responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 20  صفحه : 259
اتَّبِعُوا ابْنَ أَخِي تَرْشُدُوا وَلَئِنْ كَانَ صَادِقًا أَوْ كَاذِبًا فَإِنَّهُ مَا يَأْمُرُكُمْ إِلَّا بِمَكَارِمِ الْأَخْلَاقِ، فَلَمَّا رَأَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ عَمِّهِ اللِّينَ قَالَ: يَا عَمَّاهُ أَتَأْمُرُ النَّاسَ أَنْ يَتَّبِعُونِي وَتَدَعُ نَفْسَكَ وَجَهَدَ عَلَيْهِ، فَأَبَى أَنْ يُسْلِمَ فَنَزَلَ قَوْلُهُ: إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ [الْقَصَصِ: 56]
وَعَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: إِنَّ أَجْمَعَ آيَةٍ فِي الْقُرْآنِ لِخَيْرٍ وَشَرٍّ هَذِهِ الْآيَةُ، وَعَنْ قَتَادَةَ لَيْسَ مِنْ خُلُقٍ حَسَنٍ كَانَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ يُعْمَلُ وَيُسْتَحَبُّ إِلَّا أَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى بِهِ فِي هَذِهِ الْآيَةِ وَلَيْسَ مِنْ خلق سيء إِلَّا نَهَى اللَّهُ عَنْهُ فِي هَذِهِ الْآيَةِ،
وَرَوَى الْقَاضِي فِي «تَفْسِيرِهِ» عَنِ ابْنِ مَاجَهْ عَنْ عَلِيٍّ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَنَّهُ قَالَ: أَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى نَبِيَّهُ أَنْ يَعْرِضَ نَفْسَهُ عَلَى قَبَائِلِ الْعَرَبِ، فَخَرَجَ وَأَنَا مَعَهُ وَأَبُو بَكْرٍ فَوَقَفْنَا عَلَى مَجْلِسٍ عَلَيْهِمُ الْوَقَارُ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: مِمَّنِ الْقَوْمُ؟ فَقَالُوا: مِنْ شَيْبَانَ بْنِ ثَعْلَبَةَ فَدَعَاهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الشَّهَادَتَيْنِ وَإِلَى أَنْ يَنْصُرُوهُ فَإِنَّ قُرَيْشًا كَذَّبُوهُ فَقَالَ/ مَقْرُونُ بْنُ عَمْرٍو: إِلَامَ تَدْعُونَا أَخَا قُرَيْشٍ فَتَلَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسانِ الْآيَةَ فَقَالَ مَقْرُونُ بْنُ عَمْرٍو: دَعَوْتَ وَاللَّهِ إِلَى مَكَارِمِ الْأَخْلَاقِ وَمَحَاسِنِ الْأَعْمَالِ وَلَقَدْ أَفِكَ قَوْمٌ كَذَّبُوكَ وَظَاهَرُوا عَلَيْكَ،
وَعَنْ عِكْرِمَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَرَأَ هَذِهِ الْآيَةَ عَلَى الْوَلِيدِ فَاسْتَعَادَهُ، ثم قال: إِنَّ لَهُ لَحَلَاوَةً وَإِنَّ عَلَيْهِ لَطَلَاوَةً،
وَعَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ اللَّهَ كَتَبَ الْإِحْسَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ فَإِذَا قَتَلْتُمْ فَأَحْسِنُوا الْقِتْلَةَ، وَإِذَا ذَبَحْتُمْ فَأَحْسِنُوا الذِّبْحَةَ وَلْيُحِدَّ أَحَدُكُمْ شَفْرَتَهُ وَلْيُرِحْ ذَبِيحَتَهُ»
وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
المسألة الثَّانِيَةُ: فِي تَفْسِيرِ هَذِهِ الْآيَةِ، أَكْثَرَ النَّاسُ فِي تَفْسِيرِ هَذِهِ الْآيَةِ
قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ الْعَدْلُ شَهَادَةُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَالْإِحْسَانُ أَدَاءُ الْفَرَائِضِ وَقَالَ فِي رِوَايَةٍ أُخْرَى: الْعَدْلُ خَلْعُ الْأَنْدَادِ وَالْإِحْسَانُ أَنْ تَعْبُدَ اللَّهَ كَأَنَّكَ تَرَاهُ وَأَنْ تُحِبَّ لِلنَّاسِ مَا تُحِبُّ لِنَفْسِكَ فَإِنْ كَانَ مُؤْمِنًا أَحْبَبْتَ أَنْ يَزْدَادَ إِيمَانًا، وَإِنْ كَانَ كَافِرًا أَحْبَبْتَ أَنْ يَصِيرَ أَخَاكَ فِي الْإِسْلَامِ. وَقَالَ فِي رِوَايَةٍ ثَالِثَةٍ: الْعَدْلُ هُوَ التَّوْحِيدُ وَالْإِحْسَانُ الْإِخْلَاصُ فِيهِ.
وَقَالَ آخَرُونَ: يَعْنِي بِالْعَدْلِ فِي الْأَفْعَالِ وَالْإِحْسَانِ فِي الْأَقْوَالِ، فَلَا تَفْعَلْ إِلَّا مَا هُوَ عَدْلٌ وَلَا تَقُلْ إِلَّا مَا هُوَ إِحْسَانٌ وَقَوْلُهُ: وَإِيتاءِ ذِي الْقُرْبى يُرِيدُ صِلَةَ الرَّحِمِ بِالْمَالِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَبِالدُّعَاءِ،
رَوَى أَبُو مُسْلِمٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِنَّ أَعْجَلَ الطَّاعَةِ ثَوَابًا صِلَةُ الرَّحِمِ إِنَّ أَهْلَ البيت ليكونوا فُجَّارًا فَتَنْمَى أَمْوَالُهُمْ وَيَكْثُرُ عَدَدُهُمْ إِذَا وَصَلُوا أَرْحَامَهُمْ»
وَقَوْلُهُ: وَيَنْهى عَنِ الْفَحْشاءِ قِيلَ: الزِّنَا، وَقِيلَ: الْبُخْلُ، وَقِيلَ: كُلُّ الذُّنُوبِ سَوَاءٌ كَانَتْ صَغِيرَةً أَوْ كَبِيرَةً، وَسَوَاءٌ كَانَتْ فِي الْقَوْلِ أَوْ فِي الْفِعْلِ، وَأَمَّا الْمُنْكَرُ فَقِيلَ، إِنَّهُ الْكُفْرُ بِاللَّهِ تَعَالَى، وَقِيلَ: الْمُنْكَرُ مَا لَا يُعْرَفُ فِي شَرِيعَةٍ وَلَا سُنَّةٍ، وَأَمَّا الْبَغْيُ فَقِيلَ: الْكِبْرُ وَالظُّلْمُ، وَقِيلَ: أَنْ تَبْغِيَ عَلَى أَخِيكَ.
وَاعْلَمْ أَنَّ فِي الْمَأْمُورَاتِ كَثْرَةً وَفِي الْمَنْهِيَّاتِ أَيْضًا كَثْرَةً، وَإِنَّمَا حَسُنَ تَفْسِيرُ لَفْظٍ مُعَيَّنٍ لِشَيْءٍ مُعَيَّنٍ إِذَا حَصَلَ بَيْنَ ذَلِكَ اللَّفْظِ وَبَيْنَ ذَلِكَ الْمَعْنَى مُنَاسَبَةٌ. أَمَّا إِذَا لَمْ تَحْصُلْ هَذِهِ الْحَالَةُ كَانَ ذَلِكَ التَّفْسِيرُ فَاسِدًا، فَإِذَا فَسَّرْنَا الْعَدْلَ بِشَيْءٍ وَالْإِحْسَانَ بِشَيْءٍ آخَرَ وَجَبَ أَنْ نُبَيِّنَ أَنَّ لَفْظَ الْعَدْلِ يُنَاسِبُ ذَلِكَ الْمَعْنَى، وَلَفْظُ الْإِحْسَانِ يُنَاسِبُ هَذَا الْمَعْنَى، فَلَمَّا لَمْ نُبَيِّنْ هَذَا الْمَعْنَى كَانَ ذَلِكَ مُجَرَّدَ التَّحَكُّمِ، وَلَمْ يَكُنْ جَعْلُ بَعْضِ تلك المعنى تَفْسِيرًا لِبَعْضِ تِلْكَ الْأَلْفَاظِ أَوْلَى مِنَ الْعَكْسِ، فَثَبَتَ أَنَّ هَذِهِ الْوُجُوهَ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا لَيْسَتْ قَوِيَّةً فِي تَفْسِيرِ هَذِهِ الْآيَةِ، وَأَقُولُ ظَاهِرَ هَذِهِ الْآيَةِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ تَعَالَى أَمَرَ بِثَلَاثَةِ أَشْيَاءَ، وَهِيَ الْعَدْلُ وَالْإِحْسَانُ وَإِيتَاءُ ذِي الْقُرْبَى وَنَهَى عَنْ ثَلَاثَةِ أَشْيَاءَ وَهِيَ: الْفَحْشَاءُ، وَالْمُنْكَرُ، وَالْبَغْيُ فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ الْعَدْلُ وَالْإِحْسَانُ وَإِيتَاءُ ذِي الْقُرْبَى ثَلَاثَةَ أَشْيَاءَ مُتَغَايِرَةً وَوَجَبَ أَنْ تَكُونَ الْفَحْشَاءُ وَالْمُنْكَرُ وَالْبَغْيُ ثَلَاثَةَ أَشْيَاءَ مُتَغَايِرَةً، لِأَنَّ الْعَطْفَ يُوجِبُ الْمُغَايَرَةَ فَنَقُولُ:
/ أَمَّا الْعَدْلُ فَهُوَ عِبَارَةٌ عَنِ الْأَمْرِ الْمُتَوَسِّطِ بَيْنَ طَرَفَيِ الْإِفْرَاطِ وَالتَّفْرِيطِ، وَذَلِكَ أَمْرٌ وَاجِبُ الرِّعَايَةِ في جميع

نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 20  صفحه : 259
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست