responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 20  صفحه : 208
كُنْ قَالَ أَبُو عَلِيٍّ لَفْظَةُ «كُنْ» وَإِنْ كَانَتْ عَلَى لَفْظَةِ الْأَمْرِ فَلَيْسَ الْقَصْدُ بِهَا هاهنا الْأَمْرَ إِنَّمَا هُوَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ الْإِخْبَارُ عَنْ كَوْنِ الشَّيْءِ وَحُدُوثِهِ، وَإِذَا كَانَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ فَحِينَئِذٍ يَبْطُلُ قَوْلُهُ إِنَّهُ نُصِبَ عَلَى جَوَابِ كُنْ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
المسألة الرَّابِعَةُ: احْتَجَّ بَعْضُ أَصْحَابِنَا بِهَذِهِ الْآيَةِ عَلَى قِدَمِ الْقُرْآنِ فَقَالُوا قَوْلُهُ تَعَالَى: إِنَّما قَوْلُنا لِشَيْءٍ إِذا أَرَدْناهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ تَعَالَى إِذَا أَرَادَ إِحْدَاثَ شَيْءٍ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ، فَلَوْ كَانَ قَوْلُهُ كُنْ حَادِثًا لَافْتَقَرَ إِحْدَاثُهُ إِلَى أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ وَذَلِكَ يُوجِبُ التَّسَلْسُلَ، وَهُوَ مُحَالٌ فَثَبَتَ أَنَّ كَلَامَ اللَّهِ قَدِيمٌ.
وَاعْلَمْ أَنَّ هَذَا الدَّلِيلَ عِنْدِي لَيْسَ فِي غَايَةِ الْقُوَّةِ، وَبَيَانُهُ مِنْ وُجُوهٍ:
الوجه الْأَوَّلُ: أَنَّ كَلِمَةَ إِذا لَا تُفِيدُ التَّكْرَارَ، وَالدَّلِيلُ عَلَيْهِ أَنَّ الرَّجُلَ إِذَا قَالَ لِامْرَأَتِهِ إِذَا دَخَلْتِ الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ فَدَخَلَتِ الدَّارَ مَرَّةً طُلِّقَتْ طَلْقَةً وَاحِدَةً فَلَوْ دَخَلَتْ ثَانِيًا لَمْ تُطَلَّقْ طَلْقَةً ثَانِيَةً فَعَلِمْنَا أَنَّ كَلِمَةَ إِذَا لَا تُفِيدُ التَّكْرَارَ، وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ ثَبَتَ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ فِي كُلِّ مَا يُحْدِثُهُ اللَّهُ تَعَالَى أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَلَمْ يَلْزَمِ التَّسَلْسُلُ.
وَالوجه الثَّانِي: أَنَّ هَذَا الدَّلِيلَ إِنْ صَحَّ لَزِمَ الْقَوْلُ بِقِدَمِ لَفْظَةِ «كُنْ» وَهَذَا مَعْلُومُ الْبُطْلَانِ/ بِالضَّرُورَةِ، لِأَنَّ لَفْظَةَ: كُنْ، مُرَكَّبَةٌ مِنَ الْكَافِ وَالنُّونِ، وَعِنْدَ حُضُورِ الْكَافِ لَمْ تَكُنِ النُّونُ حَاضِرَةً وَعِنْدَ مَجِيءِ النُّونِ تَتَوَلَّى الْكَافُ، وَذَلِكَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ كَلِمَةَ كُنْ يَمْتَنِعُ كَوْنُهَا قَدِيمَةً، وَإِنَّمَا الَّذِي يَدَّعِي أَصْحَابُنَا كَوْنَهُ قَدِيمًا صِفَةٌ مُغَايِرَةٌ لِلَفْظَةِ كُنْ، فَالَّذِي تَدُلُّ عَلَيْهِ الْآيَةُ لَا يَقُولُ بِهِ أَصْحَابُنَا، وَالَّذِي يَقُولُونَ بِهِ لَا تَدُلُّ عَلَيْهِ الْآيَةُ فَسَقَطَ التَّمَسُّكُ بِهِ.
وَالوجه الثَّالِثُ: أَنَّ الرَّجُلَ إِذَا قَالَ إِنَّ فُلَانًا لَا يُقْدِمُ عَلَى قَوْلٍ، وَلَا عَلَى فِعْلٍ إِلَّا وَيَسْتَعِينُ فِيهِ بِاللَّهِ تَعَالَى فَإِنَّ عَاقِلًا لَا يَقُولُ: إِنَّ اسْتِعَانَتَهُ بِاللَّهِ فِعْلٌ مِنْ أَفْعَالِهِ فَيَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ كُلُّ اسْتِعَانَةٍ مَسْبُوقَةً بِاسْتِعَانَةٍ أُخْرَى إِلَى غَيْرِ النِّهَايَةِ لِأَنَّ هَذَا الْكَلَامَ بِحَسَبِ الْعُرْفِ بَاطِلٌ فَكَذَلِكَ مَا قَالُوهُ.
وَالوجه الرَّابِعُ: أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ مُشْعِرَةٌ بِحُدُوثِ الْكَلَامِ مِنْ وُجُوهٍ:
الْوَجْهُ الْأَوَّلُ: أَنَّ قَوْلُهُ تَعَالَى: إِنَّما قَوْلُنا لِشَيْءٍ إِذا أَرَدْناهُ يَقْتَضِي كَوْنَ الْقَوْلِ وَاقِعًا بِالْإِرَادَةِ، وَمَا كَانَ كَذَلِكَ فَهُوَ مُحْدَثٌ.
وَالوجه الثَّانِي: أَنَّهُ عَلَّقَ الْقَوْلَ بِكَلِمَةِ إِذَا، وَلَا شَكَّ أَنَّ لَفْظَةَ «إِذَا» تَدْخُلُ لِلِاسْتِقْبَالِ.
وَالوجه الثَّالِثُ: أَنَّ قَوْلَهُ: أَنْ نَقُولَ لَهُ لَا خِلَافَ أَنَّ ذَلِكَ يُنْبِئُ عَنِ الِاسْتِقْبَالِ.
وَالوجه الرَّابِعُ: أَنَّ قَوْلَهُ: كُنْ فَيَكُونُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ حُدُوثَ الْكَوْنِ حَاصِلٌ عَقِيبَ قَوْلِهِ: كُنْ فَتَكُونُ كَلِمَةُ «كُنْ» مُتَقَدِّمَةً عَلَى حُدُوثِ الْكَوْنِ بِزَمَانٍ وَاحِدٍ، وَالْمُتَقَدِّمُ عَلَى الْمُحْدَثِ بِزَمَانٍ وَاحِدٍ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ مُحْدَثًا.
وَالوجه الْخَامِسُ: أَنَّهُ مُعَارَضٌ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: وَكانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولًا [النِّسَاءِ: 47] ، وَكانَ أَمْرُ اللَّهِ قَدَراً مَقْدُوراً [الْأَحْزَابِ: 38] . اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ [الزُّمَرِ: 23] . فَلْيَأْتُوا بِحَدِيثٍ مِثْلِهِ [الطُّورِ: 34] ، وَمِنْ قَبْلِهِ كِتابُ مُوسى إِماماً وَرَحْمَةً [الْأَحْقَافِ: 12] .
فَإِنْ قِيلَ: فَهَبْ أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ لَا تَدُلُّ عَلَى قِدَمِ الْكَلَامِ، وَلَكِنَّكُمْ ذَكَرْتُمْ أَنَّهَا تَدُلُّ عَلَى حُدُوثِ الْكَلَامِ فَمَا الْجَوَابُ عَنْهُ؟

نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 20  صفحه : 208
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست