responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 20  صفحه : 257
وَبِالْبَرَاءَةِ عَنِ الشُّرَكَاءِ وَالْأَنْدَادِ: وَضَلَّ عَنْهُمْ مَا كانُوا يَفْتَرُونَ وَفِيهِ وَجْهَانِ: وَقِيلَ: ذَهَبَ عَنْهُمْ مَا زَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ مِنْ أَنَّ لِلَّهِ شَرِيكًا وَصَاحِبَةً وَوَلَدًا. وَقِيلَ: بَطَلَ مَا كَانُوا يَأْمَلُونَ مِنْ أَنَّ آلِهَتَهُمْ تَشْفَعُ لَهُمْ عِنْدَ الله تعالى.

[سورة النحل (16) : آية 88]
الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ زِدْناهُمْ عَذاباً فَوْقَ الْعَذابِ بِما كانُوا يُفْسِدُونَ (88)
اعْلَمْ أَنَّهُ تَعَالَى لَمَّا ذَكَرَ وَعِيدَ الَّذِينَ كَفَرُوا، أَتْبَعَهُ بِوَعِيدِ مَنْ ضَمَّ إِلَى كُفْرِهِ صَدَّ الْغَيْرِ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ. وَفِي تَفْسِيرِ قَوْلِهِ: وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَجْهَانِ: قِيلَ: مَعْنَاهُ الصَّدُّ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ، وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يَتَنَاوَلُ جُمْلَةَ الْإِيمَانِ بِاللَّهِ وَالرَّسُولِ وَبِالشَّرَائِعِ، لِأَنَّ اللَّفْظَ عَامٌّ فَلَا مَعْنَى لِلتَّخْصِيصِ/ وَقَوْلُهُ: زِدْناهُمْ عَذاباً فَوْقَ الْعَذابِ فَالْمَعْنَى أَنَّهُمْ زَادُوا عَلَى كُفْرِهِمْ صَدَّ غَيْرِهِمْ عَنِ الْإِيمَانِ فَهُمْ فِي الْحَقِيقَةِ ازْدَادُوا كُفْرًا عَلَى كُفْرٍ، فَلَا جَرَمَ يَزِيدُهُمُ اللَّهُ تَعَالَى عَذَابًا عَلَى عَذَابٍ، وَأَيْضًا أَتْبَاعُهُمْ إِنَّمَا اقْتَدَوْا بِهِمْ فِي الْكُفْرِ، فَوَجَبَ أَنْ يَحْصُلَ لَهُمْ مِثْلُ عِقَابِ أَتْبَاعِهِمْ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقالَهُمْ وَأَثْقالًا مَعَ أَثْقالِهِمْ [الْعَنْكَبُوتِ: 13]
وَلِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ: «مَنْ سَنَّ سُنَّةً سَيِّئَةً فَعَلَيْهِ وِزْرُهَا وَوِزْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ» ،
وَمِنْ الْمُفَسِّرِينَ مَنْ ذَكَرَ تَفْصِيلَ تِلْكَ الزِّيَادَةِ فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ:
الْمُرَادُ بِتِلْكَ الزِّيَادَةِ خَمْسَةُ أَنْهَارٍ مِنْ نَارٍ تَسِيلُ مِنْ تَحْتِ الْعَرْشِ يُعَذَّبُونَ بِهَا ثَلَاثَةٌ بِاللَّيْلِ وَاثْنَانِ بِالنَّهَارِ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ زِدْنَاهُمْ عَذَابًا بِحَيَّاتٍ وَعَقَارِبَ كَأَمْثَالِ الْبُخْتِ، فَيَسْتَغِيثُونَ بِالْهَرَبِ مِنْهَا إِلَى النَّارِ وَمِنْهُمْ مَنْ ذَكَرَ لِكُلِّ عَقْرَبٍ ثَلَاثُمِائَةِ فَقْرَةٍ فِي كل فقرة ثَلَاثِمِائَةِ قُلَّةٍ مِنْ سُمٍّ. وَقِيلَ: عَقَارِبُ لَهَا أَنْيَابُ كَالنَّخْلِ الطُّوَالِ.
ثم قال تَعَالَى: بِما كانُوا يُفْسِدُونَ أَيْ هَذِهِ الزِّيَادَةُ مِنَ الْعَذَابِ إِنَّمَا حَصَلَتْ مُعَلَّلَةً بِذَلِكَ الصَّدِّ، وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ مَنْ دَعَا غَيْرَهُ إِلَى الْكُفْرِ وَالضَّلَالِ فَقَدْ عَظُمَ عَذَابُهُ، فَكَذَلِكَ إِذَا دَعَا إِلَى الدِّينِ وَالْيَقِينِ، فَقَدْ عَظُمَ قَدْرُهُ عِنْدَ الله تعالى والله أعلم.

[سورة النحل (16) : آية 89]
وَيَوْمَ نَبْعَثُ فِي كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيداً عَلَيْهِمْ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَجِئْنا بِكَ شَهِيداً عَلى هؤُلاءِ وَنَزَّلْنا عَلَيْكَ الْكِتابَ تِبْياناً لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدىً وَرَحْمَةً وَبُشْرى لِلْمُسْلِمِينَ (89)
[في قَوْلُهُ تَعَالَى وَيَوْمَ نَبْعَثُ فِي كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيداً عَلَيْهِمْ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَجِئْنا بِكَ شَهِيداً عَلى هؤُلاءِ] اعْلَمْ أَنَّ هَذَا نَوْعٌ آخَرُ مِنَ التَّهْدِيدَاتِ الْمَانِعَةِ لِلْمُكَلَّفِينَ عَنِ الْمَعَاصِي. وَاعْلَمْ أَنَّ الْأُمَّةَ عِبَارَةٌ عَنِ الْقَرْنِ وَالْجَمَاعَةِ.
إِذَا ثَبَتَ هَذَا فَنَقُولُ: فِي الْآيَةِ قَوْلَانِ: الْأَوَّلُ: أَنَّ الْمُرَادَ أَنَّ كُلَّ نَبِيٍّ شَاهِدٌ عَلَى أُمَّتِهِ. وَالثَّانِي: أَنَّ كُلَّ جَمْعٍ وَقَرْنٍ يَحْصُلُ فِي الدُّنْيَا فَلَا بُدَّ وَأَنْ يَحْصُلَ فِيهِمْ وَاحِدٌ يَكُونُ شَهِيدًا عَلَيْهِمْ. أَمَّا الشَّهِيدُ عَلَى الَّذِينَ كَانُوا فِي عَصْرِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَهُوَ الرَّسُولُ بِدَلِيلِ قَوْلُهُ تَعَالَى: وَكَذلِكَ جَعَلْناكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِتَكُونُوا شُهَداءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً [الْبَقَرَةِ: 143] وَثَبَتَ أَيْضًا أَنَّهُ لَا بُدَّ فِي كُلِّ زَمَانٍ بَعْدَ زَمَانِ الرَّسُولِ مِنَ الشَّهِيدِ فَحَصَلَ مِنْ هَذَا أَنَّ عَصْرًا مِنَ الْأَعْصَارِ لَا يَخْلُو/ مِنْ شَهِيدٍ عَلَى النَّاسِ وَذَلِكَ الشَّهِيدُ لَا بُدَّ وَأَنْ يَكُونَ غَيْرَ جَائِزِ الْخَطَأِ، وَإِلَّا لَافْتَقَرَ إِلَى شَهِيدٍ آخَرَ وَيَمْتَدُّ ذَلِكَ إِلَى غَيْرِ النِّهَايَةِ وَذَلِكَ بَاطِلٌ، فَثَبَتَ أَنَّهُ لَا بُدَّ فِي كُلِّ عَصْرٍ مِنْ أَقْوَامٍ تَقُومُ الْحُجَّةُ بِقَوْلِهِمْ وَذَلِكَ يَقْتَضِي أَنْ يَكُونَ إِجْمَاعُ الْأُمَّةِ حُجَّةً. قَالَ أَبُو بَكْرٍ الْأَصَمُّ: الْمُرَادُ بِذَلِكَ الشَّهِيدِ هُوَ أَنَّهُ تَعَالَى يُنْطِقُ عَشَرَةً مِنْ أعضاء الإنسان حتى إِنَّهَا تَشْهَدُ عَلَيْهِ وَهِيَ: الْأُذُنَانِ وَالْعَيْنَانِ وَالرِّجْلَانِ وَالْيَدَانِ وَالْجِلْدُ وَاللِّسَانُ.
قَالَ: وَالدَّلِيلُ عَلَيْهِ أَنَّهُ قَالَ فِي صِفَةِ الشَّهِيدِ أَنَّهُ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَهَذِهِ الْأَعْضَاءُ لَا شَكَّ أَنَّهَا مِنْ أَنْفُسِهِمْ.
أَجَابَ الْقَاضِي عَنْهُ مِنْ وُجُوهٍ: الْأَوَّلُ: أَنَّهُ تَعَالَى قَالَ: شَهِيداً عَلَيْهِمْ أَيْ عَلَى الْأُمَّةِ فَيَجِبُ أَنْ يَكُونَ

نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 20  صفحه : 257
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست