responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 20  صفحه : 201
أَنْزَلَ رَبُّكُمْ؟ قَالُوا خَيْرًا، وَذِكْرِ مَا أَعَدَّهُ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ مِنْ مَنَازِلِ الْخَيْرَاتِ وَدَرَجَاتِ السَّعَادَاتِ لِيَكُونَ وَعْدُ هَؤُلَاءِ مَذْكُورًا مَعَ وَعِيدِ أُولَئِكَ وَفِي الْآيَةِ مَسَائِلُ:
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: قَالَ الْقَاضِي: يَدْخُلُ تَحْتَ التَّقْوَى أَنْ يَكُونَ تَارِكًا لِكُلِّ الْمُحَرَّمَاتِ فَاعِلًا لِكُلِّ الْوَاجِبَاتِ، وَمَنْ جَمَعَ بَيْنَ هَذَيْنِ الْأَمْرَيْنِ فَهُوَ مُؤْمِنٌ كَامِلُ الْإِيمَانِ، وَقَالَ أَصْحَابُنَا: يُرِيدُ الَّذِينَ اتَّقَوُا الشِّرْكَ وَأَيْقَنُوا أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ، وَأَقُولُ: هَذَا أَوْلَى مِمَّا قَالَهُ الْقَاضِي، لِأَنَّا بَيَّنَّا أَنَّهُ يَكْفِي فِي صِدْقِ قَوْلِهِ فُلَانٌ قَاتِلٌ أَوْ ضَارِبٌ كَوْنُهُ آتِيًا بِقَتْلِ وَاحِدٍ وَضَرْبِ وَاحِدٍ، وَلَا يَتَوَقَّفُ صِدْقُ هَذَا الْكَلَامِ عَلَى كَوْنِهِ آتِيًا بِجَمِيعِ أَنْوَاعِ الْقَتْلِ وَجَمِيعِ أَنْوَاعِ الضَّرْبِ، فَعَلَى هَذَا قَوْلُهُ: وَقِيلَ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا يَتَنَاوَلُ كُلَّ مَنْ أَتَى بِنَوْعٍ وَاحِدٍ مِنْ أَنْوَاعِ التَّقْوَى إِلَّا أَنَّا أَجْمَعْنَا عَلَى أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنَ التَّقْوَى عَنِ الْكُفْرِ وَالشِّرْكِ فَوَجَبَ أَنْ لَا يَزِيدَ عَلَى هَذَا الْقَيْدِ لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ تَقْيِيدُ الْمُطْلَقِ خِلَافَ الْأَصْلِ، كَانَ تَقْيِيدُ الْمُقَيِّدِ أَكْثَرَ مُخَالَفَةً لِلْأَصْلِ، وَأَيْضًا فَلِأَنَّهُ تَعَالَى إِنَّمَا ذَكَرَ هَؤُلَاءِ فِي مُقَابَلَةِ أُولَئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَأَشْرَكُوا، فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ مَنِ اتَّقَى عَنْ ذَلِكَ الْكُفْرِ وَالشِّرْكِ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: لِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ: إِنَّهُ قَالَ فِي الْآيَةِ الْأُولَى، قَالُوا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ، وَفِي هَذِهِ الْآيَةِ قَالُوا خَيْرًا، فَلِمَ رُفِعَ الْأَوَّلُ وَنُصِبَ هَذَا؟
أَجَابَ صَاحِبُ «الْكَشَّافِ» عَنْهُ بِأَنْ قَالَ: الْمَقْصُودُ مِنْهُ الْفَصْلُ بَيْنَ جَوَابِ الْمُقِرِّ وَجَوَابِ الْجَاحِدِ يَعْنِي أَنَّ هَؤُلَاءِ لَمَّا سُئِلُوا لَمْ يَتَلَعْثَمُوا، وَأَطْبَقُوا الْجَوَابَ عَلَى السُّؤَالِ بَيِّنًا مَكْشُوفًا مَفْعُولًا لِلْإِنْزَالِ فَقَالُوا خَيْرًا أَيْ أَنْزَلَ خَيْرًا، وَأُولَئِكَ عَدَلُوا بِالْجَوَابِ عَنِ السُّؤَالِ فَقَالُوا هُوَ أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ وَلَيْسَ مِنَ الْإِنْزَالِ فِي شَيْءٍ.
المسألة الثَّالِثَةُ: قَالَ الْمُفَسِّرُونَ هَذَا كَانَ فِي أَيَّامِ الْمَوْسِمِ، يَأْتِي الرَّجُلُ مَكَّةَ فَيَسْأَلُ الْمُشْرِكِينَ عَنْ مُحَمَّدٍ وَأَمْرِهِ فَيَقُولُونَ إِنَّهُ سَاحِرٌ وَكَاهِنٌ وَكَذَّابٌ، فَيَأْتِي الْمُؤْمِنِينَ وَيَسْأَلُهُمْ عَنْ مُحَمَّدٍ وَمَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْهِ فَيَقُولُونَ خَيْرًا، وَالْمَعْنَى: أَنْزَلَ خَيْرًا. وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ الَّذِي قَالُوهُ مِنَ الْجَوَابِ مَوْصُوفٌ بِأَنَّهُ خَيْرٌ، وَقَوْلُهُمْ خَيْرٌ جَامِعٌ لِكَوْنِهِ حَقًّا وَصَوَابًا، وَلِكَوْنِهِمْ مُعْتَرِفِينَ بِصِحَّتِهِ وَلُزُومِهِ فَهُوَ بِالضِّدِّ مِنْ قَوْلِ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ، أَنَّ ذَلِكَ أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ عَلَى وَجْهِ التَّكْذِيبِ.
المسألة الرَّابِعَةُ: قَوْلُهُ: لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا وَمَا بَعْدَهُ بَدَلٌ مِنْ قَوْلِهِ: خَيْراً وَهُوَ حِكَايَةٌ لِقَوْلِ الَّذِينَ اتَّقَوْا، أَيْ قَالُوا هَذَا الْقَوْلَ، وَيَجُوزُ أَيْضًا أَنْ يَكُونَ قَوْلُهُ: لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا إِخْبَارًا عَنِ اللَّهِ، وَالتَّقْدِيرُ: إِنَّ الْمُتَّقِينَ لَمَّا قِيلَ لَهُمْ: مَاذَا أَنْزَلَ رَبُّكُمْ قالُوا خَيْراً ثُمَّ إِنَّهُ تَعَالَى أَكَّدَ قَوْلَهُمْ وَقَالَ: لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِي هذِهِ الدُّنْيا حَسَنَةٌ وَفِي الْمُرَادِ بِقَوْلِهِ: لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا قَوْلَانِ، أَمَّا الَّذِينَ يَقُولُونَ: إن أهل لا إله لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ يَخْرُجُونَ مِنَ النَّارِ فَإِنَّهُمْ يَحْمِلُونَهُ عَلَى قَوْلِ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ مَعَ الِاعْتِقَادِ الْحَقِّ، وَأَمَّا الْمُعْتَزِلَةُ الَّذِينَ يَقُولُونَ: إِنَّ فُسَّاقَ أَهْلِ الصَّلَاةِ لَا يَخْرُجُونَ مِنَ النَّارِ يَحْمِلُونَ قَوْلَهُ: أَحْسَنُوا عَلَى مَنْ أَتَى بِالْإِيمَانِ، وَجَمِيعِ الْوَاجِبَاتِ وَاحْتَرَزَ عَنْ كُلِّ الْمُحَرَّمَاتِ. وَأما قوله: فِي هذِهِ الدُّنْيا فَفِيهِ قَوْلَانِ:
الْقَوْلُ الْأَوَّلُ: أَنَّهُ مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ: أَحْسَنُوا وَالتَّقْدِيرُ: لِلَّذِينِ اتَّقَوْا بِعَمَلِ الْحَسَنَةِ فِي الدُّنْيَا فَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ حَسَنَةٌ، وَتِلْكَ الْحَسَنَةُ هِيَ الثَّوَابُ الْعَظِيمُ، وَقِيلَ: تِلْكَ الْحَسَنَةُ هُوَ أَنَّ ثَوَابَهَا يُضَاعَفُ بِعَشْرِ مَرَّاتٍ وَبِسَبْعِمِائَةٍ وَإِلَى مَا لَا نِهَايَةَ لَهُ.

نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 20  صفحه : 201
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست