responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 18  صفحه : 522
فأنكرته وقالت: ما وعد اللَّه محمد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَيْئًا إِلَّا وَقَدْ عَلِمَ أَنَّهُ سَيُوَفِّيهِ وَلَكِنَّ الْبَلَاءَ لَمْ يَزَلْ بِالْأَنْبِيَاءِ حَتَّى خَافُوا مِنْ أَنْ يُكَذِّبَهُمُ الَّذِينَ كَانُوا قَدْ آمَنُوا بِهِمْ وَهَذَا الرَّدُّ وَالتَّأْوِيلُ فِي غَايَةِ الْحُسْنِ مِنْ عَائِشَةَ.
وَأَمَّا قَوْلُهُ: جاءَهُمْ نَصْرُنا أَيْ لَمَّا بَلَغَ الْحَالُ إِلَى الْحَدِّ الْمَذْكُورِ جاءَهُمْ نَصْرُنا فَنُجِّيَ مَنْ نَشاءُ قَرَأَ عَاصِمٌ وَابْنُ عَامِرٍ فَنُجِّيَ مَنْ نَشاءُ بِنُونٍ وَاحِدَةٍ وَتَشْدِيدِ الْجِيمِ وَفَتْحِ الْيَاءِ عَلَى مَا لَمْ يُسَمَّ فَاعِلُهُ، وَاخْتَارَهُ أَبُو عُبَيْدَةَ لِأَنَّهُ فِي الْمُصْحَفِ بِنُونٍ وَاحِدَةٍ. وَرُوِيَ عَنِ الْكِسَائِيِّ: إِدْغَامُ إِحْدَى النُّونَيْنِ فِي الْأُخْرَى وَقَرَأَ بِنُونٍ وَاحِدَةٍ وَتَشْدِيدِ الْجِيمِ وَسُكُونِ الْيَاءِ، قَالَ بَعْضُهُمْ: هَذَا خَطَأٌ لِأَنَّ النُّونَ مُتَحَرِّكَةٌ فَلَا تُدْغَمُ فِي السَّاكِنِ، وَلَا يَجُوزُ إِدْغَامُ النُّونِ فِي الْجِيمِ، وَالْبَاقُونَ بِنُونَيْنِ، وَتَخْفِيفِ الْجِيمِ وَسُكُونِ الْيَاءِ عَلَى مَعْنَى: وَنَحْنُ نَفْعَلُ بِهِمْ ذَلِكَ.
وَاعْلَمْ أَنَّ هَذَا حِكَايَةُ حَالٍ، أَلَا تَرَى أَنَّ الْقِصَّةَ فِيمَا مَضَى، وَإِنَّمَا حَكَى فِعْلَ الحال كما أن قَوْلِهِ: هَذَا مِنْ شِيعَتِهِ وَهذا مِنْ عَدُوِّهِ [الْقَصَصِ: 15] إِشَارَةٌ إلى الحاضر والقصة ماضية.

[سورة يوسف (12) : آية 111]
لَقَدْ كانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبابِ مَا كانَ حَدِيثاً يُفْتَرى وَلكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلِّ شَيْءٍ وَهُدىً وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (111)
اعْلَمْ أَنَّ الِاعْتِبَارَ عِبَارَةٌ عَنِ الْعُبُورِ مِنَ الطَّرَفِ الْمَعْلُومِ إِلَى الطَّرَفِ الْمَجْهُولِ، وَالْمُرَادُ مِنْهُ التَّأَمُّلُ وَالتَّفَكُّرُ، وَوَجْهُ الِاعْتِبَارِ بِقَصَصِهِمْ أُمُورٌ: الْأَوَّلُ: أَنَّ الَّذِي قَدَرَ عَلَى إِعْزَازِ يُوسُفَ بَعْدَ إِلْقَائِهِ فِي الْجُبِّ، وَإِعْلَائِهِ بَعْدَ حَبْسِهِ فِي السِّجْنِ وَتَمْلِيكِهِ مِصْرَ بَعْدَ أَنْ كَانُوا يَظُنُّونَ بِهِ أَنَّهُ عَبْدٌ لَهُمْ، وَجَمْعِهِ مَعَ وَالِدَيْهِ وَإِخْوَتِهِ عَلَى مَا أَحَبَّ بَعْدَ الْمُدَّةِ الطَّوِيلَةِ، لَقَادِرٌ عَلَى إِعْزَازِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَإِعْلَاءِ كَلِمَتِهِ. الثَّانِي: أَنَّ الْإِخْبَارَ عَنْهُ جَارٍ مَجْرَى الْإِخْبَارِ عَنِ الْغَيْبِ، فَيَكُونُ مُعْجِزَةً دَالَّةً عَلَى صِدْقِ مُحَمَّدٍ/ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، الثَّالِثُ: أَنَّهُ ذَكَرَ فِي أَوَّلِ السُّورَةِ نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ [يُوسُفَ: 3] ثُمَّ ذَكَرَ فِي آخِرِهَا: لَقَدْ كانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبابِ تَنْبِيهًا عَلَى أَنَّ حُسْنَ هَذِهِ الْقِصَّةِ إِنَّمَا كَانَ بِسَبَبِ أَنَّهُ يَحْصُلُ مِنْهَا الْعِبْرَةُ وَمَعْرِفَةُ الْحِكْمَةِ وَالْقُدْرَةِ. وَالْمُرَادُ مِنْ قَصَصِهِمْ قِصَّةُ يُوسُفَ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَإِخْوَتِهِ وَأَبِيهِ، وَمِنَ النَّاسِ مَنْ قَالَ: الْمُرَادُ قَصَصُ الرُّسُلِ لِأَنَّهُ تَقَدَّمَ فِي الْقُرْآنِ ذِكْرُ قَصَصِ سَائِرِ الرُّسُلِ إِلَّا أَنَّ الْأَوْلَى أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ قِصَّةَ يُوسُفَ عَلَيْهِ السَّلَامُ.
فَإِنْ قِيلَ: لِمَ قَالَ: عِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبابِ مَعَ أَنَّ قَوْمَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانُوا ذَوِي عُقُولٍ وَأَحْلَامٍ، وَقَدْ كَانَ الْكَثِيرُ مِنْهُمْ لَمْ يَعْتَبِرْ بِذَلِكَ.
قُلْنَا: إِنَّ جَمِيعَهُمْ كَانُوا مُتَمَكِّنِينَ مِنَ الِاعْتِبَارِ، وَالْمُرَادُ مِنْ وَصْفِ هَذِهِ الْقِصَّةِ بِكَوْنِهَا عِبْرَةً كَوْنُهَا بِحَيْثُ يُمْكِنُ أَنْ يَعْتَبِرَ بِهَا الْعَاقِلُ، أَوْ نَقُولُ: الْمُرَادُ مِنْ أُولِي الْأَلْبَابِ الَّذِينَ اعْتَبَرُوا وَتَفَكَّرُوا وَتَأَمَّلُوا فِيهَا وَانْتَفَعُوا بِمَعْرِفَتِهَا، لِأَنَّ (أُولِي الْأَلْبَابِ) لَفْظٌ يَدُلُّ عَلَى الْمَدْحِ وَالثَّنَاءِ فَلَا يَلِيقُ إِلَّا بِمَا ذَكَرْنَاهُ، وَاعْلَمْ أَنَّهُ تَعَالَى وَصَفَ هَذِهِ الْقِصَّةَ بِصِفَاتٍ.
الصِّفَةُ الْأُولَى: كَوْنُهَا عِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبابِ وَقَدْ سَبَقَ تَقْرِيرُهُ.
الصِّفَةُ الثَّانِيَةُ: قَوْلُهُ: مَا كانَ حَدِيثاً يُفْتَرى وَفِيهِ قَوْلَانِ: الْأَوَّلُ: أَنَّ الْمُرَادَ الَّذِي جَاءَ بِهِ وَهُوَ مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَصِحُّ مِنْهُ أَنْ يَفْتَرِيَ لِأَنَّهُ لَمْ يَقْرَأِ الْكُتُبَ وَلَمْ يُتَلْمَذْ لِأَحَدٍ وَلَمْ يُخَالِطِ الْعُلَمَاءَ فَمِنَ الْمُحَالِ أَنْ يَفْتَرِيَ هَذِهِ الْقِصَّةَ بِحَيْثُ تَكُونُ مُطَابِقَةً لِمَا وَرَدَ فِي التَّوْرَاةِ مِنْ غَيْرِ تَفَاوُتٍ، وَالثَّانِي: أَنَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ لَيْسَ يَكْذِبُ فِي نَفْسِهِ، لِأَنَّهُ لَا

نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 18  صفحه : 522
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست