responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 2  صفحه : 370
الْإِضْلَالُ عَلَى الْإِضْلَالِ عَنِ الْجَنَّةِ، قَالَتِ الْمُعْتَزِلَةُ: وَهَذَا فِي الْحَقِيقَةِ لَيْسَ تَأْوِيلًا بَلْ حَمْلًا لِلَّفْظِ عَلَى ظَاهِرِهِ فَإِنَّ الْآيَةَ تَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ تَعَالَى يُضِلُّهُمْ وَلَيْسَ فِيهَا دَلَالَةٌ عَلَى أنه عما ذا يُضِلُّهُمْ، فَنَحْنُ نَحْمِلُهَا عَلَى أَنَّهُ تَعَالَى يُضِلُّهُمْ عَنْ طَرِيقِ الْجَنَّةِ ثُمَّ حَمَلُوا كُلَّ مَا فِي الْقُرْآنِ مِنْ هَذَا الْجِنْسِ عَلَى هَذَا الْمَحْمَلِ وَهُوَ اخْتِيَارُ الْجُبَّائِيِّ قَالَ تَعَالَى:
كُتِبَ عَلَيْهِ أَنَّهُ مَنْ تَوَلَّاهُ فَأَنَّهُ يُضِلُّهُ وَيَهْدِيهِ إِلى عَذابِ السَّعِيرِ [الْحَجِّ: 4] أَيْ يُضِلُّهُ عَنِ الْجَنَّةِ وَثَوَابِهَا. هَذَا كُلُّهُ إِذَا حَمَلْنَا الْهَمْزَةَ فِي الْإِضْلَالِ عَلَى التَّعْدِيَةِ. وَسَابِعُهَا: أَنْ نَحْمِلَ الْهَمْزَةَ لَا عَلَى التَّعْدِيَةِ بَلْ عَلَى الْوُجْدَانِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ فِي أَوَّلِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ بَيَانُهُ فَيُقَالُ أَضَلَّ فُلَانٌ بَعِيرَهُ أَيْ ضَلَّ عَنْهُ فَمَعْنَى إِضْلَالِ اللَّهِ تَعَالَى لَهُمْ أَنَّهُ تَعَالَى وَجَدَهُمْ ضَالِّينَ. وَثَامِنُهَا: أَنْ يَكُونَ قَوْلُهُ تَعَالَى: يُضِلُّ بِهِ كَثِيراً وَيَهْدِي بِهِ كَثِيراً مِنْ تَمَامِ قَوْلِ الْكُفَّارِ فَإِنَّهُمْ قَالُوا مَاذَا أَرَادَ اللَّهُ بِهَذَا الْمَثَلِ الَّذِي لَا يَظْهَرُ وَجْهُ الْفَائِدَةِ فِيهِ ثُمَّ قَالُوا: يُضِلُّ بِهِ كَثِيرًا وَيَهْدِي بِهِ كَثِيرًا وَذَكَرُوهُ عَلَى/ سَبِيلِ التَّهَكُّمِ فَهَذَا مِنْ قَوْلِ الْكُفَّارِ ثُمَّ قَالَ تَعَالَى جَوَابًا لَهُمْ: وَما يُضِلُّ بِهِ إِلَّا الْفاسِقِينَ أَيْ مَا أَضَلَّ بِهِ إِلَّا الْفَاسِقَ. هَذَا مَجْمُوعُ كَلَامِ الْمُعْتَزِلَةِ، وَقَالَتِ الْجَبْرِيَّةُ لَقَدْ سَمِعْنَا كَلَامَكُمْ وَاعْتَرَفْنَا لَكُمْ بِجَوْدَةِ الْإِيرَادِ وَحُسْنِ التَّرْتِيبِ وَقُوَّةِ الْكَلَامِ وَلَكِنْ مَاذَا نَعْمَلُ وَلَكُمْ أَعْدَاءٌ ثَلَاثَةٌ يُشَوِّشُونَ عَلَيْكُمْ هَذِهِ الْوُجُوهَ الْحَسَنَةَ؟ وَالدَّلَائِلَ اللَّطِيفَةَ:
أَحَدُهَا: مَسْأَلَةُ الدَّاعِي وَهِيَ أَنَّ الْقَادِرَ عَلَى الْعِلْمِ وَالْجَهْلِ وَالْإِهْدَاءِ وَالْإِضْلَالِ لِمَ فَعَلَ أَحَدَهُمَا دُونَ الْآخَرِ؟
وَثَانِيهَا: مَسْأَلَةُ الْعِلْمِ عَلَى مَا سَبَقَ تَقْرِيرُهَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: خَتَمَ اللَّهُ عَلى قُلُوبِهِمْ [الْبَقَرَةِ: 7] وَمَا رَأَيْنَا لَكُمْ فِي دَفْعِ هَذَيْنِ الْكَلَامَيْنِ كَلَامًا مُحِيلًا قَوِيًّا وَنَحْنُ لَا شَكَّ نَعْلَمُ أَنَّهُ لَا يَخْفَى عَلَيْكُمْ مَعَ مَا مَعَكُمْ مِنَ الذَّكَاءِ الضَّعْفَ عَنْ تِلْكَ الْأَجْوِبَةِ الَّتِي تَكَلَّمُوا بِهَا فكما أنصفنا واعترافنا لَكُمْ بِحُسْنِ الْكَلَامِ الَّذِي ذَكَرْتُمُوهُ فَأَنْصِفُوا أَيْضًا وَاعْتَرِفُوا بِأَنَّهُ لَا وَجْهَ لَكُمْ عَنْ هَذَيْنِ الْوَجْهَيْنِ فَإِنَّ التَّعَامِيَ وَالتَّغَافُلَ لَا يَلِيقُ بِالْعُقَلَاءِ. وَثَالِثُهَا: أَنَّ فِعْلَ الْعَبْدِ لَوْ كَانَ بِإِيجَادِهِ لَمَا حَصَلَ إِلَّا الَّذِي قَصَدَ إِيجَادَهُ لَكِنَّ أَحَدًا لَا يُرِيدُ إِلَّا تَحْصِيلَ الْعِلْمِ وَالِاهْتِدَاءِ، وَيَحْتَرِزُ كُلَّ الِاحْتِرَازِ عَنِ الْجَهْلِ وَالضَّلَالِ فَكَيْفَ يَحْصُلُ الْجَهْلُ وَالْإِضْلَالُ لِلْعَبْدِ مَعَ أَنَّهُ مَا قَصَدَ إِلَّا تَحْصِيلَ الْعِلْمِ وَالِاهْتِدَاءِ؟ فَإِنْ قِيلَ إِنَّهُ اشْتَبَهَ عَلَيْهِ الْكُفْرُ بِالْإِيمَانِ وَالْعِلْمُ بِالْجَهْلِ فَظَنَّ فِي الْجَهْلِ أَنَّهُ عِلْمٌ فَقَصَدَ إِيقَاعَهُ فَلِذَلِكَ حَصَلَ لَهُ الْجَهْلُ قُلْنَا ظَنُّهُ فِي الْجَهْلِ أَنَّهُ عِلْمٌ ظَنُّ خَطَأٍ فَإِنْ كَانَ اخْتَارَهُ أَوَّلًا فَقَدِ اخْتَارَ الْجَهْلَ وَالْخَطَأَ لِنَفْسِهِ وَذَلِكَ غَيْرُ مُمْكِنٍ وَإِنْ قُلْنَا إِنَّهُ اشْتَبَهَ عَلَيْهِ ذَلِكَ بِسَبَبِ ظَنٍّ آخَرَ مُتَقَدِّمٍ عَلَيْهِ لَزِمَ أَنْ يَكُونَ قَبْلَ كُلِّ ظَنٍّ ظَنٌّ لَا إِلَى نِهَايَةٍ وَهُوَ مُحَالٌ. وَرَابِعُهَا: أَنَّ التَّصَوُّرَاتِ غَيْرُ كَسْبِيَّةٍ وَالتَّصْدِيقَاتِ الْبَدِيهِيَّةَ غَيْرُ كَسْبِيَّةٍ وَالتَّصْدِيقَاتِ بِأَسْرِهَا غَيْرُ كَسْبِيَّةٍ فَهَذِهِ مُقَدَّمَاتٌ ثَلَاثَةٌ.
الْمُقَدَّمَةُ الْأُولَى: فِي بَيَانِ أَنَّ التَّصَوُّرَاتِ غَيْرُ كَسْبِيَّةٍ، وَذَلِكَ لِأَنَّ مَنْ يُحَاوِلُ اكْتِسَابَهَا فَإِمَّا أَنْ يَكُونَ مُتَصَوِّرًا لَهَا أَوْ لَا يَكُونَ مُتَصَوِّرًا لَهَا فَإِنْ كَانَ مُتَصَوِّرًا لَهَا اسْتَحَالَ أَنْ يَطْلُبَ تَحْصِيلَ تَصَوُّرِهَا لِأَنَّ تَحْصِيلَ الْحَاصِلِ مُحَالٌ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُتَصَوِّرًا لَهَا كَانَ ذِهْنُهُ غَافِلًا عَنْهَا وَالْغَافِلُ عَنِ الشَّيْءِ يَسْتَحِيلُ أَنْ يَكُونَ طَالِبَهُ.
الْمُقَدَّمَةُ الثَّانِيَةُ: فِي بَيَانِ أَنَّ التَّصْدِيقَاتِ الْبَدِيهِيَّةَ غَيْرُ كَسْبِيَّةٍ لِأَنَّ حُصُولَ طَرَفَيِ التَّصْدِيقِ إِمَّا أَنْ يَكُونَ كَافِيًا فِي جَزْمِ الذِّهْنِ بِذَلِكَ التَّصْدِيقِ أَوْ لَا يَكُونَ كَافِيًا فَإِنْ كَانَ الْأَوَّلُ كَانَ ذَلِكَ التَّصْدِيقُ دَائِرًا مَعَ ذَيْنَكِ التَّصَوُّرَيْنِ عَلَى سَبِيلِ الْوُجُوبِ نَفْيًا وَإِثْبَاتًا وَمَا كَانَ كَذَلِكَ لَمْ يَكُنْ مَقْدُورًا، وَإِنْ كَانَ الثَّانِي لَمْ يَكُنِ التَّصْدِيقُ بَدِيهِيًّا بَلْ مُتَوَقَّفًا فِيهِ.
الْمُقَدَّمَةُ الثَّالِثَةُ: فِي بَيَانِ أَنَّ التَّصْدِيقَاتِ بِأَسْرِهَا غَيْرُ كَسْبِيَّةٍ وَذَلِكَ لِأَنَّ هَذِهِ النَّظَرِيَّاتِ إِنْ كَانَتْ وَاجِبَةَ اللُّزُومِ عَنْ تِلْكَ الْبَدِيهِيَّاتِ الَّتِي هِيَ غَيْرُ مَقْدُورَةٍ كَانَتْ تِلْكَ النَّظَرِيَّاتُ أَيْضًا غَيْرَ مَقْدُورَةٍ. وَإِنْ لَمْ تَكُنْ وَاجِبَةَ اللُّزُومِ عَنْ

نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 2  صفحه : 370
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست