responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 2  صفحه : 389
أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ آدَمُ عَلَيْهِ السَّلَامُ. وَقَوْلُهُ: أَتَجْعَلُ فِيها مَنْ يُفْسِدُ فِيها الْمُرَادُ ذُرِّيَّتُهُ لَا هُوَ، وَالثَّانِي: أَنَّهُ وَلَدُ آدَمَ، أَمَّا الَّذِينَ قَالُوا الْمُرَادُ آدَمُ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَقَدِ اخْتَلَفُوا فِي أَنَّهُ تَعَالَى لِمَ سَمَّاهُ خَلِيفَةً وَذَكَرُوا فِيهِ وَجْهَيْنِ: الْأَوَّلُ: بِأَنَّهُ تَعَالَى لَمَّا نَفَى الْجِنَّ مِنَ الْأَرْضِ وَأَسْكَنَ آدَمَ الْأَرْضَ كَانَ آدَمُ عَلَيْهِ السَّلَامُ خَلِيفَةً لِأُولَئِكَ الْجِنِّ الَّذِينَ تَقَدَّمُوهُ.
يُرْوَى ذَلِكَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ. الثَّانِي: إِنَّمَا سَمَّاهُ اللَّهُ خَلِيفَةً لِأَنَّهُ يَخْلُفُ اللَّهَ فِي الْحُكْمِ بَيْنَ الْمُكَلَّفِينَ مِنْ خَلْقِهِ وَهُوَ الْمَرْوِيُّ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَالسُّدِّيِّ وَهَذَا الرَّأْيُ مُتَأَكَّدٌ بِقَوْلِهِ: إِنَّا جَعَلْناكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ [ص: 26] أَمَّا الَّذِينَ قَالُوا الْمُرَادُ وَلَدُ آدَمَ فَقَالُوا: إِنَّمَا سَمَّاهُمْ خَلِيفَةً لِأَنَّهُمْ يَخْلُفُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا وَهُوَ/ قَوْلُ الْحَسَنِ وَيُؤَكِّدُهُ قَوْلُهُ: وَهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلائِفَ الْأَرْضِ وَالْخَلِيفَةُ اسْمٌ يَصْلُحُ لِلْوَاحِدِ وَالْجَمْعِ كَمَا يَصْلُحُ للذكر والأنثى وقرئ خليفة بِالْقَافِ. فَإِنْ قِيلَ مَا الْفَائِدَةُ فِي أَنْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى لِلْمَلَائِكَةِ:
إِنِّي جاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً مَعَ أَنَّهُ مُنَزَّهٌ عَنِ الْحَاجَةِ إِلَى الْمَشُورَةِ وَالْجَوَابُ مِنْ وَجْهَيْنِ: الْأَوَّلُ: أَنَّهُ تَعَالَى عَلِمَ أَنَّهُمْ إِذَا اطَّلَعُوا عَلَى ذَلِكَ السِّرِّ أَوْرَدُوا عَلَيْهِ ذَلِكَ السُّؤَالَ فَكَانَتِ الْمَصْلَحَةُ تَقْتَضِي إِحَاطَتَهُمْ بِذَلِكَ الْجَوَابِ فَعَرَّفَهُمْ هَذِهِ الْوَاقِعَةَ لِكَيْ يُورِدُوا ذَلِكَ السُّؤَالَ وَيَسْمَعُوا ذَلِكَ الْجَوَابَ. الْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّهُ تَعَالَى عَلَّمَ عِبَادَهُ الْمُشَاوَرَةَ. وَأَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَى: قالُوا أَتَجْعَلُ فِيها إِلَى آخِرِ الْآيَةِ، فَفِيهِ مَسَائِلُ:
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: الْجُمْهُورُ الْأَعْظَمُ مِنْ عُلَمَاءِ الدِّينِ اتَّفَقُوا عَلَى عِصْمَةِ كُلِّ الْمَلَائِكَةِ عَنْ جَمِيعِ الذُّنُوبِ وَمِنَ الْحَشْوِيَّةِ مَنْ خَالَفَ فِي ذَلِكَ وَلَنَا وُجُوهٌ: الْأَوَّلُ: قَوْلُهُ تَعَالَى: لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ [التَّحْرِيمِ: 6] إِلَّا أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ مُخْتَصَّةٌ بِمَلَائِكَةِ النَّارِ فَإِذَا أَرَدْنَا الدَّلَالَةَ الْعَامَّةَ تَمَسَّكْنَا بِقَوْلِهِ تَعَالَى: يَخافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ [النَّحْلِ: 50] فَقَوْلُهُ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ يَتَنَاوَلُ جَمِيعَ فِعْلِ الْمَأْمُورَاتِ وَتَرْكَ الْمَنْهِيَّاتِ لِأَنَّ الْمَنْهِيَّ عَنِ الشَّيْءِ مَأْمُورٌ بِتَرْكِهِ. فَإِنْ قِيلَ مَا الدَّلِيلُ عَلَى أَنَّ قَوْلَهُ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ يُفِيدُ الْعُمُومَ قُلْنَا لِأَنَّهُ لَا شَيْءَ مِنَ الْمَأْمُورَاتِ إِلَّا وَيَصِحُّ الِاسْتِثْنَاءُ مِنْهُ وَالِاسْتِثْنَاءُ يُخْرِجُ مِنَ الْكَلَامِ مَا لَوْلَاهُ لَدَخَلَ عَلَى مَا بَيَّنَّاهُ فِي أُصُولِ الْفِقْهِ. وَالثَّانِي: قَوْلُهُ تَعَالَى: بَلْ عِبادٌ مُكْرَمُونَ لَا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ [الْأَنْبِيَاءِ: 26- 27] فَهَذَا صَرِيحٌ فِي بَرَاءَتِهِمْ عَنِ الْمَعَاصِي وَكَوْنِهِمْ مُتَوَقِّفِينَ فِي كُلِّ الْأُمُورِ إِلَّا بِمُقْتَضَى الْأَمْرِ وَالْوَحْيِ. وَالثَّالِثُ: أَنَّهُ تَعَالَى حَكَى عَنْهُمْ أَنَّهُمْ طَعَنُوا فِي الْبَشَرِ بِالْمَعْصِيَةِ وَلَوْ كَانُوا مِنَ الْعُصَاةِ لَمَا حَسُنَ مِنْهُمْ ذَلِكَ الطَّعْنُ الرَّابِعُ: أَنَّهُ تَعَالَى حَكَى عَنْهُمْ أَنَّهُمْ يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لَا يَفْتُرُونَ وَمَنْ كَانَ كَذَلِكَ امْتَنَعَ صُدُورُ الْمَعْصِيَةِ مِنْهُ وَاحْتَجَّ الْمُخَالِفُ بِوُجُوهٍ: الْأَوَّلُ: أَنَّهُ تَعَالَى حَكَى عَنْهُمْ أَنَّهُمْ قَالُوا: أَتَجْعَلُ فِيها مَنْ يُفْسِدُ فِيها وَيَسْفِكُ الدِّماءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ وَهَذَا يَقْتَضِي صُدُورَ الذَّنْبِ عَنْهُمْ وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ وُجُوهٌ:
أَحَدُهَا: أَنَّ قَوْلَهُمْ: أَتَجْعَلُ فِيهَا. هَذَا اعْتِرَاضٌ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى وَذَلِكَ مِنْ أَعْظَمِ الذُّنُوبِ. وَثَانِيهَا: أَنَّهُمْ طَعَنُوا فِي بَنِي آدَمَ بِالْفَسَادِ وَالْقَتْلِ وَذَلِكَ غِيبَةٌ وَالْغِيبَةُ مِنْ كَبَائِرِ الذُّنُوبِ. وَثَالِثُهَا: أَنَّهُمْ بَعْدَ أَنْ طَعَنُوا فِي بَنِي آدَمَ مَدَحُوا أَنْفُسَهُمْ بِقَوْلِهِمْ: وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ وَأَنَّهُمْ قَالُوا: وَإِنَّا لَنَحْنُ الصَّافُّونَ وَإِنَّا لَنَحْنُ الْمُسَبِّحُونَ [الصَّافَّاتِ: 165، 166] وَهَذَا لِلْحَصْرِ فَكَأَنَّهُمْ نَفَوْا كَوْنَ غَيْرِهِمْ كَذَلِكَ وَهَذَا يُشْبِهُ الْعُجْبَ وَالْغِيبَةَ وَهُوَ مِنَ الذُّنُوبِ الْمُهْلِكَةِ قَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ. (ثَلَاثٌ مُهْلِكَاتٌ، وَذَكَرَ فِيهَا إِعْجَابَ الْمَرْءِ بِنَفْسِهِ) . وَقَالَ تَعَالَى: فَلا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ [النَّجْمِ: 32] . وَرَابِعُهَا: أَنَّ قَوْلَهُمْ لَا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا يُشْبِهُ الِاعْتِذَارَ فَلَوْلَا تَقَدُّمُ الذَّنْبِ وَإِلَّا لَمَا اشْتَغَلُوا بِالْعُذْرِ. وَخَامِسُهَا: أَنَّ قَوْلَهُ: أَنْبِئُونِي بِأَسْماءِ هؤُلاءِ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ [الْبَقَرَةِ: 31] يَدُلُّ عَلَى أنهم

نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 2  صفحه : 389
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست