responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 20  صفحه : 301
وَاعْلَمْ أَنَّ الْجَوَابَ الْأَوَّلَ ضَعِيفٌ، لِأَنَّ الَّذِينَ قَصَدُوا تَخْرِيبَ بَيْتِ الْمَقْدِسِ وَإِحْرَاقَ التَّوْرَاةِ وَقَتْلَ حُفَّاظِ التَّوْرَاةِ لَا يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ إِنَّهُمْ فَعَلُوا ذَلِكَ بِأَمْرِ اللَّهِ تَعَالَى. وَالْجَوَابُ الثَّانِي أَيْضًا ضَعِيفٌ، لِأَنَّ الْبَعْثَ عَلَى الْفِعْلِ عِبَارَةٌ عَنِ التَّقْوِيَةِ عَلَيْهِ وَإِلْقَاءِ الدَّوَاعِي الْقَوِيَّةِ فِي الْقَلْبِ، وَأَمَّا التَّخْلِيَةُ فَعِبَارَةٌ عَنْ عَدَمِ الْمَنْعِ، وَالْأَوَّلُ فِعْلٌ، وَالثَّانِي تَرْكٌ، فَتَفْسِيرُ الْبَعْثِ بِالتَّخْلِيَةِ تَفْسِيرٌ لِأَحَدِ الضِّدَّيْنِ بِالْآخَرِ وَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ، فثبت صحة ما ذكرناه والله أعلم.

[سورة الإسراء (17) : الآيات 7 الى 8]
إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَها فَإِذا جاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ لِيَسُوؤُا وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَما دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُوا مَا عَلَوْا تَتْبِيراً (7) عَسى رَبُّكُمْ أَنْ يَرْحَمَكُمْ وَإِنْ عُدْتُمْ عُدْنا وَجَعَلْنا جَهَنَّمَ لِلْكافِرِينَ حَصِيراً (8)
[في قَوْلُهُ تَعَالَى إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَها] وَفِيهِ مَسَائِلُ:
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: اعْلَمْ أَنَّهُ تَعَالَى حَكَى عَنْهُمْ أَنَّهُمْ لَمَّا عَصَوْا سَلَّطَ عَلَيْهِمْ أَقْوَامًا قَصَدُوهُمْ بِالْقَتْلِ وَالنَّهْبِ وَالسَّبْيِ، وَلَمَّا تَابُوا أَزَالَ عَنْهُمْ تِلْكَ الْمِحْنَةَ وَأَعَادَ عَلَيْهِمُ الدَّوْلَةَ، فَعِنْدَ ذَلِكَ ظَهَرَ أَنَّهُمْ إِنْ أَطَاعُوا فَقَدْ أَحْسَنُوا إِلَى أَنْفُسِهِمْ، وَإِنْ أَصَرُّوا عَلَى الْمَعْصِيَةِ فقد أساؤا إِلَى أَنْفُسِهِمْ، وَقَدْ تَقَرَّرَ فِي الْعُقُولِ أَنَّ الْإِحْسَانَ إِلَى النَّفْسِ حَسَنٌ مَطْلُوبٌ، وَأَنَّ الْإِسَاءَةَ إِلَيْهَا قَبِيحَةٌ، فَلِهَذَا الْمَعْنَى قَالَ تَعَالَى: إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَها.
المسألة الثانية: قال الواحدي: لا بد هاهنا مِنْ إِضْمَارٍ، وَالتَّقْدِيرُ: وَقُلْنَا إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ، وَالْمَعْنَى: إِنْ أَحْسَنْتُمْ بِفِعْلِ الطَّاعَاتِ فَقَدْ أَحْسَنْتُمْ إِلَى أَنْفُسِكُمْ مِنْ حَيْثُ إِنَّ بِبَرَكَةِ تِلْكَ الطَّاعَاتِ يَفْتَحُ اللَّهُ عَلَيْكُمْ أَبْوَابَ الْخَيْرَاتِ وَالْبَرَكَاتِ، وَإِنْ أَسَأْتُمْ بِفِعْلِ الْمُحَرَّمَاتِ أَسَأْتُمْ إِلَى أَنْفُسِكُمْ مِنْ حَيْثُ إِنَّ بِشُؤْمِ تِلْكَ الْمَعَاصِي يَفْتَحُ اللَّهُ عَلَيْكُمْ أَبْوَابَ الْعُقُوبَاتِ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: قَالَ النَّحْوِيُّونَ: إِنَّمَا قَالَ: وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَها لِلتَّقَابُلِ وَالْمَعْنَى: فَإِلَيْهَا أَوْ فَعَلَيْهَا مَعَ أَنَّ حُرُوفَ الْإِضَافَةِ يَقُومُ بَعْضُهَا مَقَامَ بَعْضٍ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبارَها بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحى لَها [الزَّلْزَلَةِ: 4، 5] أَيْ إِلَيْهَا.
الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ: قَالَ أَهْلُ الْإِشَارَاتِ هَذِهِ الْآيَةُ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ رَحْمَةَ اللَّهِ تَعَالَى غَالِبَةٌ عَلَى غَضَبِهِ بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَمَّا حَكَى عَنْهُمُ الْإِحْسَانَ أَعَادَهُ مَرَّتَيْنِ فَقَالَ: إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ وَلَمَّا حَكَى عَنْهُمُ الْإِسَاءَةَ اقْتَصَرَ عَلَى ذِكْرِهَا مَرَّةً وَاحِدَةً فَقَالَ: وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَها وَلَوْلَا أَنَّ جَانِبَ الرَّحْمَةِ غَالِبٌ وَإِلَّا لَمَا كَانَ كَذَلِكَ.
ثُمَّ قَالَ تَعَالَى: فَإِذا جاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ وَفِيهِ مَسَائِلُ:
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: قَالَ الْمُفَسِّرُونَ: مَعْنَاهُ وَعْدُ الْمَرَّةِ الْأَخِيرَةِ، وَهَذِهِ الْمَرَّةُ الْأَخِيرَةُ هِيَ إِقْدَامُهُمْ عَلَى قَتْلِ زَكَرِيَّا وَيَحْيَى عَلَيْهِمَا الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ. قَالَ الْوَاحِدِيُّ: فَبَعَثَ اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِمْ بُخْتُنَصَّرَ الْبَابِلِيَّ الْمَجُوسِيَّ أَبْغَضَ خَلْقِهِ إِلَيْهِ فَسَبَى بَنِي إِسْرَائِيلَ وَقَتَلَ وَخَرَّبَ بَيْتَ الْمَقْدِسِ أَقُولُ: التَّوَارِيخُ تَشْهَدُ بِأَنَّ بُخْتُنَصَّرَ كَانَ قَبْلَ وَقْتِ عِيسَى عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ وَيَحْيَى وَزَكَرِيَّا عَلَيْهِمَا الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ بِسِنِينَ مُتَطَاوِلَةٍ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْمَلِكَ الَّذِي انتقم من

نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 20  صفحه : 301
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست