responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 2  صفحه : 360
أَحَدُهَا: أَنَّ الْمَرْأَةَ إِذَا حَاضَتْ فَاللَّهُ تَعَالَى مَنَعَكَ عَنْ مُبَاشَرَتِهَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: قُلْ هُوَ أَذىً فَاعْتَزِلُوا النِّساءَ فِي الْمَحِيضِ [الْبَقَرَةِ: 222] فَإِذَا مَنَعَكَ عَنْ مُقَارَبَتِهَا لِمَا عَلَيْهَا مِنَ النَّجَاسَةِ الَّتِي هِيَ مَعْذُورَةٌ فِيهَا فَإِذَا كَانَتِ الْأَزْوَاجُ اللَّوَاتِي فِي الْجَنَّةِ مُطَهَّرَاتٍ فَلَأَنْ يَمْنَعَكَ عَنْهُنَّ حَالَ كَوْنِكَ مُلَوَّثًا بِنَجَاسَاتِ الْمَعَاصِي مَعَ أَنَّكَ غَيْرُ مَعْذُورٍ فِيهَا كَانَ أَوْلَى. وَثَانِيهَا: أَنَّ مَنْ قَضَى شَهْوَتَهُ مِنَ الْحَلَالِ فَإِنَّهُ يُمْنَعُ الدُّخُولَ فِي الْمَسْجِدِ الَّذِي يَدْخُلُ فِيهِ كُلُّ بَرٍّ وَفَاجِرٍ، فَمَنْ قَضَى شَهْوَتَهُ مِنَ الْحَرَامِ كَيْفَ يُمَكَّنُ مِنْ دُخُولِ الْجَنَّةِ الَّتِي لَا يَسْكُنُهَا إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ وَلِذَلِكَ فَإِنَّ آدَمَ لَمَّا أَتَى بِالزَّلَّةِ أُخْرِجَ مِنْهَا. وَثَالِثُهَا: مَنْ كَانَ عَلَى ثَوْبِهِ ذَرَّةٌ مِنَ النَّجَاسَةِ لَا تَصِحُّ صَلَاتُهُ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، فَمَنْ كَانَ عَلَى قَلْبِهِ مِنْ نَجَاسَاتِ الْمَعَاصِي أعظم من الدنيا كيف تقبل صلاته وهاهنا سُؤَالَانِ: الْأَوَّلُ: هَلَّا جَاءَتِ الصِّفَةُ مَجْمُوعَةً كَالْمَوْصُوفِ؟ الْجَوَابُ: هُمَا لُغَتَانِ فَصِيحَتَانِ يُقَالُ النِّسَاءُ فَعَلْنَ وَالنِّسَاءُ فَعَلَتْ. وَمِنْهُ بَيْتُ الْحَمَاسَةِ:
وَإِذَا الْعَذَارَى بِالدُّخَانِ تَقَنَّعَتْ ... وَاسْتَعْمَلَتْ نَصْبَ الْقُدُورِ فَمَلَّتْ
وَالْمَعْنَى وَجَمَاعَةُ أَزْوَاجٍ مُطَهَّرَةٍ، وَقَرَأَ زَيْدُ بْنُ عَلِيٍّ: مُطَهَّرَاتٌ وَقَرَأَ عُبَيْدُ بْنُ عُمَيْرٍ: مُطَّهِّرَةٌ يَعْنِي مُتَطَهِّرَةً.
السُّؤَالُ الثَّانِي: هَلَّا قِيلَ طَاهِرَةٌ؟ الْجَوَابُ: فِي الْمُطَهَّرَةِ إِشْعَارٌ بِأَنَّ مُطَهِّرًا طَهَّرَهُنَّ وَلَيْسَ ذَلِكَ إِلَّا اللَّهُ تَعَالَى، وَذَلِكَ يُفِيدُ فَخَامَةَ أَمْرِ أَهْلِ الثَّوَابِ كَأَنَّهُ قِيلَ إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى هُوَ الَّذِي زَيَّنَهُنَّ/ لِأَهْلِ الثَّوَابِ. أَمَّا قَوْلُهُ: وَهُمْ فِيها خالِدُونَ فَقَالَتِ الْمُعْتَزِلَةُ الْخُلْدَ هاهنا هُوَ الثَّبَاتُ اللَّازِمُ وَالْبَقَاءُ الدَّائِمُ الَّذِي لَا يَنْقَطِعُ وَاحْتَجُّوا عَلَيْهِ بِالْآيَةِ وَالشِّعْرِ، أَمَّا الْآيَةُ فَقَوْلُهُ: وَما جَعَلْنا لِبَشَرٍ مِنْ قَبْلِكَ الْخُلْدَ أَفَإِنْ مِتَّ فَهُمُ الْخالِدُونَ [الْأَنْبِيَاءِ: 34] فَنَفَى الْخُلْدَ عَنِ الْبَشَرِ مَعَ أَنَّهُ تَعَالَى أَعْطَى بَعْضَهُمُ الْعُمُرَ الطَّوِيلَ، وَالْمَنْفِيُّ غَيْرُ الْمُثْبَتِ، فَالْخُلْدُ هُوَ الْبَقَاءُ الدَّائِمُ وَأَمَّا الشِّعْرُ فَقَوْلُ امْرِئِ الْقَيْسِ:
وَهَلْ يَعِمَنُ إِلَّا سَعِيدٌ مُخَلَّدٌ ... قَلِيلُ هُمُومٍ مَا يَبِيتُ بِأَوْجَالِ
وَقَالَ أَصْحَابُنَا: الْخُلْدُ هُوَ الثَّبَاتُ الطَّوِيلُ سَوَاءٌ دَامَ أَوْ لَمْ يَدُمْ وَاحْتَجُّوا فِيهِ بِالْآيَةِ وَالْعُرْفِ أَمَّا الْآيَةُ فَقَوْلُهُ تعالى: خالِدِينَ فِيها أَبَداً وَلَوْ كَانَ التَّأْبِيدُ دَاخِلًا فِي مَفْهُومِ الْخُلْدِ لَكَانَ ذَلِكَ تَكْرَارًا وَأَمَّا الْعُرْفُ فَيُقَالُ حَبَسَ فُلَانٌ فُلَانًا حَبْسًا مُخَلَّدًا وَلِأَنَّهُ يُكْتَبُ فِي صُكُوكِ الْأَوْقَافِ وَقَفَ فُلَانٌ وَقْفًا مُخَلَّدًا فَهَذَا هُوَ الْكَلَامُ فِي أَنَّ هَذَا اللَّفْظَ هَلْ يَدُلُّ عَلَى دَوَامِ الثَّوَابِ أَمْ لَا؟ وَقَالَ آخَرُونَ الْعَقْلُ يَدُلُّ عَلَى دَوَامِهِ لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَجِبْ دَوَامُهُ لَجَوَّزُوا انْقِطَاعَهُ فَكَانَ خَوْفُ الِانْقِطَاعِ يُنَغِّصُ عَلَيْهِمْ تِلْكَ النِّعْمَةِ لَأَنَّ النِّعْمَةَ كُلَّمَا كَانَتْ أَعْظَمَ كَانَ خَوْفُ انْقِطَاعِهَا أَعْظَمَ وَقْعًا فِي الْقَلْبِ وَذَلِكَ يَقْتَضِي أَنْ لَا يَنْفَكَّ أَهْلُ الثَّوَابِ الْبَتَّةَ مِنَ الْغَمِّ وَالْحَسْرَةِ والله تعالى أعلم.

[سورة البقرة (2) : الآيات 26 الى 27]
إِنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلاً مَا بَعُوضَةً فَما فَوْقَها فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَيَقُولُونَ مَاذَا أَرادَ اللَّهُ بِهذا مَثَلاً يُضِلُّ بِهِ كَثِيراً وَيَهْدِي بِهِ كَثِيراً وَما يُضِلُّ بِهِ إِلاَّ الْفاسِقِينَ (26) الَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ أُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ (27)

نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 2  صفحه : 360
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست