responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 19  صفحه : 16
يُمْكِنُ وُقُوعُهُ فِي أَحْيَازٍ لَا نِهَايَةَ لَهَا عَلَى الْبَدَلِ وَمَوْصُوفًا بِصِفَاتٍ لَا نِهَايَةَ لَهَا عَلَى الْبَدَلِ، وَهُوَ تَعَالَى عَالِمٌ بِكُلِّ الْأَحْوَالِ عَلَى التَّفْصِيلِ، وَكُلُّ هَذِهِ الْأَقْسَامِ دَاخِلٌ تَحْتِ قَوْلِهِ تَعَالَى: عالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ.
ثُمَّ إِنَّهُ تَعَالَى ذَكَرَ عَقِيبَهُ قَوْلَهُ: الْكَبِيرُ وَهُوَ تَعَالَى يَمْتَنِعُ أَنْ يَكُونَ كَبِيرًا بِحَسَبِ الْجُثَّةِ وَالْحَجْمِ وَالْمِقْدَارِ، فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ كَبِيرًا بِحَسَبِ الْقُدْرَةِ وَالْمَقَادِيرِ الْإِلَهِيَّةِ ثُمَّ وَصَفَ تَعَالَى نَفْسَهُ بِأَنَّهُ الْمُتَعَالِ وَهُوَ الْمُتَنَزِّهُ عَنْ كُلِّ مَا لَا يَجُوزُ عَلَيْهِ وَذَلِكَ يَدُلُّ عَلَى كَوْنِهِ مُنَزَّهًا فِي ذَاتِهِ وَصِفَاتِهِ وَأَفْعَالِهِ فَهَذِهِ الْآيَةُ دَالَّةٌ عَلَى كَوْنِهِ تَعَالَى مَوْصُوفًا بِالْعِلْمِ الْكَامِلِ وَالْقُدْرَةِ التَّامَّةِ، وَمُنَزَّهًا عَنْ كُلِّ مَا لَا يَنْبَغِي، وَذَلِكَ يَدُلُّ عَلَى كَوْنِهِ تَعَالَى قَادِرًا عَلَى الْبَعْثِ الَّذِي أَنْكَرُوهُ وَعَلَى الْآيَاتِ الَّتِي اقْتَرَحُوهَا وَعَلَى الْعَذَابِ الَّذِي اسْتَعْجَلُوهُ، وَأَنَّهُ إِنَّمَا يُؤَخِّرُ ذَلِكَ بِحَسَبِ الْمَشِيئَةِ الْإِلَهِيَّةِ عِنْدَ قَوْمٍ وَبِحَسَبِ الْمَصْلَحَةِ عِنْدَ آخَرِينَ، وَقَرَأَ ابْنُ كَثِيرٍ (الْمُتَعَالِي) بِإِثْبَاتِ الْيَاءِ فِي الْوَقْفِ وَالْوَصْلِ عَلَى الْأَصْلِ. وَالْبَاقُونَ بِحَذْفِ الْيَاءِ فِي الْحَالَتَيْنِ لِلتَّخْفِيفِ ثُمَّ إِنَّهُ تَعَالَى أَكَّدَ بَيَانَ كَوْنِهِ عَالِمًا بِكُلِّ الْمَعْلُومَاتِ فَقَالَ:
سَواءٌ مِنْكُمْ مَنْ أَسَرَّ الْقَوْلَ وَمَنْ جَهَرَ بِهِ وَمَنْ هُوَ مُسْتَخْفٍ بِاللَّيْلِ وَسارِبٌ بِالنَّهارِ وَفِيهِ مَسَائِلُ:
المسألة الْأُولَى: لَفْظُ (سَوَاءٌ) يَطْلُبُ اثْنَيْنِ تَقُولُ سَوَاءٌ زَيْدٌ وَعَمْرٌو ثُمَّ فِيهِ وَجْهَانِ. الْأَوَّلُ: أَنَّ سَوَاءً مَصْدَرٌ وَالْمَعْنَى: ذُو سَوَاءٍ كَمَا تَقُولُ: عَدْلٌ زَيْدٌ وَعَمْرٌو أَيْ ذَوَا عَدْلٍ. الثَّانِي: أَنْ يَكُونَ سَوَاءٌ بِمَعْنَى مُسْتَوٍ وَعَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ فَلَا حَاجَةَ إِلَى الْإِضْمَارِ إِلَّا أَنَّ سِيبَوَيْهِ يَسْتَقْبِحُ أَنْ يَقُولَ مُسْتَوٍ زَيْدٌ وَعَمْرٌو لِأَنَّ أَسْمَاءَ الْفَاعِلِينَ إِذَا كَانَتْ نَكِرَاتٍ لَا يُبْدَأُ بِهَا.
وَلِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ: بَلْ هَذَا الوجه أَوْلَى لِأَنَّ حَمْلَ الْكَلَامِ عَلَيْهِ يُغْنِي عَنِ الْتِزَامِ الْإِضْمَارِ الَّذِي هُوَ خِلَافُ الْأَصْلِ.
المسألة الثَّانِيَةُ: فِي الْمُسْتَخْفِي وَالسَّارِبِ قَوْلَانِ:
الْقَوْلُ الْأَوَّلُ: يُقَالُ أَخْفَيْتُ الشَّيْءَ أُخْفِيهِ إِخْفَاءً فَخَفِيَ وَاسْتَخْفَى فُلَانٌ مِنْ فُلَانٍ أَيْ تَوَارَى وَاسْتَتَرَ.
وَقَوْلُهُ: وَسارِبٌ بِالنَّهارِ قَالَ الْفَرَّاءُ وَالزَّجَّاجُ: ظَاهِرٌ بِالنَّهَارِ فِي سَرْبِهِ أَيْ طَرِيقِهِ. يُقَالُ: خَلَا لَهُ سَرْبُهُ، أَيْ طَرِيقُهُ. وَقَالَ الْأَزْهَرِيُّ: تَقُولُ الْعَرَبُ سَرَبَتِ الْإِبِلُ تَسْرُبُ سَرَبًا، أَيْ مَضَتْ فِي الْأَرْضِ ظَاهِرَةً حَيْثُ شَاءَتْ، فَإِذَا عَرَفْتَ ذَلِكَ فَمَعْنَى الْآيَةِ سَوَاءٌ كَانَ الْإِنْسَانُ مُسْتَخْفِيًا فِي الظُّلُمَاتِ أَوْ كَانَ ظَاهِرًا فِي الطُّرُقَاتِ، فَعِلْمُ اللَّهِ تَعَالَى مُحِيطٌ بِالْكُلِّ. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: سَوَاءٌ مَا أَضْمَرَتْهُ الْقُلُوبُ وَأَظْهَرَتْهُ الْأَلْسِنَةُ. وَقَالَ مُجَاهِدٌ: سَوَاءٌ مَنْ يُقْدِمُ عَلَى الْقَبَائِحِ فِي ظُلُمَاتِ اللَّيَالِي، وَمَنْ يَأْتِي بِهَا فِي النَّهَارِ الظَّاهِرِ عَلَى سَبِيلِ التَّوَالِي.
وَالْقَوْلُ الثَّانِي: نَقَلَهُ الْوَاحِدِيُّ عَنِ الْأَخْفَشِ وَقُطْرُبٍ أَنَّهُ قَالَ: الْمُسْتَخْفِي الظَّاهِرُ وَالسَّارِبُ الْمُتَوَارِي وَمِنْهُ يُقَالُ: خَفَيْتُ الشَّيْءَ وَأَخْفَيْتُهُ أَيْ أَظْهَرْتُهُ. وَاخْتَفَيْتُ الشَّيْءَ اسْتَخْرَجْتُهُ وَيُسَمَّى النَّبَّاشُ الْمُسْتَخْفِي وَالسَّارِبُ الْمُتَوَارِي وَمِنْهُ يُقَالُ: لِلدَّاخِلِ سَرِبًا، وَالسَّرَبُ الْوَحْشُ إِذَا/ دَخَلَ فِي السِّرْبِ أَيْ فِي كِنَاسِهِ. قَالَ الْوَاحِدِيُّ:
وَهَذَا الوجه صَحِيحٌ فِي اللُّغَةِ، إِلَّا أَنَّ الِاخْتِيَارَ هُوَ الوجه الْأَوَّلُ لِإِطْبَاقِ أَكْثَرِ الْمُفَسِّرِينَ عَلَيْهِ، وَأَيْضًا فَاللَّيْلُ يَدُلُّ عَلَى الِاسْتِتَارِ، وَالنَّهَارُ على الظهور والانتشار.

[سورة الرعد (13) : آية 11]
لَهُ مُعَقِّباتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَإِذا أَرادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سُوْءاً فَلا مَرَدَّ لَهُ وَما لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ والٍ (11)

نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 19  صفحه : 16
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست