responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 2  صفحه : 405
بِلَا عَمَلٍ كَغَيْثٍ بِلَا مَطَرٍ «كه»
قَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ لِجَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْأَنْصَارِيِّ: قِوَامُ الدُّنْيَا بِأَرْبَعَةٍ بِعَالِمٍ يَعْمَلُ بِعِلْمِهِ، وَجَاهِلٍ لَا يَسْتَنْكِفُ مِنْ تَعَلُّمِهِ، وَغَنِيٍّ لَا يَبْخَلُ بِمَالِهِ، وَفَقِيرٍ لَا يَبِيعُ آخِرَتَهُ بِدُنْيَاهُ، فَإِذَا لَمْ يَعْمَلِ الْعَالِمُ بِعِلْمِهِ اسْتَنْكَفَ الْجَاهِلُ مِنْ تَعَلُّمِهِ وَإِذَا بَخِلَ الْغَنِيُّ بِمَعْرُوفِهِ بَاعَ الْفَقِيرُ آخِرَتَهُ بِدُنْيَاهُ فَالْوَيْلُ لَهُمْ وَالثُّبُورُ سَبْعِينَ مَرَّةً
«كو» قَالَ الْخَلِيلُ: الرِّجَالُ أَرْبَعَةٌ رَجُلٌ يَدْرِي وَيَدْرِي أَنَّهُ يَدْرِي فَهُوَ عَالِمٌ فَاتَّبِعُوهُ، وَرَجُلٌ يَدْرِي وَلَا يَدْرِي أَنَّهُ يَدْرِي فَهُوَ نَائِمٌ فَأَيْقِظُوهُ، وَرَجُلٌ لَا يَدْرِي وَيَدْرِي أَنَّهُ لَا يَدْرِي فَهُوَ مُسْتَرْشِدٌ فَأَرْشِدُوهُ، وَرَجُلٌ لَا يَدْرِي وَلَا يَدْرِي أَنَّهُ لَا يَدْرِي فَهُوَ شَيْطَانٌ فَاجْتَنِبُوهُ «كز» أَرْبَعَةٌ لَا يَنْبَغِي لِلشَّرِيفِ أَنْ يَأْنَفَ مِنْهَا وَإِنْ كَانَ أَمِيرًا:
قِيَامُهُ مِنْ مَجْلِسِهِ لِأَبِيهِ، وَخِدْمَتُهُ لِضَيْفِهِ، وَخِدْمَتُهُ لِلْعَالِمِ الَّذِي يَتَعَلَّمُ مِنْهُ، وَالسُّؤَالُ عَمًّا لَا يَعْلَمُ مِمَّنْ هُوَ أَعْلَمُ مِنْهُ «كح» إِذَا اشْتَغَلَ الْعُلَمَاءُ بِجَمْعِ الْحَلَالِ صَارَ الْعَوَامُّ آكِلِينَ لِلشُّبُهَاتِ، وَإِذَا صَارَ الْعَالِمُ آكِلًا لِلشُّبَهَاتِ صَارَ الْعَامِّيُّ آكِلًا لِلْحَرَامِ، وَإِذَا صَارَ الْعَالِمُ آكِلًا لِلْحَرَامِ صَارَ الْعَامِّيُّ كَافِرًا يَعْنِي إِذَا اسْتَحَلُّوا. أَمَّا الْوُجُوهُ الْعَقْلِيَّةُ فَأُمُورٌ:
أَحَدُهَا: أَنَّ الْأُمُورَ عَلَى أَرْبَعَةِ أَقْسَامٍ، قِسْمٌ يَرْضَاهُ الْعَقْلُ وَلَا تَرْضَاهُ الشَّهْوَةُ. وَقِسْمٌ تَرْضَاهُ الشَّهْوَةُ وَلَا يَرْضَاهُ الْعَقْلُ، وَقِسْمٌ يَرْضَاهُ الْعَقْلُ وَالشَّهْوَةُ مَعًا، وَقِسْمٌ لَا يَرْضَاهُ الْعَقْلُ وَلَا تَرْضَاهُ الشَّهْوَةُ. أَمَّا الْأَوَّلُ: فَهُوَ الْأَمْرَاضُ وَالْمَكَارِهُ فِي الدُّنْيَا، وَأَمَّا الثَّانِي: فَهُوَ الْمَعَاصِي أَجْمَعُ، وَأَمَّا الثَّالِثُ: فَهُوَ الْعِلْمُ، وَأَمَّا الرَّابِعُ: فَهُوَ الْجَهْلُ فَيَنْزِلُ الْعِلْمُ مِنَ الْجَهْلِ مَنْزِلَةَ الْجَنَّةِ مِنَ النَّارِ، فَكَمَا أَنَّ الْعَقْلَ وَالشَّهْوَةَ لَا يَرْضَيَانِ بِالنَّارِ فَكَذَلِكَ لَا يَرْضَيَانِ بِالْجَهْلِ وَكَمَا أَنَّهُمَا يَرْضَيَانِ بِالْجَنَّةِ فَكَذَا يَرْضَيَانِ بِالْعِلْمِ فَمَنْ رَضِيَ بِالْجَهْلِ فَقَدْ رَضِيَ بِنَارٍ حَاضِرَةٍ، وَمَنِ اشْتَغَلَ بِالْعِلْمِ فَقَدْ خَاضَ فِي جَنَّةٍ حَاضِرَةٍ، فَكُلُّ مَنِ اخْتَارَ الْعِلْمَ يُقَالُ لَهُ تَعَوَّدْتَ الْمُقَامَ فِي الْجَنَّةِ فَادْخُلِ الْجَنَّةَ، وَمَنِ اكْتَفَى بِالْجَهْلِ يُقَالُ لَهُ تَعَوَّدْتَ النَّارَ فَادْخُلِ النَّارَ، وَالَّذِي يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْعِلْمَ جَنَّةٌ وَالْجَهْلَ نَارٌ أَنَّ كَمَالَ اللَّذَّةِ فِي إِدْرَاكِ الْمَحْبُوبِ وَكَمَالَ الْأَلَمِ فِي الْبُعْدِ عَنِ الْمَحْبُوبِ، وَالْجِرَاحَةُ إِنَّمَا تُؤْلِمُ لِأَنَّهَا تُبْعِدُ جُزْءًا مِنَ الْبَدَنِ عَنْ جُزْءٍ مَحْبُوبٍ مِنْ تِلْكَ الْأَجْزَاءِ وَهُوَ الِاجْتِمَاعُ فَلَمَّا اقْتَضَتِ الْجِرَاحَةُ إِزَالَةَ ذَلِكَ الِاجْتِمَاعِ فَقَدِ اقْتَضَتْ إِزَالَةَ الْمَحْبُوبِ وَبُعْدَهُ، فَلَا جَرَمَ كَانَ ذَلِكَ مُؤْلِمًا وَالْإِحْرَاقُ بِالنَّارِ إِنَّمَا كَانَ أَشَدَّ إِيلَامًا مِنَ الْجُرْحِ لِأَنَّ الْجُرْحَ لَا يُفِيدُ إِلَّا تَبْعِيدَ جُزْءٍ مُعَيَّنٍ عَنْ جُزْءٍ مُعَيَّنٍ، أَمَّا النَّارُ فَإِنَّهَا تَغُوصُ فِي جَمِيعِ الْأَجْزَاءِ فَاقْتَضَتْ تَبْعِيدَ جَمِيعِ الْأَجْزَاءِ بَعْضِهَا عَنْ بَعْضٍ، فَلَمَّا كَانَتِ التَّفْرِيقَاتُ فِي الْإِحْرَاقِ أَشَدَّ كَانَ الْأَلَمُ هُنَاكَ أَصْعَبَ، أَمَّا اللَّذَّةُ فَهِيَ عِبَارَةٌ عَنْ إِدْرَاكِ الْمَحْبُوبِ، فَلَذَّةُ الْأَكْلِ عِبَارَةٌ عن إدراك تلك الطعوم الموافقة لِلْبَدَنِ، وَكَذَلِكَ لَذَّةُ النَّظَرِ إِنَّمَا تَحْصُلُ لِأَنَّ الْقُوَّةَ الْبَاصِرَةَ مُشْتَاقَةٌ إِلَى إِدْرَاكِ الْمَرْئِيَّاتِ، فَلَا جَرَمَ كَانَ ذَلِكَ الْإِدْرَاكُ لَذَّةً لَهَا فَقَدْ ظَهَرَ بِهَذَا أَنَّ اللَّذَّةَ عِبَارَةٌ عَنْ إِدْرَاكِ الْمَحْبُوبِ، وَالْأَلَمَ عِبَارَةٌ عَنْ إِدْرَاكِ الْمَكْرُوهِ وَإِذَا عَرَفْتَ هَذَا فَنَقُولُ: / كُلَّمَا كَانَ الْإِدْرَاكُ أَغْوَصَ وَأَشَدَّ وَالْمُدْرِكُ أَشْرَفَ وَأَكْمَلَ، وَالْمُدْرَكُ أَنْقَى وَأَبْقَى. وَجَبَ أَنْ تَكُونَ اللَّذَّةُ أَشْرَفَ وَأَكْمَلَ. وَلَا شك أن محل الْعِلْمِ هُوَ الرُّوحُ وَهُوَ أَشْرَفُ مِنَ الْبَدَنِ وَلَا شَكَّ أَنَّ الْإِدْرَاكَ الْعَقْلِيَّ أَغَوْصَ وَأَشْرَفَ عَلَى مَا سَيَجِيءُ بَيَانُهُ فِي تَفْسِيرِ قَوْلِهِ: اللَّهُ نُورُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ [النُّورِ: 35] وَأَمَّا الْمَعْلُومُ فَلَا شَكَّ أَنَّهُ أَشْرَفُ لِأَنَّهُ هُوَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ وَجَمِيعُ مَخْلُوقَاتِهِ مِنَ الْمَلَائِكَةِ وَالْأَفْلَاكِ وَالْعَنَاصِرِ وَالْجَمَادَاتِ وَالنَّبَاتِ وَالْحَيَوَانَاتِ وَجَمِيعُ أَحْكَامِهِ وَأَوَامِرِهِ وَتَكَالِيفِهِ وَأَيُّ مَعْلُومٍ أَشْرَفُ مِنْ ذَلِكَ فَثَبَتَ أَنَّهُ لَا كَمَالَ وَلَا لَذَّةَ فَوْقَ كَمَالِ الْعِلْمِ وَلَذَّاتِهِ وَلَا شَقَاوَةَ وَلَا نُقْصَانَ فَوْقَ شَقَاوَةِ الْجَهْلِ وَنُقْصَانِهِ، وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى مَا قُلْنَاهُ أَنَّهُ إِذَا سُئِلَ الْوَاحِدُ مِنَّا عَنْ مَسْأَلَةٍ عِلْمِيَّةٍ فَإِنْ عَلِمَهَا وَقَدِرَ عَلَى الْجَوَابِ وَالصَّوَابِ فِيهَا فَرِحَ بِذَلِكَ وَابْتَهَجَ بِهِ، وَإِنْ جَهِلَهَا نَكَّسَ رَأْسَهُ حَيَاءً مِنْ ذَلِكَ، وَذَلِكَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ اللَّذَّةَ الْحَاصِلَةَ بِالْعِلْمِ أَكْمَلُ اللَّذَّاتِ، وَالشَّقَاءَ الْحَاصِلَ بِالْجَهْلِ أَكْمَلُ أَنْوَاعِ الشَّقَاءِ، واعلم أن هاهنا وُجُوهًا أُخَرَ مِنَ النُّصُوصِ تَدُلُّ عَلَى فَضِيلَةِ الْعِلْمِ نَسِينَا إِيرَادَهَا قَبْلَ ذَلِكَ

نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 2  صفحه : 405
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست