responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 2  صفحه : 425
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: احْتَجَّ أَصْحَابُنَا بِقَوْلِهِ تَعَالَى: لَا عِلْمَ لَنا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنا عَلَى أَنَّ الْمَعَارِفَ مَخْلُوقَةٌ لِلَّهِ تَعَالَى وَقَالَتِ الْمُعْتَزِلَةُ الْمُرَادُ أَنَّهُ لَا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مِنْ جِهَتِهِ إِمَّا بِالتَّعْلِيمِ وَإِمَّا بِنَصْبِ الدَّلَالَةِ وَالْجَوَابُ أَنَّ التَّعْلِيمَ عِبَارَةٌ عَنْ تَحْصِيلِ الْعِلْمِ فِي الْغَيْرِ كَالتَّسْوِيدِ فَإِنَّهُ عِبَارَةٌ عَنْ تَحْصِيلِ السَّوَادِ فِي الْغَيْرِ لَا يُقَالُ التَّعْلِيمُ عِبَارَةٌ عَنْ إِفَادَةِ عَلَيْهِ الْعِلْمُ هُوَ وَضْعُ الدَّلِيلِ وَاللَّهُ تَعَالَى قَدْ فَعَلَ ذَلِكَ لِأَنَّا نَقُولُ الْمُؤَثِّرَ فِي وُجُودِ الْعِلْمِ لَيْسَ هُوَ ذَاتَ الدَّلِيلِ بَلِ النَّظَرُ فِي الدَّلِيلِ وَذَلِكَ النَّظَرُ فِعْلُ الْعَبْدِ فَلَمْ يَكُنْ حُصُولُ ذَلِكَ الْعِلْمِ بِتَعْلِيمِ اللَّهِ تعالى وأنه يناقص قَوْلَهُ: لَا عِلْمَ لَنا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنا.
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: احْتَجَّ أَهْلُ الْإِسْلَامِ بِهَذِهِ الْآيَةِ عَلَى أَنَّهُ لَا سَبِيلَ إِلَى مَعْرِفَةِ الْمُغَيَّبَاتِ إِلَّا بِتَعْلِيمِ اللَّهِ تَعَالَى وَأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ التَّوَصُّلُ إِلَيْهَا بِعِلْمِ النُّجُومِ وَالْكِهَانَةِ وَالْعِرَافَةِ وَنَظِيرُهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: وَعِنْدَهُ مَفاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُها إِلَّا هُوَ [الْأَنْعَامِ: 59] وَقَوْلُهُ: عالِمُ الْغَيْبِ فَلا يُظْهِرُ عَلى غَيْبِهِ أَحَداً إِلَّا مَنِ ارْتَضى مِنْ رَسُولٍ [الْجِنِّ: 26، 27] وَلِلْمُنَجِّمِ أَنْ يَقُولَ لِلْمُعْتَزِلِيِّ إِذَا فَسَّرْتَ التَّعْلِيمَ بِوَضْعِ الدَّلَائِلِ فَعِنْدِي حَرَكَاتُ النُّجُومِ دَلَائِلُ خَلَقَهَا اللَّهُ تَعَالَى عَلَى أَحْوَالِ هَذَا الْعَالَمِ فَإِذَا اسْتَدْلَلْتَ بِهَا عَلَى هَذِهِ كَانَ ذَلِكَ أَيْضًا بِتَعْلِيمِ اللَّهِ تَعَالَى، وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ أَيْضًا إِنَّ الْمَلَائِكَةَ لَمَّا عَجَزُوا عَنْ مَعْرِفَةِ الْغَيْبِ فَلَأَنْ يَعْجِزَ عَنْهُ أَحَدُنَا كَانَ أَوْلَى.
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: الْعَلِيمُ مِنْ صِفَاتِ الْمُبَالَغَةِ التَّامَّةِ فِي الْعِلْمِ، وَالْمُبَالَغَةُ التَّامَّةُ لَا تَتَحَقَّقُ إِلَّا عِنْدَ الْإِحَاطَةِ بِكُلِّ الْمَعْلُومَاتِ، وَمَا ذَاكَ إِلَّا هُوَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، فَلَا جَرَمَ لَيْسَ الْعَلِيمُ الْمُطْلَقُ إِلَّا هُوَ، فَلِذَلِكَ قَالَ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ عَلَى سَبِيلِ الْحَصْرِ.
الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ: الْحَكِيمُ يُسْتَعْمَلُ عَلَى وَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا: بِمَعْنَى الْعَلِيمِ فَيَكُونُ ذَلِكَ مِنْ صِفَاتِ الذَّاتِ، وَعَلَى هَذَا التَّفْسِيرِ نَقُولُ: إِنَّهُ تَعَالَى حَكِيمٌ فِي الْأَزَلِ. الْآخَرُ: أَنَّهُ الَّذِي يَكُونُ فَاعِلًا لِمَا لَا اعْتِرَاضَ لِأَحَدٍ عَلَيْهِ.
فَيَكُونُ ذَلِكَ مِنْ صِفَاتِ الْفِعْلِ، فَلَا نَقُولُ إِنَّهُ حَكِيمٌ في الأزل والأقرب هاهنا أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ هُوَ الْمَعْنَى الثَّانِي وَإِلَّا لَزِمَ التَّكْرَارُ، فَكَأَنَّ الْمَلَائِكَةَ قَالَتْ: أَنْتَ الْعَالِمُ بِكُلِّ الْمَعْلُومَاتِ فَأَمْكَنَكَ تَعْلِيمُ آدَمَ، وَأَنْتَ الْحَكِيمُ فِي هَذَا الْفِعْلِ الْمُصِيبُ فِيهِ. وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّ مُرَادَ الْمَلَائِكَةِ مِنَ الْحَكِيمِ، أَنَّهُ هُوَ الَّذِي حَكَمَ بِجَعْلِ آدَمَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ.
الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةُ: أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمَّا أَمَرَ آدَمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ بِأَنْ يُخْبِرَهُمْ عَنْ أَسْمَاءِ الْأَشْيَاءِ وَهُوَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ أَخْبَرَهُمْ بِهَا فَلَمَّا أَخْبَرَهُمْ بِهَا قَالَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى لَهُمْ عِنْدَ ذَلِكَ: أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَالْمُرَادُ مِنْ هَذَا الْغَيْبِ أَنَّهُ تَعَالَى كَانَ عَالِمًا بِأَحْوَالِ آدَمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَهُ وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى يَعْلَمُ الْأَشْيَاءَ قَبْلَ حُدُوثِهَا، وَذَلِكَ يَدُلُّ عَلَى بُطْلَانِ مَذْهَبِ هِشَامِ بْنِ الْحَكَمِ فِي أَنَّهُ لَا يَعْلَمُ الْأَشْيَاءَ إِلَّا عِنْدَ وُقُوعِهَا، فَإِنْ قِيلَ الْإِيمَانُ هُوَ العلم، فقوله تعالى: يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْعَبْدَ يَعْلَمُ الْغَيْبَ فَكَيْفَ قال هاهنا: إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَالْإِشْعَارُ بِأَنَّ عِلْمَ الْغَيْبِ لَيْسَ إِلَّا لِي وَأَنَّ كُلَّ مَنْ سِوَايَ فَهُمْ خَالُونَ عَنْ عِلْمِ الْغَيْبِ وَجَوَابُهُ مَا تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ: الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ أَمَّا قَوْلُهُ: وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَما كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ فَفِيهِ وُجُوهٌ: أَحَدُهَا: مَا رَوَى الشَّعْبِيُّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَابْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ أَنَّ قَوْلَهُ:
وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ أَرَادَ بِهِ قَوْلَهُمْ: أَتَجْعَلُ فِيها مَنْ يُفْسِدُ فِيها وَقَوْلَهُ: وَما كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ أَرَادَ بِهِ مَا أسر

نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 2  صفحه : 425
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست