responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 2  صفحه : 357
أَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَى: وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا فَفِيهِ سؤالات: الْأَوَّلُ: عَلَامَ عُطِفَ هَذَا الْأَمْرُ؟ وَالْجَوَابُ مِنْ وُجُوهٍ:
أَحَدُهَا: أَنَّهُ لَيْسَ الَّذِي اعْتُمِدَ بِالْعَطْفِ هُوَ الْأَمْرُ حَتَّى يُطْلَبَ لَهُ مُشَاكِلٌ مِنْ أَمْرٍ أَوْ نَهْيٍ يُعْطَفُ عَلَيْهِ. إِنَّمَا الْمُعْتَمَدُ بِالْعَطْفِ هُوَ جُمْلَةُ وَصْفِ ثَوَابِ الْمُؤْمِنِينَ فَهِيَ مَعْطُوفَةٌ عَلَى جُمْلَةِ وَصْفِ عِقَابِ الْكَافِرِينَ كَمَا تَقُولُ: زَيْدٌ يُعَاقَبُ بِالْقَيْدِ وَالضَّرْبِ، وَبَشِّرْ عَمْرًا بِالْعَفْوِ وَالْإِطْلَاقِ. وَثَانِيهَا: أَنَّهُ مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ: فَاتَّقُوا كَمَا تَقُولُ يَا بَنِي تَمِيمٍ احْذَرُوا عُقُوبَةَ مَا جَنَيْتُمْ/ وَبَشِّرْ يَا فُلَانُ بَنِي أَسَدٍ بِإِحْسَانِي إِلَيْهِمْ. وَثَالِثُهَا: قَرَأَ زَيْدُ بْنُ عَلِيٍّ وَبَشِّرِ عَلَى لَفْظِ الْمَبْنِيِّ لِلْمَفْعُولِ عَطْفًا عَلَى أُعِدَّتْ. السُّؤَالُ الثَّانِي: مَنِ الْمَأْمُورُ بُقُولِهِ وَبَشِّرْ؟ وَالْجَوَابُ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنْ يَكُونَ كُلَّ أَحَدٍ كَمَا
قَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: «بَشِّرِ الْمَشَّائِينَ إِلَى الْمَسَاجِدِ فِي الظُّلَمِ بِالنُّورِ التَّامِّ يَوْمَ القيامة»
لم يأمر بذلك واحد بِعَيْنِهِ، وَإِنَّمَا كُلُّ أَحَدٍ مَأْمُورٌ بِهِ، وَهَذَا الْوَجْهُ أَحْسَنُ وَأَجْزَلُ، لِأَنَّهُ يُؤْذِنُ بِأَنَّ هَذَا الْأَمْرَ لِعَظَمَتِهِ وَفَخَامَتِهِ حَقِيقٌ بِأَنْ يُبَشِّرَ بِهِ كُلُّ مَنْ قَدَرَ عَلَى الْبِشَارَةِ بِهِ. السُّؤَالُ الثَّالِثُ: مَا الْبِشَارَةُ؟ الْجَوَابُ:
أَنَّهَا الْخَبَرُ الَّذِي يُظْهِرُ السُّرُورَ، وَلِهَذَا قَالَ الْفُقَهَاءُ إِذَا قَالَ لِعَبِيدِهِ: أَيُّكُمْ بَشَّرَنِي بِقُدُومِ فُلَانٍ فَهُوَ حُرٌّ فَبَشَّرُوهُ فُرَادَى عُتِقَ أَوَّلُهُمْ، لِأَنَّهُ هُوَ الَّذِي أَفَادَ خَبَرُهُ السُّرُورَ وَلَوْ قَالَ مَكَانَ بَشَّرَنِي أَخْبَرَنِي عُتِقُوا جَمِيعًا لِأَنَّهُمْ جَمِيعًا أَخْبَرُوهُ، وَمِنْهُ الْبَشَرَةُ لِظَاهِرِ الْجِلْدِ، وَتَبَاشِيرُ الصُّبْحِ مَا ظَهَرَ مِنْ أَوَائِلِ ضَوْئِهِ، وَأَمَّا فَبَشِّرْهُمْ بِعَذابٍ أَلِيمٍ فَمِنَ الْكَلَامِ الَّذِي يُقْصَدُ بِهِ الِاسْتِهْزَاءُ الزَّائِدُ فِي غَيْظِ الْمُسْتَهْزَأِ بِهِ كَمَا يَقُولُ الرَّجُلُ لِعَدُوِّهِ أَبْشِرْ بِقَتْلِ ذُرِّيَّتِكَ وَنَهْبِ مَالِكَ. أَمَّا قَوْلُهُ: الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ فَفِيهِ مَسَائِلُ: - الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: هَذِهِ الْآيَةُ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْأَعْمَالَ غَيْرُ دَاخِلَةٍ فِي مُسَمَّى الْإِيمَانِ لِأَنَّهُ لَمَّا ذَكَرَ الْإِيمَانَ ثُمَّ عَطَفَ عَلَيْهِ الْعَمَلَ الصَّالِحَ وَجَبَ التَّغَايُرُ وَإِلَّا لَزِمَ التَّكْرَارُ وَهُوَ خِلَافُ الْأَصْلِ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: مِنَ النَّاسِ مَنْ أَجْرَى هَذِهِ الْآيَةَ عَلَى ظَاهِرِهَا فَقَالَ: كُلُّ مَنْ أَتَى بِالْإِيمَانِ وَالْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ فَلَهُ الْجَنَّةُ. فَإِذَا قِيلَ لَهُ مَا قَوْلُكَ فِيمَنْ أَتَى بِالْإِيمَانِ وَالْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ ثُمَّ كَفَرَ قَالَ إِنَّ هَذَا مُمْتَنِعٌ لِأَنَّ فِعْلَ الْإِيمَانِ وَالطَّاعَةِ، يُوجِبُ اسْتِحْقَاقَ الثَّوَابِ الدَّائِمِ، وَفِعْلُ الْكُفْرِ اسْتِحْقَاقُ الْعِقَابِ الدَّائِمِ، وَالْجَمْعُ بَيْنَهُمَا مُحَالٌ، وَالْقَوْلُ أَيْضًا بِالتَّحَابُطِ مُحَالٌ فَلَمْ يَبْقَ إِلَّا أَنْ يُقَالَ هَذَا الْفَرْضُ الَّذِي فَرَضْتُمُوهُ مُمْتَنِعٌ، وَإِنَّمَا قُلْنَا إِنَّ الْقَوْلَ بِالتَّحَابُطِ مُحَالٌ لِوُجُوهٍ: أَحَدُهَا: أَنَّ الِاسْتِحْقَاقَيْنِ إِمَّا أَنْ يَتَضَادَّا أَوْ لَا يَتَضَادَّا فَإِنْ تَضَادَّا كَانَ طَرَيَانُ الطَّارِئِ مَشْرُوطًا بِزَوَالِ الْبَاقِي، فَلَوْ كَانَ زَوَالُ الْبَاقِي مُعَلَّلًا بِطَرَيَانِ الطَّارِئِ لَزِمَ الدَّوْرُ وَهُوَ مُحَالٌ. وَثَانِيهَا: أَنَّ الْمُنَافَاةَ حَاصِلَةٌ مِنَ الْجَانِبَيْنِ فَلَيْسَ زَوَالُ الْبَاقِي لِطَرَيَانِ الطَّارِئِ أَوْلَى مِنِ انْدِفَاعِ الطَّارِئِ بِقِيَامِ الْبَاقِي، فَإِمَّا أَنْ يُوجَدَا مَعًا وَهُوَ مُحَالٌ أَوْ يَتَدَافَعَا فَحِينَئِذٍ يَبْطُلُ الْقَوْلُ بِالْمُحَابَطَةِ، وَثَالِثُهَا: أَنَّ الِاسْتِحْقَاقَيْنِ إِمَّا أَنْ يَتَسَاوَيَا أَوْ كَانَ الْمُقَدَّمُ أَكْثَرَ أَوْ أَقَلَّ، فَإِنْ تَعَادَلَا مِثْلَ أَنْ يُقَالَ كَانَ قَدْ حَصَلَ اسْتِحْقَاقُ عَشَرَةِ أَجْزَاءٍ مِنَ الثَّوَابِ فَطَرَأَ اسْتِحْقَاقُ عَشَرَةِ أَجْزَاءٍ مِنَ الْعِقَابِ فَنَقُولُ: اسْتِحْقَاقُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ أَجْزَاءِ الْعِقَابِ مُسْتَقِلٌّ بِإِزَالَةِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ أَجْزَاءِ اسْتِحْقَاقِ الثَّوَابِ. وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ لَمْ يَكُنْ تَأْثِيرُ هَذَا الْجُزْءِ فِي إِزَالَةِ هَذَا الْجُزْءِ أَوْلَى مِنْ تَأْثِيرِهِ فِي إِزَالَةِ ذَلِكَ الْجُزْءِ وَمِنْ تَأْثِيرِ جُزْءٍ آخَرَ فِي إِزَالَتِهِ فَإِمَّا أَنْ يَكُونَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ هَذِهِ الْأَجْزَاءِ الطَّارِئَةِ مُؤَثِّرًا فِي إِزَالَةِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنَ الْأَجْزَاءِ الْمُتَقَدِّمَةِ فَيَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنَ الْعِلَلِ مَعْلُولَاتٌ كَثِيرَةٌ وَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنَ الْمَعْلُولَاتِ عِلَلٌ كَثِيرَةٌ/ مُسْتَقِلَّةٌ، وَكُلُّ ذَلِكَ مُحَالٌ، وَإِمَّا أَنْ يَخْتَصَّ كُلُّ وَاحِدٍ مِنَ الْأَجْزَاءِ الطَّارِئَةِ بِوَاحِدٍ مِنَ الْبَاقِي مِنْ غَيْرِ مُخَصِّصٍ فَذَلِكَ مُحَالٌ لِامْتِنَاعِ تَرَجُّحِ أَحَدِ طَرَفَيِ الْمُمْكِنِ عَلَى الْآخَرِ لَا لِمُرَجِّحٍ، وَأَمَّا إِنْ كَانَ الْمُقَدَّمُ أَكْثَرَ فَالطَّارِئُ لَا يُزِيلُ إِلَّا بَعْضَ أَجْزَاءِ الْبَاقِي، فَلَمْ

نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 2  صفحه : 357
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست