responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 2  صفحه : 393
أَحَدُهَا: أَنَّهُمْ ذَكَرُوا فِي الْقِصَّةِ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ لَهُمَا لَوِ ابْتَلَيْتُكُمَا بِمَا ابْتَلَيْتُ بِهِ بَنِي آدَمَ لَعَصَيْتُمَانِي فَقَالَا لَوْ فَعَلْتَ ذَلِكَ بِنَا يَا رَبِّ لَمَا عَصَيْنَاكَ، وَهَذَا مِنْهُمْ تَكْذِيبٌ لِلَّهِ تَعَالَى وَتَجْهِيلٌ لَهُ وَذَلِكَ مِنْ صَرِيحِ الْكُفْرِ، وَالْحَشْوِيَّةُ سَلَّمُوا أَنَّهُمَا كَانَا قَبْلَ الْهُبُوطِ إِلَى الْأَرْضِ مَعْصُومَيْنِ، وَثَانِيهَا: فِي الْقِصَّةِ أَنَّهُمَا خُيِّرَا بَيْنَ عَذَابِ الدُّنْيَا وَعَذَابِ الْآخِرَةِ وَذَلِكَ فَاسِدٌ بَلْ كَانَ الْأَوْلَى أَنْ يُخَيَّرَا بَيْنَ التَّوْبَةِ وَبَيْنَ الْعَذَابِ وَاللَّهُ تَعَالَى خير بينهما من أشرك به طول عمره وَبَالَغَ فِي إِيذَاءِ أَنْبِيَائِهِ. وَثَالِثُهَا: فِي الْقِصَّةِ أَنَّهُمَا يُعَلِّمَانِ السِّحْرَ حَالَ كَوْنِهِمَا مُعَذَّبَيْنِ وَيَدْعُوَانِ إِلَيْهِ وَهُمَا مُعَاقَبَانِ عَلَى الْمَعْصِيَةِ. وَرَابِعُهَا: أَنَّ الْمَرْأَةَ الْفَاجِرَةَ كَيْفَ يُعْقَلُ أَنَّهَا لَمَّا فَجَرَتْ صَعِدَتْ إِلَى السَّمَاءِ وَجَعَلَهَا اللَّهُ تَعَالَى كَوْكَبًا مُضِيئًا وَعَظَّمَ قَدْرَهُ بِحَيْثُ أَقْسَمَ بِهِ حَيْثُ قال: فَلا أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ الْجَوارِ الْكُنَّسِ [التَّكْوِيرِ: 15] فَهَذِهِ الْقِصَّةُ قِصَّةٌ رَكِيكَةٌ يَشْهَدُ كُلُّ عَقْلٍ سَلِيمٍ بِنِهَايَةِ رَكَاكَتِهَا، وَأَمَّا الْكَلَامُ فِي تَعْلِيمِ السِّحْرِ فَسَيَأْتِي فِي تَفْسِيرِ تِلْكَ الْآيَةِ فِي مَوْضِعِهَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
وَأَمَّا الشُّبْهَةُ الثَّالِثَةُ: فَسَنَتَكَلَّمُ فِي بَيَانِ أَنَّ إِبْلِيسَ مَا كَانَ مِنَ الْمَلَائِكَةِ.
وَأَمَّا الشُّبْهَةُ الرَّابِعَةُ: وَهِيَ قَوْلُهُ: وَما جَعَلْنا أَصْحابَ النَّارِ إِلَّا مَلائِكَةً [الْمُدَّثِّرِ: 31] فَهَذَا لَا يَدُلُّ عَلَى كَوْنِهِمْ مُعَذَّبِينَ فِي النَّارِ وَقَوْلُهُ: أُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ [البقرة: 39] لَا يَدُلُّ أَيْضًا عَلَى كَوْنِهِمْ مُعَذَّبِينَ بِالنَّارِ بِمُجَرَّدِ هَذِهِ الْآيَةِ بَلْ إِنَّمَا عُرِفَ ذَلِكَ بِدَلِيلٍ آخَرَ فَقَوْلُهُ: وَما جَعَلْنا أَصْحابَ النَّارِ إِلَّا مَلائِكَةً يُرِيدُ بِهِ خَزَنَةَ النَّارِ وَالْمُتَصَرِّفِينَ فِيهَا وَالْمُدَبِّرِينَ لِأَمْرِهَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: اخْتَلَفُوا فِي أَنَّ الْمَلَائِكَةَ هَلْ هُمْ قَادِرُونَ عَلَى الْمَعَاصِي وَالشُّرُورِ أَمْ لَا؟ فَقَالَ جُمْهُورُ الْفَلَاسِفَةِ وَكَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْجَبْرِ: إِنَّهُمْ خَيْرَاتٌ مَحْضٌ وَلَا قُدْرَةَ لَهُمُ الْبَتَّةَ عَلَى الشُّرُورِ وَالْفَسَادِ وَقَالَ جُمْهُورُ الْمُعْتَزِلَةِ وَكَثِيرٌ مِنَ الْفُقَهَاءِ: إِنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَى الْأَمْرَيْنِ وَاحْتَجُّوا عَلَى ذَلِكَ بِوُجُوهٍ: أَحَدُهَا: أَنَّ قَوْلَهُمْ: أَتَجْعَلُ فِيها مَنْ يُفْسِدُ فِيها إِمَّا أَنْ يَكُونَ مَعْصِيَةً أَوْ تَرْكَ الْأَوْلَى وَعَلَى التَّقْدِيرَيْنِ فَالْمَقْصُودُ حَاصِلٌ، وَثَانِيهَا: قَوْلُهُ تَعَالَى: وَمَنْ يَقُلْ مِنْهُمْ إِنِّي إِلهٌ مِنْ دُونِهِ فَذلِكَ نَجْزِيهِ جَهَنَّمَ [الْأَنْبِيَاءِ: 29] وَذَلِكَ يَقْتَضِي كَوْنَهُمْ مَزْجُورِينَ مَمْنُوعِينَ وَقَالَ أَيْضًا: لَا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبادَتِهِ [الْأَعْرَافِ: 206] وَالْمَدْحُ بِتَرْكِ الِاسْتِكْبَارِ إِنَّمَا يَجُوزُ له كَانَ قَادِرًا عَلَى فِعْلِ الِاسْتِكْبَارِ. وَثَالِثُهَا: أَنَّهُمْ لَوْ لَمْ يَكُونُوا قَادِرِينَ عَلَى تَرْكِ الْخَيْرَاتِ لَمَا كَانُوا مَمْدُوحِينَ بِفِعْلِهَا لِأَنَّ الْمَلْجَأَ إِلَى الشَّيْءِ وَمَنْ لَا يَقْدِرُ عَلَى تَرْكِ الشَّيْءِ لَا يَكُونُ مَمْدُوحًا بِفِعْلِ ذَلِكَ الشَّيْءِ، وَلَقَدِ اسْتَدَلَّ بِهَذَا بَعْضُ الْمُعْتَزِلَةِ فَقُلْتُ لَهُ أَلَيْسَ أَنَّ الثَّوَابَ وَالْعِوَضَ وَاجِبَانِ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى، وَمَعْنَى كَوْنِهِ وَاجِبًا عَلَيْهِ أَنَّهُ لَوْ تَرَكَهُ لَلَزِمَ مِنْ تَرْكِهِ إِمَّا الْجَهْلُ وَإِمَّا الْحَاجَةُ وَهُمَا مُحَالَانِ وَالْمُفْضِي إِلَى الْمُحَالِ مُحَالٌ، فَيَكُونُ ذَلِكَ التَّرْكُ مُحَالًا مِنَ اللَّهِ تَعَالَى، وَإِذَا كَانَ التَّرْكُ مُحَالًا كَانَ الْفِعْلُ وَاجِبًا فَيَكُونُ اللَّهُ تَعَالَى فَاعِلًا لِلثَّوَابِ وَالْعِوَضُ وَاجِبٌ وَتَرْكُهُ مُحَالٌ مَعَ أَنَّهُ تَعَالَى مَمْدُوحٌ عَلَى فِعْلِ ذَلِكَ، فَثَبَتَ أَنَّ امْتِنَاعَ التَّرْكِ لَا يَقْدَحُ فِي حُصُولِ الْمَدْحِ فَانْقَطَعَ وَمَا قَدَرَ عَلَى الْجَوَابِ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: الْوَاوُ فِي وَنَحْنُ لِلْحَالِ كَمَا تَقُولُ أَتُحْسِنُ إِلَى فُلَانٍ وَأَنَا أَحَقُّ بِالْإِحْسَانِ وَالتَّسْبِيحُ تَبْعِيدُ اللَّهِ تَعَالَى مِنَ السُّوءِ وَكَذَا التَّقْدِيسُ، مِنْ سَبَحَ فِي الْمَاءِ وَقَدَّسَ فِي الْأَرْضِ إِذَا ذَهَبَ فِيهَا وَأَبْعَدَ، وَاعْلَمْ أَنَّ التَّبْعِيدَ إِنْ أُرِيدَ بِهِ التَّبْعِيدُ عَنِ السُّوءِ فَهُوَ التَّسْبِيحُ وَإِنْ أُرِيدَ بِهِ التَّبْعِيدُ عَنِ الْخَيْرَاتِ فَهُوَ اللَّعْنُ، فَنَقُولُ التَّبْعِيدُ عَنِ السُّوءِ يَدْخُلُ فِيهِ التَّبْعِيدُ عَنِ السُّوءِ فِي الذَّاتِ وَالصِّفَاتِ وَالْأَفْعَالِ، أَمَّا فِي الذَّاتِ فَأَنْ لَا تَكُونَ مَحَلًّا لِلْإِمْكَانِ فَإِنَّ مَنْعَ

نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 2  صفحه : 393
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست