقَالُ: سَاءَهُ يَسُوءُهُ أَيْ أَحْزَنَهُ، وَإِنَّمَا عَزَا الْإِسَاءَةَ إِلَى الْوُجُوهِ، لِأَنَّ آثَارَ الْأَعْرَاضِ النَّفْسَانِيَّةِ الْحَاصِلَةِ فِي الْقَلْبِ إِنَّمَا تَظْهَرُ عَلَى الْوَجْهِ، فَإِنْ حَصَلَ الْفَرَحُ فِي الْقَلْبِ ظَهَرَتِ النَّضْرَةُ وَالْإِشْرَاقُ وَالْإِسْفَارُ فِي الْوَجْهِ وَإِنْ حَصَلَ الْحُزْنُ وَالْخَوْفُ فِي الْقَلْبِ ظَهَرَ الْكُلُوحُ وَالْغَبَرَةُ وَالسَّوَادُ فِي الْوَجْهِ، فَلِهَذَا السَّبَبِ عُزِيَتِ الْإِسَاءَةُ إِلَى الْوُجُوهِ فِي هَذِهِ الْآيَةِ، وَنَظِيرُ هَذَا الْمَعْنَى كَثِيرٌ فِي القرآن.
المسألة الثانية: قرأ العامة: ليسوؤا عَلَى صِيغَةِ الْمُغَايَبَةِ، قَالَ الْوَاحِدِيُّ: وَهِيَ مُوَافِقَةٌ لِلْمَعْنَى وَلِلَّفْظِ. أَمَّا الْمَعْنَى فَهُوَ أَنَّ الْمَبْعُوثِينَ هم الذين يسوؤنهم فِي الْحَقِيقَةِ، لِأَنَّهُمْ هُمُ الَّذِينَ يَقْتُلُونَ وَيَأْسِرُونَ وَأَمَّا اللَّفْظُ فَلِأَنَّهُ يُوَافِقُ قَوْلَهُ: وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ وَقَرَأَ ابْنُ عَامِرٍ وَأَبُو بَكْرٍ عَنْ عَاصِمٍ وَحَمْزَةَ: لِيَسُوءَ عَلَى إِسْنَادِ الْفِعْلِ إِلَى الْوَاحِدِ، وَذَلِكَ الْوَاحِدُ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ أَحَدَ أَشْيَاءَ ثَلَاثَةٍ: إِمَّا اسْمُ اللَّهِ سُبْحَانَهُ لِأَنَّ الَّذِي تقدم هو قوله: ثُمَّ رَدَدْنا ... وَأَمْدَدْناكُمْ [الإسراء: 6] ، وَكُلُّ ذَلِكَ ضَمِيرٌ عَائِدٌ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى، وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ الْوَاحِدُ هُوَ الْبَعْثَ وَدَلَّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ: بَعَثْنا وَالْفِعْلُ الْمُتَقَدِّمُ يَدُلُّ عَلَى الْمَصْدَرِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: وَلا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِما آتاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ هُوَ خَيْراً لَهُمْ [آلِ عِمْرَانَ: 180] وَقَالَ الزَّجَّاجُ: لِيَسُوءَ الْوَعْدُ وُجُوهَكُمْ، وَقَرَأَ الْكِسَائِيُّ بِالنُّونِ وَهَذَا عَلَى إِسْنَادِ الْفِعْلِ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى كَقَوْلِهِ: بَعَثْنا عَلَيْكُمْ أَمْدَدْناكُمْ.
ثُمَّ قَالَ تَعَالَى: وَلِيُتَبِّرُوا مَا عَلَوْا تَتْبِيراً يُقَالُ: تَبِرَ الشَّيْءُ تَبْرًا إِذَا هَلَكَ وَتَبَّرَهُ أَهْلَكَهُ. قَالَ الزَّجَّاجُ: كُلُّ شَيْءٍ جَعَلْتَهُ مُكَسَّرًا وَمُفَتَّتًا فَقَدْ تَبَّرْتَهُ، وَمِنْهُ قِيلَ: تِبْرُ الزُّجَاجِ وَتِبْرُ الذَّهَبِ لِمُكَسَّرِهِ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: إِنَّ هؤُلاءِ مُتَبَّرٌ مَا هُمْ فِيهِ وَباطِلٌ مَا كانُوا يَعْمَلُونَ [الْأَعْرَافِ: 139] وَقَوْلُهُ: وَلا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلَّا تَباراً [نُوحٍ: 28] وَقَوْلُهُ: مَا عَلَوْا يَحْتَمِلُ مَا غَلَبُوا عَلَيْهِ وَظَفِرُوا بِهِ، وَيَحْتَمِلُ وَيُتَبِّرُوا مَا دَامُوا غَالِبِينَ، أَيْ مَا دَامَ سُلْطَانُهُمْ جَارِيًا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ، وَقَوْلُهُ: تَتْبِيراً ذِكْرٌ لِلْمَصْدَرِ عَلَى مَعْنَى تَحْقِيقِ الْخَبَرِ وَإِزَالَةِ الشَّكِّ فِي صِدْقِهِ كَقَوْلِهِ:
وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسى تَكْلِيماً [النِّسَاءِ: 164] أَيْ حَقًّا، وَالْمَعْنَى: وَلِيُدَمِّرُوا وَيُخَرِّبُوا مَا غَلَبُوا عَلَيْهِ.
ثُمَّ قَالَ تَعَالَى: عَسى رَبُّكُمْ أَنْ يَرْحَمَكُمْ وَالْمَعْنَى: لَعَلَّ رَبَّكُمْ أَنْ يَرْحَمَكُمْ وَيَعْفُوَ عَنْكُمْ بَعْدَ انْتِقَامِهِ مِنْكُمْ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ.
ثُمَّ قَالَ: وَإِنْ عُدْتُمْ عُدْنا يَعْنِي: أَنَ بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ مَنْ بَعَثْنَا، فَفَعَلُوا بِكُمْ مَا فَعَلُوا عُقُوبَةً لَكُمْ وَعِظَةً لِتَنْتَفِعُوا بِهِ وتنزجروا بِهِ عَنِ ارْتِكَابِ الْمَعَاصِي، ثُمَّ رَحِمَكُمْ فَأَزَالَ هَذَا الْعَذَابَ عَنْكُمْ، فَإِنْ عُدْتُمْ مَرَّةً أُخْرَى إِلَى الْمَعْصِيَةِ عُدْنَا إِلَى صَبِّ الْبَلَاءِ عَلَيْكُمْ فِي الدُّنْيَا مَرَّةً أُخْرَى. قَالَ الْقَفَّالُ: إِنَّمَا حَمَلْنَا هَذِهِ الْآيَةَ عَلَى عَذَابِ الدُّنْيَا لِقَوْلِهِ تَعَالَى فِي سُورَةِ الْأَعْرَافِ خَبَرًا عَنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ: وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكَ لَيَبْعَثَنَّ عَلَيْهِمْ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ مَنْ يَسُومُهُمْ سُوءَ الْعَذابِ [الْأَعْرَافِ: 167] ثُمَّ قَالَ: وَإِنْ عُدْتُمْ عُدْنا أَيْ وَإِنَّهُمْ قَدْ عَادُوا إِلَى فِعْلِ مَا لَا يَنْبَغِي وهو

نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 20  صفحه : 302
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست