responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 18  صفحه : 507
عَرَفَهُمْ يُوسُفُ سَأَلَهُمْ عَنْ أَبِيهِ فَقَالُوا ذَهَبَتْ عَيْنَاهُ، فَأَعْطَاهُمْ قَمِيصَهُ، قَالَ الْمُحَقِّقُونَ: إِنَّمَا عَرَفَ أَنَّ إِلْقَاءَ ذَلِكَ الْقَمِيصِ عَلَى وَجْهِهِ يُوجِبُ قُوَّةَ الْبَصَرِ بِوَحْيٍ مِنَ اللَّه تَعَالَى وَلَوْلَا الْوَحْيُ لَمَا عَرَفَ ذَلِكَ، لِأَنَّ الْعَقْلَ لَا يَدُلُّ عَلَيْهِ وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ: لَعَلَّ يُوسُفَ عَلَيْهِ السَّلَامُ عَلِمَ أَنَّ أَبَاهُ مَا صَارَ أَعْمَى إِلَّا أَنَّهُ مِنْ كَثْرَةِ الْبُكَاءِ وَضِيقِ الْقَلْبِ ضَعُفَ بَصَرُهُ فَإِذَا أُلْقِيَ عَلَيْهِ قَمِيصُهُ فَلَا بُدَّ أَنْ يَنْشَرِحَ صَدْرُهُ وَأَنْ يَحْصُلَ فِي قَلْبِهِ الْفَرَحُ الشَّدِيدُ، وَذَلِكَ يُقَوِّي الرُّوحَ وَيُزِيلُ الضَّعْفَ عَنِ الْقُوَى، فَحِينَئِذٍ يَقْوَى بَصَرُهُ، وَيَزُولُ عَنْهُ ذَلِكَ النُّقْصَانُ، فَهَذَا الْقَدْرُ مِمَّا يُمْكِنُ مَعْرِفَتُهُ بِالْقَلْبِ فَإِنَّ الْقَوَانِينَ الطِّبِّيَّةَ تَدُلُّ عَلَى صِحَّةِ هَذَا الْمَعْنَى، وَقَوْلُهُ: يَأْتِ بَصِيراً أَيْ يَصِيرُ بَصِيرًا وَيَشْهَدُ لَهُ فَارْتَدَّ بَصِيراً [يُوسُفَ: 96] وَيُقَالُ: الْمُرَادُ يَأْتِ إِلَيَّ وَهُوَ بَصِيرٌ، وَإِنَّمَا أَفْرَدَهُ بِالذِّكْرِ تَعْظِيمًا لَهُ، وَقَالَ فِي الْبَاقِينَ:
وَأْتُونِي بِأَهْلِكُمْ أَجْمَعِينَ قَالَ/ الْكَلْبِيُّ: كَانَ أَهْلُهُ نَحْوًا مِنْ سَبْعِينَ إِنْسَانًا وَقَالَ مَسْرُوقٌ دَخَلَ قَوْمُ يُوسُفَ عَلَيْهِ السَّلَامُ مِصْرَ. وَهُمْ ثَلَاثَةٌ وَتِسْعُونَ مِنْ بَيْنِ رَجُلٍ وَامْرَأَةٍ، وَرُوِيَ أن يهوذا حَمَلَ الْكِتَابَ وَقَالَ أَنَا أَحْزَنْتُهُ بِحَمْلِ الْقَمِيصِ الْمُلَطَّخِ بِالدَّمِ إِلَيْهِ فَأُفْرِحُهُ كَمَا أَحْزَنْتُهُ. وَقِيلَ حَمَلَهُ وَهُوَ حَافٍ وَحَاسِرٌ مِنْ مِصْرَ إِلَى كنعان وبينهما مسيرة ثمانين فرسخا.

[سورة يوسف (12) : الآيات 94 الى 98]
وَلَمَّا فَصَلَتِ الْعِيرُ قالَ أَبُوهُمْ إِنِّي لَأَجِدُ رِيحَ يُوسُفَ لَوْلا أَنْ تُفَنِّدُونِ (94) قالُوا تَاللَّهِ إِنَّكَ لَفِي ضَلالِكَ الْقَدِيمِ (95) فَلَمَّا أَنْ جاءَ الْبَشِيرُ أَلْقاهُ عَلى وَجْهِهِ فَارْتَدَّ بَصِيراً قالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ (96) قالُوا يَا أَبانَا اسْتَغْفِرْ لَنا ذُنُوبَنا إِنَّا كُنَّا خاطِئِينَ (97) قالَ سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبِّي إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (98)
يُقَالُ: فَصَلَ فُلَانٌ مِنْ عِنْدِ فُلَانٍ فُصُولًا إِذَا خَرَجَ مِنْ عِنْدِهِ. وَفَصَلَ مِنِّي إِلَيْهِ كِتَابًا إِذَا أَنْفَذَ بِهِ إِلَيْهِ. وَفَصَلَ يَكُونُ لَازِمًا وَمُتَعَدِّيًا وَإِذَا كَانَ لَازِمًا فَمَصْدَرُهُ الْفُصُولُ وَإِذَا كَانَ مُتَعَدِّيًا فَمَصْدَرُهُ الْفَصْلُ قَالَ لَمَّا خَرَجَتِ الْعِيرُ مِنْ مِصْرَ مُتَوَجِّهَةً إِلَى كَنْعَانَ قَالَ يَعْقُوبُ عَلَيْهِ السَّلَامُ لِمَنْ حَضَرَ عِنْدَهُ مِنْ أَهْلِهِ وَقَرَابَتِهِ وَوَلَدِ وَلَدِهِ إِنِّي لَأَجِدُ رِيحَ يُوسُفَ لَوْلا أَنْ تُفَنِّدُونِ وَلَمْ يَكُنْ هَذَا الْقَوْلُ مَعَ أَوْلَادِهِ لِأَنَّهُمْ كَانُوا غَائِبِينَ بِدَلِيلِ أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَالَ لَهُمْ:
اذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا مِنْ يُوسُفَ وَأَخِيهِ [يُوسُفَ: 87] وَاخْتَلَفُوا فِي قَدْرِ الْمَسَافَةِ فَقِيلَ: مَسِيرَةُ ثَمَانِيَةِ أَيَّامٍ، وَقِيلَ عَشَرَةُ أَيَّامٍ، وَقِيلَ ثَمَانُونَ فَرْسَخًا. وَاخْتَلَفُوا فِي كَيْفِيَّةِ وُصُولِ تِلْكَ الرَّائِحَةِ إِلَيْهِ، فَقَالَ مُجَاهِدٌ: هَبَّتْ رِيحٌ فَصَفَقَتِ الْقَمِيصَ فَفَاحَتْ رَوَائِحُ الْجَنَّةِ فِي الدُّنْيَا وَاتَّصَلَتْ بِيَعْقُوبَ فَوَجَدَ رِيحَ الْجَنَّةِ فَعَلِمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَنَّهُ لَيْسَ فِي الدُّنْيَا مِنْ رِيحِ الْجَنَّةِ إِلَّا مَا كَانَ مِنْ ذَلِكَ الْقَمِيصِ، فَمِنْ ثَمَّ قَالَ: إِنِّي لَأَجِدُ رِيحَ يُوسُفَ
وَرَوَى الْوَاحِدِيُّ بِإِسْنَادِهِ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ/ عَنْ رَسُولِ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: أَمَّا قَوْلُهُ: اذْهَبُوا بِقَمِيصِي هَذَا فَأَلْقُوهُ عَلى وَجْهِ أَبِي يَأْتِ بَصِيراً [يُوسُفَ: 93] فَإِنَّ نُمْرُوذَ الْجَبَّارَ لَمَّا أَلْقَى إِبْرَاهِيمَ فِي النَّارِ نَزَلَ عَلَيْهِ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ بِقَمِيصٍ مِنَ الْجَنَّةِ وَطِنْفَسَةٍ مِنَ الْجَنَّةِ فَأَلْبَسَهُ الْقَمِيصَ وَأَجْلَسَهُ عَلَى الطِّنْفَسَةِ وَقَعَدَ مَعَهُ يُحَدِّثُهُ، فَكَسَا إِبْرَاهِيمُ عَلَيْهِ السَّلَامُ ذَلِكَ الْقَمِيصَ إِسْحَاقَ وَكَسَاهُ إِسْحَاقُ يَعْقُوبَ وَكَسَاهُ يَعْقُوبُ يُوسُفَ فَجَعَلَهُ فِي قَصَبَةٍ مِنْ فِضَّةٍ وَعَلَّقَهَا فِي عُنُقِهِ فَأُلْقِيَ فِي الْجُبِّ وَالْقَمِيصُ فِي عُنُقِهِ
فلذلك قَوْلُهُ: اذْهَبُوا بِقَمِيصِي هَذَا وَالتَّحْقِيقُ أَنْ يُقَالَ: إِنَّهُ تَعَالَى أَوْصَلَ تِلْكَ الرَّائِحَةَ

نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 18  صفحه : 507
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست