responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 18  صفحه : 468
لِحَقِّهَا وَتَعْظِيمًا لِجَانِبِهَا وَإِخْفَاءً لِلْأَمْرِ عَلَيْهَا، فَأَرَادَتْ أَنَّ تُكَافِئَهُ عَلَى هَذَا الْفِعْلِ الْحَسَنِ فَلَا جَرَمَ أَزَالَتِ الْغِطَاءَ وَالْوِطَاءَ وَاعْتَرَفَتْ بِأَنَّ الذَّنْبَ كُلَّهُ كَانَ مِنْ جَانِبِهَا وَأَنَّ يُوسُفَ عَلَيْهِ السَّلَامُ كَانَ مُبَرَّأً عَنِ الْكُلِّ، وَرَأَيْتُ فِي بَعْضِ الْكُتُبِ أَنَّ امْرَأَةً جَاءَتْ بِزَوْجِهَا إِلَى الْقَاضِي وَادَّعَتْ عَلَيْهِ الْمَهْرَ، فَأَمَرَ الْقَاضِي بِأَنْ يَكْشِفَ عَنْ وَجْهِهَا حَتَّى تَتَمَكَّنَ الشُّهُودُ مِنْ إِقَامَةِ الشَّهَادَةِ، فَقَالَ الزَّوْجُ: لَا حَاجَةَ إِلَى ذَلِكَ، فَإِنِّي مُقِرٌّ بِصِدْقِهَا فِي دَعْوَاهَا، فَقَالَتِ الْمَرْأَةُ لَمَّا أَكْرَمْتَنِي إِلَى هَذَا الْحَدِّ فَاشْهَدُوا أَنِّي أَبْرَأْتُ ذِمَّتَكَ مِنْ كُلِّ حَقٍّ لِي عَلَيْكَ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: قَالَ أَهْلُ اللُّغَةِ: حَصْحَصَ الْحَقُّ مَعْنَاهُ: وَضَحَ وَانْكَشَفَ وَتَمَكَّنَ فِي الْقُلُوبِ وَالنُّفُوسِ مِنْ قَوْلِهِمْ: حَصْحَصَ الْبَعِيرُ فِي بُرُوكِهِ، إِذَا تَمَكَّنَ وَاسْتَقَرَّ فِي الْأَرْضِ. قَالَ الزَّجَّاجُ: اشْتِقَاقُهُ فِي اللُّغَةِ مِنَ الْحِصَّةِ، أَيْ بَانَتْ حِصَّةُ الْحَقِّ مِنْ حِصَّةِ الْبَاطِلِ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: اخْتَلَفُوا فِي أَنَّ قَوْلَهُ: ذلِكَ لِيَعْلَمَ أَنِّي لَمْ أَخُنْهُ بِالْغَيْبِ كَلَامُ مَنْ؟ وَفِيهِ أَقْوَالٌ:
الْقَوْلُ الْأَوَّلُ: وَهُوَ قَوْلُ الْأَكْثَرِينَ أَنَّهُ قَوْلُ يُوسُفَ عَلَيْهِ السَّلَامُ. قَالَ الْفَرَّاءُ: وَلَا يَبْعُدُ وَصْلُ كَلَامِ إِنْسَانٍ بِكَلَامِ إِنْسَانٍ آخَرَ إِذَا دَلَّتِ الْقَرِينَةُ عَلَيْهِ وَمِثَالُهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: إِنَّ الْمُلُوكَ إِذا دَخَلُوا قَرْيَةً أَفْسَدُوها وَجَعَلُوا أَعِزَّةَ أَهْلِها أَذِلَّةً [النَّمْلِ: 34] وَهَذَا كَلَامُ بِلْقِيسَ. ثُمَّ إنه تعالى قال: وَكَذلِكَ يَفْعَلُونَ وَأَيْضًا قَوْلُهُ تَعَالَى: رَبَّنا إِنَّكَ جامِعُ النَّاسِ لِيَوْمٍ لَا رَيْبَ فِيهِ [آلِ عِمْرَانَ: 9] كَلَامُ الدَّاعِي.
ثُمَّ قَالَ: إِنَّ اللَّهَ لَا يُخْلِفُ الْمِيعادَ بَقِيَ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ سُؤَالَاتٌ:
السُّؤَالُ الْأَوَّلُ: قَوْلُهُ: ذلِكَ إِشَارَةٌ إِلَى الْغَائِبِ، وَالْمُرَادُ هاهنا: الْإِشَارَةُ إِلَى تِلْكَ الْحَادِثَةِ الْحَاضِرَةِ.
وَالْجَوَابُ: أَجَبْنَا عَنْهُ فِي قَوْلِهِ: ذلِكَ الْكِتابُ [الْبَقَرَةِ: 2] وَقِيلَ: ذَلِكَ إِشَارَةٌ إِلَى مَا فَعَلَهُ مِنْ رَدِّ الرَّسُولِ كَأَنَّهُ يَقُولُ ذَلِكَ الَّذِي فَعَلْتُ مِنْ رَدِّي الرَّسُولَ إِنَّمَا كَانَ، لِيَعْلَمَ الْمَلِكُ أَنِّي لَمْ أَخُنْهُ بِالْغَيْبِ.
السُّؤَالُ الثَّانِي: مَتَى قَالَ يُوسُفُ عَلَيْهِ السَّلَامُ هَذَا الْقَوْلَ؟
الْجَوَابُ: رَوَى عَطَاءٌ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّه عَنْهُمَا أَنَّ يُوسُفَ عَلَيْهِ السَّلَامُ لَمَّا دَخَلَ عَلَى الْمَلِكِ قَالَ ذَلِكَ لِيَعْلَمَ وَإِنَّمَا ذَكَرَهُ عَلَى لَفْظِ الْغَيْبَةِ تَعْظِيمًا لِلْمَلِكِ عَنِ الْخِطَابِ وَالْأَوْلَى أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ إِنَّمَا قَالَ ذَلِكَ عِنْدَ عَوْدِ الرَّسُولِ إِلَيْهِ لِأَنَّ ذِكْرَ هَذَا الْكَلَامِ فِي حَضْرَةِ الْمَلِكِ سُوءُ أَدَبٍ.
السُّؤَالُ الثَّالِثُ: هَذِهِ الْخِيَانَةُ وَقَعَتْ فِي حَقِّ الْعَزِيزِ فَكَيْفَ يَقُولُ: ذلِكَ لِيَعْلَمَ أَنِّي لَمْ أَخُنْهُ بِالْغَيْبِ.
وَالْجَوَابُ: قِيلَ الْمُرَادُ لِيَعْلَمَ الْمَلِكُ أَنِّي لَمْ أَخُنِ الْعَزِيزَ بِالْغَيْبَةِ، وَقِيلَ إِنَّهُ إِذَا خَانَ وَزِيرَهُ فَقَدْ خَانَهُ مِنْ بَعْضِ الْوُجُوهِ، وَقِيلَ إِنَّ الشَّرَابِيَّ لَمَّا رَجَعَ إِلَى يُوسُفَ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَهُوَ فِي السِّجْنِ قَالَ ذَلِكَ لِيَعْلَمَ الْعَزِيزُ أَنِّي لَمْ أَخُنْهُ بِالْغَيْبِ ثُمَّ خَتَمَ الْكَلَامَ بِقَوْلِهِ: وَأَنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي كَيْدَ الْخائِنِينَ وَلَعَلَّ الْمُرَادَ مِنْهُ أَنِّي لَوْ كُنْتُ خَائِنًا لَمَا خَلَّصَنِي اللَّه تَعَالَى مِنْ هَذِهِ الْوَرْطَةِ، وَحَيْثُ خَلَّصَنِي مِنْهَا ظَهَرَ أَنِّي كُنْتُ مُبَرَّأً عَمَّا نَسَبُونِي إِلَيْهِ.
وَالْقَوْلُ الثَّانِي: أَنَّ قوله: ذلِكَ لِيَعْلَمَ أَنِّي لَمْ أَخُنْهُ بِالْغَيْبِ كَلَامُ امْرَأَةِ الْعَزِيزِ وَالْمَعْنَى: أَنِّي وَإِنْ أَحَلْتُ الذَّنْبَ عَلَيْهِ عِنْدَ حُضُورِهِ لَكِنِّي مَا أَحْلَتُ الذَّنْبَ عَلَيْهِ عِنْدَ غَيْبَتِهِ، أَيْ لَمْ أَقُلْ فِيهِ وَهُوَ فِي السِّجْنِ خِلَافَ الْحَقِّ. ثُمَّ إِنَّهَا بَالَغَتْ فِي تَأْكِيدِ الْحَقِّ بِهَذَا الْقَوْلِ، وَقَالَتْ: وَأَنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي كَيْدَ الْخائِنِينَ يَعْنِي أَنِّي لَمَّا أَقْدَمْتُ عَلَى

نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 18  صفحه : 468
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست