responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 2  صفحه : 376
عن الموت إن أريد به النور تراخياً ظاهرا، وهاهنا مَسَائِلُ:
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: قَالَتِ الْمُعْتَزِلَةُ: هَذِهِ الْآيَةُ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْكُفْرَ مِنْ قِبَلِ الْعِبَادِ مِنْ وُجُوهٍ: أَحَدُهَا: أَنَّهُ تَعَالَى لَوْ كَانَ هُوَ الْخَالِقُ لِلْكُفْرِ فِيهِمْ لَمَا جَازَ أَنْ يَقُولَ: كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ/ مُوَبِّخًا لَهُمْ، كَمَا لَا يَجُوزُ أَنْ يَقُولَ كَيْفَ تَسْوَدُّونَ وَتَبْيَضُّونَ وَتَصِحُّونَ وَتَسْقَمُونَ لَمَّا كَانَ ذَلِكَ أَجْمَعَ مِنْ خَلْقِهِ فِيهِمْ. وَثَانِيهَا: إِذَا كَانَ خَلَقَهُمْ أَوَّلًا لِلشَّقَاءِ وَالنَّارِ وَمَا أَرَادَ بِخَلْقِهِمْ إِلَّا الْكُفْرَ وَإِرَادَةَ الْوُقُوعِ فِي النَّارِ، فَكَيْفَ يَصِحُّ أَنْ يقال مُوَبِّخًا لَهُمْ كَيْفَ تَكْفُرُونَ؟. وَثَالِثُهَا: أَنَّهُ كَيْفَ تعقل مِنَ الْحَكِيمِ أَنْ يَقُولَ لَهُمْ: كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ حَالَ مَا يَخْلُقُ الْكُفْرَ فِيهِمْ وَيَقُولُ: وَما مَنَعَ النَّاسَ أَنْ يُؤْمِنُوا [الْإِسْرَاءِ: 94] حَالَ مَا مَنَعَهُمْ عَنِ الْإِيمَانِ وَيَقُولُ: فَما لَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ [الِانْشِقَاقِ: 20] ، فَما لَهُمْ عَنِ التَّذْكِرَةِ مُعْرِضِينَ [الْمُدَّثِّرِ: 49] وَهُوَ يَخْلُقُ فِيهِمُ الْإِعْرَاضَ وَيَقُولُ: فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ ... فَأَنَّى تُصْرَفُونَ وَيَخْلُقُ فِيهِمُ الْإِفْكَ وَالصَّرْفَ وَمِثْلُ هَذَا الْكَلَامِ بِأَنْ يُعَدَّ مِنَ السُّخْرِيَةِ أَوْلَى مِنْ أَنْ يُذْكَرَ فِي بَابِ إِلْزَامِ الْحُجَّةِ عَلَى الْعِبَادِ. وَرَابِعُهَا: أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى إِذَا قَالَ لِلْعَبِيدِ: كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ فَهَلْ ذَكَرَ هَذَا الْكَلَامَ تَوْجِيهًا لِلْحُجَّةِ عَلَى الْعَبْدِ وَطَلَبًا لِلْجَوَابِ مِنْهُ أَوْ لَيْسَ كَذَلِكَ؟ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِطَلَبِ هَذَا الْمَعْنَى لَمْ يَكُنْ فِي ذِكْرِهِ فَائِدَةٌ فَكَانَ هَذَا الْخِطَابُ عَبَثًا، وَإِنْ ذَكَرَهُ لِتَوْجِيهِ الْحُجَّةِ عَلَى الْعَبْدِ، فَلِلْعَبْدِ أَنْ يَقُولَ حَصَلَ فِي حَقِّي أُمُورٌ كَثِيرَةٌ مُوجِبَةٌ لِلْكُفْرِ. فَالْأَوَّلُ: أَنَّكَ عَلِمْتَ بِالْكُفْرِ مِنِّي وَالْعِلْمُ بِالْكُفْرِ يُوجِبُ الْكُفْرَ. وَالثَّانِي: أَنَّكَ أَرَدْتَ الْكُفْرَ مِنِّي وَهَذِهِ الْإِرَادَةُ مُوجِبَةٌ لَهُ. وَالثَّالِثُ: أَنَّكَ خَلَقْتَ الْكُفْرَ فِيَّ وَأَنَا لَا أَقْدِرُ عَلَى إِزَالَةِ فِعْلِكَ. وَالرَّابِعُ: أَنَّكَ خَلَقْتَ فِيَّ قُدْرَةً مُوجِبَةً لِلْكُفْرِ. فِيَّ إِرَادَةً مُوجِبَةً لِلْكُفْرِ. وَالسَّادِسُ: أَنَّكَ خَلَقْتَ فِيَّ قُدْرَةً مُوجِبَةً لِلْكُفْرِ. وَالْخَامِسُ أَنَّكَ خَلَقْتَ فِيَّ إِرَادَةً مُوجِبَةً لِلْكُفْرِ. وَالسَّادِسُ أَنَّكَ خَلَقْتَ مُوجِبَةً لِلْإِرَادَةِ الْمُوجِبَةِ لِلْكُفْرِ ثُمَّ لَمَّا حَصَلَتْ هَذِهِ الْأَسْبَابُ السِّتَّةُ فِي حُصُولِ الْكُفْرِ وَالْإِيمَانِ يُوقَفُ عَلَى حُصُولِ هَذِهِ الْأَسْبَابِ السِّتَّةِ فِي طَرَفِ الْإِيمَانِ وَهِيَ بِأَسْرِهَا كَانَتْ مَفْقُودَةً، فَقَدْ حَصَلَ لِعَدَمِ الْإِيمَانِ اثْنَا عَشَرَ سَبَبًا كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهَا مُسْتَقِلٌّ بِالْمَنْعِ مِنَ الْإِيمَانِ، وَمَعَ قِيَامِ هَذِهِ الْأَسْبَابِ الْكَثِيرَةِ كَيْفَ يُعْقَلُ أَنْ يُقَالَ كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ؟
وَخَامِسُهَا: أَنَّهُ تَعَالَى قَالَ لِرَسُولِهِ قُلْ لَهُمْ كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ الَّذِي أَنْعَمَ عَلَيْكُمْ بِهَذِهِ النِّعْمَةِ الْعَظِيمَةِ أَعْنِي نِعْمَةَ الْحَيَاةِ وَعَلَى قَوْلِ أَهْلِ الْجَبْرِ لَا نِعْمَةَ لَهُ تَعَالَى عَلَى الْكَافِرِ، وَذَلِكَ لِأَنَّ عِنْدَهُمْ كُلَّ مَا فَعَلَهُ اللَّهُ تَعَالَى بِالْكَافِرِ فَإِنَّمَا فَعَلَهُ لِيَسْتَدْرِجَهُ إِلَى الْكُفْرِ وَيَحْرِقَهُ بِالنَّارِ، فَأَيُّ نِعْمَةٍ تَكُونُ لِلَّهِ عَلَى الْعَبْدِ عَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ وَهَلْ يَكُونُ ذَلِكَ إِلَّا بِمَنْزِلَةِ مَنْ قَدَّمَ إِلَى غَيْرِهِ صَحْفَةَ فَالُوذَجَ مَسْمُومٍ فَإِنَّ ظَاهِرَهُ وَإِنْ كَانَ لَذِيذًا وَيُعَدُّ نِعْمَةً لَكِنْ لَمَّا كَانَ بَاطِنُهُ مُهْلِكًا فَإِنَّ أَحَدًا لَا يَعُدُّهُ نِعْمَةً، وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْعَذَابَ الدَّائِمَ أَشَدُّ ضَرَرًا مِنْ ذَلِكَ السُّمِّ فَلَا يَكُونُ لِلَّهِ تَعَالَى نِعْمَةٌ عَلَى الْكَافِرِ، فَكَيْفَ يَأْمُرُ رَسُولَهُ بِأَنْ يَقُولَ لَهُمْ كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِمَنْ أَنْعَمَ عَلَيْكُمْ بِهَذِهِ النِّعَمِ الْعَظِيمَةِ، وَالْجَوَابُ: أَنَّ هَذِهِ الْوُجُوهَ عِنْدَ الْبَحْثِ يَرْجِعُ حَاصِلُهَا إِلَى التَّمَسُّكِ بِطَرِيقَةِ الْمَدْحِ وَالذَّمِّ وَالْأَمْرِ وَالنَّهْيِ وَالثَّوَابِ وَالْعِقَابِ، فَنَحْنُ أَيْضًا نُقَابِلُهَا بِالْكَلَامِ الْمُعْتَمَدِ فِي هَذِهِ الشُّبْهَةِ، وَهُوَ أَنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَلِمَ أَنَّهُ لَا يَكُونُ، فَلَوْ وُجِدَ لَانْقَلَبَ عِلْمُهُ جَهْلًا وَهُوَ مُحَالٌ وَمُسْتَلْزَمُ الْمُحَالِ مُحَالٌ، فَوُقُوعُهُ مُحَالٌ مَعَ أَنَّهُ قَالَ: كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَكُنْتُمْ أَمْواتاً فَأَحْياكُمْ وَأَيْضًا فَالْقُدْرَةُ عَلَى الْكُفْرِ إِنْ كَانَتْ صَالِحَةً لِلْإِيمَانِ امْتَنَعَ كَوْنُهَا مَصْدَرًا لِلْإِيمَانِ عَلَى التَّعْيِينِ إِلَّا لِمُرَجِّحٍ، وَذَلِكَ الْمُرَجِّحُ إِنْ كَانَ مِنَ الْعَبْدِ عَادَ السُّؤَالُ، إن/ كَانَ مِنَ اللَّهِ فَمَا لَمْ يَحْصُلْ ذَلِكَ الْمُرَجِّحُ مِنَ اللَّهِ امْتَنَعَ حُصُولُ الْكُفْرِ، وَإِذَا حَصَلَ ذَلِكَ الْمُرَجِّحُ وَجَبَ، وَعَلَى هَذَا كَيْفَ لَا يُعْقَلُ قَوْلُهُ: كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَاعْلَمْ أَنَّ الْمُعْتَزِلِيَّ إِذَا طَوَّلَ كَلَامَهُ وَفَرَّعَ وُجُوهَهُ فِي الْمَدْحِ وَالذَّمِّ فَعَلَيْكَ بِمُقَابَلَتِهَا بِهَذَيْنَ الْوَجْهَيْنِ فإنهما يهدمان

نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 2  صفحه : 376
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست