responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 20  صفحه : 298
البحث الأول: قرأ أبو عمرو: أَلَّا تَتَّخِذُوا بِالْيَاءِ خَبَرًا عَنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَالْبَاقُونَ بِالتَّاءِ عَلَى الْخَطَابِ، أَيْ قُلْنَا لَهُمْ لَا تَتَّخِذُوا.
البحث الثَّانِي: قَالَ أَبُو عَلِيٍّ الْفَارِسِيُّ: إِنَّ قَوْلَهُ: أَلَّا تَتَّخِذُوا فِيهِ ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ: أَحَدُهَا: أَنْ تَكُونَ (أَنْ) نَاصِبَةً لِلْفِعْلِ فَيَكُونُ الْمَعْنَى: وَجَعَلْنَاهُ هَدًى لِئَلَّا تَتَّخِذُوا. وَثَانِيهَا: أَنْ تَكُونَ (أَنْ) بِمَعْنَى أَيِ الَّتِي لِلتَّفْسِيرِ وَانْصَرَفَ الْكَلَامُ مِنَ الْغَيْبَةِ إِلَى الْخِطَابِ فِي قِرَاءَةِ الْعَامَّةِ كَمَا انْصَرَفَ مِنْهَا إِلَى الْخِطَابِ. وَالْأَمْرِ فِي قوله:
وَانْطَلَقَ الْمَلَأُ مِنْهُمْ أَنِ امْشُوا [ص: 6] فَكَذَلِكَ انْصَرَفَ مِنَ الْغَيْبَةِ إِلَى النَّهْيِ فِي قَوْلِهِ: أَلَّا تَتَّخِذُوا.
وَثَالِثُهَا: أَنْ تَكُونَ (أَنْ) زَائِدَةً وَيُجْعَلَ تَتَّخِذُوا عَلَى الْقَوْلِ الْمُضْمَرِ وَالتَّقْدِيرُ: وَجَعَلْنَاهُ هُدًى لِبَنِي إِسْرَائِيلَ فَقُلْنَا لَا تَتَّخِذُوا مِنْ دُونِي وَكِيلًا.
البحث الثَّالِثُ: قَوْلُهُ: وَكِيلًا أَيْ رَبًّا تَكِلُونَ أُمُورَكُمْ إِلَيْهِ. أَقُولُ حَاصِلُ الْكَلَامِ فِيُ الْآيَةِ: أَنَّهُ تَعَالَى ذَكَرَ تَشْرِيفَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْإِسْرَاءِ، ثُمَّ ذَكَرَ عَقِيبَهُ تَشْرِيفَ مُوسَى عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ بِإِنْزَالِ التَّوْرَاةِ عَلَيْهِ، ثُمَّ وَصَفَ التَّوْرَاةَ بِكَوْنِهَا هُدًى، ثُمَّ بَيَّنَ أَنَّ التَّوْرَاةَ إِنَّمَا كَانَ هُدًى لِاشْتِمَالِهِ عَلَى النَّهْيِ عَنِ اتِّخَاذِ غَيْرِ اللَّهِ وَكِيلًا، وَذَلِكَ هُوَ التَّوْحِيدُ، فَرَجَعَ حَاصِلُ الْكَلَامِ بَعْدَ رِعَايَةِ هَذِهِ الْمَرَاتِبِ أَنَّهُ لَا مِعْرَاجَ أَعْلَى وَلَا دَرَجَةَ أَشْرَفُ وَلَا مَنْقَبَةَ أَعْظَمُ مِنْ أَنْ يَصِيرَ الْمَرْءُ غَرِقًا فِي بَحْرِ التَّوْحِيدِ وَأَنْ لَا يُعَوِّلَ فِي أَمْرٍ مِنَ الْأُمُورِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ، فَإِنْ نَطَقَ، نطق بذكر الله، وإن تَفَكَّرَ فِي دَلَائِلِ تَنْزِيهِ اللَّهِ تَعَالَى، وَإِنْ طَلَبَ طَلَبَ مِنَ اللَّهِ، فَيَكُونُ كُلُّهُ لِلَّهِ وَبِاللَّهِ، ثم قال: ذُرِّيَّةَ مَنْ حَمَلْنا مَعَ نُوحٍ وَفِي نَصْبِ ذُرِّيَّةَ وَجْهَانِ:
الوجه الْأَوَّلُ: أَنْ يَكُونَ نَصْبًا عَلَى النِّدَاءِ يَعْنِي: يَا ذُرِّيَّةَ مَنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ وَهَذَا قَوْلُ مُجَاهِدٍ لِأَنَّهُ قَالَ: هَذَا نِدَاءٌ قَالَ الْوَاحِدِيُّ: وَإِنَّمَا يَصِحُّ هَذَا عَلَى قِرَاءَةِ مَنْ قَرَأَ بِالتَّاءِ كَأَنَّهُ قِيلَ لَهُمْ: لَا تَتَّخِذُوا مِنْ دُونِي وَكِيلًا يَا ذُرِّيَّةَ مَنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ فِي السَّفِينَةِ قَالَ قَتَادَةُ: النَّاسُ كُلُّهُمْ ذُرِّيَّةُ نُوحٍ لِأَنَّهُ كَانَ مَعَهُ فِي السَّفِينَةِ ثَلَاثَةُ بَنِينَ: سَامٌ وَحَامٌ وَيَافِثُ فَالنَّاسُ كُلُّهُمْ مِنْ ذُرِّيَّةِ أُولَئِكَ، فَكَانَ قَوْلُهُ: يَا ذُرِّيَّةَ مَنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ، قَائِمًا مَقَامَ قَوْلِهِ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ.
الوجه الثَّانِي: فِي نَصْبِ قَوْلِهِ: ذُرِّيَّةَ أَنَّ الِاتْخَاذَ فِعْلٌ يَتَعَدَّى إِلَى مَفْعُولَيْنِ كَقَوْلِهِ: وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْراهِيمَ خَلِيلًا [النِّسَاءِ: 125] وَالتَّقْدِيرُ: لَا تَتَّخِذُوا ذُرِّيَّةَ مَنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ مِنْ دُونِي وَكِيلًا، ثُمَّ إِنَّهُ تَعَالَى أَثْنَى عَلَى نُوحٍ فَقَالَ: إِنَّهُ كانَ عَبْداً شَكُوراً [الإسراء: 3] أَيْ كَانَ كَثِيرَ الشُّكْرِ،
رُوِيَ أَنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ كَانَ إِذَا أَكَلَ قَالَ: «الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَطْعَمَنِي وَلَوْ شَاءَ أَجَاعَنِي» وَإِذَا شَرِبَ قَالَ: «الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَسْقَانِي وَلَوْ شاء أظمأني» وإذا اكتسى قال: «الحمد الله الَّذِي كَسَانِي وَلَوْ شَاءَ أَعْرَانِي» وَإِذَا احْتَذَى قَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي حَذَانِي وَلَوْ شَاءَ أَحْفَانِي» وَإِذَا قَضَى حَاجَتَهُ قَالَ: «الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَخْرَجَ عَنِّي أَذَاهُ فِي عَافِيَةٍ وَلَوْ شَاءَ حَبَسَهُ»
وَرُوِيَ أَنَّهُ كَانَ إِذَا أَرَادَ الْإِفْطَارَ عَرَضَ طَعَامَهُ عَلَى مَنْ آمَنَ بِهِ فَإِنْ وَجَدَهُ مُحْتَاجًا آثَرَهُ بِهِ.
فَإِنْ قِيلَ: قَوْلُهُ: إِنَّهُ كانَ عَبْداً شَكُوراً مَا وَجْهُ ملاءمته لِمَا قَبْلَهُ؟
قُلْنَا: التَّقْدِيرُ كَأَنَّهُ قَالَ: لَا تَتَّخِذُوا مِنْ دُونِي وَكِيلًا وَلَا تُشْرِكُوا بِي، لِأَنَّ نُوحًا عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ كَانَ عَبْدًا شَكُورًا، وَإِنَّمَا يَكُونُ الْعَبْدُ شَكُورًا لَوْ كَانَ مُوَحِّدًا لَا يَرَى حُصُولَ شَيْءٍ مِنَ النِّعَمِ إِلَّا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَأَنْتُمْ ذُرِّيَّةُ

نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 20  صفحه : 298
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست