responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 18  صفحه : 485
وَثَالِثُهَا: خَوْفُهُ عَلَيْهِمْ مِنْ أَنْ يَقْصِدَهُمْ مَلِكُ مِصْرَ بِشَرٍّ، وَرَابِعُهَا: خَوْفُهُ عَلَيْهِمْ مِنْ أَنْ لَا يَرْجِعُوا إِلَيْهِ، وَكُلُّ هَذِهِ الْوُجُوهِ مُتَقَارِبَةٌ.
وَأَمَّا قَوْلُهُ: وَإِنَّهُ لَذُو عِلْمٍ لِما عَلَّمْناهُ فَقَالَ الْوَاحِدِيُّ: يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ (مَا) مَصْدَرِيَّةً وَالْهَاءُ عَائِدَةٌ إِلَى يَعْقُوبَ، وَالتَّقْدِيرُ: وَإِنَّهُ لَذُو عِلْمٍ مِنْ أَجْلِ تَعْلِيمِنَا إِيَّاهُ، وَيُمْكِنُ أَنْ تَكُونَ (مَا) بِمَعْنَى الَّذِي وَالْهَاءُ/ عَائِدَةٌ إِلَيْهَا، وَالتَّأْوِيلُ وَإِنَّهُ لَذُو عِلْمٍ لِلشَّيْءِ الَّذِي عَلَّمْنَاهُ، يَعْنِي أَنَّا لَمَّا عَلَّمْنَاهُ شَيْئًا حَصَلَ لَهُ الْعِلْمُ بِذَلِكَ الشَّيْءِ وَفِي الْآيَةِ قَوْلَانِ آخَرَانِ: الْأَوَّلُ: أَنَّ الْمُرَادَ بِالْعِلْمِ الْحِفْظُ، أَيْ إِنَّهُ لَذُو حِفْظٍ لِمَا عَلَّمْنَاهُ وَمُرَاقَبَةٍ لَهُ وَالثَّانِي: لَذُو عِلْمٍ لِفَوَائِدِ مَا عَلَّمْنَاهُ وَحُسْنِ آثَارِهِ وَهُوَ إِشَارَةٌ إِلَى كَوْنِهِ عَامِلًا بِمَا عَلِمَهُ، ثُمَّ قَالَ: وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ وَفِيهِ وَجْهَانِ: الْأَوَّلُ: وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ مِثْلَ مَا عَلِمَ يَعْقُوبُ. وَالثَّانِي: لَا يَعْلَمُونَ أَنَّ يَعْقُوبَ بِهَذِهِ الصِّفَةِ وَالْعِلْمِ، وَالْمُرَادُ بِأَكْثَرِ النَّاسِ الْمُشْرِكُونَ، فَإِنَّهُمْ لَا يَعْلَمُونَ بِأَنَّ اللَّه كَيْفَ أَرْشَدَ أَوْلِيَاءَهُ إِلَى الْعُلُومِ الَّتِي تنفعهم في الدنيا والآخرة.

[سورة يوسف (12) : الآيات 69 الى 72]
وَلَمَّا دَخَلُوا عَلى يُوسُفَ آوَى إِلَيْهِ أَخاهُ قالَ إِنِّي أَنَا أَخُوكَ فَلا تَبْتَئِسْ بِما كانُوا يَعْمَلُونَ (69) فَلَمَّا جَهَّزَهُمْ بِجَهازِهِمْ جَعَلَ السِّقايَةَ فِي رَحْلِ أَخِيهِ ثُمَّ أَذَّنَ مُؤَذِّنٌ أَيَّتُهَا الْعِيرُ إِنَّكُمْ لَسارِقُونَ (70) قالُوا وَأَقْبَلُوا عَلَيْهِمْ مَاذَا تَفْقِدُونَ (71) قالُوا نَفْقِدُ صُواعَ الْمَلِكِ وَلِمَنْ جاءَ بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ وَأَنَا بِهِ زَعِيمٌ (72)
اعْلَمْ أَنَّهُمْ لَمَّا أَتَوْهُ بِأَخِيهِ بِنْيَامِينَ أَكْرَمَهُمْ وَأَضَافَهُمْ وَأَجْلَسَ كُلَّ اثْنَيْنِ مِنْهُمْ عَلَى مَائِدَةٍ فَبَقِيَ بِنْيَامِينُ وَحْدَهُ فَبَكَى وَقَالَ لَوْ كَانَ أَخِي يُوسُفُ حَيًّا لَأَجْلَسَنِي مَعَهُ فَقَالَ يُوسُفُ بَقِيَ أَخُوكُمْ وَحِيدًا فَأَجْلَسَهُ مَعَهُ عَلَى مَائِدَةٍ ثُمَّ أَمَرَ أَنْ يَنْزِلَ مِنْهُمْ كُلُّ اثْنَيْنِ بَيْتًا وَقَالَ: هَذَا لَا ثَانِيَ لَهُ فَاتْرُكُوهُ مَعِي فَآوَاهُ إِلَيْهِ، وَلَمَّا رَأَى يُوسُفُ تَأَسُّفَهُ عَلَى أَخٍ لَهُ هَلَكَ قَالَ لَهُ: أَتُحِبُّ أَنْ أَكُونَ أَخَاكَ بَدَلَ أَخِيكَ الْهَالِكِ قَالَ: مَنْ يَجِدُ أَخًا مِثْلَكَ وَلَكِنَّكَ لَمْ يَلِدْكَ يَعْقُوبُ وَلَا رَاحِيلُ فَبَكَى يُوسُفُ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَقَامَ إِلَيْهِ وَعَانَقَهُ وَقَالَ: إِنِّي أَنَا أَخُوكَ فَلَا تَبْتَئِسْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ.
إِذَا عَرَفْتَ هَذَا فَنَقُولُ: قَوْلُهُ: آوَى إِلَيْهِ أَخاهُ أَيْ أَنْزَلَهُ فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي كَانَ يَأْوِي إِلَيْهِ. وَقَوْلُهُ: إِنِّي أَنَا أَخُوكَ فِيهِ قَوْلَانِ: قَالَ وَهْبٌ: لَمْ يُرِدْ أَنَّهُ أَخُوهُ مِنَ النَّسَبِ، وَلَكِنْ أَرَادَ بِهِ إِنِّي/ أَقُومُ لَكَ مَقَامَ أَخِيكَ فِي الْإِينَاسِ لِئَلَّا تَسْتَوْحِشَ بِالتَّفَرُّدِ. وَالصَّحِيحُ مَا عَلَيْهِ سَائِرُ الْمُفَسِّرِينَ مِنْ أَنَّهُ أَرَادَ تَعْرِيفَ النَّسَبِ، لِأَنَّ ذَلِكَ أَقْوَى فِي إِزَالَةِ الْوَحْشَةِ وَحُصُولِ الْأُنْسِ، وَلِأَنَّ الْأَصْلَ فِي الْكَلَامِ الْحَقِيقَةُ، فَلَا وَجْهَ لِصَرْفِهِ عَنْهَا إِلَى الْمَجَازِ مِنْ غَيْرِ ضَرُورَةٍ.
وَأَمَّا قَوْلُهُ: فَلا تَبْتَئِسْ فَقَالَ أَهْلُ اللُّغَةِ: تَبْتَئِسْ تَفْتَعِلْ مِنَ الْبُؤْسِ وَهُوَ الضَّرَرُ وَالشِّدَّةُ وَالِابْتِئَاسُ اجْتِلَابُ الْحُزْنِ وَالْبُؤْسِ. وَقَوْلُهُ: بِما كانُوا يَعْمَلُونَ فِيهِ وُجُوهٌ: الْأَوَّلُ: الْمُرَادُ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ مِنْ إِقَامَتِهِمْ عَلَى حَسَدِنَا وَالْحِرْصِ عَلَى انْصِرَافِ وَجْهِ أَبِينَا عَنَّا، الثَّانِي: أَنَّ يُوسُفَ عَلَيْهِ السَّلَامُ مَا بَقِيَ فِي قَلْبِهِ شَيْءٌ مِنَ الْعَدَاوَةِ وَصَارَ صَافِيًا مَعَ إِخْوَتِهِ، فَأَرَادَ أَنْ يَجْعَلَ قَلْبَ أَخِيهِ صَافِيًا معهم أَيْضًا، فَقَالَ: فَلا تَبْتَئِسْ بِما كانُوا يَعْمَلُونَ أَيْ لَا تَلْتَفِتْ إِلَى مَا صَنَعُوهُ فِيمَا تَقَدَّمَ، وَلَا تَلْتَفِتْ إِلَى أَعْمَالِهِمُ الْمُنْكَرَةِ الَّتِي أَقْدَمُوا عَلَيْهَا. الثَّالِثُ: أَنَّهُمْ إِنَّمَا فَعَلُوا

نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 18  صفحه : 485
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست