responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 20  صفحه : 223
تَرَى أَنَّ الْعَلِيلَ إِذَا اشْتَدَّ وَجَعُهُ تَضَرَّعَ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى فِي إِزَالَةِ ذَلِكَ الْوَجَعِ، فَإِذَا زَالَ أَحَالَ زَوَالَهُ عَلَى الدَّوَاءِ الْفُلَانِيِّ وَالْعِلَاجِ الْفُلَانِيِّ، وَهَذَا أَكْثَرُ أَحْوَالِ الْخَلْقِ. وَقَالَ مُصَنِّفُ هَذَا الْكِتَابِ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ الرَّازِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ:
فِي الْيَوْمِ الَّذِي كُنْتُ أَكْتُبُ هَذِهِ الْأَوْرَاقَ وَهُوَ الْيَوْمُ الْأَوَّلُ مِنْ مُحَرَّمٍ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَسِتِّمِائَةٍ حَصَلَتْ زَلْزَلَةٌ شَدِيدَةٌ، وَهَدَّةٌ عَظِيمَةٌ وَقْتَ الصُّبْحِ/ وَرَأَيْتُ النَّاسَ يَصِيحُونَ بِالدُّعَاءِ وَالتَّضَرُّعِ، فَلَمَّا سَكَتَتْ وَطَابَ الْهَوَاءُ، وَحَسُنَ أَنْوَاعُ الْوَقْتِ نَسُوا فِي الْحَالِ تِلْكَ الزَّلْزَلَةَ وَعَادُوا إِلَى مَا كَانُوا عَلَيْهِ مِنْ تِلْكَ السَّفَاهَةِ والجهالة، وكانت هَذِهِ الْحَالَةَ الَّتِي شَرَحَهَا اللَّهُ تَعَالَى فِي هَذِهِ الْآيَةِ تَجْرِي مَجْرَى الصِّفَةِ اللَّازِمَةِ لِجَوْهَرِ نَفْسِ الْإِنْسَانِ.
وَالْقَوْلُ الثَّانِي: أَنَّ هَذِهِ اللَّامَ لَامِ الْعَاقِبَةِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا وَحَزَناً [الْقَصَصِ: 8] يَعْنِي أَنَّ عَاقِبَةَ تِلْكَ التَّضَرُّعَاتِ مَا كَانَتْ إِلَّا هَذَا الْكُفْرَ.
وَاعْلَمْ أَنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِهِ: بِما آتَيْناهُمْ فِيهِ قَوْلَانِ: الْأَوَّلُ: أَنَّهُ عِبَارَةٌ عَنْ كَشْفِ الضُّرِّ وَإِزَالَةِ الْمَكْرُوهِ.
وَالثَّانِي: قَالَ بَعْضُهُمْ: الْمُرَادُ بِهِ الْقُرْآنُ وَمَا جَاءَ بِهِ مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ النُّبُوَّةِ وَالشَّرَائِعِ.
وَاعْلَمْ أَنَّهُ تَعَالَى تَوَعَّدَهُمْ بَعْدَ ذَلِكَ فَقَالَ: فَتَمَتَّعُوا وَهَذَا لَفْظُ أَمْرٍ، وَالْمُرَادُ مِنْهُ التَّهْدِيدُ، كَقَوْلِهِ: فَمَنْ شاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شاءَ فَلْيَكْفُرْ [الْكَهْفِ: 29] وَقَوْلِهِ: قُلْ آمِنُوا بِهِ أَوْ لَا تُؤْمِنُوا [الْإِسْرَاءِ: 107] .
ثم قال تَعَالَى: فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ أَيْ عَاقِبَةَ أَمْرِكُمْ وَمَا يَنْزِلُ بِكُمْ مِنَ الْعَذَابِ والله أعلم.

[سورة النحل (16) : الآيات 56 الى 60]
وَيَجْعَلُونَ لِما لَا يَعْلَمُونَ نَصِيباً مِمَّا رَزَقْناهُمْ تَاللَّهِ لَتُسْئَلُنَّ عَمَّا كُنْتُمْ تَفْتَرُونَ (56) وَيَجْعَلُونَ لِلَّهِ الْبَناتِ سُبْحانَهُ وَلَهُمْ مَا يَشْتَهُونَ (57) وَإِذا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالْأُنْثى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ (58) يَتَوارى مِنَ الْقَوْمِ مِنْ سُوءِ مَا بُشِّرَ بِهِ أَيُمْسِكُهُ عَلى هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرابِ أَلا ساءَ ما يَحْكُمُونَ (59) لِلَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ مَثَلُ السَّوْءِ وَلِلَّهِ الْمَثَلُ الْأَعْلى وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (60)
[في قَوْلُهُ تَعَالَى وَيَجْعَلُونَ لِما لَا يَعْلَمُونَ نَصِيباً مِمَّا رَزَقْناهُمْ إلى قوله وَلَهُمْ ما يَشْتَهُونَ] اعْلَمْ أَنَّهُ تَعَالَى لَمَّا بَيَّنَ بِالدَّلَائِلِ الْقَاهِرَةِ فَسَادَ أَقْوَالِ أَهْلِ الشِّرْكِ وَالتَّشْبِيهِ، شَرَحَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ تَفَاصِيلَ أَقْوَالِهِمْ وَبَيَّنَ فَسَادَهَا وَسَخَافَتَهَا.
فَالنوع الْأَوَّلُ: مِنْ كَلِمَاتِهِمُ الْفَاسِدَةِ أَنَّهُمْ يَجْعَلُونَ لِمَا لَا يَعْلَمُونَ نَصِيبًا وَفِيهِ مَسْأَلَتَانِ:
المسألة الْأُولَى: الضَّمِيرُ فِي قَوْلِهِ: لِما لَا يَعْلَمُونَ إِلَى مَاذَا يَعُودُ؟ فِيهِ قَوْلَانِ: الْأَوَّلُ: أَنَّهُ عَائِدٌ إِلَى الْمُشْرِكِينَ الْمَذْكُورِينَ فِي قَوْلِهِ: إِذا فَرِيقٌ مِنْكُمْ بِرَبِّهِمْ يُشْرِكُونَ [النحل: 54] وَالْمَعْنَى أَنَّ الْمُشْرِكِينَ لَا يَعْلَمُونَ. وَالثَّانِي: أَنَّهُ عَائِدٌ إِلَى الْأَصْنَامِ أَيْ لَا يَعْلَمُ الْأَصْنَامُ مَا يَفْعَلُ عُبَّادُهَا قَالَ بَعْضُهُمْ: الْأَوَّلُ أَوْلَى لِوُجُوهٍ:
أَحَدُهَا: أَنَّ نَفْيَ الْعِلْمِ عَنِ الْحَيِّ حَقِيقَةٌ وَعَنِ الْجَمَادِ مَجَازٌ. وَثَانِيهَا: أَنَّ الضَّمِيرَ فِي قَوْلِهِ: وَيَجْعَلُونَ عَائِدٌ إِلَى الْمُشْرِكِينَ فَكَذَلِكَ فِي قَوْلِهِ: لِما لَا يَعْلَمُونَ يَجِبُ أَنْ يكون عائد إِلَيْهِمْ. وَثَالِثُهَا: أَنَّ قَوْلَهُ: لِما لَا يَعْلَمُونَ جُمِعَ بِالْوَاوِ وَالنُّونِ. وَهُوَ بِالْعُقَلَاءِ أَلْيَقُ مِنْهُ بِالْأَصْنَامِ الَّتِي هِيَ جَمَادَاتٌ، وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ بَلِ الْقَوْلُ الثَّانِي أَوْلَى لِوُجُوهٍ: الْأَوَّلُ: أَنَّا إِذَا قُلْنَا إِنَّهُ عَائِدٌ إِلَى الْمُشْرِكِينَ افْتَقَرْنَا إِلَى إِضْمَارٍ، فَإِنَّ التَّقْدِيرَ: وَيَجْعَلُونَ لِمَا لَا يَعْلَمُونَ إِلَهًا، أَوْ لِمَا لَا يَعْلَمُونَ كَوْنَهُ نَافِعًا ضَارًّا، وَإِذَا قُلْنَا إِنَّهُ عَائِدٌ إِلَى الْأَصْنَامِ، لَمْ نَفْتَقِرْ إِلَى الْإِضْمَارِ لِأَنَّ التَّقْدِيرَ:

نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 20  صفحه : 223
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست