responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 2  صفحه : 364
الْمَسْأَلَةُ السَّادِسَةُ: انْتَصَبَ بَعُوضَةً بِأَنَّهُ عَطْفُ بَيَانٍ لمثلًا أو مفعول ليضرب ومثلًا حَالٌ مِنَ النَّكِرَةِ مُقَدَّمٌ عَلَيْهِ أَوْ ثَانِي مفعولين ليضرب مُضَمَّنًا مَعْنَى يَجْعَلُ، وَهَذَا إِذَا كَانَتْ مَا صِلَةً أَوْ إِبْهَامِيَّةً، فَإِنْ كَانَتْ مُفَسَّرَةً بِبَعُوضَةٍ فَهِيَ تَابِعَةٌ لِمَا هِيَ تَفْسِيرٌ لَهُ، وَالْمُفَسِّرُ وَالْمُفَسَّرُ مَعًا لِمَجْمُوعِهِمَا عَطْفُ بَيَانٍ أَوْ مَفْعُولٌ، ومثلًا حَالٌ مُقَدَّمَةٌ، وَأَمَّا رَفْعُهَا فَبِكَوْنِهَا خَبَرَ مُبْتَدَأٍ، أَمَّا إِذَا كَانَتْ مَا مَوْصُولَةً أَوْ مَوْصُوفَةً أَوِ اسْتِفْهَامِيَّةً فَأَمْرُهَا ظَاهِرٌ، فَإِذَا كَانَتْ إِبْهَامِيَّةً فَهِيَ عَلَى الْجَوَابِ كَأَنَّ قَائِلًا قَالَ مَا هُوَ فَقِيلَ بَعُوضَةٌ.
الْمَسْأَلَةُ السَّابِعَةُ: قَالَ صَاحِبُ «الْكَشَّافِ» : اشْتِقَاقُ الْبَعُوضِ مِنَ الْبَعْضِ وَهُوَ الْقَطْعُ كَالْبَضْعِ وَالْعَضْبِ يُقَالُ بَعَضَهُ الْبَعُوضُ وَمِنْهُ بَعْضُ الشَّيْءِ لِأَنَّهُ قِطْعَةٌ مِنْهُ وَالْبَعُوضُ فِي أَصْلِهِ صِفَةٌ عَلَى فَعُولٍ كَالْقَطُوعِ فَغَلَبَتِ اسْمِيَّتُهُ، وَعَنْ بَعْضِهِمِ اشْتِقَاقُهُ مِنْ بَعْضِ الشَّيْءِ سُمِّيَ بِهِ لِقِلَّةِ جُرْمِهِ وَصِغَرِهِ وَلِأَنَّ بَعْضَ الشَّيْءِ قَلِيلٌ بِالْقِيَاسِ إِلَى كُلِّهِ، وَالْوَجْهُ الْقَوِيُّ هُوَ الْأَوَّلُ، قَالَ وَهُوَ مِنْ عَجَائِبِ خَلْقِ اللَّهِ تَعَالَى فَإِنَّهُ صَغِيرٌ جِدًّا وَخُرْطُومُهُ فِي غَايَةِ الصِّغَرِ ثُمَّ إِنَّهُ مَعَ ذَلِكَ مُجَوَّفٌ ثُمَّ ذَلِكَ الْخُرْطُومُ مَعَ فَرْطِ صِغَرِهِ وَكَوْنِهِ جَوْفًا يَغُوصُ فِي جِلْدِ الْفِيلِ وَالْجَامُوسِ عَلَى ثَخَانَتِهِ كَمَا يَضْرِبُ الرَّجُلُ إِصْبَعَهُ فِي الْخَبِيصِ، / وَذَلِكَ لِمَا رَكَّبَ اللَّهُ فِي رَأْسِ خُرْطُومِهِ مِنَ السُّمِّ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّامِنَةُ: فِي قَوْلِهِ: فَما فَوْقَها وَجْهَانِ: أَحَدُهُمَا: أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ فَمَا هُوَ أَعْظَمُ مِنْهَا فِي الْجُثَّةِ كَالذُّبَابِ وَالْعَنْكَبُوتِ وَالْحِمَارِ وَالْكَلْبِ، فَإِنَّ الْقَوْمَ أَنْكَرُوا تَمْثِيلَ اللَّهِ تَعَالَى بِكُلِّ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ. وَالثَّانِي: أَرَادَ بِمَا فَوْقَهَا فِي الصِّغَرِ أَيْ بِمَا هُوَ أَصْغَرُ مِنْهَا وَالْمُحَقِّقُونَ مَالُوا إِلَى هَذَا الْقَوْلِ لِوُجُوهٍ: أَحَدُهَا: أَنَّ الْمَقْصِدَ مِنْ هَذَا التَّمْثِيلِ تَحْقِيرُ الْأَوْثَانِ، وَكُلَّمَا كَانَ الْمُشَبَّهُ بِهِ أَشَدَّ حَقَارَةً كَانَ الْمَقْصُودُ فِي هَذَا الْبَابِ أَكْمَلَ حُصُولًا. وَثَانِيهَا: أَنَّ الغرض هاهنا بَيَانُ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَا يَمْتَنِعُ مِنَ التَّمْثِيلِ بِالشَّيْءِ الْحَقِيرِ، وَفِي مِثْلِ هَذَا الْمَوْضِعِ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ الْمَذْكُورُ ثَانِيًا أَشَدَّ حَقَارَةً مِنَ الْأَوَّلِ يُقَالُ إِنَّ فُلَانًا يَتَحَمَّلُ الذُّلَّ فِي اكْتِسَابِ الدِّينَارِ، وَفِي اكْتِسَابِ مَا فَوْقَهُ، يَعْنِي فِي الْقِلَّةِ لِأَنَّ تَحَمُّلَ الذُّلِّ فِي اكْتِسَابِ أَقَلَّ مِنَ الدِّينَارِ أَشَدُّ مِنْ تَحَمُّلِهِ فِي اكْتِسَابِ الدِّينَارِ. وَثَالِثُهَا: أَنَّ الشَّيْءَ كُلَّمَا كَانَ أَصْغَرَ كَانَ الِاطِّلَاعُ عَلَى أَسْرَارِهِ أَصْعَبَ، فَإِذَا كَانَ فِي نِهَايَةِ الصِّغَرِ لَمْ يُحِطْ بِهِ إِلَّا عِلْمُ اللَّهِ تَعَالَى، فَكَانَ التَّمْثِيلُ بِهِ أَقْوَى فِي الدَّلَالَةِ عَلَى كَمَالِ الْحِكْمَةِ مِنَ التَّمْثِيلِ بِالشَّيْءِ الْكَبِيرِ، وَاحْتَجَّ الْأَوَّلُونَ بِوَجْهَيْنِ: الْأَوَّلُ: بِأَنَّ لَفْظَ «فَوْقَ» يَدُلُّ عَلَى الْعُلُوِّ، فَإِذَا قِيلَ هَذَا فَوْقَ ذَاكَ، فَإِنَّمَا مَعْنَاهُ أَنَّهُ أَكْبَرُ مِنْهُ
وَيُرْوَى أَنَّ رَجُلًا مَدَحَ عَلِيًّا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَالرَّجُلُ مُتَّهَمٌ فِيهِ، فَقَالَ عَلِيٌّ: أَنَا دُونَ مَا تَقُولُ وَفَوْقَ مَا فِي نَفْسِكَ،
أَرَادَ بِهَذَا أَعْلَى مِمَّا فِي نَفْسِكَ. الثَّانِي:
كَيْفَ يُضْرَبُ الْمَثَلُ بِمَا دُونَ الْبَعُوضَةِ وَهِيَ النِّهَايَةُ فِي الصِّغَرِ؟ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ: أَنَّ كُلَّ شَيْءٍ كَانَ ثُبُوتُ صِفَةٍ فِيهِ أَقْوَى مِنْ ثُبُوتِهَا فِي شَيْءٍ آخَرَ كَانَ ذَلِكَ الْأَقْوَى فَوْقَ الْأَضْعَفِ فِي تِلْكَ الصِّفَةِ يُقَالُ إِنَّ فُلَانًا فَوْقَ فُلَانٍ فِي اللُّؤْمِ وَالدَّنَاءَةِ. أَيْ هُوَ أَكْثَرُ لُؤْمًا وَدَنَاءَةً مِنْهُ، وَكَذَا إِذَا قِيلَ هَذَا فَوْقَ ذَلِكَ فِي الصِّغَرِ وَجَبَ أَنْ يَكُونَ أَكْثَرَ صِغَرًا مِنْهُ، وَالْجَوَابُ عَنِ الثَّانِي أَنَّ جَنَاحَ الْبَعُوضَةِ أَقَلُّ مِنْهَا وَقَدْ ضَرَبَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَثَلًا لِلدُّنْيَا.
الْمَسْأَلَةُ التَّاسِعَةُ: «أَمَّا» حَرْفٌ فِيهِ مَعْنَى الشَّرْطِ، وَلِذَلِكَ يُجَابُ بِالْفَاءِ وَهَذَا يُفِيدُ التَّأْكِيدُ تَقُولُ زَيْدٌ ذَاهِبٌ فَإِذَا قَصَدْتَ تَوْكِيدَ ذَلِكَ وَأَنَّهُ لَا مَحَالَةَ ذَاهِبٌ قُلْتَ أَمَّا زَيْدٌ فَذَاهِبٌ، إِذَا ثَبَتَ هَذَا فَنَقُولُ: إِيرَادُ الْجُمْلَتَيْنِ مُصَدَّرَتَيْنِ بِهِ إِحْمَادٌ عَظِيمٌ لِأَمْرِ الْمُؤْمِنِينَ وَاعْتِدَادٌ بِعِلْمِهِمْ أَنَّهُ الْحَقُّ وَذَمٌّ عَظِيمٌ لِلْكَافِرِينَ عَلَى مَا قَالُوهُ وَذَكَرُوهُ.
الْمَسْأَلَةُ الْعَاشِرَةُ: «الْحَقُّ» الثَّابِتُ الَّذِي لَا يَسُوغُ إِنْكَارُهُ يُقَالُ حَقَّ الْأَمْرُ إِذَا ثَبَتَ وَوَجَبَ وَحَقَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ، وَثَوْبٌ مُحَقَّقٌ مُحْكَمُ النسج.

نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 2  صفحه : 364
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست