responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 20  صفحه : 226
فِي الْإِسْلَامِ يَهْدِمُهُ الِاسْتِغْفَارُ»
وَاعْلَمْ أَنَّهُمْ كَانُوا/ مُخْتَلِفِينَ فِي قَتْلِ الْبَنَاتِ فَمِنْهُمْ مَنْ يَحْفِرُ الْحَفِيرَةَ وَيَدْفِنُهَا فِيهَا إِلَى أَنْ تَمُوتَ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَرْمِيهَا مِنْ شَاهِقِ جَبَلٍ، وَمِنْهُمْ مَنْ يُغْرِقُهَا وَمِنْهُمْ مَنْ يَذْبَحُهَا، وَهُمْ كَانُوا يَفْعَلُونَ ذَلِكَ تَارَةً لِلْغَيْرَةِ وَالْحَمِيَّةِ، وَتَارَةً خَوْفًا مِنَ الْفَقْرِ وَالْفَاقَةِ وَلُزُومِ النَّفَقَةِ، ثُمَّ إِنَّهُ قَالَ: أَلا ساءَ مَا يَحْكُمُونَ وَذَلِكَ لِأَنَّهُمْ بَلَغُوا في الِاسْتِنْكَافِ مِنَ الْبِنْتِ إِلَى أَعْظَمِ الْغَايَاتِ، فَأَوَّلُهَا: أنه يَسْوَدَّ وَجْهُهُ. وَثَانِيهَا: أَنَّهُ يَخْتَفِي عَنِ الْقَوْمِ مِنْ شِدَّةِ نَفْرَتِهِ عَنِ الْبِنْتِ، وَثَالِثُهَا: أَنَّ الْوَلَدَ مَحْبُوبٌ بِحَسَبِ الطَّبِيعَةِ، ثُمَّ إِنَّهُ بِسَبَبِ شِدَّةِ نَفْرَتِهِ عَنْهَا يُقْدِمُ عَلَى قَتْلِهَا، وَذَلِكَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ النَّفْرَةَ عَنِ الْبِنْتِ وَالِاسْتِنْكَافَ عَنْهَا قَدْ بَلَغَ مَبْلَغًا لَا يَزْدَادُ عَلَيْهِ. إِذَا ثَبَتَ هَذَا فَالشَّيْءُ الَّذِي بَلَغَ الِاسْتِنْكَافُ مِنْهُ إِلَى هَذَا الْحَدِّ الْعَظِيمِ كَيْفَ يَلِيقُ بِالْعَاقِلِ أَنْ يَنْسُبَهُ لِإِلَهِ الْعَالِمِ الْمُقَدِّسِ الْعَالِي عَنْ مُشَابَهَةِ جَمِيعِ الْمَخْلُوقَاتِ؟ وَنَظِيرُ هَذِهِ الْآيَةِ قَوْلُهُ تَعَالَى: أَلَكُمُ الذَّكَرُ وَلَهُ الْأُنْثى تِلْكَ إِذاً قِسْمَةٌ ضِيزى [النَّجْمِ: 21، 22] .
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: قَالَ الْقَاضِي: هَذِهِ الْآيَةُ تَدُلُّ عَلَى بُطْلَانِ الْجَبْرِ، لِأَنَّهُمْ يُضِيفُونَ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى مِنَ الظُّلْمِ وَالْفَوَاحِشِ مَا إِذَا أُضِيفَ إِلَى أَحَدِهِمْ أَجْهَدَ نَفْسَهُ فِي الْبَرَاءَةِ مِنْهُ وَالتَّبَاعُدِ عَنْهُ، فَحُكْمُهُمْ فِي ذَلِكَ مُشَابِهٌ لِحُكْمِ هَؤُلَاءِ الْمُشْرِكِينَ، ثم قال: بَلْ أَعْظَمُ، لِأَنَّ إِضَافَةَ الْبَنَاتِ إِلَيْهِ إِضَافَةُ قُبْحٍ وَاحِدٍ، وَذَلِكَ أَسْهَلُ مِنْ إِضَافَةِ كُلِّ الْقَبَائِحِ وَالْفَوَاحِشِ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى. فَيُقَالُ للقاضي: إنه لما ثبت بالدليل استحالة الصاعية وَالْوَلَدِ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى أَرْدَفَهُ اللَّهُ تَعَالَى بِذِكْرِ هَذَا الوجه الْإِقْنَاعِيِّ، وَإِلَّا فَلَيْسَ كُلُّ مَا قَبُحَ مِنَّا فِي الْعُرْفِ قَبُحَ مِنَ الله تعالى ألا ترى أن رَجُلًا زَيَّنَ إِمَاءَهُ وَعَبِيدَهُ وَبَالَغَ فِي تَحْسِينِ صُوَرِهِنَّ ثُمَّ بَالَغَ فِي تَقْوِيَةِ الشَّهْوَةِ فِيهِمْ وَفِيهِنَّ، ثُمَّ جَمَعَ بَيْنَ الْكُلِّ وَأَزَالَ الْحَائِلَ وَالْمَانِعَ فَإِنَّ هَذَا بِالِاتِّفَاقِ حَسَنٌ مِنَ اللَّهِ تعالى وقبيح من كل الخلق، فعلمنا أن التعويل على هذه الوجوه المبينة على العرف، إنما يحسن إذا كانت مسبوقة بالدلائل القطعية اليقينية، وقد ثبت بالبراهين القطعية امتناع الولد على الله، فَلَا جَرَمَ حَسُنَتْ تَقْوِيَتُهَا بِهَذِهِ الْوُجُوهِ الْإِقْنَاعِيَّةِ. أَمَّا أَفْعَالُ الْعِبَادِ فَقَدْ ثَبَتَ بِالدَّلَائِلِ الْيَقِينِيَّةِ الْقَاطِعَةِ أَنَّ خَالِقَهَا هُوَ اللَّهُ تَعَالَى، فَكَيْفَ يُمْكِنُ إِلْحَاقُ أَحَدِ الْبَابَيْنِ بِالْآخَرِ لَوْلَا شِدَّةُ التَّعَصُّبِ؟ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
ثم قال تَعَالَى: لِلَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ مَثَلُ السَّوْءِ وَلِلَّهِ الْمَثَلُ الْأَعْلى وَالْمَثَلُ السَّوْءُ عِبَارَةٌ عَنِ الصِّفَةِ السَّوْءِ وَهِيَ احْتِيَاجُهُمْ إِلَى الْوَلَدِ، وَكَرَاهَتُهُمُ الْإِنَاثَ خَوْفَ الْفَقْرِ وَالْعَارِ: وَلِلَّهِ الْمَثَلُ الْأَعْلى أَيِ الصِّفَةُ الْعَالِيَةُ الْمُقَدَّسَةُ، وَهِيَ كَوْنُهُ تَعَالَى مُنَزَّهًا عَنِ الْوَلَدِ.
فَإِنْ قِيلَ: كَيْفَ جَاءَ: وَلِلَّهِ الْمَثَلُ الْأَعْلى مَعَ قَوْلِهِ: فَلا تَضْرِبُوا لِلَّهِ الْأَمْثالَ.
قُلْنَا: الْمَثَلُ الَّذِي يَذْكُرُهُ اللَّهُ حَقٌّ وَصِدْقٌ وَالَّذِي يَذْكُرُهُ غَيْرُهُ فَهُوَ الْبَاطِلُ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

[سورة النحل (16) : الآيات 61 الى 64]
وَلَوْ يُؤاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِظُلْمِهِمْ مَا تَرَكَ عَلَيْها مِنْ دَابَّةٍ وَلكِنْ يُؤَخِّرُهُمْ إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى فَإِذا جاءَ أَجَلُهُمْ لَا يَسْتَأْخِرُونَ ساعَةً وَلا يَسْتَقْدِمُونَ (61) وَيَجْعَلُونَ لِلَّهِ مَا يَكْرَهُونَ وَتَصِفُ أَلْسِنَتُهُمُ الْكَذِبَ أَنَّ لَهُمُ الْحُسْنى لَا جَرَمَ أَنَّ لَهُمُ النَّارَ وَأَنَّهُمْ مُفْرَطُونَ (62) تَاللَّهِ لَقَدْ أَرْسَلْنا إِلى أُمَمٍ مِنْ قَبْلِكَ فَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطانُ أَعْمالَهُمْ فَهُوَ وَلِيُّهُمُ الْيَوْمَ وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ (63) وَما أَنْزَلْنا عَلَيْكَ الْكِتابَ إِلاَّ لِتُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي اخْتَلَفُوا فِيهِ وَهُدىً وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (64)

نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 20  صفحه : 226
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست