responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 18  صفحه : 500
كَالْأَحْيَاءِ وَلَا كَالْأَمْوَاتِ، وَذَكَرَ أَبُو رَوْقٍ أَنَّ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ قَرَأَ: حَتَّى تَكُونَ حَرَضاً بِضَمِّ الْحَاءِ وَتَسْكِينِ الرَّاءِ قَالَ يَعْنِي مِثْلَ عُودِ الْأُشْنَانِ، وَقَوْلُهُ: أَوْ تَكُونَ مِنَ الْهالِكِينَ أَيْ مِنَ الْأَمْوَاتِ، وَمَعْنَى الْآيَةِ أَنَّهُمْ قَالُوا لِأَبِيهِمْ إِنَّكَ لَا تَزَالُ تَذْكُرُ يُوسُفَ بِالْحُزْنِ وَالْبُكَاءِ عَلَيْهِ حَتَّى تَصِيرَ بِذَلِكَ إِلَى مَرَضٍ لَا تَنْتَفِعُ بِنَفْسِكَ مَعَهُ أَوْ تَمُوتَ مِنَ الْغَمِّ كَأَنَّهُمْ قَالُوا: أَنْتَ الْآنَ فِي بَلَاءٍ شَدِيدٍ وَنَخَافُ أَنْ يَحْصُلَ مَا هُوَ أَزْيَدُ مِنْهُ وَأَقْوَى وَأَرَادُوا بِهَذَا الْقَوْلِ مَنْعَهُ عَنْ كَثْرَةِ الْبُكَاءِ وَالْأَسَفِ.
فَإِنْ قِيلَ: لِمَ حَلَفُوا عَلَى ذَلِكَ مَعَ أَنَّهُمْ لَمْ يَعْلَمُوا ذَلِكَ قَطْعًا؟
قُلْنَا: إِنَّهُمْ بَنَوْا هَذَا الْأَمْرَ عَلَى الظَّاهِرِ.
فَإِنْ قِيلَ: الْقَائِلُونَ بِهَذَا الْكَلَامِ وَهُوَ قوله: تَاللَّهِ تَفْتَؤُا مَنْ هُمْ؟
قُلْنَا: الْأَظْهَرُ أَنَّ هَؤُلَاءِ لَيْسُوا هُمُ الْإِخْوَةَ الَّذِينَ قَدْ تَوَلَّى عَنْهُمْ، بَلِ الْجَمَاعَةَ الَّذِينَ كَانُوا فِي الدَّارِ مِنْ أَوْلَادِ أَوْلَادِهِ وَخَدَمِهِ.
ثُمَّ حَكَى تَعَالَى عَنْ يَعْقُوبَ عليه السلام أنه قال: نَّما أَشْكُوا بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ
يَعْنِي أَنَّ هَذَا الَّذِي أَذْكُرُهُ لَا أَذْكُرُهُ مَعَكُمْ وَإِنَّمَا أَذْكُرُهُ فِي حَضْرَةِ اللَّه تَعَالَى، وَالْإِنْسَانُ إِذَا بَثَّ شَكْوَاهُ إِلَى اللَّه تَعَالَى كَانَ فِي زُمْرَةِ الْمُحَقِّقِينَ كَمَا
قَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: «أَعُوذُ بِرِضَاكَ مِنْ سَخَطِكَ وَأَعُوذُ بِعَفْوِكَ مِنْ غَضَبِكَ وَأَعُوذُ بِكَ مِنْكَ»
واللَّه هُوَ الْمُوَفِّقُ، وَالْبَثُّ هُوَ التَّفْرِيقُ قَالَ اللَّه تَعَالَى: وَبَثَّ فِيها مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ [الْبَقَرَةِ: 164] فَالْحُزْنُ إِذَا سَتَرَهُ الإنسان كان سما وَإِذَا ذَكَرَهُ لِغَيْرِهِ كَانَ بَثًّا وَقَالُوا: الْبَثُّ أَشَدُّ الْحُزْنِ/ وَالْحُزْنُ أَشَدُّ الْهَمِّ، وَذَلِكَ لِأَنَّهُ مَتَى أَمْكَنَهُ أَنْ يَمْسِكَ لِسَانَهُ عَنْ ذِكْرِهِ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ الْحُزْنُ مُسْتَوْلِيًا عَلَيْهِ وَأَمَّا إِذَا عَظُمَ وَعَجَزَ الْإِنْسَانُ عَنْ ضَبْطِهِ وَانْطَلَقَ اللِّسَانُ بِذِكْرِهِ شَاءَ أَمْ أَبَى كَانَ ذَلِكَ بَثًّا وَذَلِكَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْإِنْسَانَ صَارَ عَاجِزًا عَنْهُ وَهُوَ قَدِ اسْتَوْلَى عَلَى الْإِنْسَانِ، فقوله: ثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ
أَيْ لَا أَذْكُرُ الْحُزْنَ الْعَظِيمَ وَلَا الْحُزْنَ الْقَلِيلَ إِلَّا مَعَ اللَّه، وقرأ الحسن:
والموفق، وَالْبَثُّ هُوَ التَّفْرِيقُ قَالَ اللَّه تَعَالَى: وَبَثَّ فِيها مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ [الْبَقَرَةِ: 164] فَالْحُزْنُ إِذَا ستره الإنسان كان سما وَإِذَا ذَكَرَهُ لِغَيْرِهِ كَانَ بَثًّا وَقَالُوا: الْبَثُّ أَشَدُّ الْحُزْنِ/ وَالْحُزْنُ أَشَدُّ الْهَمِّ، وَذَلِكَ لِأَنَّهُ مَتَى أَمْكَنَهُ أَنْ يَمْسِكَ لِسَانَهُ عَنْ ذِكْرِهِ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ الْحُزْنُ مُسْتَوْلِيًا عَلَيْهِ وَأَمَّا إِذَا عَظُمَ وَعَجَزَ الْإِنْسَانُ عَنْ ضَبْطِهِ وَانْطَلَقَ اللِّسَانُ بِذِكْرِهِ شَاءَ أَمْ أَبَى كَانَ ذَلِكَ بَثًّا وَذَلِكَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْإِنْسَانَ صَارَ عَاجِزًا عَنْهُ وَهُوَ قَدِ اسْتَوْلَى عَلَى الْإِنْسَانِ، فقوله: ثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ
أَيْ لَا أَذْكُرُ الْحُزْنَ الْعَظِيمَ وَلَا الْحُزْنَ الْقَلِيلَ إِلَّا مَعَ اللَّه، وَقَرَأَ الْحَسَنُ: وَحُزْنِي بِفَتْحَتَيْنِ وَحُزُنِي بِضَمَّتَيْنِ،
قِيلَ: دَخَلَ عَلَى يَعْقُوبَ رَجُلٌ وَقَالَ: يَا يَعْقُوبُ ضَعُفَ جِسْمُكَ وَنَحُفَ بَدَنُكَ وَمَا بَلَغْتَ سِنًّا عَالِيًا فَقَالَ الَّذِي بِي لِكَثْرَةِ غُمُومِي، فَأَوْحَى اللَّه إِلَيْهِ يَا يَعْقُوبُ أَتَشْكُونِي إِلَى خَلْقِي، فَقَالَ يَا رَبِّ خَطِيئَةٌ أَخْطَأْتُهَا فَاغْفِرْهَا لِي فَغَفَرَهَا لَهُ، وَكَانَ بَعْدَ ذَلِكَ إِذَا سُئِلَ قال: نَّما أَشْكُوا بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ
وَرُوِيَ أَنَّهُ أَوْحَى اللَّه إِلَيْهِ إِنَّمَا وَجَدْتُ عَلَيْكُمْ لِأَنَّكُمْ ذَبَحْتُمْ شَاةً فَقَامَ بِبَابِكُمْ مِسْكِينٌ فَلَمْ تُطْعِمُوهُ، وَإِنَّ أَحَبَّ خَلْقِي إِلَيَّ الْأَنْبِيَاءُ وَالْمَسَاكِينُ
فَاصْنَعْ طَعَامًا وَادْعُ إِلَيْهِ الْمَسَاكِينَ، وَقِيلَ: اشْتَرَى جَارِيَةً مَعَ وَلَدِهَا فَبَاعَ وَلَدَهَا فَبَكَتْ حَتَّى عَمِيَتْ.
ثُمَّ قال يعقوب عليه السلام: أَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ
أَيْ أَعْلَمُ مِنْ رَحْمَتِهِ وَإِحْسَانِهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ، وَهُوَ أَنَّهُ تَعَالَى يَأْتِي بِالْفَرَجِ مِنْ حَيْثُ لَا أَحْتَسِبُ، فَهُوَ إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّهُ كَانَ يَتَوَقَّعُ وُصُولَ يُوسُفَ إِلَيْهِ. وَذَكَرُوا لِسَبَبِ هَذَا التَّوَقُّعِ أُمُورًا: أَحَدُهَا: أَنَّ مَلَكَ الْمَوْتِ أَتَاهُ فَقَالَ لَهُ: يَا مَلَكَ الْمَوْتِ هَلْ قَبَضْتَ رُوحَ ابْنِي يُوسُفَ؟
قَالَ لَا يَا نَبِيَّ اللَّه ثُمَّ أَشَارَ إِلَى جَانِبِ مِصْرَ وَقَالَ: اطْلُبْهُ هاهنا، وَثَانِيهَا: أَنَّهُ عَلِمَ أَنَّ رُؤْيَا يُوسُفَ صَادِقَةٌ، لِأَنَّ أَمَارَاتِ الرُّشْدِ وَالْكَمَالِ كَانَتْ ظَاهِرَةً فِي حَقِّ يُوسُفَ وَرُؤْيَا مِثْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ لَا تُخْطِئُ، وَثَالِثُهَا: لَعَلَّهُ تَعَالَى أَوْحَى إِلَيْهِ أَنَّهُ سَيُوَصِّلُهُ إِلَيْهِ، وَلَكِنَّهُ تَعَالَى مَا عَيَّنَ الْوَقْتَ فَلِهَذَا بَقِيَ فِي الْقَلَقِ، وَرَابِعُهَا: قَالَ السُّدِّيُّ: لَمَّا أَخْبَرَهُ بَنُوهُ بِسِيرَةِ الْمَلِكِ وَكَمَالِ حَالِهِ فِي أَقْوَالِهِ وَأَفْعَالِهِ طَمِعَ أَنْ يَكُونَ هُوَ يُوسُفَ وَقَالَ: يَبْعُدُ أَنْ يَظْهَرَ فِي الْكُفَّارِ مثله،

نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 18  صفحه : 500
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست