responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 2  صفحه : 329
التَّصَوُّرَاتِ غَيْرُ مَقْدُورٍ فَالتَّصْدِيقَاتُ الْبَدِيهِيَّةُ غَيْرُ مَقْدُورَةٍ فَجَمِيعُ التَّصْدِيقَاتِ غَيْرُ مَقْدُورَةٍ وَإِنَّمَا قُلْنَا إِنَّ التَّصَوُّرَاتِ غَيْرُ مَقْدُورَةٍ لِأَنَّ طَالِبَ تَحْصِيلِهَا إِنْ كَانَ عَارِفًا بِهَا اسْتَحَالَ مِنْهُ طَلَبُهَا لِأَنَّ تَحْصِيلَ الْحَاصِلِ مُحَالٌ، فَإِنْ كَانَ غَافِلًا عَنْهَا اسْتَحَالَ كَوْنُهُ طَالِبًا لَهَا لِأَنَّ الْغَافِلَ عَنِ الشَّيْءِ لَا يَكُونُ طَالِبًا لَهُ. فَإِنْ قِيلَ لِمَ لَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَعْلُومًا مِنْ وَجْهٍ وَمَجْهُولًا مِنْ وَجْهٍ. قُلْنَا لِأَنَّ الْوَجْهَ الَّذِي يَصْدُقُ عَلَيْهِ أَنَّهُ مَعْلُومٌ غَيْرُ الْوَجْهِ الَّذِي يَصْدُقُ عَلَيْهِ أَنَّهُ غَيْرُ مَعْلُومٍ، وَإِلَّا فَقَدْ صَدَقَ النَّفْيُ وَالْإِثْبَاتُ عَلَى الشَّيْءِ الْوَاحِدِ وَهُوَ مُحَالٌ وَحِينَئِذٍ نَقُولُ الْوَجْهُ الْمَعْلُومُ اسْتَحَالَ طَلَبُهُ لِاسْتِحَالَةِ تَحْصِيلِ الْحَاصِلِ وَالْوَجْهُ الَّذِي هُوَ غَيْرُ مَعْلُومٍ اسْتَحَالَ طَلَبُهُ لِأَنَّ الْمَغْفُولَ عَنْهُ لَا يَكُونُ مَطْلُوبًا، وَإِنَّمَا قُلْنَا إِنَّ التَّصَوُّرَاتِ لَمَّا كَانَتْ غَيْرَ كَسْبِيَّةٍ اسْتَحَالَ كَوْنُ التَّصْدِيقَاتِ الْبَدِيهِيَّةِ كَسْبِيَّةً وَذَلِكَ لِأَنَّ عِنْدَ حُضُورِ طَرَفَيِ الْمَوْضُوعِ وَالْمَحْمُولِ فِي الذِّهْنِ مِنَ الْقَضِيَّةِ الْبَدِيهِيَّةِ إِمَّا أَنْ يَلْزَمَ مِنْ مُجَرَّدِ حُضُورِهِمَا جَزْمُ الذِّهْنِ بِإِسْنَادِ أَحَدِهِمَا إِلَى الْآخَرِ بِالنَّفْيِ أَوِ الْإِثْبَاتِ، أَوْ لَا يَلْزَمُ، فَإِنْ لَمْ يَلْزَمْ لَمْ تَكُنِ الْقَضِيَّةُ بَدِيهِيَّةً بَلْ كَانَتْ مَشْكُوكَةً. وَإِنْ لَزِمَ كَانَ التَّصْدِيقُ وَاجِبَ الْحُصُولِ عِنْدَ حُضُورِ ذَيْنَكَ التَّصَوُّرَيْنِ وَمُمْتَنِعَ الْحُصُولِ عِنْدَ عَدَمِ حُضُورِهِمَا، وَمَا يَكُونُ وَاجِبَ الدَّوَرَانِ نَفْيًا وَإِثْبَاتًا مَعَ مَا لَا يَكُونُ مَقْدُورًا نَفْيًا وَإِثْبَاتًا وَجَبَ أَنْ يَكُونَ أَيْضًا كَذَلِكَ فَثَبَتَ أَنَّ التَّصْدِيقَاتِ الْبَدِيهِيَّةَ غَيْرُ كَسْبِيَّةٍ، وَإِنَّمَا قُلْنَا إِنَّ هَذِهِ التَّصْدِيقَاتِ لَمَّا لَمْ تَكُنْ كَسْبِيَّةً لَمْ يَكُنْ شَيْءٌ مِنَ التَّصْدِيقَاتِ كَسْبِيًّا لِأَنَّ التَّصْدِيقَ الَّذِي لَا يَكُونُ بَدِيهِيًّا، لَا بُدَّ وَأَنْ يَكُونَ نَظَرِيًّا فَلَا يَخْلُو إِمَّا أَنْ يَكُونَ وَاجِبَ اللُّزُومِ عِنْدَ حُضُورِ تِلْكَ التَّصْدِيقَاتِ الْبَدِيهِيَّةِ أَوْ لَا يَكُونَ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ وَاجِبَ اللُّزُومِ مِنْهَا لَمْ يَلْزَمْ مِنْ صِدْقِ تِلْكَ الْمُقَدَّمَاتِ صِدْقُ ذَلِكَ الْمَطْلُوبِ، فَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ اسْتِدْلَالًا يَقِينِيًّا بَلْ إِمَّا ظَنًّا أَوِ اعْتِقَادًا/ تَقْلِيدِيًّا، وَإِنْ كَانَ وَاجِبًا فَكَانَتْ تِلْكَ النَّظَرِيَّاتُ وَاجِبَةَ الدَّوَرَانِ نَفْيًا وَإِثْبَاتًا مَعَ تِلْكَ الْقَضَايَا الضَّرُورِيَّةِ، فَوَجَبَ أَنْ لَا يَكُونَ شَيْءٌ مِنْ تِلْكَ النَّظَرِيَّاتِ مَقْدُورًا لِلْعَبْدِ أَصْلًا. وَثَانِيهَا:
أَنَّ الْإِنْسَانَ إِنَّمَا يَكُونُ قَادِرًا عَلَى إِدْخَالِ الشَّيْءِ فِي الْوُجُودِ لَوْ كَانَ يُمْكِنُهُ أَنْ يُمَيَّزَ ذَلِكَ الْمَطْلُوبَ عَنْ غَيْرِهِ وَالْعِلْمُ إِنَّمَا يَتَمَيَّزُ عَنِ الْجَهْلِ بِكَوْنِهِ مُطَابِقًا لِلْمَعْلُومِ دُونَ الْجَهْلِ وَإِنَّمَا يُعْلَمُ ذَلِكَ لَوْ عُلِمَ الْمَعْلُومُ عَلَى مَا هُوَ عَلَيْهِ، فَإِذَنْ لَا يُمْكِنُهُ إِيجَادُ الْعِلْمِ بِذَلِكَ الشَّيْءِ إِلَّا إِذَا كَانَ عَالِمًا بِذَلِكَ الشَّيْءِ لَكِنَّ ذَلِكَ مُحَالٌ لِاسْتِحَالَةِ تَحْصِيلِ الْحَاصِلِ، فَوَجَبَ أَنْ لَا يَكُونَ الْعَبْدُ مُتَمَكِّنًا مِنْ إِيجَادِ الْعَلَمِ وَلَا مِنْ طَلَبِهِ. وَثَالِثُهَا: أَنَّ الْمُوجِبَ لِلنَّظَرِ، إِمَّا ضَرُورَةُ الْعَقْلِ، أَوِ النَّظَرِ أَوِ السَّمْعِ. وَالْأَوَّلُ: بَاطِلٌ لِأَنَّ الضَّرُورِيَّ لَمْ يُشْتَرَطِ الْعَقْلُ فِيهِ، وَوُجُوبُ الْفِكْرِ وَالنَّظَرِ لَيْسَ كَذَلِكَ، بَلْ كَثِيرٌ مِنَ الْعُقَلَاءِ يَسْتَقْبِحُونَهُ، وَيَقُولُونَ إِنَّهُ فِي الْأَكْثَرِ يُفْضِي بِصَاحِبِهِ إِلَى الْجَهْلِ، فَوَجَبَ الِاحْتِرَازُ مِنْهُ، وَالثَّانِي:
أَيْضًا بَاطِلٌ، لِأَنَّهُ إِذَا كَانَ الْعِلْمُ بِوُجُوبِهِ يَكُونُ نَظَرِيًّا، فَحِينَئِذٍ لَا يُمْكِنُهُ الْعِلْمُ بِوُجُوبِ النَّظَرِ قَبْلَ النَّظَرِ، فَتَكْلِيفُهُ بِذَلِكَ يَكُونُ تَكْلِيفَ مَا لَا يُطَاقُ، وَأَمَّا بَعْدَ النَّظَرِ فَلَا يُمْكِنُهُ النَّظَرُ، لِأَنَّهُ لَا فَائِدَةَ فِيهِ، وَالثَّالِثُ: بَاطِلٌ، لِأَنَّهُ قَبْلَ النَّظَرِ لَا يَكُونُ مُتَمَكِّنًا مِنْ مَعْرِفَةِ وُجُوبِ النَّظَرِ، وَبَعْدَ النَّظَرِ لَا يُمْكِنُهُ إِيجَابُهُ أَيْضًا لِعَدَمِ الْفَائِدَةِ، وَإِذَا بَطَلَتِ الْأَقْسَامُ ثَبَتَ نَفْيُ الْوُجُوبِ. الْمَقَامُ الثَّالِثُ: وَهُوَ أَنَّ بِتَقْدِيرِ كَوْنِ النَّظَرِ مُفِيدًا لِلْعِلْمِ وَمَقْدُورًا لِلْمُكَلَّفِ، لَكِنَّهُ يَقْبُحُ مِنَ اللَّهِ أَنْ يَأْمُرَ الْمُكَلَّفَ بِهِ، وَبَيَانُهُ مِنْ وُجُوهٍ: أَحَدُهَا: أَنَّ النَّظَرَ فِي أَكْثَرِ الْأَمْرِ يُفْضِي بِصَاحِبِهِ إِلَى الْجَهْلِ فَالْمُقْدِمُ عَلَيْهِ مُقْدِمٌ عَلَى أَمْرٍ يُفْضِي بِهِ غَالِبًا إِلَى الْجَهْلِ. وَمَا يَكُونُ كَذَلِكَ يَكُونُ قَبِيحًا، فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ الْفِكْرُ قَبِيحًا، وَاللَّهُ تَعَالَى لَا يَأْمُرُ بِالْقَبِيحِ. وَثَانِيهَا: أَنَّ الْوَاحِدَ مِنَّا مَعَ مَا هُوَ عَلَيْهِ مِنَ النَّقْصِ وَضَعْفِ الْخَاطِرِ وَمَا يَعْتَرِيهِ مِنَ الشُّبَهَاتِ الْكَثِيرَةِ الْمُتَعَارِضَةِ، لَا يَجُوزُ أَنْ يَعْتَمِدَ عَلَى عَقْلِهِ فِي التَّمْيِيزِ بَيْنَ الْحَقِّ وَالْبَاطِلِ. فَلَمَّا رَأَيْنَا أَرْبَابَ الْمَذَاهِبِ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ يَدَّعِي أَنَّ الْحَقَّ مَعَهُ، وَأَنَّ الْبَاطِلَ مَعَ خَصْمِهِ ثُمَّ إِذَا تَرَكُوا التَّعَصُّبَ وَاللَّجَاجَ وَأَنْصَفُوا، وَجَدُوا الْكَلِمَاتِ مُتَعَارِضَةً، وَذَلِكَ يَدُلُّ عَلَى عَجْزِ الْعَقْلِ عَنْ إِدْرَاكِ هَذِهِ الْحَقَائِقِ. وَثَالِثُهَا: أَنَّ مَدَارَ الدِّينِ لَوْ كان

نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 2  صفحه : 329
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست